أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-19
813
التاريخ: 5-05-2015
12058
التاريخ: 17-10-2014
2483
التاريخ: 5-05-2015
2252
|
ابن عربي (560- 638 هـ)
أ- مرتكزات النظرية :
تنطلق نظرية ابن عربي من التماثل أو التناظر
الذي يقيمه بين الوجود والإنسان والقرآن. فللوجود مراتب ثمّ ما يوازيها في الإنسان
، فالإنسان جامع لحقائق الكون وهو عالم صغير مثلما أنّ الكون إنسان كبير. وللوجود
ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع أو عوالم أربعة هي عالم الملك والشهادة ، وعالم الغيب والملكوت
، وعالم البرزخ وعالم الأسماء الإلهية ، تماما كما للإنسان وللقرآن.
العالم والإنسان كلاهما مظاهر كلمات اللّه ،
والإنسان الكامل أتمّها حيث اجتمعت فيه كلّ حقائق الوجود ، وهو الكلمة الجامعة ، والقرآن
كلمات اللّه الذي نزل على الإنسان الكامل الذي يمثّل الذروة في الفهم ، ثمّ يأتي
من يليه يأخذ منه بحسب مرتبته واستعداده الوجودي.
هذه الموازاة أو التناظر الكائن بين الوجود
والإنسان ، قائم بنفسه بين القرآن والوجود. فالعالم عند ابن عربي مصحف كبير تلاه
اللّه علينا تلاوة حال ، تماما كما أنّ القرآن عالم مطوي تلاه الحقّ علينا تلاوة
قول. وبتعبيره : «خذ
الوجود كله على أنّه كتاب مسطور ، وإن قلت مرقوم فهو أبلغ» (1).
من خلال هذا التوازي الوجودي سيكون هناك
تناظر بين مراتب الإنسان ومراتب القرآن ، ينجم عنه تعدّد مراتب الفهم وترتب بعضها
على بعض.
يكتب في أصل التناظر الوجودي بين الوجود
بعوالمه العلوية والسفلية وبين الإنسان ، ما نصّه : «ومعرفة أفلاك العالم الأكبر والأصغر الذي
هو الإنسان ؛ فأعني به عوالم كلياته وأجناسه ، وأمراؤه الذين لهم التأثير في غيرهم
، وجعلتها [أي
أفلاك العالم الأكبر والأصغر] مقابلة ؛ هذا نسخة من هذا» (2). ثمّ ينعطف لإعطاء أمثلة تفصيلية من
العوالم الوجودية العليا والسفلى وأفلاكها وما يناظرها من الإنسان.
يعدّ الإنسان في هذا النسق عالم صغير والعالم
إنسان كبير ، والإنسان عالم مجتمع الأجزاء والعالم إنسان متفرّق الأجزاء : «والإنسان الذي هو آدم عبارة عن
مجموع العالم ، فإنّه الإنسان الصغير وهو المختصر من العالم الكبير ... كذلك الإنسان وإن صغر جرمه عن جرم العالم
فإنّه يجمع جميع حقائق العالم الكبير ، ولهذا يسمّي العقلاء العالم إنسانا كبير». على ضوء هذا التناظر الوجودي
بين الإنسان والعالم ، وكون الوجود مظاهر للأسماء الإلهية ، انتهى إلى أنّه ما من
معنى أو حقيقة ظهرت في الوجود إلّا وظهرت في نظيره الذي هو الإنسان : «لم يبق في الإمكان معنى إلّا وقد
ظهر في العالم ، فقد ظهر في مختصره» (3) الذي هو الإنسان ، إذ ما من حقيقة من حقائق
الوجود إلّا وتوجد فيه ، أو في مثاله الأعلى الذي هو الإنسان الكامل.
يجد هذا الفهم الذي يقيم موازاة وجودية بين
القرآن والإنسان والوجود نصوصا مكثّفة دالّة عليه في تراث ابن عربي ، مبثوثة في
فتوحاته المكّية وغير واحد من مصنّفاته. يصف عالم الإمكان وأنّه وما فيه تعبير عن
كلمات اللّه الوجودية ، بما نصه : «اعلم أنّ الممكنات هي كلمات اللّه التي لا تنفد ، وبها يظهر
سلطانها الذي لا يبعد ، وهي مركّبات لأنّها أتت للإفادة فصدرت عن تركيب يعبّر عنه
في اللسان العربي بلفظة «كن» فلا
يتكوّن عنه إلّا مركّب من روح وصورة ، ثمّ تلتحم بعضها ببعض لما بينهما من
المناسبات ، فتحدث المعاني بحدوث تأليفها الوضعي». يواصل النصّ وصف الموازاة الوجودية ليفصح
في الثنايا عن المعطى المعرفي له ، متمثّلا بتعدّد مراتب الفهم بتعدّد المراتب
الوجودية ، وتعدّد ظهور الحقائق تبعا لذلك ، فيقول : «ثمّ اعلم أنّ اللّه تعالى لما أظهر من
كلماته ما أظهر قدّر لهم من المراتب ما قدّر ، فمنهم الأرواح النورية والنارية والترابية
، وهم على مراتب مختلفة ، وكلّهم أوقفهم مع نفوسهم وأشهدهم إيّاها واحتجب لهم فيها
، ثمّ طلب منهم أن يطلبوه ونصب لهم معارج يعرجون عليها في طلبها إيّاه ، فدخل لهم
بهذه المعارج في حكم الحدّ وجعل لهم قلوبا يعقلون بها ، ولبعضهم فكرا يتفكّرون به ... ثمّ نصب لهم الدلالة على صدق خبره إذا
أخبرهم ، فتفاضلت أفهامهم لتفاضل حقائقهم في نشأتهم» (4).
