نظّمت العتبةُ العبّاسية المقدّسة مساء يوم أمس الجمعة (16رمضان 1439هـ) الموافق لـ(1حزيران 2018م) مؤتمراً تأسيسيّاً لمواكب الدعم التي ساهمت في تقديم الخدمات للقوّات الأمنيّة والحشد الشعبي أثناء وبعد معارك تحرير أراضي العراق المغتصبة، وذلك على قاعة سرداب الإمام الكاظم(عليه السلام) في العتبة المقدّسة وتحت شعار: (مواكبُ الدعم الشريكُ الأساس في الانتصار) وبحضور سماحة المتولّي الشرعي والمشرف على فرقة العبّاس(عليه السلام) وجمع كبير لمسؤولين وممثّلين عن المواكب من مختلف محافظات العراق.
وبعد تلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة ترحّماً على أرواح شهداء العراق كانت هناك كلمةٌ للمتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) تطرّق فيها لعدّة أمور أهمّها:
- لقد فزتم في ما مضى من الأجر الجزيل والمثوبة العظيمة التي تكلّلت بمساعيكم الكريمة والنتائج الطيّبة بهزيمة الإرهاب المتمثّل بداعش.
- من الفضائل الجمّة التي حصلنا عليها من نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) هو هذه الروح المعنويّة الكبيرة الكريمة التي زُرعت في نفوسكم الطيّبة وأنتم تجودون بالغالي والنفيس، والاستفادة واقعاً أنّها ستبقى مستمرّة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والى أن تُكلّل هذه الجهود المباركة وتسلّم راية الحقّ الى الإمام المهديّ(صلوات الله وسلامه عليه).
- إنّ هذه الجهود التي مثلت أمام أعيننا من خلال ما أفاض به الإخوة في سعة ما قدّموا من هذا الدعم الكبير للإخوة المقاتلين الذين قسموا الى ثلاثة أقسام:
أ- منهم من استُشهِد وتغمّده الله برحمته الواسعة، وهذه الدماء كانت عزيزة، يكفينا أن ندعو لهم كما صنعت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا، ندعو لهم أن يُحشروا مع سيّد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام).
ب- الجرحى وهم الشهداء الأحياء، الذين كانت هذه الجروح شاهداً حيّاً على إجرام داعش من جهة وعلى قوّة وبسالة المقاتلين من جهة أخرى.
ج- الإخوة الأعزّاء الذين قاتلوا ودافعوا عن شرف الأمّة، والحمد لله سلموا، وإن شاء الله تعالى يبقون الذخيرة الطيّبة لهذا البلد، ومن وراء هؤلاء جميعاً كانت هذه المواكب الكريمة العزيزة التي انبثقت وانطلقت من أصلها الخدمة الحسينيّة المباركة.
- مواكب الدعم لم تكن عوناً فقط وإنّما هي كانت نعم العون، إذ أنّنا رأينا بأمّ العين وسمعنا أيضاً أنّ هذه المواكب كانت تقف على السواتر قبل أن يأتي المقاتلون الى السواتر رغم شراسة المعارك في أكثر الأحيان، وفي هذا دلالة واضحة لمحبّتهم وعشقهم لهذه المعركة بأنّها معركتهم وبالفعل هي قضيّتهم.
- المرحلة التي كنتم أنتم فيها هي أنفس وأجمل الأوقات من العمر، رغم كلّ المعاناة التي كانت فيها.
- أنا لا أقول أنتم هم الجنود المجهولون، لكن أنتم الجنود الذين هزموا داعش.
- أنتم بحمد الله تعالى العناصر التي نفتخر بها، المطلوب الحفاظ على هذه الروحيّة الكريمة.
- إنّ معركتك وإنّ قوّتك ناشئة من واقعٍ ومن تراث ومن عقيدة ومن مبادئ، تربّيتم في مجالس منذ الصغر وكبرتم وأعطيتم الأموال والأجساد وتتنافسون من أجل الخدمة.
- نأمل أن داعش أُقبرت، ونأمل من الله تعالى أن لا يتكرّر في العراق ما حدث، وأنّ العراق مقبلٌ على أمنٍ وأمان.
- الخدمة المنبثقة من روح المواكب هذه الخدمة يجب أن تبقى.
- هذا الدعم لابُدّ أن يُستثمر استثماراً جيّداً في خدمة الشرائح الاجتماعيّة.
- أنتم قادرون وأنتم الوحيدون الذين تستطيعون أن تنهضوا بهذه الخدمة، بخبرتكم بإيمانكم ولعدم إرادتكم لما وراء الخدمة، وإنّ هذه الخدمة هي التي حفظت البلاد والمقدّسات والعرض والأرض.
- هذه الخدمة وهذه الروح وهذه الأخلاق والإيثار والمواساة لابُدّ أن تبقى لأنّها أخلاق أهل البيت(عليهم السلام).
- على الإخوة الأعزّاء أن يكونوا مصرّين محافظين على ما اكتسبوا الى أن يقضي الله تعالى أمراً كان مفعولاً.
أعقبت ذلك كلمةٌ للمشرف على فرقة العبّاس(عليه السلام) القتالية الشيخ ميثم الزيدي التي بيّن من خلالها الهدف من إقامة هذا المؤتمر، حيث قال: "تقديراً لجهود مواكب الدعم اللوجستي، انبثقت فكرةٌ من العتبة العبّاسية المقدّسة للمحافظة على مثل هكذا ثلّة طيّبة وطاهرة، كان لها دور أساسيّ في المعركة حقيقةً وواقعاً وليس في إطار المجاملة، نحن كنّا في جبهات القتال ونحن كنّا نرى مواكب الدعم اللوجستي مع الخطوط الأماميّة للمقاتلين، وفي بعض المعارك يخيّر المقاتل بأنواع من الأطعمة والملابس، وأيضاً تجهيز المقاتلين بالسلاح والعتاد والمعدّات الإلكترونيّة والتكتيكيّة وما شابه ذلك".
وأضاف: "كما تعرفون أنّ مثل هكذا معركة كبيرة وشرسة قد أُعدّ لها إعدادٌ كبير ليس بالسهل، وإنّ العدوّ الذي كنّا نقاتله ليس عدوّاً اعتياديّاً وإنّما هو النموذج الأكمل للمقاتل الحديث والإرهاب، وهذا ما توصّلت اليه دوائر الأمن العالميّة والاستخبارات، وكان المراد أنّ هذا العدوّ عندما يتمكّن من العراق، وإن كان العراق هو الهدف الأساسي ولكنّه ليس الهدف النهائي، بل كان المراد منه أن يتوسّع الى دول المنطقة ودول العالم".
وبيّن الزيدي: "الدول التي أنجبت داعش لم تكن قد حسبت حساباً لمرجعيّة النجف وفتوى الدفاع المباركة التي ستقلب كلّ الأمور أوّلاً، وثانياً استجابة العراقيّين وإقدامُ العراقيّين بالقتال، وكذلك بقيّة الأمور التي هي جدّاً مهمّة ألا وهي كما نقول بالمصطلح العسكري (الذيل الإداري)، فبحجم هذه المعركة الكبرى من غير المعقول أن لا يكون هناك دعمٌ لوجستيّ ودعمٌ إداريّ يُمكن أن يديم جهود هذه المعركة، فبجهودكم وبفضلكم وإقدامكم قد توفّر هذا الجهد".
مؤكّداً: "لم تكن أيّ قوّة قد حضت بدعمٍ لوجستيّ مثل قوّاتنا، وهذا كلّه بفضل مواكب الدعم التي كانت توفّر ذيلاً إداريّاً وأن أعتقد أنّه في أقوى الجيوش العالميّة لا يوجد هكذا ذيل، وأن لا أعتقد أنّ جيشاً يقاتل في معركة ويخيّرونه بنوع الطعام الذي يُريد أن يأكل ونوع الشراب الذي يريد أن يشرب ونوع السلاح وحتى الملابس، هذه ليست موجودة في كلّ المعارك".
بعدها افتُتِحت فعاليّاتُ المؤتمر بعقد ورشةٍ تشاوريّة موسّعة حُدّدت فيها جملةٌ من النقاط التي ستتبلور لتكوّن المشروع ونقطة الشروع بهذا المشروع المبارك.