ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ
لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ
طرفة بن العبد يصف قومه بأنهم كرماء، فإذا دعوا إلى طعام أو اجتماع في الشتاء (حين يقلّ الطعام عادة) فإنهم يدعون الجميع (الجَفْلَى تعني الدعوة العامة المفتوحة، لا يخصّون أحدًا دون أحد).
ثم يقول: "لا ترى الآدِب فينا يُنتَقَر" أي: لا يُختار بعضهم دون بعض في الدعوة، فكلهم يُدعون سواءً.
والعلاقة بين "الآدِب" و"الأدب":
اللفظتان تنبثقان من أصل لغوي واحد، وهو الجذر (أدَبَ).
لكن: الآدِب في الجاهلية لم يكن يعني "صاحب الأدب" بالمعنى الثقافي المعروف اليوم، بل كان معناه الداعي إلى الطعام أو المُنظِّم للمأدُبة.
ومنه سُمِّيَ الطعام المجتمع عليه مأدُبة أو مأدَبة.
إذن "الآدِب" من يجمع الناس إلى المأدبة.
أما الأدب في تطوّره اللاحق (في الإسلام والعصور اللاحقة)
فقد صار يدل على التهذيب الخُلقي، والثقافة، وحسن السلوك والمعرفة بالكلام.
فالعلاقة بينهما وثيقة ، الأصل في مادة (أدب) هو الدعوة إلى الطعام،
ثم انتقل معناها مجازًا إلى الدعوة إلى المحامد والأخلاق الحسنة،
ومن هنا تطوّر المعنى من "المأدُبة" إلى "الأدب".
قال ابن فارس في مقاييس اللغة:
(أدب) أصلٌ يدلّ على الدّعاء والجمع، ومنه المأدُبة، ثم استُعير للأخلاق الكريمة، لأنّها مما يُجمع عليه الناس.
الخلاصة:
اللفظ الأصل اللغوي المعنى في البيت المعنى الحديث
الآدِب من (أدَبَ) أي دعا إلى الطعام الداعي إلى المأدُبة لا يُختار أو يُفرَّق بينه وبين غيره
الأدب من نفس الجذر لم تُستخدم بهذا المعنى في البيت التهذيب والثقافة وحسن السلوك
فالعلاقة إذن اشتقاقية أصيلة،
لكن تطوّر المعنى جعل "الأدب" اليوم يدل على الرقي الفكري والأخلاقي،
بعد أن كان في الأصل مرتبطًا بـ الطعام والمأدُبة.







وائل الوائلي
منذ 12 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN