علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
أهليّة تحمّل الحديث
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 463 ـ 471
2025-07-13
21
[الباب الثالث: فيما يتعلق بالسند والمتن]
وذلك يشتمل على كيفيّة سماع الحديث، وتحمّله، وصفة ضبطه وروايته، وآداب رواته وطالبيه، وفيه فصول:
الفصل الأول: في أهليّة التحمّل.
وفيه ثلاثة أطراف:
الأول: في وقت التحمّل:
فيصحّ التحمّل قبل وجود الأهليّة، فتقبل رواية من تحمّل قبل الإسلام وروى بعده (1)، وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده؛ لأنّ الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كـ[الإمامَينِ] الحسن والحسين [عليهما سلام الله]، وابن عبّاس، وابن الزبير، وأشباههم، من غير فرق [بين] (2) ما تحمّلوه قبل البلوغ وبعده، ولم يزالوا قديمًا وحديثًا يحضرون الصبيان مجالس الحديث والسماع، ويعتدّون بروايتهم (3).
قال الشيخ تقي الدين: "وممّا علم أنّ الصحابي تحمّله قبل الإسلام ثم رواه بعده: حديث جبير بن مطعم أنّه سمع النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ يقرأ في المغرب بالطور"(4) قلت: ومنه عبد الله بن سرجس المزنيّ على الأصحّ.
قال عاصم الأحول: رأى رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ، ولم تكن له صحبة(5).
فمراد عاصم أنّه أدرك رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قبل الإسلام؛ لأنّا روينا مسندًا عنه أحاديث متّصلة في "مسند أحمد" (6)، ومن هذا يفهم أنّ قولهم في حدّ المرسل: هو قول التابعي: قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ، ليس على الإطلاق، فإنّ عبد الله المذكور تابعيّ (7)، وقوله: قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ متّصل مرفوع غير مرسل، والله أعلم.
* [متى يطلب ويكتب الحديث]:
الثاني: قال أبو عبد الله الزبيري (8): "يستحب كتب الحديث في العشرين؛ لأنّه مجتمع العقل" (9)، قال: "وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض" (10).
وقد ورد عن سفيان الثوري قال: "كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبّد قبل ذلك عشرين سنة" (11).
وقال موسى بن هارون: "أهل البصرة يكتبون لعشر سنين، وأهل الكوفة لعشرين، وأهل الشام لثلاثين" (12).
هذا في تلك الأعصار (13)، وأمّا في زماننا هذا ينبغي أن يبكّر بإسماع الصغير في أوّل يوم يصحّ سماعه (14) إبقاءً لسلسلة الإسناد، وأمّا الاشتغال بكتبة (15) الحديث، وتحصيله، وضبطه، وتقييده؛ فمن حين يتأهّل له، ويصلح لذلك، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص (16).
الثالث: أوّل زمان يصحّ فيه سماع الصغير:
فقال القاضي عياض الحافظ: "إنّ أهل الصنعة حدّدوا في ذلك خمس سنين، وهي سن محمود بن الربيع" (17)، وذكر رواية البخاري في "صحيحه" بعد أن ترجم: (متى يصحّ سماع الصغير) بإسناده عن محمود بن الربيع قال: "عقلت من النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ مجّة مجّها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو" (18).
وهذا الذي استقرَّ أهل الحديث من المتأخّرين، فيكتبون لابن خمس سنين فصاعدًا: سمع، ولمن دونها: حضر أو أُحضِرَ (19).
والصواب أن يعتبر في كلّ صغير بحاله، فإن وجد مرتفعًا عن حال من لا يعقل، وفهم الخطاب، وردّ الجواب، ونحو ذلك صُحِّحَ سماعه، وإن كان له دون خمس، وإن لم يكن كذلك؛ لم يُصحَّحَ سماعه، وإن كان ابن خمس سنين (20).
ورُويَ مثل هذا عن أحمد بن حنبل (21)، وموسى بن هارون الحمّال (22)، وقد نُقِلَ أنَّ صبيًّا ابن أربع سنين حُمِلَ إلى المأمون، وقد قرأ القرآن، ونظر في الرأي، إلا أنّه إذا جاع يبكي (23).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دلَّ عليه صنيع أصحاب "الصحيحين"، إذ رويا قصة أبي سفيان وهرقل، وكانت قبل إسلام أبي سفيان، وكذلك قدوم جبير بن مطعم على النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ في فداء أسارى بدر، قبل أن يسلم، وسمعه يقرأ في المغرب بالطور. ولذا أثبت أهل الحديث اسم من اتّفق حضوره مجالس الحديث من الكفّار رجاء أن يسلم، ويؤدّي ما سمعه، وفعله المزّيّ وابن تيمية، انظر: "فتح المغيث" (2/ 4).
(2) سقطت من الأصل، والسياق يقتضيها، وهي في "مقدّمة ابن الصلاح" (312 – ط: بنت الشاطئ).
(3) فائدة الاعتداد بتحمّلهم في حال الصبا، ليرووه بعد البلوغ هو المعروف، وشذ قوم فجوّزوا رواية الصبي قبل بلوغه، وهو وجه عند الشافعيّة، والمشهور الأول، ولهم وجه آخر بالمنع من التحمّل بعد البلوغ، قاله البلقيني في "المحاسن" (312).
نعم، الراجح عدم جواز رواية الصبي قبل بلوغه؛ لأنّ القلم مرفوع عنه، فلا يخاف الله (عزّ وجلّ)، وكذلك لا يخاف الناس؛ لأنّهم إن ظهروا على كذب منه، قالوا: صبي، ولعلّه لو قد بلغ وتمَّ عقله تحرّز، ومع هذا فلا تكاد تدعو الحاجة إلى رواية الصبي؛ لأنّه إن روى فالغالب أنّ المرويّ عنه فيراجع فإن كان قد مات فالغالب - إن كان الصبي صادقًا - أن يكون غيره ممّن هو أكبر قد سمع من ذلك المخبر أو غيره، فإن اتّفق أن لا يوجد ذلك الخبر إلّا عند ذلك الصبي، فمثل هذا الخبر لا يوثق به، أفاده العلّامة المعلّمي في "الاستبصار في نقد الأخبار" (ص 14).
(4) أخرجه البخاري (765، 3050، 4023، 4854) ومسلم (463) وما سبق من "الاقتراح" (238) لابن دقيق العيد، وانظر "نظم العراقي" له (بيت رقم 125، 126) وشرحي عليه "البيان والإيضاح" (ص 98) نشر الدار الأثرية - الأردن.
(5) أسند مقولة عاصم: أحمد في "المسند" (5/ 82) عقب قول عبد الله بن سرجس: "أنّه رأى الخاتم الذي بين كتفي النبي - صلى الله عليه وسلم -" وإسنادها صحيح.
وصحبة ابن سرجس ثابتة، وسماعه من النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ في "صحيح مسلم" (2346) وفي هذا الموطن قوله: "رأيت النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ، وأكلت معه خبزًا ولحمًا" أو قال: "ثريدًا"!، وأمّا كلمة عاصم، فوجّهها ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 49) بقوله: "وأمّا عاصم الأحول، فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء، وأولئك قليل"، أي يريد الصحبة الخاصّة، كما قال ابن حجر في "الإصابة" (4/ 106).
(6) انظره (5/ 82) و"ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند" (75/ رقم 285).
(7) بل هو صحابي، والإرسال لازمه سقط، وانظر سيأتي (ص 688) وما سبق عن المرسل. والذي أراه أنّ مراد عاصم الأحول: إنّ ابن سرجس رأى رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قبل إسلامه، ثم ثبتت له صحبة فيما بعد، وهذا أقرب من توجيه ابن عبد البر السابق، وقولته عقب إسناده الذي فيه إخبار ابن سرجس أنّه رأى الخاتم الذي بين كتفي النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ، يؤيد ذلك ويقويه أنّه - أي عاصم - هو الذي أسند قول ابن سرجس: "رأيت النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأكلت معه خبزا…".
وفي كلام المصنّف فائدة دقيقة، وهي: أنّ مَن رأى النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ حال كفره، وتحمّل عنه وهو كافر، ثم أسلم، وبلغ ما تحمّل، فهذا مرسل متّصل، وهذه دقيقة يعاين بها، مثل: متى يكون ترجيح المرسل على المسند؟ قال ابن رجب في "شرح العلل" (1/ 294) عقب قولة إبراهيم النخعي: "إذا حدّثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله" قال: "وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن النخعي خاصة، فيما أرسله عن ابن مسعود خاصّة" وانظر تعليق الألباني على "العلم" (54) لابن أبي خيثمة، وتعليقي على "جزء في علوم الحديث" (ص 103 - 104) لأبي عمرو الداني.
(8) هو الزبير بن أحمد بن سليمان البصري الشافعي (ت 317 هـ)، ترجمته في "تاريخ بغداد" (8/ 471).
(9) أسند مقولته الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (187/ رقم 51) والخطيب في "الكفاية" (55) والقاضي عياض في "الإلماع" (65).
(10) قطعة من الأثر السابق.
(11) أخرجه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 95)، والرامهرمزي في "المحدّث الفاصل" (ص 187) والخطيب في "الكفاية" (154) وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 361).
(12) أخرجه الرامهرمزي في "المحدّث الفاصل" (ص 187) والخطيب في "الكفاية" (ص 55) والقاضي عياض في "الإلماع" (ص 65).
(13) قال الخطيب في "الكفاية" (ص 54): "قلَّ من كان يكتب الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين، وقريبا منه، إلّا من جاوز حد البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء ومذاكرتهم ولسؤالهم".
قال أبو عبيدة: وبهذا يحل الإشكال في (الإدراك) بين المعنعن والمعنعن عنه قديمًا، فهناك أخبار كثيرة نفى فيها - بناء على هذا الأصل المقرّر هنا - جهابذة ونقّاد السماع، ويكون بين المعنعن والمعنعن عنه فوق العشر من السنين! وأخطأ المتأخّرون في المنازعة في ذلك، كما غفلوا عن هذا التقعيد! وظنّوا أنّ التبكير في السماع، والعناية في الرواية في الصورة التي تبلورت فيها في عصورهم هي التي كانت عليه في زمن التابعين وقريبًا منه، ولذا اشترط مسلم في (الإدراك) أن يكون (بيّنًا)، وانظر تفصيل ذلك في "بهجة المنتفع" (ص 184، 190).
(14) إذا أتي بالصغير في هذا "السن، لم يكن المحدّثون يعدون حضور غير المميز سماعاً أو عرضًا، وإنّما يكتب الواحد منهم: أنّ فلانًا (الصبي) حضر، ولا يكتب أنّه سمع أو قرأ، واكتفي بإجازته؛ لأنّ الإجازة لا يشترط فيها التمييز، بدلالة تجويزها للمعدوم، ولا يشترط فيها إلّا الوجود. من كتابي "البيان والإيضاح" (ص 98).
(15) كذا ضبطها في "مقدّمة ابن الصلاح" (ص 313 – ط: 1 بنت الشاطئ) وقالت المحقّقة الفاضلة في الهامش: "الضبط من الأصول بكسر الكاف. وفي "القاموس": والكتبة: بالضم: السير يخرز به، وبالكسر: اكتتابك كتابًا تنسخه".
(16) أي: ليس ينحصر ذلك في سن مخصوصة، وذكر العشرين لا يشترط، ولو كان السماع لا يصحّ إلا بعده لسقطت رواية كثير من أهل العلم، وليس المعتبر في كتب الحديث البلوغ ولا غيره، بل تعتبر فيه الحركة والنضاجة والتيقّظ والضبط، انظر: "المحدث الفاصل" (ص 186، 189)، "فتح المغيث" (2/ 8)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 34/ أ) لمغلطاي، "محاسن الاصطلاح" (313)، "توضيح الأفكار" (2/ 294).
(17) الإلماع (ص 62) بتصرف يسير، وأسنده عنه ابن الصلاح في "مقدمته" (ص 214 – ط: بنت الشاطئ).
(18) أخرجه البخاري في "صحيحه" (برقم 77) وهو عند مسلم في "صحيحه" (265) أيضا، وقالوا: سر التعيين بخمس التأنّس بالحديث.
(19) شاع ذلك بعد الثلاث مئة، أفاده الذهبي في "السير" (6/ 395) وعرف قبلها، كما تراه في "العلل ا للإمام أحمد (رقم 1550). وانظر ما قدّمناه قريبًا.
(20) بعدها في "مقدمة ابن الصلاح" (ص 315): "بل ابن خمسين"! فالعبرة - بلا شكّ - بالتمييز والضبط والفهم، وهذا أمر نسبي، يتفاوت بتفاوت الطبائع والبدائه، فقد لا يذكر ابن العشر، فحينئذٍ لا عبرة بتحمّله. انظر كتابي "البيان والإيضاح" (99).
(21) انظر: "مسائل عبد الله لأبيه" (3/ 1352) رقم (1876)، "طبقات الحنابلة" (1/ 182 - 183) لابن أبي يعلي، "الكفاية" (62) للخطيب، "تاريخ بغداد" (6/ 335).
(22) أسند الخطيب في "الكفاية" (ص 65) بإسناد صحيح عن أبي القاسم بن بكر قال: سألت موسى بن هارون، قلت: متى يسمع الصبي؟ قال: إذا فرّق بين الدابة والبقرة.
(23) أسندها الخطيب في "الكفاية" (64) وفي إسنادها أحمد بن كامل القاضي، وأعلَّ القصّة به، وعلّق الجناية بتساهله جمع، منهم: العراقي، قال في "التقييد والإيضاح" (ص 165): "أحسن المصنّف - يعني: ابن الصلاح - في التعبير عن هذه الحكاية بقوله بلغنا ولم يجزم بنقلها، فقد رأيت بعض الأئمّة من شيوخنا يستبعد صحّتها، ويقول على تقدير وقوعها: لم يكن ابن أربع سنين، وإنّما كان ضئيل الخلقة فيظنّ صغره، والذي يغلب على الظنّ عدم صحّتها، وقد رواها الخطيب بإسناده في "الكفاية"، وفي إسنادها أحمد بن كامل القاضي، قال فيه الدارقطني: "كان متساهلاً ربّما حدّث من حفظه بما ليس عنده في كتابه، وأهلكه العجب، فإنّه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء أصلاً". [انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" (4/ 358 - 359)] وقال صاحب "الميزان": "كان يعتمد على حفظه، فَيَهِمُ".
وقد علّق السخاوي في "فتح المغيث" (2/ 150) بقوله: "في صحّتها نظر".
هذا وقد دافع العلّامة المعلمي اليماني في "التنكيل" (362 - 363) عن أحمد بن كامل القاضي فذكر أنّ كلمة الدارقطني لا تفيد الجرح، وكونه حدّث من حفظه بما ليس في كتابه، يحتمل أن يكون قد حفظه وتثبّت فيه، وإن لم يكن في كتابه..." إلخ.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
