ألقى الأمينُ العام للعتبة العباسيّة المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي كلمةً خلال الحفل الذي أقيم في صحن المولى أبي الفضل العباس(عليه السلام) لتكريم عددٍ من ممثّليات قسم الشعائر والمواكب الحسينية في المحافظات من الذين دعموا وساندوا فرقة العباس(عليه السلام) القتالية في افتتاح عددٍ من مراكز التدريب الخاصّة بالفرقة وساهموا في إقامة الاستعراض المركزي الذي أُقيم في محافظة البصرة الفيحاء.
وقد بيّن السيد الصافي في كلمته: "من دواعي الفخر والبهجة أن نكون في خدمة إخوةٍ لبّوا نداء الحقّ وهبّوا للدفاع عن الوطن، فلولا الجهود الكبيرة التي تبذلونها ويبذلها الإخوة المرابطون الآن في جبهات القتال لكان حال العراق غير ما هو عليه الآن، وهذا إن دلّ على شيء دلّ على أنّكم رسمتم التاريخ بشكلٍ رائع، استلهاماً من سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) خصوصاً ونحن لا يفصلنا عن ذكراه إلّا أيّام معدودة".
مؤكّداً: "معركتنا مع هؤلاء الإرهابيّين هي معركة وجود وهي من أقدس وأشرف وأنبل المعارك، فلا يفتّ في عضدكم أيّ معوّق كان، ولا تضعف الهمم برغم كلّ المشاكل والصعاب التي تمرّون بها، ولا يغرّنّكم مَنْ يهاجر من البلد تاركاً المواقف لأنّ لا قدرة له على تحمّل المواقف، هؤلاء انهزموا قبل ساعة النزال وأنتم ذهبتم إلى المعركة وقاتلتم أشرف قتال، ولا يغرّنّكم كلّ ما يقال وكلّ ما يلوح من حياة ظاهرية فإنّها عبارة عن سراب، وسرعان ما سيندم هؤلاء ويعودون وهم ناكسو الرؤوس".
موضّحاً: "هذا البلد هو بلد التضحيات وهذا البلد هو بلد الأبطال والشجعان، نحن لا نريد أن نصادر جهد أحدٍ ولا نريد أن نلقي ألقاباً عليكم وأنتم غير مستحقّيها، بالعكس نخجل من البطولات الكبيرة والعظيمة التي تؤدّونها اليوم، وإن شاء الله تعالى بهذه العزيمة القوية سيندحر هؤلاء الأعداء".
وأضاف السيد الصافي: "أوجّه من خلالكم كلاماً للمسؤولين، الأولوية الآن والاهتمام هو للمعركة، ولا توجد أي أولويّة أخرى خارج نطاق المعركة، ولابدّ أن يُدعم كلّ غيورٍ وشريف ومخلص سواء في القوّات الأمنية أو الحشد الشعبي لابدّ أن يُدعم بكلّ ما تعني هذه الكلمة من معنى، الناس الذين يُعيقهم عائقٌ عن الالتحاق بجبهات القتال تطوّعوا أن يخدموا وقد نجحوا في ذلك، بمالهم وجهدهم، ولكن الجهد الأكبر يبقى على الدولة، فهناك بعض المفاصل جهد الدولة فيها خجول إن لم يكن معدوماً، فاليوم نشهد حالة مهمّة يجب على الدولة أن تلتفت لها، إنّ الشعب الذي هبّ استجابةً لنداء المرجعية هو الآن يُدافع عن الدولة، وهذه مسألة من النوادر، وهذا يؤشّر مؤشّراً أنّ بعض المؤسّسات في الدولة عليها أن تكون بمستوى المسؤولية، نتيجة مشاكل الفساد المالي والإداري بحيث خرجت من الصراع قهراً لعدم قدرتها على ذلك، فجاء الشعب الكريم ليدافع عن الدولة فلابدّ أن تكون الدولة محافظةً على هذا الزخم ولا تحوّله إلى مؤسّسة غير ناجحة، لأنّنا سنمرّ بمشكلة شبيهة لما مرّ قبل عشر سنوات".
مؤكّداً: "على الدولة أن تلاحظ بكلّ موضوعية وبكلّ قوّة أنّ من وقف وحماها هم هؤلاء الإخوة الأعزّاء سواءً كان بعمر السبعين عاماً أو خمسة عشر عاماً، وما بينها من الأعداد الغفيرة الكثيرة، لذلك عندما نطالب في أكثر من مناسبة الدولة أن توفّر دعماً سواءً براتب أو غيره فإنّنا لا نستجدي من الدولة بل ننبّه الدولة إلى مسؤوليتها الحقيقية، فكيف إذا كانت الإشارة تلو الإشارة والاستجابة ضعيفة جداً".
موضّحاً: "نحن نذكر هذا لنفرّق بين جهات تتقاعس عن الخدمة، وبين من يدافع باستماتةٍ عن كيان الدولة، وهو لم يستفد أيّ شيء، بل العكس الكثير من الإخوة قد غرق بالديون وهم من عوائل وطبقات فقيرة، وعلى المسؤولين في الدولة دعم عوائل الشهداء لأنّهم جادوا بأعزّ ما يملكون وهي دماء أبنائهم، والدولة لا زالت مقصّرة في ثلاث مفاصل:
المفصل الأول: دعم عوائل الشهداء.
المفصل الثاني: دعم الجرحى من القوّات الأمنية والحشد الشعبيّ.
المفضل الثالث: دعم الإخوة المرابطين في ساحات القتال.
والعراق منذ زمن ينزف ويُعطي الشهداء بأعدادٍ كثيرة، ففي العقود السابقة أعطى خيرة شبابه في سياسات حمقاء ونزوات شخصية، واليوم العراق ينزف من أجل كرامته".
مختتماً كلمته: "عليكم أنتم أيّها الأبطال أن توثّقوا كلّ عملٍ تقومون به، ولابدّ أن تسطّروها جميعاً في القراطيس لأنّ دماءكم اليوم تكتب تاريخاً مجيداً لهذا البلد، والتاريخ إن كُتِب بالدماء هو تاريخٌ لا يُزوّر، ستؤشّر حالة صحية في تاريخ العراق أنّ كهول العراق وشباب العراق ونساء العراق قد هبّوا نصرةً وانقياداً لمراجعهم وحفاظاً على أرضهم ومقدّساتهم، ووقفوا سدّاً منيعاً بوجه هذه الهجمة الشرسة، وإن شاء الله ستكون الكرّةُ عكس ذلك وسيكون الهجوم بعد الهجوم من أجل طرد هؤلاء الإرهابيّين من بلادنا، فقد رأينا سواعد مؤمنة دافعت عن العراق ولا زالت تدافع والنصر سيكون معقوداً بهم".