ما دام الإنسان عند ابن عربي جامعا لحقائق
الكون كله ، والقرآن هو عالم مطو مثلما أنّ العالم هو مصحف كبير ، فسيكون للإنسان
مراتب مختلفة في فهم القرآن تبعا لمراتبه الوجودية التي تناظر المراتب الوجودية
لظهور حقائق القرآن ، على أن يكون للإنسان الكامل أو للحقيقة المحمّدية الذروة في
سلّم المراتب ، وهذا ما أشار إليه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، بقوله : «اوتيت جوامع الكلم» (5). إذا شئنا الدقّة فإنّ النبي صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم عاش حقيقة القرآن مشاهدة ومعاينة ، بل لا حقيقة للقرآن إلّا حقيقة
النبي ، ولا حقيقة للنبي إلّا حقيقة القرآن ، وكلاهما مظهر لأسماء اللّه. على هذا
«فمن أراد أن يرى
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ممّن لم يدركه من أمّته فلينظر إلى القرآن
، فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه وبين النظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وآله وسلّم ، فكأنّ القرآن انتشأ صورة جسدية يقال لها محمّد بن عبد اللّه بن عبد
المطلب ، والقرآن كلام اللّه ، وهو صفته ، فكأنّ محمّد صفة الحقّ تعالى بجملته» (6).
يترتب على هذه الموازاة الوجودية بين القرآن
والإنسان نتيجة معرفية تتمثّل في أن تكون أقصى درجات المعرفة هي تلك الموجودة عند
الإنسان الكامل أو عند النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؛ لأنّه عاش حقيقة القرآن
على سبيل المشاهدة والتعيّن ، حتّى صار النبي هو القرآن والقرآن هو النبي. ثمّ
يليه من يليه من أمّته على قدر سعته الوجوديّة والإدراكية ، إذ يستلهم كلّ إنسان
من القرآن ويكون له نصيبه من حقائقه «على قدر نفوذه وفهمه ، وقوّة عزمه وهمه ، واتساع نفسه» (7).
ثمّ نصوص مكثّفة لابن عربي تبيّن أنّ النبي
يمثّل الحد الأقصى من معرفة القرآن وفهمه ، ثمّ تتوالى المراتب وتتسع من دونه
لتشمل أفراد أمته ، وذلك على خلفية قاعدة التوازي الثلاثي بين القرآن والإنسان والوجود
، منها النصّ الذي سنأتي عليه بعد قليل والذي يستخدم تعبيرا رائعا في وصف العلاقة
بين الإنسان والقرآن ، حينما يصفه بوصف النزول. أجل ، فالقرآن على ضوء هذا الفهم
الوجودي ، كما نزل على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فهو في عملية نزول مطّردة
على قلوب أمّته إلى يوم القيامة. يكتب : «فقوله : {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن : 1 ، 2] . نصب
القرآن . ثمّ قال : {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن : 3 ، 4] . فينزل
عليه القرآن ليترجم منه بما علّمه الحقّ من البيان الذي لم يقبله إلّا هذا الإنسان
، فكان للقرآن علم التمييز فعلم أين محلّه الذي ينزل عليه من العالم ، فنزل على
قلب محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نزل به الروح الأمين ، ثمّ لا يزال ينزل على
قلوب أمّته إلى يوم القيامة. فنزوله في القلوب جديد لا يبلى فهو الوحي الدائم ، فللرسول-
صلوات اللّه عليه وسلامه- الأوّلية في ذلك والتبليغ إلى الأسماع من البشر والابتداء
من البشر ، فصار القرآن برزخا بين الحقّ والإنسان وظهر في قلبه على صورة لم يظهر
بها في لسانه ، فإنّ اللّه جعل لكلّ موطن حكما لا يكون لغيره فتلاه رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بلسانه أصواتا وحروفا سمعها الأعرابي بسمع أذنه في حال
ترجمته ، فالكلام للّه بلا شكّ والترجمة للمتكلّم به كان من كان ، فلا يزال كلام
اللّه من حين نزوله يتلى حروفا وأصواتا إلى أن يرفع من الصدور ويمحى من المصاحف ، فلا
يبقى مترجم يقبل نزول القرآن عليه» (8).
الارتقاء في الفهم على ضوء هذه الرؤية
الوجودية لا يتمّ على أساس آليات الإدراك وما يشهده العلم من نموّ نتيجة ذلك ، بل
هو رهين تنقية الداخل وتزكية القلب وتوسيع قدرة التلقّي من خلال التقوى وزيادة
التهيّؤ والنظافة الداخلية. بين أيدينا نص يفتتحه ابن عربي بالإشارة إلى أنّ النبي
بوصفه الإنسان الكامل لديه حقيقة القرآن ، ثمّ يغترف من القرآن كلّ بحسب استعداده
ومقدار تزكيته وتقواه ، أو بحسب تعبيره : «ولنا منه من الحظّ على قدر صفاء المحل والتهيّؤ
والتقوى» (9).
ب- النتائج المترتبة :
في ظلّ هذا التوازي الوجودي بين الإنسان والقرآن
والعالم تصير تلاوة الإنسان للقرآن استماعا لكلمات الوجود من الخارج واستماعا
لكلمات نفسه من الداخل ، فكلاهما جانبان يكشفان عن حقيقة واحدة هي كلام اللّه (10). ويكون القرآن موازيا لحقيقة الوجود ومراتبه
، كما هو مواز لحقيقة الإنسان ومراتبه ، بحيث تناظر كلّ مرتبة عند الإنسان مرتبة
تماثلها في القرآن ، لتتعدّد بذلك التلاوات وتبعا لها المعاني ومراتب الفهم. على
هذا هناك تلاوة وجودية وفهم وجودي للقرآن المبثوث في العالم (المصحف الوجودي
الكبير) كما الكائن في الوجود الإنساني ، يتفاوت فيه نصيب الإنسان بحسب حظّه واستعداده
الوجودي للتلقّي : «ولا تظن يا بني أنّ تلاوة الحقّ عليك وعلى أبناء جنسك من هذا
القرآن العزيز خاصة. ليس هذا حظ الصوفي ، بل الوجود بأسره {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 2 ، 3] تلاه عليك
سبحانه وتعالى لتعقل عنه إن كنت عالما. قال تعالى : {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا
الْعَالِمُونَ} [العنكبوت : 43] ، ولا يحجب عن ملاحظة المختصر الشريف من هذا
المسطور الذي هو عبارة عنك ، فإنّ الحقّ تعالى تارة يتلو عليك من الكتاب العظيم
الخارج ، وتارة يتلو عليك من نفسك فاستمع وتأهّب لخطاب مولاك إليك في أي مقام كنت
، وتحفّظ من الوقر والصمم ، فالصمم آفة تمنعك من إدراك تلاوة الحقّ عليك من نفسك
المختصرة ، وهو الكتاب المعبّر عنه بالفرقان ، إذ الإنسان محلّ الجمع لما تفرق في
العالم الكبير» (11).
حين نعطف على هذه الرؤية الحقيقة التي يسجّل
فيها ابن عربي أنّ ما من شيء في الوجود إلّا وله ظاهر وباطن وحدّ ومطلع بما في
ذلك القرآن والإنسان ، فستكون الحصيلة الأولية أنّ هناك أربع مراتب رئيسية للفهم
منبثقة عن الكينونة الوجودية ذاتها ، يمكن لكلّ مرتبة فيها أن تتضمّن عددا آخر من
المراتب الفرعية.
يكتب ابن عربي : «ما من شيء إلّا وله ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع
، فالظاهر منه ما أعطتك صورته ، والباطن ما أعطاك ما يمسك عليه الصورة ، والحدّ ما
يميّزه عن غيره والمطّلع منه ما يعطيك الوصول إليه» (12).
