أُسِرَ مِن أولادِ مسلمِ بْنِ عقيلٍ (عليه السلام) غلامانِ بعدَ فاجعةِ الطَّفِّ، وقد روى شيخُنَا الصدوقُ (رضوان الله عليه) قِصَّتَهُمَا في روايةٍ طويلةٍ أخذْنَا مِنْهَا مَوطِنَ الحاجةِ.
جاءَ في الروايةِ أنَّهُ "لَمَّا قُتِلَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلاَمَانِ صَغِيرَانِ فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدَ اَللَّهِ بْنَ زِيَادٍ (لعائن الله عليه) فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَال: خُذْ هَذَيْنِ اَلْغُلاَمَيْنِ إِلَيْكَ فَمِنْ طَيِّبِ اَلطَّعَامِ فَلاَ تُطْعِمْهُمَا وَمِنَ اَلْبَارِدِ فَلاَ تَسْقِهِمَا وَضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا. وَكَانَ اَلْغُلاَمَانِ يَصُومَانِ اَلنَّهَارَ فَإِذَا جَنَّهُمَا اَللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ".
وقد حصلَ معهمَا (عليهما السلام) أحداثٌ كثيرةٌ وردَت في الرّوايةِ قَبْلَ نَيلِهِمَا الشَّهادةَ.
أمَّا كيفيّةُ استشهادِهِمَا فالرِّوايةُ نَفْسُهَا تذكرُ بأنَّ قاتلَهُمَا الفاجرَ اللعينَ "سَلَّ اَلسَّيْفَ مِنْ جَفْنِهِ فَلَمَّا نَظَرَ اَلْغُلاَمَانِ إِلَى اَلسَّيْفِ مَسْلُولاً اِغْرَوْرَقَتْ أَعْيُنُهُمَا، وَقَالاَ لَهُ: يَا شَيْخُ اِنْطَلِقْ بِنَا إِلَى اَلسُّوقِ وَاِسْتَمْتِعْ بِأَثْمَانِنَا وَلاَ تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي اَلْقِيَامَةِ غَداً.
فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَأَذْهَبُ برؤوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَآخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْنِ.
فَقَالاَ لَهُ: يَا شَيْخُ أَمَا تَحْفَظُ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)
فَقَالَ: مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ قَرَابَةٌ.
قَالاَ لَهُ: يَا شَيْخُ فَائْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ.
قَالَ: مَا بِي إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلّا اَلتَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا.
قَالاَ لَهُ: يَا شَيْخُ أَمَا تَرْحَمُ صِغَرَ سِنِّنَا
قَالَ: مَا جَعَلَ اَللَّهُ لَكُمَا فِي قَلْبِي مِنَ اَلرَّحْمَةِ شَيْئاً.
قَالاَ: يَا شَيْخُ إِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ فَدَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ.
قَالَ [الزنيم]: فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا اَلصَّلاَةُ.
فَصَلَّى اَلْغُلاَمَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى اَلسَّمَاءِ فَنَادَيَا: ((يَا حَيُّ يَا حَكِيمُ يَا أَحْكَمَ اَلْحَاكِمِينَ اُحْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بِالْحَقِّ)).
فَقَامَ إِلَى اَلْأَكْبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ بِرَأْسِهِ وَوَضَعَهُ فِي اَلْمِخْلاَةِ، وَأَقْبَلَ اَلْغُلاَمُ اَلصَّغِيرُ يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَهُوَ يَقُولُ: حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَأَنَا مُخْتَضِبٌ بِدَمِ أَخِي.
فَقَالَ [الفاسقُ اللعينُ]: لاَ عَلَيْكَ، سَوْفَ أُلْحِقُكَ بِأَخِيكَ.
ثُمَّ قَامَ إِلَى اَلْغُلاَمِ اَلصَّغِيرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ رَأْسَهُ وَوَضَعَهُ فِي اَلْمِخْلاَةِ وَرَمَى بِبَدَنِهِمَا فِي اَلْمَاءِ وَهُمَا يَقْطُرَانِ دَماً".
وبعدَ ذلكَ ذهبَ الملعونُ إلى ابنِ زيادٍ؛ ليتسلَّمَ الجائزةَ فلمَّا وصلَ إليهِ جرَتْ بينَهُ وبينَ ابْنِ مرجانةَ محاورةٌ انتَهَت بخسارتِهِ الدنيا والآخرةِ؛ فقد حكمَ عبيدُ اللهِ عليهِ بالقَتْلِ وأمرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ.
ونُصِبَ رأسُ الشقيِّ على قناةٍ، وكانَ الصبيانُ يرمونَ رأسَهُ النجسةَ بالنَّبْلِ والحِجَارَةِ ويقولونَ: "هَذَا قَاتِلُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: أمالي الشيخ الصدوق (رض)، ص 143 ـ 148.







وائل الوائلي
منذ 13 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN