اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، الى وجود مفاهيم قرانية تناولت التكافل الاجتماعي والفوائد الجمة على المستوى الشخصي او الاجتماعي.
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (31/3/2017)، ان التكافل الاجتماعي يمثل حالة من التحضر والتمدن ويؤسس الى وجود التضامن الاجتماعي كونه يساهم بتخفيف الاعباء عن الاخرين، مبينا ان هنالك حاجات كمالية واخرى ضرورية تتمثل بالحاجة للسكن والمأكل واللبس وعادة مايوفرها الانسان بنفسه او يتكفل بتوفيرها المجتمع له، موضحا ان المفهوم الاجتماعي للتكافل يوفر الطمأنينة للانسان خصوصا حينما يشعر بان افراد مجتمعه لن يتركوه بغض النظر اذا كان ذلك المجتمع يمثل مكان معين او قرية او دول.
واضاف ان من غير الصحيح ان يكون تفكير الانسان بتوفير المأكل والملبس والمسكن لنفسه فقط وانما عليه التفكير بالاخرين، وان لا ينعزل ويحصر علاقاته بالاخرين في مجال الاستفادة، اي مادامت مصلحته الشخصية باقية يبقى معهم وينسحب حال تزعزع تلك المصلحة.
وتابع ان افضل مورد للضمان والتكافل الاجتماعي رفع البخل كونه من الصفات المذمومة، مشيرا ان البخيل الذي يتصرف بماله لنفسه فقط سوف لن يجد من يساعده اذا مر به بظرف قاهر كونه اسس لمفهوم خاطئ.
واوضح ان الايات القرانية كشفت عن الفوائد الجمة للانفاق وذمت البخل ونهت عنه، مستشهدا بقوله تعالى (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ)، مبينا ان الاية الكريمة اوضحت ان الذين يعتقدون بان بخلهم سيعود بالخير عليهم هو اعتقاد خاطئ ويجلب الشر لهم، مردفا ان ماتبعها يكشف عن ذلك، كما في قوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، منوها ان المطلب اتضح في ان القران لايقر باعتقاد ان البخل بالمال سيحافظ عليه ويجلب له الخير.
وكشف ممثل المرجعية الدينية العليا ان الخير الحقيقي ليس في البخل، وانما في الانفاق والعطاء وتفقد الناس، موضحا ان الاية الكريمة (وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) تدل على ان المال والرزق والجاه ليس ملكا للانسان وانما هو مؤتمن عليه ولابد ان يحافظ عليه وفق مايراه صاحب المال الذي لا يريد منه ان يكتنزه ويخزنه في القاصة او الخزينة.
واردف ان هنالك اثار ايجابية للانفاق الشخصي والاجتماعي، وان الانسان بطبيعته حريص على ماله ونفسه، موضحا ان الانسان اذا تمكن من ان ينفق من ماله او ان يرخص نفسه في موطن الذي يحتاج فيه بذل الانفس فانه تجاوز اعلى مراحل الانفاق، مؤكدا ان الانفاق الاجتماعي يحافظ على الاوطان.
واستعرض السيد احمد الصافي في خطبته المصداق الواقعي والامثل للانفاق والمحافظة على الاوطان، مستشهدا بما يمر به العراق من خلال وجود اناس ينفقون ويقدمون دمائهم وانفسهم، متسائلا هل يوجد انفاق اكثر من هذا، ومن أجل ماذا يفعل هؤلاء الاخوة.
واستدرك ان الانسان اذا رجع الى نفسه ليسئلها من الذي دعا هؤلاء لتقديم دمائهم وانفسهم لتكون اخر لحظات حياتهم على جبهات القتال، منوها هل يوجد اكثر من هذا الانفاق للحفاظ عن البلاد والاعراض والمقدسات.
وبين السيد الصافي ان البلد اذا استصرخ لابد من يخرج لنصرته، وان من خرج لنصرة العراق غالبيتهم انفقوا وهم في ظرف مادي مدقع ومتردي، الا انهم ضربوا الامور وجاءوا ليعكسوا الجانب المشرف، مبينا ان الحديث عنهم سيكشف لنا بان البخل رذيلة وصفة مذمومة، داعيا الى توثيق جميع تلك الصور المشرفة ليبقى البلد بمنأى عن الاعادي، منوها ان بعض الناس يتمتع بالعفة والمحبة للبلد ويحبذ ان لا يتحدث بما يبذل لانه يعتقد ان مايقدمه لاقيمة له لانه عود نفسه ان يعطي بلا ثمن.
واستشهد السيد الصافي في خطبته بموقف عائلة فقيرة في فصل الصيف كانت لاتملك سوى مروحة سقفية وقامت ببيعها لتأمين شيء يساعد البلاد وهنالك من يعمل بكد يده ليدعم قافلة مساعدات متوجهة لدعم المقاتلين او النازحين او الجرحى، موضحا ان هنالك العشرات من هذه الصور التي انتجت حالة من التلاحم والشعور بالمسؤولية.
واوضح ان تلك الحالة وجدها الكثير من الميسورين فرصة لاتعوض بان يدخل في ركب من ينفقون في سبيل المحافظة على البلد، وهنالك البعض الاخر الذي لايستطيع ان يقاتل فاتجه ليبذل ماله، مشيرا ان ما تم التطرق اليه في الخطبة سواء عن ايجابيات الانفاق والاثر الطيب له وفي المقابل البخل ومذموميته وتبعاته في الدنيا واما في الاخرة فان الاية كانت واضحة في قوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، مستعرضا مواقف مشرفة لذلك التلاحم والتي تتمثل في اعتذار المقاتل الذي فقد بعض اطرافه من الذي ينفق عليه ويقول له لقد زحمناك وبالمقابل فان الذي ينفق يقول له بفضل تضحياتك ومواقفك حافظت على البلد.
واكد السيد الصافي ان هنالك اناس قمة بالسخاء والعطاء وهم جنود مجهولون في الخطوط الامامية، ويمكن لاي شخص التوجه الى ساحات القتال وسيجد ان جميع الحاجيات متوفرة، بل ان بعض اهل المواكب يصلون الى الساتر قبل المقاتل لتأمين تلك الامور.
واختتم خطبته بقوله "اليست هذه الصور مشرفة ومشرقة ومن حقنا ان نفتخر بها، مشيرا ان هنالك نفوس تحب العلى وهنالك من تحب ان تبقى بالثرى او تحته".