الإيجاز - هو وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل (1) منها، وافية بالغرض المقصود، مع الإبانة والإفصاح، كقوله تعالى (خذ العفو وأمرُ بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
فهذه الآية القصيرة جمعت مكارم الأخلاق بأسرها - وكقوله تعالى (ألا لهُ الخلقُ والأمر) وكقوله عليه الصلاة والسلام «إنّما الأعمال بالنِّيات» فاذا لم تف العبارة بالغرض سمى «إخلالا وحذفاً رديئا» كقول اليشكري
والعيش خيرٌ في ظلا ل النوك ممّن عاش كدا
«مرادهُ: أنّ العيشَ الناعم الرغد في حال الحُمق والجهل، خيرٌ من العيش الشاق في حال العقل» لكن كلامه لا يُعدّ صحيحاً.
مقبولا
_________
(1) بأن يكون اللفظ أقل من المعهود عادة، مع وفائه بالمراد، فان لم يف كان الايجاز إخلالا وحذفا رديئا فلا يعد الكلام صحيحاً مقبولا - كقول عروة بن الورد
عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم ومقتلهم عند الوغى كان أعذارا
يريد: إذ يقتلون نفوسهم في السلم - لكن صوغ كلامه لا يدل عليه، ومثله قول بعضهم نثرا (فان المعروف إذا زجا كان أفضل منه إذا وفر وأبطأ) ولأجل تمام ما يريد: كان عليه أن يقول - إذا قل وزجا، ولا يعد مثل هذا الكلام صحيحاً مقبولا واعلم أن متعارف أوساط البلغاء هم الذين لم يرتقوا إلى درجة البلغاء، ولم ينخرط إلى درجة البسطاء، فالمساواة: هي الدستور الذي يقاس عليه كل من الإيجاز والاطناب