التمني هو طلب الشيء المحبوب الذي لا يُرجى، ولا يتوقَّع حصوله
(1) إما لكونه مستحيلا - كقوله:
ألا ليتَ الشبّابَ يعودُ يوما فأخبَره بما فعلَ المشيبُ
(2) وإمّا لكونه ممكناً غير مطموعٍ في نيله - كقوله تعالى (ياليت لنا مثل ما أوتي قارون)
وإذا كان الأمرُ المحبوبُ ممّا يرجى حصوله كان طلبه ترجياً
وبعبر فيه «بعسى، ولعل» كقوله تعالى «لعل الله يُحدثُ بعدَ ذلك أمراً» و «عسى الله أن يأتي بالفتح»
وقد تستعل في الترجي «ليت» لغرض بلاغي (1)
وللتمني أربع أدوات واحدةٌ أصلية - وهي «ليتَ» وثلاث غيرُ أصلية نائبة عنها - ويتمنى بها لغرض بلاغي: وهي
(1) هل - (2) كقوله تعالى (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) (3)
(2) ولو (4) - كقوله تعالى (فلو أن لنا كرةً فنكون من المؤمنين)
(3) ولعلَّ (5) - كقوله:
اسربَ القَطا هل من يعير جناحهُ؟ لعلّي إلى من قد هويت أطيرُ
ولأجل استعمال هذه الأدوات في التمنّي ينُصبُ المضارع الواقع في جوابها.
تمرين
بين المعاني المستفادة من صيغ التمنَّي فيما يأتي
قال تعالى: (فهل إلى خروجِ من سبيل)
علَّ الليالي التي أضننت بفرقتنا جسمي ستحمى يوماً وتَجمعه
لو ياتينا فيُحدِّثنا - لعِّلي احجُّ فأزورك - ياليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلا - هل إلى مرَدٍ من سبيل، يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون - لعلّي ابلغُ الأسباب - لو تتلوا الآيات فتشقَّ سمعي -
كل من في الكون يشكوُ دهرهُ ليتَ شعري هذه الدنيا لِمَن؟ ؟
فليت الليلَ فيه كان شهراً ومرَّ نهارهُ مرَّ السحاب
فليت هوى الأحبة كان عدلا فحمل كل قلبٍ ما أطاقا
_________
(1) الغرض هو إبراز المرجو في صورة المستحيل مبالغة في بعد نيله - نحو
فا ليت ما بيني وبين أحبتي من البعد ما بيني وبين المصائب
وقد تستعمل أيضاً للتندم نحو «يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا»
(2) اعلم أن سبب العدول عن (ليت) إلى «هل» إبراز المتمنى لكمال العناية به في صورة الممكن الذي لا يجزم بانتفائه، وهو المستفهم عنه.
(3) لما كان عدم الشفاء معلوما لهم امتنع حقيقة الاستفهام، وتولد منه التمني المناسب للمقام.
(4) وسبب العدول إلى «لو» الدلالة على عزة متمناه وندرته، حيث أبرزه في صورة الذي لا يوجد، لأن «لو» تدل بأصل وضعها على امتناع الجواب لامتناع الشرط.
(5) وذلك لبعد المرجو، فكأنه مما لا يرجى حصوله، واعلم أن «هلا، والا ولوما، ولولا» مأخوذة من هل ولو» بزيادة (ما) و (لا) عليهما - واصل «ألا - هلا» قلبت الهاء همزة ليتعين معنى التمني، ويزول احتمال الاستفهام والشرط، فيتولد من التمني معنى التنديم في الماضي نحو: هلا قمت، ومعنى التحضيض في المستقبل نحو هلا تقف.
ولا يتمنى: بهل - ولو - ولعل: إلا في المقطوع بعدم وقوعه لئلا تحمل على معانيها الأصلية.