أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2017
8711
التاريخ: 5-12-2017
3108
التاريخ: 26-9-2017
2674
التاريخ: 9-10-2017
2290
|
لا أراني بحاجة إلى التحدّث عن حياة جعفر الطيّار ـ رضوان الله عليه ـ والد عبد الله ، ولا أجدُ ضرورة إلى التحدّث عن حياة سيدنا أبي طالب (عليه السلام) أو عقيل أو بقيّة رجالات وسيّدات هذه الأسرة ، الذين يَنحدرون عن سيّدنا أبي طالب.
وإنّما المقصود ـ هنا ـ هو التحدّث عن حياة عبد الله بن جعفر ، وذلك لكونه زوج السيدة زينب الكبرى (عليها السلام).
كان عبد الله شخصيّة لامعة في عصره ، يمتاز عن غيره نسباً وحسباً ، وجوداً وكرماً ، فقد ذكره أرباب التراجم ـ من الفريقين ( السُنّة والشيعة ) في كتب التاريخ والحديث والرجال ـ بكلّ ثناء وتقدير ، وعدوّه من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) والإمام أمير المؤمنين ، والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام السجاد .
وقد كان رابِط الجأش قويّ القلب ، شُجاعاً ، شملته ـ في طفولته ـ بركة دعاء رسول الله (صلى الله عليه واله) وامتدّت إلى آخر حياته.
فقد ذكر سبطُ إبن الجوزي في كتابه ( تَذكرة الخواص ) في ذِكر أولاد جعفر بن أبي طالب :
عبد الله ، وبه كان يُكنّى ، ومحمد ، وعَون ، وأمّهم : أسماء بنت عميس ، ولدتهم بأرض الحبشة وكان جعفر قد هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية.
وأشهرهم : عبد الله ، وكان من الأجواد ، وهو من الطبقة الخامسة ممّن توفّي رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو حَدث ، ولمّا ولدته أمّه أسماء بالحبشة ، وُلد ـ بعد ذلك بأيّام ـ للنجاشي وَلَد فسمّاه عبد الله ، تبرّكاً باسمه ، وأرضعت أسماءُ عبد الله بن النجاشي بلَبَن ابنها عبد الله.
وقال ابن سعد في كتاب ( الطبقات ) : حدّثنا الواقدي ، عن محمد بن مسلم ، عن يحيى بن أبي يعلى ، قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول : أنا أحفظُ حينَ دخل رسول الله (صلى الله عليه واله) على أمّي فنعى إليها أبي ، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي وعيناه تَذرفان ـ أو تهرقان ـ بالدموع حتّى تقطر لحيته.
ثم قال : اللهم إنّ جعفراً قد قَدم إلى أحسن الثواب ، فاخلفه في ذريّته بأحسن ما خلفت أحداً مِن عبادك في ذريّته .
ثمّ قال : يا أسماء! ألا أُبشّركِ؟
قالت أمّي : بلى ، بأبي انت وأمّي يا رسول الله!
قال : فإن الله قد جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة .
فقالت : يا رسول الله فأعلم الناس بذلك.
فقام رسول الله فأخذ بيدي ومسح برأسي ، ورقى المنبر ، فأجلسني أمامه على الدرجة السفلى ـ والحزن يُعرف عليه ـ فتكلّم وقال : إنّ المرء كثير بأخيه وابن عمّه ، ألا : إنّ جعفراً قد استشهد ، وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنّة .
ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه واله) ودخل بيته وأدخلني معه ، وأمر بطعام فصُنع لأهلي.
ثمّ أرسل إلى أخي ، فتغدّينا عنده غذاءً طيّباً مباركاً ...
وأقمنا ثلاثة أيام ، ندور معه في بيوت أزواجه ثم رجعنا إلى بيتنا.
فأتانا رسول الله وأنا أُساوم بشاة أخاً لي ، فقال : اللهم بارِك له في صفقته ، فما بِعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك فيه .
ولعبد الله بن جعفر حوار وكلام في مجلس معاوية بن أبي سفيان ، يدلّ على ما كان يتمتّع به عبد الله من قوّة القلب ، وثَبات الجَنان ، والإيمان الراسخ بالمبدأ والعقيدة ، وعدم الاكتراث بالسلطات الظالمة الغاشمة.
أضف إلى ذلك الفصاحة والبلاغة ، والمستوى الأدبي الأعلى الأرقى. فقد ذكر إبن أبي الحديد في ( شرح نهج البلاغة ) عن المدائني :
قال : بينا معاوية ـ يوماً ـ جالس ، وعنده عمرو بن العاص إذ قال الآذِن : قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
فقال عمرو : والله لأسوأنّه اليوم!
