بما أن الشعر هو وسيلة للتعريف, وإحياء لذكر, وإقامة لأمر الله, وإبقاء لآثار الخالدين, وما له من وقع عميق في نفوس الناس, وتحريك مشاعرهم, واستمالة قلوبهم والتأثير في إحاسيسهم بكل ما يدور في خلجات أنفسهم المليئة بالمشاعر الفياضة, حيث استطاع الشعراء أن يخلدوا بمدائحهم ومراثيهم ذكر الإمام الحسين "عليه السلام"، لذا فقد حَثَّ الأئمة الأطهار "عليهم السلام" على نظم الشعر فيهم وإحياء ذكرهم مدحاً ورثاءاً حتى عُدَّ من أفضل الطاعات حيث أشتهر عنهم هذا الحديث: (من قال فينا بيتاً من الشعر بنى الله لهُ بيتاً في الجنة). دأب مجلس مكتبة الجوادين العامة بإقامة أمسية أدبية حسينية يوم الخميس 6 تشرين الأول 2016 ضمن ندوته الثقافية الخامسة والثمانين تحت شعار : (من طف كربلاء.. نستلهم الخلود والإباء) تزامناً مع أيام عاشوراء الأليمة، بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة أ.د. جمال عبد الرسول الدباغ وعددٍ من أعضاء مجلس الإدارة ونخبة من الأدباء والشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي. اسْتُهلت الأمسية بتلاوة معطرة من الذكر الحكيم شنف بها أسماع الحاضرين القارئ السيد عبد الكريم قاسم، بعدها صدحت حناجر الشعراء وحلقت في أجواء إيمانية رحبة بروائع الكلمات معبرةً عن ولائها المطلق للإمام الحسين "عليه السلام"، حيث ألقى الشاعر قاسم ضيدان قصيدةً بعنوان: (ويبقى الحسين) مطلعها: أيَا قِبلةَ الثَائِرينَ الذي أبى أن يُذَلَ وأنْ يُقْهَرَا سَلامٌ عليكَ أبا ثورةٍ يُبَاهي بهَا الله كُلَّ الوَرَى ذكرتُ بيومِكَ صَبر العِرَاقِ لأنكَ كُلُّ العِرَاقِ أرَى بعدها ألقى الشاعر كاظم عبد الله العبودي قصيدة مناجات لأبي الضيم "عليه السلام" عنوانها (كأني وقفت أمام الجنان) ومنها هذه الأبيات: فأبكيتُ من وجعي من ثراك عيوناً تراني بهِ مُسهدا قصدتُ ثراكَ ، فعزَّ الثرى وَدلَّ المُقامُ بهِ مَقْصدا كأني وقفتُ أمام الجِنان فما عاد بابٌ لها مُوْصدا كأني رحاب (عليّ) دنوتُ وقرّبتُ حتى أرى (أحمدا) ثم أجاد شاعر أهل البيت السيد محسن الموسوي بقصيدة نذكر منها هذه الأبيات الرائعة: وشربتُ من يوم الطفوف عزيمةً هانت بقلبي المعضلات من الورى بجراح يوم الطَّف فاضَتْ دَمعتي وشممت من يوم الطفوف العنبرا يوم تجمع فيه جيش أمية وتوهموا أن يسَرقون المنبرا أعقبه الشاعر ليث العضاض بقصيدة (شهيد على الفرات) ومنها هذه الأبيات: فبأي دربٍ يضمرون لكَ الأذى وهمو إذا اشتعلت دماً جلبابُها المجد دونكَ يا حسين بأهلهِ ولأنت إن عصفت سيوفٌ شِهابِها ما كانَ يؤلمها المبيتُ مع الضنى عند الضغينة يستفيق مُصابُها كما شهدت الأمسية قراءة في شعر الشريف الرضي للشاعر السيد محسن الموسوي ومداخلة للدكتور حميد مجيد هدو، مسلطاً الضوء على شذرات من سيرة الرضي وشخصيته العلمية والأدبية، وقصيدته (كـربـلا لا زلـت كـربــاً وبـلا). ثم أتحف الحضور الشاعر عامر عزيز الأنباري بقصيدته (طريق الحُسين .. طريق النجاة)، ومنها هذه الأبيات: لقد أسفر الشرك عن وجهه وجلجل في بطشه مصهلا وصدرُ الحُسين تَطاه الخُيول وَيُسْحَق ظلماً بأرضِ الفَلا وخيل ابن سعدٍ تهدُّ الخيامَ ويَؤمرُ بالنّار أن تُشعلا واختتمت هذه الأمسية بتفاعل كبير من قبل الحاضرين بروائع الصور الشعرية والابداعية وبلاغة المفردات وعذوبة الألفاظ . يذكر أن مجلس مكتبة الجوادين العامة سيشهد ندوات ثقافية وفكرية أسبوعية خلال شهر محرم الحرام.