أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2015
3111
التاريخ: 19-4-2016
13374
التاريخ: 21-4-2016
3689
التاريخ: 14-4-2016
4744
|
* استخدام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) التّاريخ في مجال الفكر كما استخدمه في مجال السّياسة:
كان رجل رسالةٍ هي الإسلام، رسالة استوعبتْ الحياة كلّها: تنظيماً، وتشريعاً، ومناهجَ، وهي رسالة ذات طابع عالمي، ممتدّة في الزّمان إلى آخر الزمان، أراد اللّه تعالى لها أنْ تكون ديناً للإنسان كلّ إنسان، تقوده نحو التكامل الّذي يُحقّق له التّوازن والتّسامي.
وهي رسالة تقوم على العلم والمعرفة، وترفض الجهل؛ لأنّه يتيح لأعدائها أنْ يتسلّلوا في ظلماته إلى قلوب أتباعها المؤمنين بها وعقولهم، فيُشوِّهون ويُحرِّفون عقائدها وشرائعها ومناهجها، ويُضلِّلون بعد ذلك أتباعها المؤمنين بها؛ وذلك حين يُلْبِسُوْنَ لهم الحقّ بالباطل والصواب بالخطأ.
ومن هنا كان مِن أكبر هموم رجل الرسالة الاستعداد الدائم في هذا المجال؛ لأجل أنْ يجعل المسلمين على معرفة كاملة بالإسلام، وفي حالة وعي متجدّد ونامٍ لحقيقة الإسلام وجوهره ومناهجه وغاياته؛ ليكون المسلم المستنير بالمعرفة في حصانة من الحيرة والتضليل، على بَيِّنة من أمره، وليكون الإسلام بمنجاة من التشويه والتحريف، ويكون كلّ مسلم مستنير ديدباناً على دينه الّذي هو معنى وجوده وشرف وجوده.
ومن هنا كان عليّ (عليه السلام) في حركة تعليميّة دائمة لمجتمعه وخواصّ أصحابه، الذين كانوا علماء ينشرون عِلْمهم ووَعْيهم بين الناس بالحديث، والخطابة، وحلقات الدرس، والتعليم.
وكان الإمام (عليه السلام) يختار وُلاته وعُمَّاله على البلدان من ذوي المعرفة ومن أهل البصائر(1)، الّذين يتمتّعون بالمعرفة والوعي والصلابة في العقيدة؛ ليكونوا - إلى جانب عملهم الإداري - معلِّمين، ورجال رسالة، وكان يوجِّههم نحو هذه المهمّة التعليميّة والتوجيهيّة. من ذلك:
ما كتب به إلى قثم بن العبّاس عامله على مكّة: أمَّا بَعدُ، فَأقِمْ للِنّاس الحَجَّ، وَذَكِّرهُم بِأيّامِ اللهِ(2)، وَاجلِس لَهُم العَصرَينِ(3)، فَأَفتِ المُستَفْتِي، وَعَلِّم الجاهِلَ، وَذاكِرِ العالِمِ (4).
وفي عمله الفكري على صعيد التعليم والتوعية استعان الإمامُ (عليه السلام) بعنصر التاريخ؛ ليعطي للفكر حرارة وحياة وحركة، وعمقاً في الزمان وفي الإنسان، وليجعل - بهذا - من القضيّة الفكريّة بضعة من الحياة المعاشة تحمل في ثناياها رائحة المعاناة الإنسانيّة.
وكان الامام سياسيّاً على مستوى رجل الدولة ورجل العقيدة والرسالة طيلة حياته ملأ العمل السياسي حياته في عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) بتكليفٍ منه، وفي عهود الخلفاء الذين تقدّموه؛ لحاجتهم إِليه أو لحاجة الناس إِليه، وكان - بالإضافة إِلى ذلك - حاكماً ورئيس دولة في السّنين الأخيرة من حياته.
وكان الإمام بهذَين الاعتبارَين في حاجةٍ دائمةٍ إِلى أنْ يُعطي لأمّته ولأعوانه التوجيهات السّياسيّة اللاّزمة، وكان في بعض هذه التّوجيهات يستعين بعنصر التاريخ لُيضيء الفكرة السّياسّية الّتي يقدّمها، وليُعطي توجيهه السياسي صدقاً واقعيّاً، إضافةً إلى الصدق النظري... صدقاً واقعياً يوفّر للتوجيه السياسي حرارة ووهجاً، إِنّه بهذا العمل (يؤنس) التوجيه السياسي، ويجعله بحيث يخالط القلب كما يوجّه العقل.
____________________
1 - (أهل البصائر): تعبير إسلامي يعود إلى صدر الإسلام، يعني به المؤمنون الواعون الّذين يتّخذون مواقفهم السّياسيّة وغيرها نتيجة لقناعات مستوحاة من المبدأ الإسلامي، ولا تتّصل بالاعتبارات النفعيّة.
* ومن المؤكّد أنَّ هذا التعبير غدا في وقت مبكِّر جدّاً مصطلحاً ثقافيّاً إسلاميّاً يعني:
الفئة المؤمنة الواعية للإسلام على الوجه الصحيح، والملتزمة بالإسلام في حياتها بشكل دقيق، بحيث إنّها تَتَّخذ مواقف مبدئيّة من المشاكل الاجتماعيّة والسّياسيّة الّتي تواجهها في الحياة والمجتمع، فلا تصغي إلى الاعتبارات الشخصيّة والقَبَلِيَّة، كما إنّها لا تقف على الحياد أمام هذه المشكلات، وإنّما تعبّر عن التزامها النظري بالممارسة اليوميّة للنضال ضدّ الانحرافات.
راجع بحثاً مفصّلاً عن هذا الموضوع في كتابنا: (أنصار الحسين: الرّجال والدلالات) الطّبعة الأولى / دار الفكر / سنة 1975/ فصل (النخبة) ص 165 - 170.
2 - (أيّام اللّه): مصطلح ثقافي إسلامي، يغلب استعمالُه للدّلالة على الكوارث الكبرى الّتي أصابتْ الشعوب والجماعات؛ نتيجةً لانحرافها في العقيدة والشريعة والأخلاق، وقد يستعمل للدّلالة على الانتصارات الكبرى التي أحرزها المؤمنون فغيّرت مجرى التاريخ، أو مجرى تاريخ جماعة مؤمنة أو شعب مؤمن.
3 - العَصْرَان: هما الغداة والعَشِي.
4 - نهج البلاغة: باب الكتب / الكتاب رقم 67.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|