فقال معاوية : لا تفعل يا أبا عبد الله ، فإنّك لا تنتصف منه ، ولعلّك أن تُظهر لنا من مغبّته ما هو خفيّ عنّا ، وما لا نحبّ ان نعلمه منه!!
وغشيهم عبد الله بن جعفر فأدناه معاوية وقرّبه.
فمال عمرو إلى جُلساء معاوية فنال مِن علي (عليه السلام) جهاراً غير ساترٍ له ، وثلبه ثلباً قبيحاً!!
فالتمع لون عبد الله ، واعتراه الأفكَل
حتى أرعدت خصائله ثم نزل عن السرير كالفنيق فقال عمرو : مَه يا أبا جعفر؟
فقال له عبد الله : مَه؟ لا أمّ لك؟ ثم قال :
أظنّ الحِلمَ دلّ عليّ قومي
وقد يتجهّل الرجل الحليم
ثمّ حسَر عن ذراعيه ، وقال : يا معاوية! حتى متى نتجرّع غيظك؟
وإلى كم الصبر على مكروه قولك ، وسيّئ أدبَك ، وذَميم أخلاقك؟
هَبَلَتك الهبول!!
أما يَزجُرك ذمامُ المجالسة من القَذع لجليسك إذا لم يكن له حرمة من دينك تَنهاك عمّا لا يَجوز لك؟!
أما : والله لو عطفتك أواصر الأرحام ، أو حاميتَ عن سهمك من الإسلام ما أرخَيتَ ـ لبني الإماء المُتك والعَبيد المُسك ـ أعراض قومك.
وما يَجهل موضع الصَفوة إلا أهل نَجوة .
وإنّك لتعرف وشائط قريش ، وصقوة عوائدها ، فلا يَدعوّنك تصويبُ ما فَرط مِن خَطاك في سفك دماء المسلمين ، ومُحاربة أمير المؤمنين ، إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه ، فاقصد لمنهج الحقّ ، فقد طال عمهُك عن سبيل الرشد ، وخَبطُك في دَيجور ظلمة الغيّ ، فإن أبَيت إلا أن تُتابعَنا في قُبح اختيارك لنفسك فاعفِنا عن سوء القالة فينا إذا ضمّنا وإيّاك الندي ، وشأنُك وما تريد إذا خلَوت ، والله حسيبُك ، فوالله لولا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك.
ثم قال : إنّك إن كلّفتني ما لم أُطِق ساءك ما سرّك منّي مِن خُلق.
فقال معاوية : يا أبا جعفر : اقسمتُ عليك لَتجلسنّ ، لعن الله من أخرجَ ضبّ صدرك مِن وجاره ، محمولٌ لك ما قلتَ ، ولكَ عندنا ما أمّلت ، فلو لم يكن مَجدك ومَنصِبُك لكان خَلقُك وخُلُقك شافِعَين لك إلينا ، وأنت إبن ذي الجناحين وسيد بني هاشم.
فقال عبد الله : كلا ، بل سيّدا بَني هاشم حسنٌ وحسين ، لا يُنازعهما في ذلك أحَد.
فقال معاوية : يا أبا جعفر أقسمتُ عليك لما ذكرتَ حاجة لك قضيتها كائنةً ما كانت ، ولو ذهبت بجميع ما أملك.
فقال : أمّا في هذا المجلس فلا.
ثمّ انصَرف ، فأتبعه معاوية بصُرّة. فقال : والله لَكأنّه رسول الله ، مشيُه وخَلقه وخُلقه وإنّه لمن شكله ، ولودَدتُ أنّه أخي بنفيس ما أملك.
ثمّ التفت إلى عمرو فقال : أبا عبد الله ما تَراه منَعَه مِن الكلام معك؟
قال : ما لا خفاء به عنك.
قال : أظنّك تقول : إنّه هابَ جوابك ، لا والله ولكنّه ازدَراك واستحقَرك ولم يَرك للكلام أهلاً ، أما رأيت إقباله عليَّ دونَكَ ، زاهداً بنفسه عنك.
فقال عمرو : هل لك أن تَسمع ما أعددته لجوابه؟
قال معاوية : إذهب ، إليك أبا عبد الله ، فلاتَ حين جواب سائر اليوم ، ونهض معاوية وتفرّق الناس.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم الهدايا والنذور يوضح آلية العثور على مفقودات الزائرين وطريقة استعادتها
|
|
|