أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2017
2613
التاريخ: 12-12-2017
5534
التاريخ: 12-10-2017
2334
التاريخ: 12-10-2017
2544
|
كانت السيدة زينب (عليها السلام) قد بَلغَت مَبلغاً من الوعي والنضج الفكري والإستعداد العقلي بحيث استطاعت أن تَسمع مِن أمّ أيمن حديثاً يتعلّق بمستقبلها ومُستَقبَل أُسرتها.
حديثاً يَقشَعرّ منه الجلود ، وتتوتّر منه الأعصاب ، لأنّه إخبار عن مُستقبل محاط بشتّى أنواع الفجائع والكوارث ، والمآسي والإضطهاد والأهوال ، وهو مقتل أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) وأُسرته وأهل بيته.
إذن ، لم تكن فاجعة كربلاء للسيدة زينب مفاجأة ، بل كانت على عِلم بهذه المقدّرات التي كتبتها المشيئة الإلهية.
ولا نعلم ـ بالضبط ـ التاريخ الذي سمعت فيه السيدة زينب هذا الحديث من أمّ أيمن ، حتى نستطيع معرفة مقدار عمر السيدة زينب يوم سماع هذا الحديث ، لكن ذكر المؤرّخون تاريخ وفاة أمّ أيمن سنة (عليها السلام)(صلى الله عليه واله) من الهجرة ، وبناءً على هذا ..
فقد كان عمر السيدة زينب (عليها السلام) يوم وفاة أم أيمن ثلاثين سنة.
ولعلّها كانت قد حدّثت السيدة زينب قبل وفاتها بسنوات.
وعلى كل تقدير ، فإنّ السيدة زينب كانت تعلم بقضايا كربلاء قبل وقوعها بأربع وعشرين سنة ..
على أقلّ التقادير ، إستناداً إلى حديث أم أيمن ، سوى ما سمعته من جدّها رسول الله وأبيها أمير المؤمنين من الإخبار بمقتل الإمام الحسين في أرض كربلاء ، وقد إتّضح شيء من هذا الموضوع في الفصول الماضية من هذا الكتاب.
وأمّا حديث أمّ أيمن فإليك نصّه : ذُكرَ في ملحقات كتاب ( كامل الزيارات ) لابن قولويه ، بسنده عن نوح بن درّاج ، قال : حدّثني قدامة بن زائدة ، عن أبيه قال : قال علي بن الحسين ـ (عليه السلام) ـ : بَلَغني ـ يا زائدة ـ أنّك تزور قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أحياناً؟ .
فقلت : إنّ ذلك لَكَما بَلَغَك.
فقال لي : فلماذا تفعل ذلك ، ولك مكان عند سلطانك الذي لا يحتملُ أحداً على محبّتنا وتفضيلنا وذكر فضائلنا ، والواجب على هذه الأمّة من حقّنا ؟
فقلت : والله ما أريد بذلك إلا الله ورسوله ، ولا أحفل بسخط من سخط ولا يكبُرُ في صدري مكروه ينالُني بسببه!
فقال : والله إنّ ذلك لكذلك .
فقلت : والله إنّ ذلك لكذلك.
يقولها ثلاثاً ، وأقولها ثلاثاً.
فقال : أبشِر ثمّ أبشِر ثمّ أبشِر فلأُخبِرنّك بخبرٍ كان عندي فـي النَخب المخـزون فإنّه لمّا أصابنا بالطفّ ما أصابنا وقُتل أبي (عليه السلام) وقُتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله ، وحُملَت حُرَمُه ونساؤه على الأقتاب يُراد بنا الكوفة .
فجعلتُ أنظرُ إليهم صرعى ولم يُواروا ، فعَظُم ذلك في صدري ، واشتدّ ـ لما أرى منهم ـ قَلَقي ، فكادت نفسي تخرج ، وتبيّنَت ذلك منّي عمّتي زينب الكبرى بنت علي (عليه السلام) فقالت : ما لي أراكَ تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟؟!
فقلت : وكيفَ لا أجزع وأهلَع؟ وقد أرى سيّدي وإخوتي وعمومَتي ووُلدَ عمّي ، وأهلي مُصرّعين بدمائهم مُرَمّلين بالعراء ، مسَلّبين ، لا يُكفّنون ولا يوارون ، ولا يُعرّج عليهم أحد ، ولا يقربُهم بشر ، كأنّهم أهل بيتٍ من الدَيلم والخَزر؟؟
فقالت : لا يُجزعنّك ما ترى ، فوالله إنّ ذلك لعهد من رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى جدّك [ أمير المؤمنين ] وأبيك وعمّك [ الإمام الحسن ].
ولقد أخذ الله الميثاق ، أُناسٌ من هذه الأمّة ـ لا تعرفهم فراعنة هذه الأمّة ، وهم معروفون في أهل السماوات ـ أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة وهذه الجسوم المضرّجة فيوارونها.
وينصبون لهذا الطفّ عَلَماً لقبر أبيك سيد الشهداء ، لا يُدرَس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام.
ولَيَجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً ، وأمره إلا علوّاً.
فقلتُ : وما هذا العهد وما هذا الخبر؟؟
فقالت : نعم ، حدّثتني أمّ أيمن أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) زارَ منزل فاطمة (عليها السلام) في يوم من الأيام ، فعَمِلَت له حريرة ، وأتاهُ علي (عليه السلام) بطبقٍ فيه تمر.
ثمّ قالت أمّ أيمن : فأتيتهم بعُسٍ فيه لبن وزبد فأكلَ رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين من تلك الحريرة ، وشَربَ رسول الله وشربوا من ذلك اللبن ، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر والزُبد. ثم غسل رسول الله يده ، وعليٌ يَصُبّ عليه الماء.
فلمّا فرغ من غسل يده مسح وجهه ، ثم نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين نظراً عرفنا به السررو في وجهه ، ثم رمقَ بطرفه نحو السماء مليّاً ثم إنّه وجّه وجهه نحو القبلة ، وبسط يديه ودعا ، ثمّ خرّ ساجداً وهو ينشج فأطالَ النشيج ، وعلا نحيبه وجََرَت دموعه.
ثمّ رفع رأسه ، وأطرَقَ إلى الأرض ودموعه تقطر كأنّها صوب المطر ، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين : وحزنت معهم ، لما رأينا من رسول الله (صلى الله عليه واله) وهِبناه أن نسأله .
حتّى إذا طال ذلك ، قال له علي وقالت له فاطمة : ما يُبكيك يا رسول الله؟ لا أبكى الله عينيك! فقد أقرح قلوبنا ما نرى مِن حالك.
فقال : يا أخي سُررتُ بكم وإني لأنظر إليكم وأحمد الله على نعمته عليّ فيكم ، إذ هبطَ عليّ جبرئيل فقال :
يا محمد! إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ إطّلع على ما في نفسك ، وعرفَ سرورَك بأخيك وابنتك وسبطيك ، فأكمل لك النعمة وهنّأكَ العطيّة : بأن جعَلَهم وذُريّاتهم ومُحبّيهم وشيعتهم معك في الجنة ، لا يُفرّق بينك وبينهم ، يُحبَونَ كما تُحبى ، ويُعطَونَ كما تُعطى ، حتى ترضى وفوق الرضا.
على بَلوى كثيرة تنالهم في الدنيا ، ومكاره تُصيبهم بأيدي أُناسٍ ينتحلون مِلّتك ، ويزعمون أنّهم من أمّتك ، بُراء من الله ومنك ، خبطاً خبطاً وقتلاً قتلاً ، شتّى مصارعهم نائية قبورهم ، خيرةٌ من الله لهم ولك فيهم ، فاحمَد الله ـ عز وجل ـ على خيرته ، و إرضَ بقضائه.
فحَمِدتُ الله ، ورَضيتُ بقضائه بما اختاره لكم.
ثم قال لي جبرئيل : يا محمد! إنّ أخاك مُضطهدٌ بعدك ، مَغلوب على أمّتك ، متعوبٌ من أعدائك ، ثمّ مقتول بعدك ، يقتله أشرّ الخلق والخليقة ، وأشقى البريّة ، يكون نظير عاقر الناقة ببلد تكون إليه هجرته ، وهو مغرَسُ شيعته وشيعة ولده ، وفيه ـ على كلّ حال ـ يكثُر بَلواهم ، ويعظم مصابهم.
وإنّ سبطك هذا ـ وأومأ بيده إلى الحسين ـ مقتول في عصابة من ذريّتك وأهل بيتك ، وأخيارٍ من أمّتك ، بضِفّة الفرات بأرضٍ يقال لها : كربلاء. من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريّتك في اليوم الذي لا يَنقضي كَربُه ، ولا تُفنى حَسرتُه.
وهي أطيبُ بقاعِ الأرض وأعظمها حُرمةً ، يُقتلُ فيها سبطك وأهله ، وإنّها من بطحاء الجنّة.
فإذا كان ذلك اليوم الذي يُقتَلُ فيه سبطُك وأهله ، وأحاطَت به كتائب أهل الكفر واللعنة ، تزعزعت الأرض من أقطارها ، ومادَت الجبال وكثُر إضطرابُها ، واصطفقت البحار بأمواجها ، وماجت السماوات بأهلها ، غَضَباً لك ـ يا محمد ـ ولذريّتك ، واستعظاماً لِما يُنتهكُ من حُرمتك ، ولشَرّ ما تُكافأ به في ذريّتك وعترتك.
ولا يَبقى شيء من ذلك إلا استأذن الله ـ عز وجل ـ في نُصرة أهلك المستضعفين المظلومين الذين هم حجّة الله على خلقه بعدك.
فيوحي الله إلى السماوات والأرض والجبال والبحار ومَن فيهنّ : إنّي أنا الله المَلِك القادر ، الذي لا يفوته هارب ، ولا يعجزه ممتنع ، وأنا أقدر على الإنتصار والإنتقام.
وعزّتي وجلالي!! لأُعذّبَن مَن وَتَرَ رسولي وصَفيّي ، وانتهك حرمته ، وقَتَل عترته ، ونبذ عهده ، وظلم أهل بيته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين .
فعند ذلك يضجّ كلّ شيء في السماوات والأرضين ، بِلَعنِ من ظلم عترتك ، واستحلّ حُرمَتك.
فإذا برزت تلك العصابة إلى مضاجعها تولّى الله ـ عزّ وجل ـ قَبضَ أرواحها بيده ، وهبط إلى الأرض ملائكة من السماء السابعة ، معهم آنية من الياقوت والزمرّد ، مملوءة من ماء الحياة ، وحُلَل من حُلَل الجنّة ، وطيب من طيب الجنّة ، فغسّلوا جُثَثَهم بذلك الماء ، وألبَسوها الحُلَل ، وحنّطوها بذلك الطيب ، وصلّت الملائكة ـ صفّاً صفّاً ـ عليهم.
ثمّ يبعث الله قوماً من أمّتك لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدماء بقولٍ ولا فعلٍ ولا نيّة ، فيُوارون أجسامهم ، ويقيمون رَسماً لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء ، يكون عَلَماً لأهل الحق ، وسبباً للمؤمنين إلى الفوز ، وتَحفّه ملائكة من كلّ سماء : مائة ألف مَلَك في كلّ يوم وليلة ويُصلّون عليه ، ويطوفون عليه ، ويسبّحون الله عنده ، ويستغفرون الله لمن زاره ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائراً من أمّتك ، متقرّباً إلى الله ـ تعالى ـ وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ويوسمون في وجوههم بمِيسَمِ نور عرش الله : هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء .
فإذا كان يوم القيامة سَطَعَ في وجوههم ـ من أثر ذلك الميسم ـ نور تغشى منه الأبصار ، يُدلّ عليهم ويُعرَفون به.
وكأنّي بك ـ يا محمد ـ بيني وبين ميكائيل ، وعليٌ أمامَنا ، ومَعَنا من ملائكة الله ما لا يُحصى عددهم ، ونحن نلتقط ـ مَن ذلك الميسم في وجهه ـ من بين الخلائق ، حتى يُنجيهم الله مِن هَول ذلك اليوم وشدائده.
وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك ـ يا محمد ـ أو قبر أخيك أو قبر سبطيك ، لا يُريد به غير الله عز وجل. وسيَجتهد أُناسٌ ـ مِمّن حَقّت عليهم اللعنة من الله والسخط ـ أن يُعفوا رَسمَ ذلك القبر ، ويُمحوا أثره ، فلا يجعل الله ـ تبارك وتعالى ـ لهم إلى ذلك سبيلاً.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله) فهذا أبكاني وأحزَنَني.
قالت زينب : فلمّا ضرب ابن ملجم ( لعنه الله ) أبي (عليه السلام) ورأيتُ عليه أثر الموت منه ، قلتُ له : يا أبَه حَدّثتَني أمّ أيمن بكذا وكذا ، وقد أحببتُ أن أسمعه منك.
فقال : يا بُنيّه الحديث كما حدّثَتكِ أمّ أيمن ، وكأنّي بكِ وبنساء أهلكِ سبايا بهذا البلد ، أذلاء خاشعين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس.
فصبراً صبراً ، فوالذي فَلَقَ الحبّة وبرأ النسمة ، ما لله على ظهر الأرض ـ يومئذ ـ وليٌّ غيركم وغير مُحبّيكم وشيعتكم.
ولقد قال لنا رسول الله ـ حين أخبرنا بهذا الخبر ـ : إنّ إبليس ( لعنه الله ) في ذلك اليوم يطير فرَحاً فيجول الأرض كلّها بشياطينه وعفاريته فيقول : يا معاشر الشياطين : قد أدركنا مِن ذريّة آدم الطلبة ، وبَلغنا في هلاكهم الغاية ، وأورَثناهم النار إلا من اعتصم بهذه العصابة ، فاجعلوا شُغلكم بِتَشكيك الناس فيهم وحَملِهم على عَداوتِهم ، وإغرائهم بهم وأوليائهم ، حتى تستَحكموا ضلالة الخَلق وكُفرهم ، ولا يَنجو منهم ناج.
ولقد صَدَقَ عليهم إبليس ـ وهو كذوب ـ أنه لا يَنفعُ مَعَ عداوتكم عمل صالح ، ولا يضرّ مع محبّتكم وموالاتكم ذنب غير الكبائر.
قال زائدة : ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام) بعد أن حدّثني بهذا الحديث : خُذه إليك ، ما لو ضَربتَ في طلبة آباط الإبل حَولاً لكان قليلاً .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
استمرار توافد مختلف الشخصيات والوفود لتهنئة الأمين العام للعتبة العباسية بمناسبة إعادة تعيينه
|
|
|