الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مفهوم المحاكاة عند حازم القرطاجني
المؤلف:
د. عصام قصبجي
المصدر:
أصول النقد العربي القديم
الجزء والصفحة:
ص237-239
14-08-2015
8878
اذا سلمنا ان حازماً قد جعل المحاكاة جوهر الشعر، فأفاض في الكلام عل معانيها، وآثارها، فالحق انه لم يأت فيها بجديد من حيث مفهومها السائد في النقد العربي، فلقد ظل ــ غالباً ــ يريد بها التشبيه المرئي، اما ما ثار حول "منهاجه" من جدل، فيرجع إلى افراطه في استعمال مصطلح المحاكاة على نحو يشي بالأثر الاغريقي، حقاً ان "منهاج" حازم ينم على ذلك الاثر، بيد انه لا يكاد يجاوز ما يبدو من اثر في كلام الفارابي وابن سينا مثلاً، اللهم إلا في تغليب مصطلح المحاكاة مثلما شرحه ارسطو فلنا ان نتوقع احباطاً مريراً، فما زال "حازم" يردد مبادئ النقد العربي ولكن في مظهر اغريقي، ويبدو انه كان يريد ان يتم ما كان ابن سينا بسبيل اتمامه حين قال: (هذا هو تلخيص القدر الذي وجد في هذا البلاد من كتاب الشعر للمعلم الاول، وقد بقى منه شطر صالح ، ولا يبعد ان نجتهد نحن فنبتدع في علم الشعر المطلق، وفي علم الشعر بحسب عادة هذا الزمان كلاما شديد التحصيل والتفصيل)(1) وآية ذلك قول حازم: (وقد ذكرت في هذا الكتاب من تفاصيل هذه الصنعة، ما ارجو انه من جملة ما اشار إليه ابو علي ابن سينا)(2)، ولكن حازماً لم يجتهد، وانما عمد إلى أقوال ابن سينا، ففصل ما كان مجملاً ولم يكد يزيد شيئاً مذكوراً، فيقول لنا ما هي المحاكاة كما ارادها ارسطو، وما هو سبيلها إلى النفس؟ من غير ان يبدئ، ويعيد في محاكاة التشبيه ومحاكاة التحسين، ومحاكاة التقبيح، ومن غير ان يفترض المأساة جداً، والملهاة هزلاً، وبالجملة من غير ان يذكر المحاكاة وهو يريد التشبيه، ولا ريب ان هذا لا يجحد فضل حازم في كتابه، فقد اتى فيه حقاً بنظرات نافذة، وملاحظات بارعة، ولكنه يوضح ان محاكاة حازم هي غير محاكاة ارسطو، على الرغم من وحدة المصطلح وإذا كان اختلاف طبيعة الشعر العربي عن الشعر الاغريقي، هو ما ضلل النقاد العرب في ادراك مفهوم المحاكاة، فقد كان الامر كذلك ايضاً عند حازم الذي تساءل عما يمكن ان يضيفه ارسطو إلى النقد لو كان ادرك شيئاً من الشعر العربي القائم على تشبيه الاشياء بالأشياء(3) فالمسألة عنده هي ان الشعر العربي اوسع افقا من الشعر اليوناني القائم على "خرافات" بما ينطوي عليه من فن التشبيه، ولما كان ارسطو قد اغفل الكلام في محاكاة التشبيه، وكان حازم مزهواً بهذه المحاكاة، فقد افاض فيها، وأقام عليها "منهاجه" ونسى ان يحدثنا عن الفارق الجوهري بينها وبين محاكاة ارسطو، على نحو يغني النقد العربي بنظرة جديدة، ولعل ذلك يرجع إلى انه لم يقرأ ارسطو من خلال كتابه، وانما قرأه من خلال الفارابي وابن سينا، ولقد ذكر الاستاذ محمد الحبيب بن الخوجة محقق "المنهاج" ان النصوص التي اوردها حازم لأرسطو: (اعتمد فيها مرتين تلخيص الفارابي ، وأربع عشرة مرة ترجمة ابن سينا في الشفاء)(4) وهذا يعني ان فهم حازم لأرسطو انما يعتمد ضرورة على فهم ابن سينا خاصة، وابن سينا ــ كما رأينا ــ يفسر المحاكاة بالتشبيه على الرغم من ادراكه لبعض الملاحظات النقدية المتعلقة بمحاكاة الذات محاكاة الفعل، وهكذا ضاعت علينا فرصة كان يمكن الافادة منها في تطوير النقد العربي، ومهما يكن فلننظر فيما جاء من امر المحاكاة عند حازم كما نتبين مفهومها، مع ملاحظة ان "منهاجه" يقوم على تقسيم فريد ينم على عقل منظم اتضح امامه سبيل الاستنباط.
_______________
(1) فن الشعر:
ص198
(2) منهاج
البلغاء: ص70
(3) منهاج
البلغاء: ص69.
(4) المصدر نفسه:
ص99.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
