النبوّة الخاصة (نبوّة محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم) |
1692
09:48 صباحاً
التاريخ: 22-4-2018
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-12-2018
947
التاريخ: 31-10-2017
924
التاريخ: 3-08-2015
1117
التاريخ: 3-08-2015
981
|
إن النبوة والرسالة احداث الدعوة إلى اللّه تعالى بداع يختاره اللّه من البشر والوصاية إبقاء دعوة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم بداع يختاره اللّه والنبي .
ويقع الكلام فعلا في نبوة نبينا الأكرم محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ولمعرفة ذلك طرق أحدها المعجزة الخارقة للعادة كما قال اللّه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] فإن الخلق إذا عجزوا عن الاتيان بمثله جزموا بأنه من اللّه فيصدق المدعي.
أشرف معجزات نبينا الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلم العلم والحكمة :
أعلم ان أشرف معجزات الأنبياء وأفضلها العلم والحكمة وهما للخواص وخوارق العادات للعوام والبلهة ، وأما أهل التعصب والعناد منهم فلا ينفعهم إلا السيف، وإلى ذلك أشير في القرآن الكريم: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } [الحديد: 25].
فأسرار الكتاب والميزان وهو البرهان العقلي بأقسامه للخواص الذين لهم قريحة نافذة وفطنة قوية، وقد خلا باطنهم عن التقليد والتعصب لمذهب موروث ومسموع فإنهم يؤمنون بالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم بميزان العلم والمعرفة والحكمة ولا يحتاجون إلى خوارق العادات، وأما الذين ليس لهم فطنة لفهم الحقائق أو كان لهم ذلك، ولكن ليست لهم داعية الطلب بل شغلتهم الصناعات والحرف، وليس فيهم أيضا داعية إلى الجدال والتحذق من الخوض في العلم مع قصور فهمهم عنه فإنهم يعالجون بالموعظة وإظهار المعجزات ثم يحالون على ظواهر الكتاب ليس لهم التجاوز عنها إلى أسرار الكتاب والجديد لأهل الجدل والشغب الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب مع أهليتهم له ابتغاء الفتنة فإنه يتلطف بهم أولا ويجادل معهم بالتي هي أحسن بأخذ الاصول المسلمة عندهم وارتساخ الحق فيهما بالميزان بالقسط، فإن لم ينفعهم فالحديد الذي فيه بأس شديد وإلى الثلاثة أيضا أشير في الكتاب بقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
ومن هنا يتبين فلسفة دفاع النبي الأكرم عن حوزة الإسلام، وقد عامل نبينا الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلم الناس بما أمر اللّه به في كتابه الكريم وبما يليق بحالهم فقوم أخذهم بالرفق واللين لصفاء قلوبهم ورقة أفئدتهم فانقادوا عاجلا ودخلوا في شرعه سريعا والطريق الآخر أخذهم بالسيف والحسام والشدة والقتال حتى أدخلهم في دينه قهرا وقادهم إليه قسرا ثم تألفهم بإحسانه واستمالهم بمواعظ لسانه حتى طابت له نفوسهم وانشرحت صدورهم، وذلك معنى قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلم عجبا من قوم يدخلون الجنة في السلاسل أي يدخلون في الإسلام الذي هو سبب دخولهم الجنة.
الحجة والمعجزة :
الحجة هي الداعي إلى الغيب والمعجزة هي علامة من علامات عالم الغيب يظهرها الداعي لتصديق ما يدعو اللّه وهي اقتدار نفس الحجة على إبراز الغيب وإظهار ما يعجز عنه نوع البشر على ما اقتضته المصلحة المختلفة بإختلاف الأعصار والدهور، ومنشأ ذلك الاقتدار كمال النفس وقربها من الباري تعالى واتصالها بروح القدس، فتصير عناصر الأشياء منقادة لها وتطيعها الموجودات برمتها.
الحجة والرسالة والامامة :
الدعوة إلى اللّه والتخلق بأخلاقه وإصلاح الشخص والنوع بما يريد اللّه تعالى هو دين اللّه الذي ارتضاه لخلقه ومحدث هذه الدعوة في الخلق ومظهرها بعد ان لم تكن هو الرسول، ومبقي الدعوة وحافظها بعد ما حدثت وظهرت هو الإمام والوصي والخليفة، فلا فرق بين الرسول والإمام في الحجية إلا من حيث الحدوث والبقاء، وكما أن الرسالة منصب إلهي للّه تبارك وتعالى وليس للعباد فيها صنع واختيار كذلك الإمامة والخلافة لأن الإمام الكامل الواقعي الحافظ للواقعيات التي جاء بها الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلم والمبقي لها، وليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات حتى يطلعوا على الكامل الواقعي ويجعلونه إماما، والرسول يلقي بذر المعنويات والمعارف الربوبية في نفوس البشر، والإمام يربيها ويستعملها كي تنتج تلك البذور ويصل البشر من الجهل والغرور والغفلة والشهوات الحيوانية إلى النور والعلم، فالدعوة إلى الخلافة الكبرى والإمامة نتيجة النبوّة والرسالة لأن الدعوة إليهما دعوة إلى إبقاء الشريعة الإسلامية بما فيها من العلم والمعارف.
فكل نبي ورسول إذا لم يهتم بتعيين الخليفة من بعده فيما جاء به وأظهره من العلوم والمعارف الواقعية الإلهية مع التفاته بأنه ليس في وسع البشر الإحاطة بالواقعيات فهو ناقص النبوة والرسالة في مجمع العقلاء، وقد ضيع ملايين من امته التي في أرحام الامهات وأصلاب الآباء لأن حدوث الدعوة إلى الواقعيات وإظهاره بما هو حدوث وإظهاره من غير نظر إلى بقائها وإبقائها مع الالتفات بكثرة أغراض البشر وشهواته من غير نظر إلى بقائها وإبقائها أمر غير مرغوب فيه في الفكر العميق فكيف بالرسول الأعظم وهو خاتم الأنبياء بنص الآية {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ} [الأحزاب: 40] لا فكر له إلا ما اطلع عليه من علم اللّه تعالى.
من معجزات نبينا الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلم أوصياؤه المعصومون :
لقد أجاد القائل إن من معجزات نبينا أوصياؤه المعصومون عليهم السلام وظهورهم واحدا بعد واحد من ذريته في كل حين إلى يوم الدين، فإن كلا منهم صلوات اللّه عليهم أجمعين حجة قائمة على صدقه وآية بينة على حقيته صلّى اللّه عليه وآله وسلم.
تاريخ ولادة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم :
ولادة محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم في مكة في المكان المعروف بسوق الليل فجر يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول عام الفيل وهو قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة ليهدم الكعبة المكرمة.
تاريخ ولادته صلّى اللّه عليه وآله وسلم بالميلادي في يوم 20 آب عام 570 للميلاد وبينه وبين حادثة الفيل خمسون يوما، وقد كانت ولادته صلّى اللّه عليه وآله وسلم لأربعين سنة من حكم كسرى انوشيروان الملك العادل، وكانت أمه تحدث أنها لم تجد منذ حملت به حتى وضعته ما تجده الحوامل من ثقل وتعب، ولما ولدته أرسلت إلى جده عبد المطلب وكان يطوف في البيت تلك الليلة جاء إليها، فقالت له: يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر وقال: أليس بشرا سويا؟ قالت: نعم، ولكن سقط ساجدا ثم أخذه ودخل به الكعبة، وهو الذي سماه محمدا، وقال: اني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم.
ما وقع عند ولادته صلّى اللّه عليه وآله وسلم من العجائب :
ومن عجيب ما وقع عند ولادته من ارتجاج ايوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وغيض بحيرة طبريا في فلسطين، وخمود نار فارس، وكانت مضت عليها مدة طويلة لم تخمد كما روى ذلك البيهقي وأبو يعقوب والخرائطي في الهواتف وابن عساكر واليعقوبي وعلماء الخاصة والعامة، وفي السابع من ولادته عتق عنه جده عبد المطلب بكبش وبشرت بولادته ثويبة الأسلمية وكانت جارية عند عمه أبي لهب فأعتقها لذلك، وتوفيت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بعد ان أتى عليه السّلام ست سنوات ولها من العمر ثلاثون سنة، وذلك في مكان يقال له الابواء بين مكة والمدينة، وكفّله جده عبد المطلب مدة وبعد وفاة الجد الكفيل ضمه إليه عمه ابو طالب كافلا له فكان خير كافل.
و استمرت هذه المحافظة من الكفيل العم الماجد ابو طالب عليه السّلام بكل ما أوتي من حفاظ حتى اختاره اللّه إليه، ولم يكن ذلك منه لوشيجة وصلة رحم كما زعم عبد الفتاح عبد المقصود الجيلاني في كتابه الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام بل بدافع العقيدة بمبدإ ابن اخيه بدلائل كثيرة ذكرت في مطولات الكتب منها قوله من قصيدة طويلة :
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
واللّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
مرضعاته :
أرضعته ثماني نسوة هي أمه آمنة وثويبة الأسلمية وخولة بنت المنذر وحليمة السعدية وامرأة من بني سعد غير حليمة السعدية وثلاث نسوة من العواتك وأم أيمن وأكثرهن إرضاعا له حليمة السعدية ، وكانت حليمة كلما مرّ بها جماعة من اليهود خذلهم اللّه تعالى وحدثتهم عنه حضوا على قتله، وكلما عرضته على العرافين صاحوا بقتله ، وكانوا يقولون اقتلوا هذا الصبي فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم.
سفره صلّى اللّه عليه وآله وسلم إلى الشام :
ولما بلغ الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم التاسعة من عمره ارتحل إلى الشام مع عمه أبي طالب عليه السّلام في ركب للتجارة سنة 579 للميلاد، ثم ارتحل في الخامسة والعشرين من عمره صلّى اللّه عليه وآله وسلم رحلته الثانية إلى بصرى من أرض الشام، ولقي الراهب ما لقي من العجائب البلد التاريخي المعروف، وكانت هذه الرحلة على حساب خديجة قبل تزويجه منها.
نشأته :
لقد نشأ الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم في أواسط جزيرة العرب في مكة المكرمة مع بني قومه نشأ كأحدهم لم تشمله يد التعليم، ولم يدخل مدرسة لتحصيل الثقافة ولم يخط بيده كتابا، ولم يتعلم جغرافية ولا حسابا، ولم يخالط الامم المجاورة خلطة يكتب منهم فنونا من العلم وفروعا من الحكمة والأدب، ولم يكن يحتفل مع كبار قريش في بلده مكة، بل يقضي اكثر أيامه في البادية مع رجال القبائل وخصوصا بني سعد باعتبار أن مرضعته حليمة السعدية، وكانت له علاقة خاصة بها وبأبنائها اخوته من الرضاعة، وكان أفصح قريش منطقا وأبسطهم فكرا وأسرعهم تصديقا وأوفاهم بالعهود وأحذرهم من القبائح مصيبا في الرأي قويا في العزيمة أمينا عند كل أحد معتمدا للناس شديد البأس عونا للضعفاء دأبه الجود والانصاف وكله الحياء والعفاف. وهذه المزايا ارتضعها الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم من ثدي البداوة لأنها تنشأ عليها رجال البادية، وقد مات ابوه في المدينة - وقبره معلوم وقد زرته مرارا عديدة رزقنا اللّه زيارته أيضا- وهو حمل في بطن أمه وماتت أمه وله من العمر ست سنوات. وكانت قريش تلقبه باليتيم، وقد كفلته مرضعته حليمة السعدية بأمر من عبد المطلب جده سيد قريش وأخرجته إلى بني سعد، وكانت القبيلة المذكورة تتبرك به ويزداد بيت حليمة بركة ورفاهية، ولم يتم له ثلاث سنوات حتى أحس بخروج أولاد حليمة في البادية لرعي المواشي فكان يتبعهم ويواسيهم، ثم رجع إلى مكة بعد أن اكمل خمس سنوات، وكان عبد المطلب يلاحظ جانبه ويقدمه على كبار ولده لما تفرّس فيه من شأن النبوّة ثم نشأ بين ظهراني قريش على أحسن حال من العفة والكرم ورجاحة العقل والشجاعة والحياء والاجتناب عن الذمائم والقبائح والملاهي، ويأبى عبادة الأصنام والتقرب إليها والاستشفاء بها ومناولة النذور والقرابين واعتاد صدق الحديث وأداء الأمانة حتى لقب بالأمين، وكانت قريش يلجئون إليه في حل مشاكلهم الاجتماعية، وقد تشاحوا في نصب الحجر الأسود بعد نبأ البيت حتى كادوا يقتتلون، فتحاكموا إليه فكشف عنهم الابهام وأزال عنهم الخلاف، فعمد إلى عباءته ووضع الحجر وسطها، ثم شرك رجال قريش في حمله فرفع بينهم التحاسد والبغض، وكان يترأس في صباه على صبيان أهل بني هاشم مكة، وكان يأتي كل يوم برطب فيقسمه عليهم.
هل كان الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلم اميا ؟
لقد آن لنا أن نتخلص من الاسطورة الرائجة عن أمّية محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم فقد درج القوم على إسناد تلك الامية المزعومة إلى أساس مغلوط وهو أنه ورد في القرآن الكريم تسميته (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ).
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].
وقد فاتهم أن القرآن أخذ هذه الصفة هنا لا بمعناها اللغوي بل بمعناها الاصطلاحي الذي أشاعه اليهود في مهاجرهم والحجاز فكل من عداهم من الناس اميون أي من الامم الذين لا كتاب لهم منزل، فالعرب كتابيون واميون.
{وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ } [آل عمران: 20].
لذلك فمحمد نبي امي أي من الاميين.
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } [الجمعة: 2].
ويظهر من كثير من الأحاديث الواردة أنه كان اميا نسبة الى أمّ القرى وهي مكة وأنه صلّى اللّه عليه وآله وسلم كان قادرا على القراءة والكتابة كما كان قادرا على ما يعجز عنه مثله، ولكنه لم يكتب لمصلحة ، وكان يأمر غيره بقراءة الكتب وكتابة الوحي.
ففي بصائر الدرجات عن الصولي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السّلام الامام التاسع قلت له يا ابن رسول اللّه لم سمي النبي الامي؟ قال: ما يقول الناس؟ قلت: يقولون إنما سمي الامي لأنه لم يكتب، فقال: كذبوا عليهم لعنة اللّه أنى يكون ذلك واللّه تعالى يقول في محكم كتابه {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2] ، فكيف يعلمهم ما لم يحسن وإنما سمي الامي لأنه كان من مكة ومكة أمّ القرى لقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] .
كلمات أكابر الغربيين والمستشرقين في حق عظمة نبينا محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم وتعاليمه :
لقد أدرك الغربيون والمستشرقون عظمة نبينا محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم وتعاليمه فاعترفوا له صلّى اللّه عليه وآله وسلم بمحاسن العظمة والكرامة وهذه آراؤهم:
1- فرنسوا فولتر الفرنسي.
قال في كتابه المعروف (محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم):
إن في نفس محمد شيئا عجيبا طريفا رائعا يحمل الإنسان على الإعجاب والتقدير ولعمري أن الرجل وقف وحده يدعو إلى اللّه ويتحمل الأذى في سبيل هذه الدعوة سنوات عديدة (23 سنة) وأمامه الجموع المشركة تعمل جهدها لمعاكسته وقتل فكرته، انه صلّى اللّه عليه وآله وسلم إذا يستحق كل تقدير وتمجيد.
2- الدكتور مظهر لوقا.
قال في كتابه (محمد والرسالة والرسول) المطبوع في مصر سنة 1959 م:
يا رسول الخير والصدق والحق فالناس بخير وحكومتهم ما بقي للحق في قلوبهم مكان وللغيرة على العدل في قلوبهم الكلمة والسلطان.
3- القس لوازون الفرنسي.
نقلا عن مجلة المقتطف المجلد الرابع العدد السابع.
قال في إحدى محاضراته:
وآخر جميع الأنبياء كما يعتقد المسلمون هو محمد الذي ولد في مكة لعشر ليال مضت من أبريل سنة 570 للميلاد وكانت عائلته أشرف عائلة في قريش وهي إحدى القبائل الشهيرة في بلاد العرب وصاحب النسب المرتقى الى اسماعيل ابن ابراهيم الخليل وكان جده متوليا سدانة الكعبة وكانت دار حكومتهم ومعبد ديانة العرب الوثنية، وتوفي والده عبد اللّه قبل ولادته وتوفيت أمه وهو ابن ست سنوات، وكان على أعظم ما يكون من كريم الطباع وشريف الأخلاق ومنتهى الحياء وشدة الإحساس وقد كفله عمه أبو طالب وهو ابن ست سنوات، وأثناء كفالته بدأت تظهر من محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم علامات الذكاء ورجاحة العقل، فقد مرّ بصبية يلعبون فدعوه الى اللعب معهم فأجابهم إن الإنسان خلق للأعمال الجليلة والمقاصد الشريفة لا للأعمال السافلة والامور الباطلة، وكان على خلق عظيم وشيم مرضية شفوقا على الأطفال مطبوعا على الإحسان وكان حائزا قوة إدراك عجيبة وذكاء مفرط وعواطف رقيقة شريفة.
4- السير وليم سويد الانكليزي.
قال في كتابه (سيرة محمد) ص 31:
امتاز محمد بوضوح كلامه ومبرّ دينه وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب لم يشهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيا الأخلاق الحسنة ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم.
5- الكاتب الشهير دريترس الالماني.
ولد في برلين 1821- 1888 مستشرق ألماني مدرّس العربية له كتب عربية فلسفية قال في مقولات ارسطاطاليس أن علوم الطبيعة والفلك والفلسفة والرياضيات التي أنعشت اوروبا في القرن العاشر للميلاد مقتبسة من قرآن محمد، بل إن اوروبا مدينة للإسلام الذي جاء به محمد.
6- المستر جيبون الكندي.
قال في كتابه (محمد في الشرق) ص 17:
إن دين محمد خال من الشكوك والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية اللّه تعالى بعد أن نهى محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم عن عبادة الأصنام والكواكب، وبالجملة دين محمد أكبر من أن تدرك عقولنا الحالية أسراره، ومن يتهم محمدا أو دينه فإنما ذلك من سوء التدبير أو بدافع العصبية، وخير ما في الإنسان أن يكون معتدلا في آرائه ومستقيما في تصرفاته.
7- بشارة الخوري اللبناني.
صاحب جريدة البيرق يقول:
ان للرسول وهو في عنفوان شبابه من المعجزات ما يقف دونه الفكر صاغرا ولكن له وهو في حداثته ما تصغر عنه عظمة العظيم ويبطل عنده سحر الساحر انه وقد أخرج امة بأسرها من ظلمات الجاهلية الى أضواء المدنية انه وقد أبدل معايب الجاهلية بمحاسن الاسلام انه وقد أبطل وأد البنات وحرّم الزنى ونقى القلوب من العداوات، والطهر في قلبه والأمل في عينيه والحكمة في شفتيه انه وهو حاكم قريش يوم الفتح ليس بأعظم منه وهو حكمها يوم الرداء وغيّر الجاهلية والوثنية إلى عبادة اللّه أخرجها من خشونة الجهل إلى نعومة العلم إلى آخر كلامه.
8- وقال المستشرق الألماني ماكرمنز:
ان الرجل العربي الذي أدرك خطايا المسيحية واليهودية وقام بمهمة لا تخلو من الخطر بين أقوام مشركين يعبدون الأصنام يدعوها الى التوحيد ويزرع فيها أبدية الروح ليس من حقه أن يعدّ بين صفوف رجال التاريخ العظام فقط بل جدير بنا أن نعترف بنبوته.
9- وقال المستر جون ريفوتبوت :
هل بالإمكان إنكار فضل محمد الذي قام بإصلاحات عظيمة خالدة لبلاده بأن جعل أهلها يعبدون اللّه ويهجرون عبادة الأصنام ذلك الذي منع قتل الموؤدة وحرّم شرب الخمر والميسر.
10- قال المستر بوسورت سميث:
من حسن الحظ الوحيد في التاريخ دون غيره هو أن محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلم أسس في وقت واحد ثلاثة أشياء من عظائم الامور وجليل الأعمال فإنه مؤسس لامة وامبراطورية وديانة.
11- وقال القس لوازون الفرنسي:
محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم بلا التباس ولا نكران من النبيين والصدّيقين وهو رسول اللّه ، بل انه نبي عظيم جليل القدر والشأن، أمكنه بإرادة اللّه تكوين الملة الاسلامية وإخراجها من العدم إلى الوجود بما صار أهلها يربو على الثلاثمائة مليون مسلم في أقطار العالم.
12- المسيو سيرللو السويسري.
قال في كتابه (تاريخ العرب) ص 58:
و لقد بلغ محمد من العمر خمسا وعشرين سنة استحق بحسن سيرته واستقامته مع الناس أن يلقب بالأمين ثم استمر على هذه الصفات الحميدة حتى نادى بالرسالة ودعا قومه إليها فعارضوه أشد معارضة، ولكن سرعان ما لبّوا دعوته وناصروه، وما زال في قومه يعطف على الصغير ويحنو على الكبير ويفيض عليهم من عمله وأخلاقه.
13- ويقول سيزتن الاسوجي.
في تاريخ حياة محمد اذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية مصرا على مبدئه وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف الى النصر المبين فأصبحت شريعته أكمل الشرائع وهو فوق عظماء التاريخ.
14- السير بولير الانكليزي.
قال في كتابه (تاريخ محمد) ص 20:
إن محمدا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد ذلك التاريخ الذي ترك محمدا في طليعة الرسل ومفكري العالم.
15- ويغان سكيم الفرنسي ولد في بروكسل عام 1867 م، له مذكرات قيمة في حفلة ميلاد الرسول الأعظم.
في 1925 ألقى خطابا في بيروت:
مهما احتفل المسلمون بعيد ميلاد محمد عليه السّلام فهو قليل لأنه جاءهم بدين هو فوق الأديان وهو في نفسه كبير وفي أخلاقه عظيم وفي شريعته سيد الأنبياء فعلى المنصفين أن يحتفلوا بذكرى عظماء التاريخ وفي طليعتهم محمد الرسول والقائد الأعلى لتحقيق شريعة اللّه على الأرض وتركيزها في صدور الناس.
16- المسيو سفيتردى ساس الفرنسي.
له مؤلفات في الشئون الشرقية ولد في بلدة سيلوم 1750 م قال:
لست أرى بدا من القرآن بأن الإسلام جامع مانع وفيه التعاليم الحيوية كيف لا وبانيه محمد بن عبد اللّه عليه السّلام المفكر العظيم والفيلسوف الكبير ودينه صالح لأن يبقى ولا يتغير، ومن المعلوم أن محمدا كان معروفا منذ الصغر بالصدق والأمانة والوفاء والتواضع، وقد عرف عنه أنه بليغ في منطقه سديد في رأيه نشيط في دعوته.
17- الدكتور ايليوس جرمانوس المجري ولد عام 1886 م استاذ بجامعة بودابست مستشرق هنغاري قال:
إن تعاليم القرآن هي أوامر اللّه وهي مرشد أبدي للبشر، إن القرآن كتاب ملؤه الصراحة والوضوح لمن صدقت رغبته في تفهمه وأن محمدا لأعظم مصلح ثوري عرفه التاريخ مؤيد بوحي من عند اللّه ونحن مأمورون أن نفهم تعاليمه ونطبقها على شئون حياتنا الدنيوية مع الإيمان بأن ما اوحي به إليه إنما هو أساس لا يهتز ولا يتعثر لكونه إلهيا.
ولقد أخطأ المسيحيون إذ لم يفهموا الإسلام على حقيقته وبالتالي يتشبعوا بروحه. إن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو إدراكه أن الكون تحكمه قوانين روحية وتسيره قوى غير محسوسة.
18- الصوامع تبشر بمقدم آخر الأنبياء.
يعني الرسول الأعظم محمد بن عبد اللّه عليه السّلام.
قال بطرس البستاني في دائرة المعارف عام 1883 م:
خرج رسول اللّه في تجارة خديجة إلى الشام فوصل إلى صومعة بحيرا فتفرس فيه (نسطور سرجياس) الراهب وهو في صومعته والنبي مع غلامه مسيرة وأظلته غمامة فقال هذا نبي وهذا آخر الأنبياء، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم كان في صحبة عمه أبي طالب في طريقهما الى الشام وهو في التاسعة من عمره إذ رآه بحيرا (جرجيس الراهب) وهو في صومعته تظله غمامة حيث ما جلس فعرفه بصفته ودلائله وما كان يجده في الكتب السماوية فنزل من صومعته حتى نظر إلى خاتم النبوة بين كتفي رسول اللّه ووضع يده على موضعه وآمن به وأعلم عمه أبا طالب بقصته وما يكون من أمره وأنه الموعود في لسان التوراة ثم حذّره عليه من أهل الكتاب اليهود خذلهم اللّه تعالى.
كما يظهر من التتبع لأحوالهم وملاحظة آثارهم والاطلاع على فضائلهم ومناقبهم والآيات الصادرة منهم والكرامات الظاهرة على أيديهم سبب متابعتهم إياه واقتدائهم بهدايته وهداه لأن بهم تقض حوائج العباد وببركتهم يدفع اللّه أنواع البلاء عن البلاد وبدعائهم تنزل الرحمة وبوجودهم تصرف النقمة إلى غير ذلك من بركات خيراتهم.
فكما أن القرآن معجزة نبينا باقية إلى يوم الدين يظهر منه صدقه وحقيته شيئا فشيئا ويوما فيوما لمن تأمله من اولي النهى فكذلك كل من عترته المعصومين له معجزة باقية النوع إلى يوم الدين دالة على حقيقته لمن عرفهم بالولاية والحجية من الشيعة اولي الألباب ولهذا قال الرسول الأكرم عليه السّلام: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
[من الادلة] ... على نبوة خاتم الأنبياء :
أنه ادعى النبوة وأظهر المعجز الخارق للعادة المطابق للدعوى وكل من كان كذلك فهو نبي لما تقدم أما المقدمة الاولى وهو أنه ادعى النبوة فمما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه إذ لا يشك أحد ولا يخالف في أن رجلا اسمه محمد بن عبد اللّه ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عليه السّلام المعروف ظهر بمكة المتولد في عام الفيل 25 اغسطس سنة 570 ميلادية لأربعين سنة خلت من حكم كسرى انوشروان العادل خسرو بن قباذ بن فيروز وادعى النبوة، وأما المقدمة الثانية وهي أنه أظهر المعجز الخارق للعادة لذلك فهو متواتر لا يشك فيه من سلك سبيل الإنصاف وتجنب طريق التعسف والاعتساف حتى أنه ضبط له عليه السّلام ألف معجزة أو أربعة آلاف وأربعمائة معجزة سماوية وأرضية على قول ابن شهرآشوب في مناقبه، بل كله من القرن إلى القدم معجزة.
ولقد كانت أقواله وأحواله كلها معجزات باهرات وآيات واضحات تدل على صدقه وحقيقة نبوته ورسالته وكفى بكتاب اللّه معجزا عظيما كما يشير بيانه بل معجزاته عليه السّلام أقوى من معجزات الأنبياء السابقين ظهورا وأقرب صدورا وأوفر عددا وأصح سندا بل معلوم بالتواتر الذي يفيد العلم بالضرورة.
فمنها انشقاق القمر فقد روى الشيخ الطوسي (ره) في تفسير التبيان عن ابن عباس أنه اجتمع المشركون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم فقالوا إن كنت صادقا فشق لنا القمر فلقتين، فقال لهم: إن فعلت تؤمنون، قالوا: نعم. وكانت ليلة بدر فسأل ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فلقتين ورسول اللّه ينادي يا فلان يا فلان اشهدوا.
وقال ابن مسعود: انشق القمر على عهد رسول اللّه شقتين فقال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم: اشهدوا اشهدوا.
وروي أيضا عن ابن مسعود أنه قال: والذي نفسي بيده لقد رأيت الحراء بين فلقي القمر.
وعن جبير بن مطعم قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم حتى صار فرقتين على هذا الجبل.
وحديث انشقاق القمر مروي عن جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد اللّه ابن مسعود وانس بن مالك وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وعليه جماعة المفسرين فلا يسمع ما نقل عن بعض العامة من عدم انشقاق القمر في الماضي بل في المستقبل يعني في القيامة.
إن قلت: انشقاق القمر لو كان لم يخف على أهل الأقطار ولدونوا ذلك في دفاترهم، والحال أنهم لم يكتبوا ذلك في تواريخهم، فيحمل قوله تعالى في سورة القمر وانشق القمر على أنه يقع ذلك فيما بعد.
قلت : أولا : وقع الانشقاق ولكن الخفاء وعدم تدوين بعض أهل الأقطار يكون بلحاظ أن كروية الأرض مانعة لرؤية بعض أهل الأقطار.
وثانيا: يجوز أن يحجبه اللّه عنهم بغيم.
وثالثا: أنه كان ليلا فيجوز أن يكون الناس نياما فلم يعلموا به لأنه لم يستمر الزمان الطويل بل رجع فالتأم في الحال، فالمعجزة تمت بذلك، وحمل الآية على الاستقبال مجاز لأن انشق يفيد الماضي كما في مجمع البيان.
ومنها نبوع الماء من بين أصابعه حتى اكتفى الخلق الكثير من الماء القليل بعد رجوعه من غزوة تبوك.
ومنها إشباع الخلق الكثير من الطعام القليل.
ومنها تسبيح الحصى في كفه.
ومنها كلام الذراع المسموم.
ومنها حنين الجذع حيث كان يخطب عند الجذع فاتخذ له منبرا فانتقل إليه فحنّ الجذع إليه حنين الناقة إلى ولدها فالتزمه فسكن.
ومنها كلام الحيوانات الصامتة كما شهد له بالرسالة، فإن رهبان ابن أوس كان يرعى غنما له، فجاء ذئب فأخذ شاة فسعى نحوه، فقال له الذئب العجب من أخذي شاة هذا محمد يدعو إلى الحق فلا تجيبونه، فجاء إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم وأسلم، وكان يدعى مكلّم الذئب.
ومنها استجابة دعائه «صلى الله عليه واله» كما دعا لعلي عليه السّلام بأن يصرف اللّه تعالى عنه الحر والبرد، فكان لباسه في الصيف والشتاء واحدا، وكما دعا الشجرة فأجابته وجاءته تخد الأرض من غير جاذب ولا دافع ثم رجعت إلى مكانها.
ومنها الأخبار بالمغيبات في مواضع كثيرة كما أخبر بقتل الحسين صلّى اللّه عليه وآله وسلم أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء وموضع القتل به فقتل في ذلك الموضع.
تواترت الأحاديث من طرق السنة والشيعة، أن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم أخبر عن أشياء تحدث بعده فحدثت بكاملها على ما قال.
منها أخباره عن عائشة وكلاب الحوأب.
ومنها أن الفئة الباغية تقتل عمارا برئاسة معاوية.
ومنها أخباره بقتل الحسين عليه السّلام وحجر بن عدي.
ومنها أخباره أن ابن عباس يفقد بصره في كبره، وكذلك زيد بن ارقم.
ومنها قوله سيكون في هذه الامة الوليد بن يزيد، وهو شر لا خير من فرعون لقومه، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلم إذا بلغ بنو ابي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين اللّه دغلا وعباد اللّه خولا ومال اللّه دولا.
ومنها أخباره بأن الأرض اكلت ما كان في الصحيفة التي كتبتها قريش ضد بني هاشم وعلقتها بالكعبة.
ومنها أن العرب ينتصرون على الفرس.
ومنها قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلم لعلي عليه السّلام متخضب هذه من هذه وأنه يدفن بضعة منه بطوس وهو مولانا الرضا ثامن الائمة عليه السّلام.
ومنها أخباره بأن الأئمة بعده اثنى عشر وتسميتهم بأسمائهم، وبأن أمير المؤمنين عليه السّلام يقاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأخباره بجميع الفتن التي وقعت بعده، وأن أبا ذر (ره) يموت وحيدا غريبا، وبأن آخر رزق عمار من الدنيا صاع من لبن من الخصوصيات كإخباره صلّى اللّه عليه وآله وسلم بملك بني أمية وملك بني العباس وكيفية شهادة كل واحد من أولاده الطاهرين وبقاء ملك النصارى.
وأخباره بشهادة جعفر الطيار وزيد وعبد اللّه بن رواحة حين استشهدوا في غزوة مؤتة وبقتل حبيب بن عدي في مكة، وبالمال الذي أخفاه عمه العباس في مكة.
ومن جملة معاجزه صلّى اللّه عليه وآله وسلم اطاعة الشمس له في التوقف عن الغروب مرة، وفي الطلوع بعد الغروب اخرى، واطاعة الشجرة له بالإتيان حتى انقلعت من مكانها وخدّت الأرض جارة عروقها مغبرة فوقفت بين يديه وسلمت عليه، ثم رجعت بأمره إلى مكانها كما هو مذكور في نهج البلاغة، وتسليم الأحجار عليه وتظليل الغمامة على رأسه دون القوم في طريق الشام، وتظليل الملكين عليه حين رأته خديجة ونساؤها وعبدها مسيرة، وتسبيح الحصى في كفه المبارك وظهور البركات والآيات في بني سعد بإرضاع حليمة السعدية إياه، ونبات الشعر من رءوس الأقرعين من الصبيان بإمرار يده الشريفة عليها وانفجار البئر التي شكا أهلها ملوحتها بالماء الزلال، وكانت غائرة، واعطائه رجلا عرجونا في ليلة مظلمة فأضاء له واعطاء آخر قطعة من جريد النخل خضراء حين اشتكى انقطاع سيفه فصارت سيفا في يده، وإلقاء بصاقه على كف ابن عفر المقطوعة فلصقت من ساعته ودعاؤه آية للدوسي ليدعو قومه إلى الإسلام، فوقع بين عينيه مثل المصباح، ثم حول ذلك إلى رأس سوطه لما خاف أن يظنوا به المثلة وعصمة اللّه ممن كان يؤذيه من المستهزئين وردّ كيدهم عليهم وحيلولة جبرائيل بينه وبين أبي جهل لعنه اللّه في صورة فحل أو أسد قدر الفحل من الإبل حين أراد إلقاء الصخرة عليه في سجوده.
من معجزاته صلّى اللّه عليه وآله وسلم القرآن الكريم :
عقيدة الشيعة الامامية الاثنى عشرية في القرآن الكريم :
اتفق الإمامية الاثنى عشرية بكلمة واحدة على أنه لا زيادة في القرآن وجزموا بكلمة قاطعة أن بين الدفتين هو القرآن المنزل دون زيادة ونقصان واليوم أصبح هذا القول ضرورة من ضرورات الدين، بل عقيدة لجميع المسلمين إذ لا قائل بالنقيصة لا من السنة ولا من الشيعة، وذكر سيدنا واستاذنا في العلوم العقلية، آية اللّه السيد ابو القاسم الخوئي النجفي في تفسيره واصوله، وأما دعوى التحريف فإنا نمنع وقوعه أولا، ولم يقل به إلا بعض العامة وتبعه نفر من الخاصة الذين لا تحصيل له ، فإن القرآن بلغ من الأهمية عند المسلمين في زمان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم حتى حفظه الصدور مضافا إلى الكتابة، ولم يكن أمر خفيا عن الناس ليمكن تحريفه حتى عن الصدور الحافظة له كلا أو بعضا، أم ما نقل من الأخبار الشاذة على تحريف القرآن، فالمراد منها على فرض صحتها التحريف من حيث التقديم والتأخير أو التأويل والتدليل على عدم وقوع التحريف ولو حرفا واحدا، قوله تعالى في سورة الحجرات {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. وقوله تعالى في سورة فصّلت : {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42].
ونعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من اللّه تعالى على لسان نبيه الأكرم محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلّى اللّه عليه وآله وسلم فيه تبيان كل شيء وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم من دون زيادة ونقصان ومن ادعى فيه غير ذلك، فهو منحرف أو مغالط او مشتبه وكلهم على غير هدى، فإنه كلام اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومن دلائل إعجازه أنه كلما تقدم الزمن وتقدمت العلوم والفنون، فهو باق على طراوته وعلى سمو مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية على العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة مهما بلغوا في منزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية، فإنه يبدو بعض منها على الأقل تافها او نائيا او مغلوطا كلما تقدمت الأبحاث العلمية وتقدمت العلوم النظرية المستحدثة حتى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطو الذين اعترف لهم جميع من جاء بعدهم بالأبوة العلمية والتفوّق الفكري.
وإليه يشير قول الصادق عليه السّلام فيما قال له الراوي ما بال القرآن لا يزال على النشر والدرس إلا (غضا أي جديدا). فقال الصادق عليه السّلام: لأن اللّه تعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.
فقد قال ابن عباس الذي هو من تلامذة علي بن ابي طالب عليه السّلام: (إن في القرآن معان يكشفها الزمن).
وكلما مرّت الأزمان والدهور يعلم عظمة القرآن، وفي الأرض لا يوجد كلام اللّه الذي لا يكون محرفا غير القرآن الكريم وبقية الكتب السماوية محرفة.
من دلائل اعجاز القرآن الآيات الكونية :
لم يدوّن اللّه تعالى الآيات الكونية وغيرها التي تربو على (750) آية من القرآن الكريم لتعليمنا علم طبقات الأرض او الفلك او غيرها من العلوم ذلك لأن ما اودع اللّه تعالى من قوانين وخواص في حقل طبقات الأرض او في حقل علم الفلك وغيرها من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها او عدّها {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } [الكهف: 109].
من أي شيء خلق الانسان :
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: 14].
الصلصال هو الطين اليابس والطين هو التراب الممزوج مع الماء.
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20].
وهذه صريحة بأن خلقنا من التراب لا ريب فيها، هذه بداية الإنسان، ثم يمر في مراحل حتى يكون نطفة { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2] الأمشاج أي المختلط فهذه النطفة تتولد من الدم الذي يتكوّن من المادة اللبنية الناتجة من الكيلوس ، ومادة الكيلوس عبارة نواتج هضم الغذاء الذي أصله من الحيوان والنبات والماء، فأما الحيوانات فمعتمدة على الحيوانات الاخرى، والنباتات والحيوانات الثانية جميعها معتمدة على النباتات، والنباتات معتمدة على الماء والتربة، والمواد الموجودة في الماء نفسها موجودة في التربة، فالأصل يرجع إلى التربة.
العلم الحديث :
أما الأشياء العلمية التي اكتشفت حديثا بواسطة علم التشريح واختراع الآلات الدقيقة المساعدة للفحوص فنتج منها أخيرا أن المواد الموجودة في التربة نفسها موجودة في جسم الإنسان بعد التحيل الدقيق للمادتين، وأنهما يتكونان من الكاربون الهيدروجين- الأوكسجين- الكبريت- الفسفور- النتروجين- الكالسيوم- البوتاسيوم- الصوديوم الخ. أن هذه العناصر نفسها موجودة في التراب وجسم الإنسان، ولكن توجد نسبة بينهما كما توجد نسبة بين إنسان وآخر.
وهذه إحدى العلوم الساطعة من الآيات : {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النور: 46] .
أين محل النطفة من جسم الانسان :
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172].
إن هذه الآية الكريمة هي إحدى الآيات التي فيها العلوم الساطعة يقول تعالى على ما جاء في التفسير إن اللّه عند ما خلق آدم أخرج ذريته من اصلاب آبائهم إلى أرحام امهاتهم، فعرّفهم بما خلق من آيات ربهم من القدرة فأشهدهم، ألست أنا الذي خلقتكم؟ قالوا: بلى أنت الرب ونشهد بتوحيدك بعد أن جعل في عقولهم أدلة على وحدانيته. وبعد معرفتنا علم الأجنة يظهر لنا سر قوله تعالى من ظهورهم، تقول المصادر الموثوقة بأن الجنين عند تكوينه في الرحم تنبت الخصيتان في ظهره عند أسفل الكليتين تماما وتبقيان كذلك في ظهره حتى أشهره الأخيرة في بطن أمه، ثم تنحدران إلى الأسفل، وعند الولادة تكونان في المركز المعتاد، وفي بعض الأحوال يتأخر انحدارهما فيولد الجنين وخصيتاه في ظهره فيسمى عندئذ بذي الخصية غير النازلة.
وكذلك مركز المبيض في الانثى فإنه في الظهر تماما تحت الكلية ذكرا كان أم انثى، ومعلوم أن الخصيتين والمبيض هما مستقر النطفة التي هي مبدأ خلقة الإنسان وهما في الظهر، وهذا هو ما صرّح به القرآن قبل 1400 سنة تقريبا.
{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].
من أين يخرج الانسان :
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 5 - 7].
الصلب هو عظام فقرات الظهر السفلى، أما الترائب جمع تريبة وهو عظام الصدر السفلى، والآية الكريمة تقول: واللّه العالم أن حويمن الرجل وبويضة المرأة منشأهما ومخرجهما من بين الصلب والترائب. أما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة حسب ما اكتشفه علم التشريح، فتقول إحدى المصادر الموثوقة بعد الشهر الأول وآخر الشهر الثاني من حياة الجنين المتكوّن في الرحم ينشأ جسم (وولف) وقناته على كل جانب من جوانب العمود الفقري، ثم ينشأ من جزء منه الكلى، وبعض المجاري البولية كما تنشأ من الجزء الآخر خصية الذكر ومبيض الانثى وأنهما مجاوران للكلية أي واقعان بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع أي أنهما واقعان بين الصلب والترائب.
وكذلك تقول المصادر أن الخصية والمبيض يعتمدان على شريان يمدهما بالدم أصل هذا الشريان من الشريان اللاورطي في مكان يقابل مستوى الكلية الذي يقع بين الصلب والترائب، فتقول إحدى المصادر أن مني الرجل يتكوّن من صلبه أي ظهره، وأن بويضات المرأة تتكوّن من عظام صدرها أي ترائبها.
ونرى أن جميع المصادر تتفق مع هذا القول، فانظر كيف كانت هذه العلوم الساطعة مخزونة في هذه الآية اللامعة مع العلم أنها نزلت في عصر جاهلي أربعة عشر قرن قبل هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين.
كيف يتكوّن الجنين :
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 12 - 14].
النطفة هي حويمن الرجل وبويضة المرأة، حويمن الرجل عند التناسل يفرز الرجل 26 مليون حويمن وهو حيوان مجهري صغير طوله 55 ميكرو مليمتر ولا يرى بالعين ويتكوّن من ثلاثة أقسام: من رأس مفلطح بيضي الشكل وعنق قصير وذنب طويل ينتهي باستطالته.
البويضة- هي مجيرة صغيرة جدا بيضوية الشكل تحوي على قشرة فيها مادة البروتوبلازم وفي وسطه النواة ، وعند الجماع يدخل الحويمن إلى الرحم ويتحرك بكل سرعة يمنة ويسرة للحصول على البويضة، والبويضة تكون مراكدة في البوق ، (للبوق قناة على طرفي الرحم من الداخل مكسوة بغشاء مخلطي ولها ذبذبات حريرية تنتهي بشرفات كثيرة تجلس عليها البويضة المنحدرة من المبيض ثم تنزل إلى الرحم)، وبعد التلقيح تنزل البويضة من البوق إلى الرحم، وعن أحد المصادر يقول: وفي الرحم تنقسم البويضة إلى قسمين ثم أربع فثمان فست عشر، وهكذا تكون شكلا مستطيلا مشابها لعلقة الناموس التي تعرف بالبوقات، ويستمر الجنين علقة بشكله المستطيل مدة تقرب من أربعين يوما، وبعد ذلك تسدد هذه النقطة التي زادت بانقسامها وتتكوّر بغير انتظام وتشابه، عند ذلك قطع اللحم الممضوغة في تكويرها وليوفتها، وتسمى بالمضغة ولا يزيد طولها عن ربع انج، والآن أصبح خمسين مرة بقدر البويضة، وتأخذ بعد ذلك المضغة بالانقسام، فالجزء الخارجي من المضغة يكون الجلد والجهاز العصبي، والجزء الأوسط يكون العظام والعضلات والأوعية، والجزء الداخلي يكون الاحشاء.
كيفية الجنين في شهوره التسعة :
ففي الشهر الأول تكون البويضة بقدر حجم بيضة الحمامة تقريبا وتتغذى من الحويصلة السرية، وفي الشهر الثاني تكون البويضة بقدر حجم بيضة الدجاجة ويظهر بعض نقاط عظيمة في الترقوة والفك السفلي، وفي الشهر الثالث تصبح البويضة بقدر حجم البرتقالة، وان أعضاء التناسل تبدأ بالظهور ولا يمكن تميزها ويبدأ ظهور بعض آثار الأظافر وظهور آثار بعض العظام، وفي الشهر الرابع تنضج الأعضاء التناسلية ويبدأ ظهور الوبر على الجلد، وفي الشهر الخامس يظهر الشعر في الرأس، وفي الشهر السادس يبدأ بظهور الاهداب والحاجبين وظهور الصفراء في الامعاء، وتبدأ المواد الشحمية بالظهور تحت الجلد، وفي الشهر السابع يبدأ الوبر بالزوال، وان الجنين يعتبر قابلا للحياة إذا ولد في نهاية هذا الشهر، وفي الشهر الثامن ازدياد المواد الشحمية تحت الجلد وزوال الوبر، وفي الشهر التاسع زوال اللون الأحمر اللامع للجلد، وفي الشهر العاشر وهو نهاية الحمل يصبح طول الجنين 50 سم ووزنه 3175 غرام، والذكر اثقل من الانثى، وأن الوبر قد يزول من جميع الجسم ما عدا الأكتاف {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3].
ما حالة الانسان في الرحم :
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: 12، 13] ، لقد شرحنا الفقرات الاولى من الآية الكريمة.
أما الآن فنريد أن نعرف ما هو القرار المكين، جاء في التفسير إن في الرحم يوجد ماء يحافظ على الجنين، ولكن اكثر من هذا لم يعرفوا مع العلم أنهم كانوا في عصر متأخر من الناحية العلمية، فكيف يتمكن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم أن يفهمهم وأنهم على تلك الحال من قلة العلم، فقد أعطاهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم الرءوس المهمة فقط.
أما القرار المكين فيقول العلم الحديث ما هو نصه، أن المضغة تتكون من قرص مضغي أسفله كهف يسمى الكيس الصفاري الذي ينفصل في الشهر الثاني للمضغة، وأعلاه كهف آخر تنشأ منه قربة ممتلئة بالماء تسمى السلى تحيط بالمضغة إحاطة تامة إلى حيث يتصل بها الحبل السري الغليظ، وهكذا تسبح المضغة في غلاف مائي يمنع عنها الصدمات، وهو يحافظ على توازن الرحم ويشد أزر الجنين ويحميه من الميل والسقوط يطول معه إذا ارتفع عند تقدم الحمل ويقصر إلى طوله الطبقي تدريجيا بعد الولادة، وعند نهاية الحمل تفرز غدد، فمن الغدد ما هو يساعد على انقباضات الرحم وتقلصاته، وغدد تساعد على عملية انزلاق الجنين، وغدد تساعد الجنين على نزوله بصورة طبيعية، فأي مكان آمن من هذا المكان {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18].
كيف موضع الجنين :
{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: 6].
أما خلقا من بعد خلق فقد فسرت في تكوين الجنين ومراحله ، أما في ظلمات ثلاث فقد فسره ابن عباس ومجاهد والسدى وابن زيد فكلهم قالوا الظلمات الثلاث هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة.
أما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة فظهرت في العصور المتأخرة جدا بعد الكشف الدقيق، فتقول التقارير المتأخرة أن الجنين في بطن أمه محاط بثلاث أغشية حسماء لا ينفذ منها الماء ولا الضوء ولا الحرارة، وهذه الأغشية تعرف بالمبناري والامينوين والخزربوين والغشاء الذي لا ينفذ منه الضوء والحرارة والماء يدعى باللغة العربية ظلمة.
كيف يخرج الانسان الى عالم الدنيا :
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] ، هذه الآية تدل على أن اللّه هو الذي يخرجنا من بطون امهاتنا، وليس للإنسان دخل في هذا الموضوع، وقد قررت التقارير الواردة أن العلم لم يتمكن من تعيين يوم الولادة بالضبط حيث أنه يخرج قبل اليوم المعتاد بعدة أيام أو يتأخر عن اليوم المعتاد.
وأن التقرير يقول مدة الحمل تتراوح بين 272- 288 يوما، وفي بعض الحالات وصلت إلى 349 يوما، وكذلك يقرر العلماء أن الولادة لا دخل لأي إنسان فيها، وكم مليون مولود ولد بدون مساعدة أحد سوى اللّه حيث ينقبض الرحم على الجنين ليطرده إلى الخارج، وأما العلوم الساطعة في هذه الآيات اللامعة فتقول إحدى المصادر أن الطفل عند ما يولد يسمع ولا يرى لعدة أيام، ثم يبدأ في تميز الضوء والظلام ولا يرى إلا بعد خمسة عشر يوما، وأما العقل الأفئدة جمع فؤاد وهنا جاء بمعنى العقل حيث له عدة معاني، والحواس الاخرى فلا يستطيع استعمالها إلا بعد مدة طويلة، فالآن ارجع إلى الآية الكريمة، فانظر كيف أنها مرتبة حسب التكوين السمع والبصر والفؤاد، إن اللّه يقول نحن نخبركم بهذه ولم تعلموها من قبل، فهل أنتم شاكرون لنعمتي {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53].
معجزة القرآن :
{ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 3، 4].
إن في عصرنا نرى أن التحريات تأخذ صورة بصمة الابهام من المجرمين الذين أجرموا حتى يعرفوا، ومن عامة الناس المشبوهين لئلا يرتكبوا الجرائم، ان أهمية الابهام لم تكن معروفة إلى العصور المتأخرة، وأخيرا توصل العلم الحديث بأن لم يوجد في العالم رجلان صورتا ابهامهما متشابهتان، وهذا أخيرا عرفه العلم وأجرى عليه هذه الخطة لطبع الأصابع، ولعل قول اللّه بلى قادرين على أن نسوي بنانه، يشير إلى هذا أي أن نسوي صورة الابهام والأصابع التي كان يملكها الشخص في حياته، وهل ترى أين كانت هذه العلوم الساطعة.
ما هو النوم :
{ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [الروم: 23].
إنا نلاحظ المرأة تحتاج إلى النوم اكثر من الرجل، والمشتغلون اكثر من القاعدين، والشاب اكثر من الشيخ، والطلاب اكثر من غيرهم، ما هو السبب في ذلك.
تقول التقارير الواردة أن النوم يتناسب تناسبا طرديا مع العمل الذي يقوم به الشخص، فإذا كان عمله مرهقا يحتاج إلى النوم اكثر من غيره وهكذا.
{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 9 - 11].
ومنشأ النوم أو سببه لم يعرف لحد الآن فتقول المصادر أن منشأه من الخلية الدماغية حيث تكون بحاجة إلى الراحة، وهذه الراحة لا تشبع إلا بالنوم.
وتقول المصادر الاخرى أن الجسم يقوم بأعمال في النهار وفي آخر النهار ينتج فضلات السموم الواردة من نتيجة الأعمال، وأحسن وسيلة لطرد هذه السموم واسترجاع قوى الأجهزة العاملة هو النوم والمصادر الباقية تقول أن العلم لم يعرف هذا لحد الآن، ولذا نرى أي كائن حي يحتاج إلى النوم قدر الأعمال التي يقوم بها، فأثبت العلم أن جميع الحيوانات البرية والبحرية والطائرة تنام، ولكن في بعض الحيوانات يصعب على الإنسان تميزها، فمثلا الحمام ينام، ولكن لماذا لا يقع لأنه واقف على رجليه فقط على غصن بالرغم من أن جناح الحمام يجب أن يسترخي عند النوم كباقي جسمه، فيقول العلم الحديث أن الأوتار التي تحدث البسط والقبض في مخالب الطائر تلتف حول مفصل الساق، فحين ينام يشن ثقله هذا المفصل فتشد الأوتار مخالبه، فيزيد تماسكا بالغصن، أما باقي الحيوانات فتراها تمشي وهي نائمة، وكثير من هذه الحيوانات تحلم كالإنسان وغير ذلك، ومن العجب أن العلم يقرر أن النبات أيضا ينام، واثبت هذا بعد التجارب المتكررة وهناك نباتات تنام بالليل، وهناك نباتات تنام بالنهار وقت الظهر حيث ان في المناطق التي تنمو هذه النباتات أولاد الفلاحين يعرفون وقت الظهر من هذه النباتات أضبط مما يعرفونه من العوارض الاخرى، واختصارا للموضوع أن كل جسم حي محكوم عليه أن ينام إلا اللّه عزّ وجل : {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 255].
ما هو الحيوان :
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38].
تقول الآية اللامعة ان ما من حيوان يمشي على وجه الأرض ولا طائر يطير في السماء إلا امم وشعوب ولها عادات وأنظمة وقوانين وغير ذلك مما عندكم أيها البشر .
ماذا أشرح من العلوم الساطعة في هذه الآية اللامعة لأنها مشتملة على جميع أصناف الحيوانات وغير ذلك من الآيات الكونية يطول ذكرها في المقام.
شهادة الغربيين في القرآن :
قال الاستاذ سناليس : ان القرآن هو القانون العام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو صالح لكل مكان وزمان، فلو تمسك به المسلمون حقا وعملوا بموجب تعاليمه وأحكامه لأصبحوا سادة الامم كما كانوا، أو بالأقل لصار حالهم حال الأقوام المتمدنة.
وقال المستر بورسودت سميث : من حسن الحظ الوحيد في التاريخ أن محمدا أتى بكتاب هو آية في البلاغة ودستور للشرائع وللصلاة والدين في آن واحد.
وقال الاستاذ المستشرق الفرنسي سنيط : ان القرآن العظيم فرض العدل في الدين والتمدن والسياسة بين طبقات المسلمين من غير تميز للأصل ولا للجنسية.
وقال طيلو رئيس الكنيسة الانكليزية : ينير لواء المدنية التي تعلم الإنسان ما لم يعلم، والتي تقول بالاحتشام في الملبس ويأمر بالنظافة والاستقامة وعزة النفس القرآن.
وقال واشنطن: القرآن فيه قوانين زكية سنية.
وقال جبون : القرآن مسلم به من حدود الاتلانتيكي إلى نهر الكابح بأنه الدستور الأساسي ليس لأصول الدين فقط بل للأحكام الجنائية والمدنية والشرائع التي عليها مدار نظام حياة النوع الإنساني وتدبير شئونه.
وقال الدكتور غوستاف لوبون : ان التعاليم الأخلاقية التي جاء بها القرآن هي صفوة الآداب العالية وخلاصة المبادي الخلقية الكريمة، فقد حض على الصدقة والإحسان والكرم والعفة والاعتدال، ودعا إلى الاستمساك بالميثاق والوعد والوفاء بالذمة والعهد، وأمر بحب الجار وصلة الرحم وإيتاء ذي القربى ورعي الأرامل والقيام على اليتامى ووصى في عدة مواضع من الآيات أن تقابل السيئة بالحسنة تلك هي الآداب السامية التي دعا إليها القرآن وهي أسمى بكثير من آداب الإنجيل.
وقال ربنورت : يجب أن نعترف بأن العلوم الطبيعية والفلك والفلسفة والرياضيات التي انعشت اوربا في القرن العاشر مقتبسة من القرآن بل ان اوربا مدينة للإسلام.
وقال السر وليم مولر : القرآن كتاب طافح الحجج كثير البراهين المنزلة من جانب القدرة الإلهية لإقامة الدليل والبرهان على وجود اللّه، وعلى أنه هو الحاكم القوي والسلطان الأكبر ولأعلامنا أحكامه الجليلة على الإنسان، وبيان المكافأة على العمل الصالح والقصاص على الخبيث في العالم الآتي، ووجوب إتباع الفضيلة واجتناب الرذيلة وطاعة الخلق وسعادتهم في عبادة الخالق والسجود له، وهكذا من أمثال هذه النبذ الموضحة بعبارات الرقة والانسجام والفائضة بالبلاغة الحقة وكذلك أيضا النصوص المعقولة عن ذكر يوم القيامة، فإنها مذكورة بكثير من العبارات المؤثرة على النفس.
وقال جونسون: ان القرآن لصوت بني سام (نسبة إلى سام بن نوح) نافذ إلى صميم الفؤاد يحمل معنى عاليا أبديا ستحمله جميع الأصوات في جميع الأمصار شاءت أم أبت، وسيسمع صداه فوق القصور العالية والصحاري المقفرة والمدن والممالك والإمبراطوريات أضاء أولا نوره في القلوب المختارة لفتح العالم، ثم جمع نفسه في قوة مجددة كل نور في آسيا واليونان، فاخترق ظلمة اوربا النصرانية حين لم تكن النصرانية إلا مالكة الليل (آلهة قديمة للنور عند الايطاليين).
وقال سن فيبل المثبر : ان القرآن هو القانون المدني والقانون الديني للمسلمين ومتى تنصل أحدهم أضاع مكاسبه واعتبر كجاحد مارق.
وقال غوته الالماني : مهما اكثرنا من النظر في القرآن تشمئز منه أنفسنا لأول وهلة، لكنه لا يلبث أن يستميلنا ويدهشنا، وفي النهاية يخبرنا على تعظيم اسلوبه في مطابقته لمعانيه وأغراضه، قوي عظيم رائع شيئا فشيئا يجذبك إلى أن تتحقق علوه، وهكذا يشمئز هذا الكتاب أعظم التأثير في جميع الأمصار.
وقال ديتو نيورت : يجب أن نعترف أن علوم الطبيعة والفلك والفلسفة مقتبسة من القرآن.
و قال الاستاذ شرومف بيبرون : من المؤكد أن المسلم إذا حافظ على الشريعة القرآنية فيما يتعلق بالمشروبات الروحية يفوق في القوة البدنية.
وقال اوجين يونغ في كتابه: ان محدودية الآيات القرآنية ورقتها كان الأثر الأكبر في نشر الدعوة الإسلامية التي دعت بوضوح إلى مبادي معينة كإصلاح المساوئ القديمة مثل قتل الأطفال ووأد البنات وتحسين مركز النساء والرقيق وتعظيم فكرة اللّه وتقريبها إلى الفهم، ومحق الوثنية والعقائد الخرافية والتعاون بين القبائل ونشر الإخاء والتعاون في سبيل المبدأ الواحد.
وقالت مجلة العلم الامريكية: إن أسباب انتشار العلوم الذي صحب الإسلام عند ظهوره توجد في القرآن نفسه، ولا نجاة لبلاد الإسلام إلا بتعليم الأهالي كما هو مأمور بذلك في القرآن.
وقال الفيلسوف سيمر: من تأمل ما ورد في القرآن رأى أن محور الإسلام الوحدانية وقطبية المؤاخاة وتحسين شئون العالم بالتدرج بواسطة العلم، فهذه حقيقة أسباب نصرة الإسلام.
قال لوماكس الاميركاني : أول قبس يشع نوره من القرآن الكريم بسم اللّه الرحمن الرحيم، ففي كلمة الرحمن يشعر المؤمن ان اللّه تعالى هو الإله الواحد الذي سبغ على عباده النعم في الحياة الدنيا والحياة الاخرى إلى أن قال فمن هنا نرى حقيقة لا يدانيها الشك ان هذا هو النور الأعظم وهو نور الإله، إنما هو الشفقة والرحمة.
وقال الأب لامنس : في فاتحة أحد مؤلفاته ان القرآن لم يدخل العرب في الإسلام فحسب بل ادخل ثلاثمائة من مختلف الشعوب، وان ضلاله ينبسط يوما فيوما على افريقية وآسية، بينما المبشرون ينظرون ولا يستطيعون شيئا.
وقال الاستاذ مونته وهو استاذ اللغات الشرقية بجامعة جنيف في كتابه محمد والقرآن : ولقد منع القرآن الذبائح البشرية ووأد البنات والخمر والميسر، وكان لهذه الإصلاحات تأثير غير متناه في الخلق بحيث ينبغي أن يعد محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم في صف أعاظم المحسنين للبشرية ، وقال ان الانقياد لإرادة اللّه تتجلى في القرآن بقوة لا تعرفها النصرانية.
وقال الدكتور ماركس وهو دكتور في الفلسفة في لندن : ففي كتاب اللّه أي القرآن آيات جمة تحض على طلب العلم والتعمّق في البحث والدرس، ولا يسعني إلا أن ألفت نظرك إلى نقطة مهمة، ألا وهي ان القرآن الحكيم قد صحح كثيرا من الأغلاط التي كان البشر يتخبط فيها إلى أن جاءنا محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم يعلمنا الحقيقة على ضوء العقل من العصور الاولى للإسلام.
وقال رينه : ان الأب اليسوعي لا منسر صاح متأوها من كون القرآن، جاء وصرف العرب عن حلاوة الإنجيل التي كانوا بدوا يذوقونها، ولم يقدر أن يغفر للقرآن ذنب إدخاله في الإسلام ثلاثمائة مليون أو 800 مليون نسمة من جميع أجناس البشر واستتبابه إلى يوم الناس هذا ينمو وينتشر في إفريقيا وآسيا بمرأى ومسمع من المبشرين المسيحيين.
وقال لابيني راوجست كونت وسبنسروهم من فطاحل الالمان وفرنسا والانكليز وغيرهم: القرآن المجيد كثيرا ما يحتاج إلى العلوم البشرية لأن المعارف الدنيوية والتجارب المفيدة والمباحث الدقيقة توضح آياته كما توضحها الاجتهادات العقلية والفيوضات الروحية، ان كثيرا من الآيات القرآنية المبهمة لا تلبث أن يظهر معناها عند ما تظهر حقائق جديدة كانت خفية على الإنسان، سمعت مرة إنجليزيا من المهتدين إلى الإسلام يقول: هل يتأتى لجميع فلاسفة العالم أن يثبتوا غلطة في القرآن واحدة ولو ارتكنوا على كل ما في أيديهم من العلوم العصرية، فلا يتأتى لهم ذلك ولو وجدوا فيه خطأ صغيرا، ما كانوا إلا مظهريه، ولكن أنى لهم ذلك والعلوم كل يوم في تبديل وتغير، وكل لحظة تظهر بها معان باهرة للآيات ما كنا لنفهم معناها إلا بعد تقدم العلوم، فلنضرب لكم مثلا كان الفلكيون يدعون أولا ان الأرض ثابتة والشمس متحركة، ثم قالوا بل الأرض متحركة والشمس ثابتة، ثم جاءوا اليوم يقولون علمنا الآن ان كلا في فلك يسبحون، وان الشمس حقيقة تجري لمستقر لها، فمن ذلك نتأكد ان العلوم تتغير وتترقى والقرآن ثابت لا يتغير بالحوادث، فإن وجد في الكتاب الحكيم شيء لا نفهمه وجب علينا أن ننظر رقي العلوم، ولا نشك لحظة في صحة القرآن.
وفي دائرة معارف فريد وجدي الجزء الخامس كتب المسيو شانلبيه وهو مدرّس العلوم الاجتماعية في كلية فرنسا: مباحث في حالة المسلمين، منها ان اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن أهم رابطة وأوثق عروة بين أعضاء الاسرة الإسلامية الكبرى لأنه إذا كان لا يتكلم بهذا اللسان في المعاملات اليومية الجارية إلى أن قال فمما لا مشاحة فيه ان النطق به جار على السنة المسلمين كافة فيما يرتلونه من الآيات القرآنية بين بلاد الصين وإفريقية الجنوبية من جهة وبين جزائر الفلبين ومراكش من جهة أخرى فضلا عن ان الكتابة بها عامة بين سائر المسلمين الذين يقرءون القرآن.
قال المسيو جول لابوم الفرنسي: القرآن اكثر من الوعظ والزجر والترغيب والترهيب، فلم يوجّه الكلام في واحدة للكبراء والقادة، لكنه وجهه للناس كافة.
وقال الكاتب الانكليزي وليز: من نظر إلى القرآن وجد فيه آراء علمية قانونية واجتماعية، فالقرآن كتاب علمي وديني واجتماعي وتهذيبي واخلاقي وتاريخي وكثير من النظامات التي جاء بها القرآن يعمل بها في هذا العصر وستبقى إلى قيام الساعة.
وقال فس ج م رودويل في مقدمة القرآن : يجب أن تعترف اوربا بأنها مدينة للقرآن الذي بزغت شمس العلم منه في القرون الوسطى في اوربا.
وقال الفيلسوف دينورت : أن العلوم الطبيعية والفلسفية والرياضية والنجوم كلها أخذت من القرآن، وهذه العلوم قد دخلت اوربا من القرآن بعد الميلاد.
وقال ماردريس المستشرق الفرنسي في مقدمة ترجمة القرآن : ان اسلوب القرآن هو اسلوب إلهي وهو يصل إلى كنه الحقائق والكائنات وهو الدستور الوحيد المبشر.
وقال جرجي زيدان المسيحي المؤرخ الشهير في تاريخه العرب قبل الإسلام ما يأتي: ان اقدم المصادر العربية لتاريخ العرب واقربها إلى الصحة القرآن، فقد جاء فيه ذكر بعض القبائل البائدة كعاد وثمود وبعض أخبار ملوك اليمن كسيل العرم وغيره، وفرعون احتفظ جسده في الاهرام في القاهرة، وإذا قرأت تلك الأخبار فيه تجد ما ذكره القرآن صحيحا تؤيده الاكتشافات الحديثة.
وقال المستر بيكتول : لقد سرني ما علمته من رغبة شباب المدنية وانصرافهم إلى تلقي العلوم والمعارف وليست هذه الرغبة جديدة، ذلك أن محمدا قد أمر بها ودعا إليها، وذلك ان القرآن الكريم قد أوجبها على كل مسلم ومسلمة.
وقال جيبون: ان دين محمد خال من الشكوك والظنون والقرآن أكبر دليل على وحدانية اللّه بعد أن نهى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم عن عبادة الأصنام والكواكب، وهذا الدين أكبر من أن تدرك عقولنا الحالية أسراره.
وقال السير وليم ميور في كتابه حياة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلم: ان القرآن ممتلئ بأدلة عن الكائنات المحسوسة والدلائل العقلية على وجود اللّه تعالى وأنه هو الملك القدوس وأنه سيجزي عن عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر، وأن اتباع الفضائل واجتناب الرذائل فرض على العالمين، وان الواجب على كل مكلف أن يعبد اللّه وهي علة سعادته قس على هذا، ما هو موضح بأدلة مؤكدة بليغة ويكثر في القرآن الشعر والمراد به حسن التمثيل وبديع التصوير لا الشعر بمعناه المتعارف ويمثل حقيقة البعث بأمثال كونية صادقة وتشبيهات مدهشة مثل قوله {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ } [الحج: 5].
وقال الدكتور موريس الفرنسي : ان القرآن أفضل كتاب أخرجته يد الصناعة الأزلية لبني البشر.
وقال الدكتور جان ساي العالم الفرنسي : اني أتعجب من هؤلاء الغربيين الذين ملئوا الدنيا بأقوالهم عن القرآن، وكيف أعمالهم التعصب المسيحي أو اللاديني ومنعهم من أن يفقهوا بما في القرآن من هدى وحكمة ، وأرى أن يكون حتما واجبا على المسلمين أن يبشروا البشرية كلها بهذا القرآن الذي هو كتاب الانسانية كلها ، وأرى في المسلمين كفاية تامة للقيام ببيان تعاليمها ونشرها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|