المُساواة - هي تأديةُ المعنى المراد: بعبارة مساوية له (1)
- بأن تكون الألفاظ على قدر المعاني، لا يزيد بعضها على بعض، ولسنا بحاجة إلى الكلام على المساواة، فإنها هي الأصل المقيس عليه، والدستور الذي يُعتمد عليه، كقوله تعالى (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) ، وكقوله تعالى (كل امرىء بما كسب رهين) وكقوله تعالى (من كفر فعليه كُفره) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى) فإن اللفظ فيه على قدر المعنى، لا ينقص عنه، ولا يزيد عليه، وكقول طرفةَ بن العبد:
ستُبدى لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزَود
هذه أمثلة للمساواة، لا يستغنى الكلام فيها عن لفظ منه، ولو حُذف منه شيء لأخلّ بمعناه.
_________
(1) المساواة هي ماسوي لفظه معناه: بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر - وهي نوعان الأول - مساواة مع الاختصار، وهي أن يتحرى البليغ في تأدية المعنى أوجز ما يكون من الالفاظ القليلة الأحرف، الكثيرة المعاني - كقوله تعالى (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وكقوله تعالى (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) . والثاني ـ مساواة بدون اختصار «ويسمى متعارف الاوساط» وهو تأدية المقصود من غير طلب الاختصار. كقوله تعالى (حور مقصورات في الخيام) .
والوجهان في المركز الأسمى من البلاغة ـ غير أن الأول أدخل فيها وأدل عليها.
والمساواة فن من القول عزيز المنال، تشرأب إليه أعناق البلغاء، لكن لا يرتقي إلى ذراه إلا الأفذاذ لصعوبة المرتقى، والمساواة يعتبرها بعضهم وسطا بين الايجاز والاطناب ـ وبعضهم يدمجها، ولا يعدها قسما ثالثا للايجاز والاطناب.