هي أنهار تجري على السطح ثم تدخل إلى شقوق أو فتحات موجودة في الصخور، فتغوص داخل الأرض وتكمل مسارها في أنفاق طبيعية باطنية هذه الظاهرة تحدث عادة في المناطق المكوّنة من الحجر الجيري، لأن هذا النوع من الصخور يذوب ببطء مع الماء، ومع الزمن تتشكل داخله ممرات واسعة تشبه شبكة أنفاق.
عندما يصل النهر إلى منطقة مليئة بالتشققات، يبدأ جزء من مياهه بالتسرب، ثم ينهار مجراه تدريجيًا إلى الأسفل، وفي بعض الأماكن يختفي النهر بالكامل داخل حفرة واحدة داخل الأرض ويستمر الماء في الجريان عبر قنوات ضيقة أو كهوف كبيرة، ويتحرك حسب الانحدار الطبيعي، وقد يقطع مسافات طويلة جدًا قبل أن يجد مخرجًا يعود منه إلى السطح.
عندما يعود النهر للظهور، يخرج على شكل نبع قوي أو شلال أو مجرى جديد يبدو للناس كأنه نبع طبيعي، بينما هو في الحقيقة امتداد لنهر اختفى في مكان آخر ، وهذه العملية تساهم في تشكيل الكهوف والوديان الداخلية وتساعد على نحت الصخور عبر آلاف السنين.
تبدأ ظاهرة اختفاء الأنهار تحت الأرض عندما يدخل الماء إلى منطقة تمتاز بوجود صخور قابلة للذوبان، خصوصًا الحجر الجيري هذا النوع من الصخور يتفاعل مع الماء بطريقة بطيئة جدًا، لكنه مع مرور آلاف السنين يضعف ويتآكل، وتتشكل فيه فجوات صغيرة تتسع مع الزمن، حتى تصبح ممرات واسعة قادرة على ابتلاع كميات كبيرة من الماء.
عندما يصل النهر إلى هذه المنطقة يتغير مساره الطبيعي في البداية يتسرب جزء بسيط من مياهه عبر الشقوق، ثم يزداد التسرب كلما ازداد ضعف الصخور ، ومع استمرار هذا التفاعل، تتسع الفتحات تدريجيًا، وفي لحظة معيّنة تصبح كبيرة لدرجة أن النهر كله يختفي من السطح ، ويبدو المشهد كأن المياه تُسحب فجأة نحو أسفل الأرض، بينما في الحقيقة هي تنتقل إلى شبكة من الأنفاق الطبيعية ، داخل هذه الأنفاق يعيش النهر في بيئة مختلفة تمامًا ، لا يوجد ضوء، ولا نباتات، ولا هواء جارٍ، فقط صخور صلبة تحيط بالماء من جميع الجهات. ، ويتابع النهر حركته كما لو أنه يجري على السطح، لكنه الآن محاصر داخل ممرات ملتوية تتغير باستمرار حسب شكل الصخور في بعض الأماكن تنخفض القناة ويصبح النهر سريعًا، وفي أماكن أخرى تتسع الكهوف ويبدو كأنه يتحرك في قاعة ضخمة تحت الأرض.
هذه الرحلة ليست مستقيمة، فالمياه قد تنحدر إلى مستويات أعمق، أو تصعد قليلاً، أو تتفرع إلى مجاري متعددة ثم تعود لتلتقي مرة أخرى ،والتشكيل الداخلي لهذه الأنفاق يعتمد على تاريخ طويل من ذوبان الصخور، ولهذا يبدو باطن الأرض مثل متاهة معقدة لا يعرف مساراتها إلا الماء نفسه.
بعد أن يقطع النهر مسافة طويلة في الظلام، يصل في النهاية إلى منطقة تكون الصخور فيها أضعف أو أقل ارتفاعًا من المناطق المحيطة. هنا يجد الماء فرصة للخروج من الأرض. يندفع بقوة من فتحة صغيرة نسبيًا، ويتحول إلى نبع أو شلال، أو يكوّن مجرى جديد فوق السطح ، والناس الذين يرون هذا الينبوع لا يعرفون أن مصدره الحقيقي قد يكون على بعد عشرات الكيلومترات في منطقة أخرى تمامًا.
هذه الظاهرة تساهم في صنع كثير من المظاهر الطبيعية التي نراها اليوم فالكهوف الكبيرة التي يزورها السياح غالبًا ما نحتتها أنهار اختفت في الماضي والينابيع المعدنية في بعض المناطق تكون نتيجة مرور المياه لمسافات طويلة تحت الأرض، حيث تختلط بالمعادن والصخور.
بهذه الطريقة يصبح النهر كائنًا متحركًا قادرًا على تغيير شكل الأرض فوقه وتحته، ويجعل باطن الأرض عالمًا كاملًا لا نراه لكنه موجود ويعمل باستمرار.







وائل الوائلي
منذ 12 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN