1

والإحتمال قبر العيوب

في دائرة حكومية صغيرة، كان "رائد" مديرًا يحظى بالاحترام. عُرف بين الموظفين بحزمه وعدله، لكنه كان يُركّز على كل خطأ صغير وينتقده بشدة. كان هذا الأسلوب يجعل الموظفين يشعرون بالحرج والخوف، رغم احترامهم له.
ذات صباح، جاءه أحد الموظفين، وهو رجل بسيط يُدعى "سامر"، وقد تأخر عن العمل بسبب عطل في سيارته. وقف سامر أمام رائد، مرتبكًا يشرح موقفه قائلًا:
"سيدي، أعتذر عن التأخير، لقد تعطلت سيارتي ولم أستطع الوصول في الوقت المناسب."
لكن رائد قاطعه بحدة:
"كم مرة سأتحمل أعذارك؟ ألا تعلم أن تأخرك يؤثر على سير العمل ويضعف الانضباط؟"
ساد المكتب صمت ثقيل، وبدت علامات القلق على وجوه الموظفين. شعر سامر بالضيق، لكنه استجمع شجاعته وقال:
"سيدي، أعلم أنني أخطأت، ولكني بذلت جهدي للوصول. ألا يُغفر الخطأ للصادق الذي يسعى لتصحيحه؟"
توقف رائد لوهلة، وقد أثرت فيه كلمات سامر. جلس في مقعده وأطرق يفكر. تذكّر حكمة قرأها في شبابه:
"والإحتمال قبر العيوب."
ثم تذكّر قول الله تعالى:
(أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
(النور: 22)
رفع رأسه وابتسم لأول مرة منذ وقت طويل، وقال بنبرة هادئة:
"يا سامر، الخطأ وارد، ونحن جميعًا بشر غير معصومين. هذه المرة سأحتمل خطأك، ولكن أرجو منك أن تبذل جهدك لتجنب التأخير مستقبلًا."
شعر سامر بالامتنان وشكر المدير بحرارة، بينما عمّت الطمأنينة بين الموظفين. ومنذ ذلك اليوم، قرر رائد أن يتحلى بمزيد من الصبر والتسامح، ليكون قائدًا يدفن العيوب ويبني جسور الثقة مع فريقه.

خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ

إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ

اعْجَبُوا لِهذَا الْإِنْسَانِ يَنْظُرُ بِشَحْمٍ

وَأَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ، نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجالِهِمْ

الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ

والبشاشة حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ

والإحتمال قبر العيوب

صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ

وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ

وَالْأَدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ

الْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ

الراشي والمرتشي في النار

الْعَجْزُ آفَةٌ

وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ

وَالفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ

وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ

1

المزيد
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي