Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
فالح حسون الدراجي شاهدٌ بلسان الوجع.. وقيثارة المقاومة

منذ 3 شهور
في 2025/08/12م
عدد المشاهدات :2176
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل مؤرِّخٌ للجرح بصوته الشعبي الصادق، و مناضلٌ بالكلمة في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره سيفٌ مصقول من حقائق المعاناة، و مرآةٌ عاكسة لتاريخ العراق المضطرب، حيث تختلط دموع الأمهات المفجوعات بأنين الجرحى وصرخات المظلومين.
تميز أسلوب الدراجي بـ "السهل الممتنع" ، فجاءت مفرداته كالنبع الصافي، قريبةً من نبض الشارع العراقي، عميقةً كأعماق الفرات. لم تكن لغته حبيسة الأبراج العاجية، بل نزلت إلى الساحات والدرابين، تحاكي هموم الناس البسطاء وتُعَبِّر عن تطلعاتهم المحطمة. موسيقاه الداخلية كانت مزيجاً فريداً بين حزن الجنوب الريفي اللاّمحدود، وترانيم الأمهات الحزينات، وزفرات المقهورين، فخلقت إيقاعاً يشبه نبض القلب المجروح للعراق.
تتوجَّه إبداعات الدراجي السياسية بوصفها وثائقَ إدانةٍ صارخة لنظام صدام الفاشي. فقصيدة "سيمفونية المقابر" ليست مجرد أبياتٍ منثورة، بل صرخةٌ مدوية في وجه العالم:
"أرقام .. أرقام
أرقام عنده البشر .. وأكياس يم أكياس
حتى الدفن مو دفن .. جم كَبر ما بيه راس
وكَبور ماتنعرف .. تمشي عليها الناس "
هنا يتحول الرقم المجرد إلى رمزٍ للفظاعة، والمقابر المجهولة إلى شاهدٍ على الإبادة المنظمة. إنها تجسيدٌ مرعبٌ لسياسة "التسوية بالتساوي" في القمع:
"بالسجون وبالعذاب .. وبالدفن حدر التراب
شيب وأطفال وشباب .. اتساوو بكل الحصص "
ثم يأتي سؤاله الاستنكاري كالطلقة الأخيرة في جسد الظالم:
"وين تروح ياظالم .. من كل هذي المظالم
لاصارت ولادارت ..
ولا سلطة مثلك جارت
ولا جار مثلك حاكم
لك وين تروح ياظالم "
لم تُجدِ الغربةُ في إخماد جذوة الوطن في قلب الدراجي. شعره من بعيد تحوّل إلى جسرٍ من أشواقٍ متقدة :
"روحي راح تذوب من نار الفراق.... خاف أموت وما أشوفك يا عراق"
حتى ذكرياته البسيطة تتحول إلى ملاحم حنين:
"في بلادي المو حلو تلگاه حلو
وحتى طعم الثلج بشفافي دفو"
فهو يرى العراق - رغم جراحه - كـ "الشعر والحب والطرب" الذي لا ينطفئ.
لم يقتصر نضال الدراجي على القصيدة المكتوبة، بل امتد إلى:
الأوبريتات الملحمية: كـ "الشمس تشرق من هناك" و"بغداد أم الدنيا"، التي حوّلت المعاناة إلى فنٍّ جماعي مقاوم.
التعاون الفنّي الثوري: مع الرادود باسم الكربلائي، حيث التحمت كلماته المؤلمة بصوتٍ شجيٍّ، ليصل صدى المأساة إلى ملايين القلوب.
فالح حسون الدراجي ليس مجرد صوتٍ شاعريٍّ، بل ضميرٌ حيٌّ للعراق في أحلك لحظاته. قصائده السياسية هي الرواية الحقيقية التي سجّلها بدماء الضحايا ودموع الثكالى، بعيداً عن روايات المنتصرين الزائفة. لقد حوّل الوجعَ إلى فنٍّ، والمقاومةَ إلى إبداعٍ، والمنفى إلى جمرةٍ متّقدةٍ من الحنين. شعره يبقى شاهداً خالداً على عصر الدكتاتورية، ونبراساً للأجيال التي تؤمن بأن الكلمة الحقّة قد تكون أقوى من كل سيوف الظلم. إنه بحقٍّ: شاعر الوجع العراقي الذي حوّل أنين الوطن إلى ملحمةٍ خالدة.

اعضاء معجبون بهذا

الانقسام الاجتماعي في العراق من التناحر إلى الوحدة الإيمانية رؤية قرآنية
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
إن العراق، ذلك البلد المبارك الذي ازدان بضياء النهرين وتراث الأنبياء، ظلّ عبر تاريخه الحديث يعاني من آفة التناحر والانقسام، حتى كادت نيران الفرقة أن تلتهم أخضرَه ويابسَه. ولئن تعددت مظاهر هذا الانقسام بين حزبيةٍ طاغية، وعشائريةٍ متجذرة، وطائفيةٍ مميتة، فإن المنهج القرآني يظلّ المنار الوضاء الذي... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى.... المزيد
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...


منذ 7 ايام
2025/11/03
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار...
منذ 1 اسبوع
2025/11/02
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا...
منذ 1 اسبوع
2025/10/31
عندما نفكّر اليوم في القنبلة النووية تنبثق أمامنا صورة طاقة هائلة تُطلق في لحظات...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )