نشأة وكالات الأنباء

يمكن تقسيم العوامل التي ساهمت في نشأة وتطور وكالات الأنباء إلى عوامل تكنولوجية وعوامل اجتماعية اقتصادية وعوامل إعلامية صحفية، نفصلها فيما يلي:

العوامل التكنولوجية:

تشمل العوامل التكنولوجية التقنيات التي أتاحتها الثورة الصناعية في أوروبا في القرن التاسع عشر، ومن المخترعات التي ساعدت على قيام وتطور وازدهار وكالات الأنباء ظهور الخدمات البريدية وانتظامها وبالتالي انتظام توزيع الأخبار واختراع التلغراف الذي أدى إلى تقليص عامل الزمن في نقل الأخبار، واختراع التليفون الذي أدى أيضا إلى تقليل عامل الزمن في تداول الأخبار. ويمكن تحديد العوامل التكنولوجية التي ساعدت على قيام وتطور وازدهار وكالات الأنباء فيما یلي:

• إنشاء نظم البريد وتطورها، وقيام مديرو البريد بتقديم ترجمة ملخصة للصحف الواردة من الخارج للصحف المحلية مقابل اشتراكات سنوية.
• تقدم وسائل النقل البرية والبحرية (البواخر - السكك الحديدية – تمهيد الطرق ورصفها).
• اختراع التلغراف في عام 1835 واستخدامه في نقل الأخبار في عام 1845، ثم زيادة خطوطه بين المدن واتساعها لتربط الدول ثم القارات. وقد مثل التلغراف ثورة في مجال الاتصال، وكان هو أساس قيام وكالات الأنباء الحديثة، أنها اتخذت أسمائها من اسمه فأطلق عليها في البداية الخدمات التلغرافية السلكية Wire، Services ولا زال هذا المصطلح يستخدم في الوقت الحاضر في الإشارة إلى وكالات الأنباء. وقد أنهى التلغراف إلى حد كبير مشكلة بطئ نقل الأخبار من مكان وقوعها أو مكان تجميعها إلى الصحف.. ولكنه لم يحل مشكلة التكاليف الباهظة التي كانت تتحملها كل صحيفة على حده لجمع أخبارها.
•  اختراع التليفون واستخدامه في نقل الأخبار، واختراع الراديو.

العوامل الاجتماعية:

وتشمل العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في نشأة وتطور وكالات الأنباء:

• وجود د قاعدة اقتصادية توفر التمويل اللازم للمشروعات الجديدة ومنها إنشاء وكالات للأنباء، وذلك نتيجة تحول الاقتصاد الأوروبي من النظام الإقطاعي إلى النظام الصناعي القائم على السوق الحر. فقد وفر هذا التحول التمويل اللازم لصناعة الصحافة والصناعات المرتبطة بها ومنها وكالات الأنباء.
• توافر قاعدة علمية مثقفة قادرة على إنتاج المعلومات وتوزيعها واستهلاكها، وذلك بعد إقرار حق التعليم الإلزامي. إذ أن هناك علاقة طردية بين تقدم التعليم وبين ازدهار صناعة الإعلام والصناعات المغذية لها مثل وكالات الأنباء.
• زيادة الكثافة السكانية نتيجة تطور الطب وارتفاع متوسط الأعمار، وزيادة سكان المدن وبالتالي زيادة استهلاك وسائل الإعلام وزيادة حاجة هذه الوسائل إلى الأخبار لتلبى احتياجات مستهلكيها.

العوامل الإعلامية

أما العوامل الإعلامية التي ساهمت في نشأة وتطور وكالات الأنباء فإنها تتصل اتصالا مباشرا بازدهار وتقدم الصحافة المطبوعة، وتشمل:

• انتشار المطابع انتشارا كبيرا في المدن الأوروبية، وقيام أصحابها بإصدار النشرات الإخبارية المطبوعة.
• التطور الكبير في الطباعة بظهور آلة الطباعة الضخمة (روتاتيف) التي مكنت الصحف اليومية من طبع نحو سبعين ألف نسخة في اليوم، واختراع آلة الكتابة السطرية (اللينوتيب).
• رواج النشرات الإخبارية المطبوعة نتيجة شغف الشعوب إلى معرفة أخبار

وتطورات بعض الأحداث المهمة في ذلك الوقت، مثل أخبار الاكتشافات البحرية والحروب التركية والإيطالية التي اشتركت فيها جميع الدول الأوروبية تقريبا.

• ظهور المطابع الميكانيكية التي اختصرت وقت الطباعة من جانب وحسنت نوعية المطبوع وزادت منه زيادة كبيرة.
• ظهور الصحافة رخيصة الثمن Penny Dress ، وتزايد حاجتها إلى الأخبار.
• ظهور مفهوم السبق الصحفي واشتعال المنافسة بين الصحف على سرعة نشر الأخبار الجذب اكبر عدد ممكن من القراء إلى شرائها.
• ازدهار حرية الصحافة بصدور الدساتير والقوانين التي تنص عليها وتضع ضمانات للحفاظ عليها وتعني هذه الحرية تدفق المعلومات بين الدول دون قيود. وفي بداية ظهورها كانت الصحافة مقيدة حتى في أوربا، على أساس أن الحكومات رأت أن حرية الصحافة المطبوعة أشد خطورة من الكتابة المنسوخة، ولذلك أصدرت قوانين للحد من انتشار هذه الصحف، على عكس الصحف المنسوخة لأنها تنشر في حيز ضيق ولا يوجد عليها قيود.
• زيادة عدد قراء الصحف نتيجة نمو الديمقراطية السياسية وتحرير المرأة ومنحها الحق في التعليم وازدياد أهمية الخبر لدي الناس وتنوع مصادره ومجالاته.