يرغب الآباء أن ينمو أطفالهم بشكلٍ قوي وصحي.
لذا، عندما كاد مولود كيلي هنشل أن يصبح طفلاً، في عام 1998، أرادت معرفة المزيد عن تركيبة جديدة لحليب الأطفال.
وتواصلت هنشل مع ممثلي إحدى شركات تركيبات الحليب لمعرفة ما إذا كان الأمر يستحق الشراء.
والنتيجة؟ قالت هنشل إن ممثل الشركة "نظر في عيني حرفيًا وأخبرني أنّ الأمر كله مجرّد تسويق".
وبصفتها المديرة الطبية لعيادات طب الأطفال والمراهقين في مستشفى "All Children" التابع لـ"جونز هوبكنز"، تُعتَبر هنشل من بين العديد من أطباء الأطفال الذين ينصحون بعدم استخدام "حليب الأطفال".
ونشرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تقريرًا سريريًا الجمعة لم تعثر فيه على أي فوائد غذائية لـ "تركيبات" الحليب الصناعي التي تستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و36 شهرًا.
وأكّدت طبيبة حديثي الولادة، ومديرة الرضاعة، والتغذية، وتنمية الرضع في مجموعة "بيدياتريكس" الطبية في ولاية فلوريدا الأمريكية، جينيل فيري أن "مصطلح حليب الأطفال مضلل".
وتُعتبر تركيبات حليب الرضع مصدرًا غذائيًا متكاملاً مصممًا للصغار منذ الولادة وحتى عمر 12 شهراً، ويمكنها أن تعمل كبديل للرضّع الذين لا يستطيعون الحصول على حليب الرضاعة.
وأشارت فيري إلى أنّ حليب الأطفال ليس مثل حليب الرضع، كما أنّه ليس ضروريًا لهذه الفئة العمرية.
وردًا على التقرير الجديد من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، قال متحدث باسم شركة "Abbott Nutrition"، التي تمتلك علامة تجارية شهيرة لحليب الأطفال إن "الدراسات الصحية الوطنية تشير إلى أنّ الأطفال الصغار في الولايات المتحدة يعانون من فجوات غذائية في أنظمتهم الغذائية مرتبطة غالبًا بالأكل الانتقائي. وعندما لا ينجحون في التحول إلى الأطعمة على المائدة، أو يمتنعون عن شرب الحليب. وتحتوي مشروباتنا المخصصة للأطفال على العديد من العناصر الغذائية التكميلية، كالفيتامينات، والمعادن، والتي قد تكون مفقودة من نظامهم الغذائي. وقد تكون مشروبات الأطفال خيارًا للمساعدة في سد الفجوات الغذائية لهؤلاء الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و36 شهرًا. ولا توصي شركة أبوت بمشروباتها الخاصة للأطفال للرضع الذين تقل أعمارهم عن 12 شهرًا، وهي لم تُشِر لذلك".
وتكون الأعوام الأولى من الحياة مهمة للغاية للنمو والتطور.
وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن 12 شهرًا بمواصلة شرب تركيب حليب الرضع و/أو حليب الثدي.
أما الأطفال الصغار (الأطفال الذين يبلغون من العمر 12 شهرًا فما فوق) فهؤلاء في عمر يمكنهم البدء فيه بتناول الأطعمة الصلبة، واستهلاك نظام غذائي متوازن من الفاكهة، والخضار، وحليب البقر.
ويُعتبر حليب البقر مصدرًا ممتازًا لفيتامين "د" والكالسيوم لبناء عظام قوية.
وتوصي المبادئ التوجيهية الغذائية الحالية للأمريكيين بشرب حوالي كوبين من منتجات الألبان يوميًا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 23 شهرًا.
ولعقود، روّجت الإعلانات لحليب الأطفال على أنّه مفيد للصغار من الناحية التغذوية، وهو ادعاء وجده التقرير مضللاً للآباء.
وتتوافق هذه النتيجة مع تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية (WHO) العام الماضي يشرح بالتفصيل تقنيات التسويق الرقمي القوية التي تستخدمها شركات الحليب الصناعي لبيع منتجاتها.
وتُظهر الأبحاث أنّ العديد من الأمهات، وخاصةً السود وذوات الأصول اللاتينية، يعتقدن أنّ حليب الأطفال أكثر تغذية من حليب البقر، وفقًا لدراسة أُجريت في مايو/أيار بمجلة "Nutrition Reviews".
ورُغم كونه أكثر تكلفة، إلا أن حليب الأطفال يحتوي على نسبة أقل من البروتين، والمزيد من الدهون.
وبغض النظر عن المخاوف المتزايدة من أطباء الأطفال، والمنظمات المهنية، لا تزال صناعة الحليب الصناعي آخذة بالازدهار.
وأدّت استراتيجيتها التسويقية إلى زيادة المبيعات من 39 مليون دولار في عام 2006 إلى 92 مليون دولار في عام 2015، بحسب ما أظهرته دراسة أُجريت في عام 2020 في مجلة "Public Health Nutrition".
ويحتوي حليب الأطفال أيضًا على نسبة عالية من السكر.
وتنص الإرشادات الفيدرالية على أنّ الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين يجب ألا يستهلكوا السكر المُعالَج.
وحذّرت هنشل من أنّ إضافة المحليات قد يغير ذوق الطفل بشكلٍ يجعله يفضل المشروبات المحلاة طوال حياته.
وبالنسبة للآباء والأمهات الذين قاموا بشراء كمية كبيرة من حليب الأطفال بالفعل، أشارت هنشل إلى أنّه لا مشكلة من استهلاك ما لديهم في المنزل.
ولكن يجب الحرص من أنّه ليس الأمر الوحيد الذي يستهلكه الأطفال، وأوصت هنشل بإطعامهم 5 حصص من الفاكهة والخضار الطازجة يوميًا، إلى جانب توفير مصادر ألبان أخرى في نظامهم الغذائي.
وعند الشك بأمرٍ ما، تُشجّع فيري الآباء على التحدث إلى طبيب أطفال للحصول على توجيهات.