مع أنّ الكلام هنا يدور حول واقع وجودي حقيقي
لا اعتباري ، إلّا أنّ ابن عربي لا يهمل المدلولات أو الثمار المعرفية لهذه
الكينونات الوجودية. فما دام لكلّ شيء ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع ينطبق ذلك على
العالم وعلى القرآن ، فإنّ التقسيم بذاته ينطبق على الإنسان. فالرجال أربعة أصناف
تأتي متوازية مع مراتب الوجود والنصّ ، والمهمّ هي الدلالة المعرفية المترتبة على
هذا التقسيم الوجودي للإنسان ، التي تنتج أربعة مستويات لإدراك القرآن وفهمه داخل
كلّ مرتبة درجات. يكتب في تصوير هذه الرؤية الوجودية للإنسان التي ينبثق عنها
مدلول معرفي ، ما نصه :
«اعلم أنّ رجال اللّه على أربع مراتب ، رجال
لهم الظاهر ، ورجال لهم الباطن ، ورجال لهم الحدّ ورجال لهم المطّلع. فإنّ اللّه
سبحانه لما أغلق دون الخلق باب النبوّة والرسالة أبقى لهم باب الفهم عن اللّه فيما
أوحى به إلى نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في كتابه العزيز ، وكان علي بن أبي
طالب رضي اللّه عنه يقول : إنّ الوحي قد انقطع بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله
وسلّم ، وما بقي بأيدينا إلّا أن يرزق اللّه عبدا فهما في هذا القرآن. وقد أجمع
أصحابنا أهل الكشف على صحة خبر عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال في
آي القرآن : إنّه ما من آية إلّا ولها ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع ، ولكلّ مرتبة من
هذه المراتب رجال» (13).
يجمع النصّ إلى هنا بين المدلولين الوجودي والمعرفي
، أو أنّه على نحو أدقّ يؤسس للمدلول المعرفي الذي يفيد تفاوت درجات فهم القرآن وتوزّعها
في مراتب ، على كينونة وجودية مكينة. وهذا يكفينا لإثبات المطلوب ، لكن من المهم
استكمال الصورة بإبراز الأثر الوجودي المترتب على كلّ مرتبة من هذه المراتب في
التعامل مع القرآن ، وما تهبه لأهلها من قدرات وجودية مضافا إلى الحصيلة المعرفية
التي نحن بصددها.
يواصل ابن عربي جوانب الصورة حاكيا كلام
شيخه أبي محمد عبد اللّه الشكّاز الذي التقى به في غرناطة سنة 595 هـ : «الرجال
أربعة ؛ رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه وهم رجال الظاهر ، ورجال لا تلهيهم تجارة
ولا بيع عن ذكر اللّه وهم رجال الباطن جلساء الحقّ تعالى ولهم المشورة ، ورجال
الأعراف وهم رجال الحدّ ، قال اللّه تعالى : {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف : 46] أهل الشمّ والتمييز
والسراح عن الأوصاف فلا صفة لهم ... ورجال دعاهم الحقّ إليه يأتونه رجالا لسرعة
الإجابة لا يركبون {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج : 27] وهم رجال المطّلع.
فرجال الظاهر هم الذين لهم التصرّف في عالم الملك والشهادة ... وأمّا رجال الباطن
فهم الذين لهم التصرّف في عالم الغيب والملكوت ... فيفتح لهؤلاء الرجال في باطن
الكتب المنزلة والصحف المطهّرة ، وكلام العالم كله ونظم الحروف والأسماء من جهة
معانيها ما لا يكون لغيرهم اختصاصا إلهيا ، وأمّا رجال الحدّ فهم الذين لهم
التصرّف في عالم الأرواح النارية عالم البرزخ والجبروت ... وأمّا رجال المطّلع فهم
الذين لهم التصرّف في الأسماء الإلهية فيستنزلون بها منها ما شاء اللّه ، وهذا ليس
لغيرهم ، ويستنزلون بها كلّ ما هو تحت تصريف الرجال الثلاثة رجال الحدّ والباطن والظاهر
، وهم أعظم الرجال» (14).
من الواضح أنّ النص يتحدّث عن مراتب وجودية
، أي عن حقيقة في مقابل حقيقة ، وليس عن فهم أو إدراك أو معرفة نظرية بإزاء حقيقة
وجودية ، وما ينسبه لهؤلاء الرجال من التصرّف الوجودي خير دليل على ما نقول. بيد
أنّ ذلك كله لا يلغي المدلول المعرفي الذي أومأ إليه النصّ الذي سبق هذا النصّ ، كما
هناك ما يدل عليه في نصوص اخرى.
على أنّ هذا التصوّر بكامل أجزائه ينسجم
تمام الانسجام مع رؤية هذا التيار التي لا تنظر إلى القرآن الكريم في حدود رسوم
الكلمات والصور اللفظية ، بل هي تعتقد أنّ وراء هذه الألفاظ حقيقة وجودية ، وما الصورة
اللفظية التي بين الدفتين إلّا التنزّل الأخير لتلك الحقيقة الوجودية.
___________________
(1)-
الفتوحات المكّية 4 : 106.
(2)- نفس المصدر : 230 فما بعد ، حيث يسوق
تطبيقات وأمثلة كثيرة على هذا التطابق.
(3)- نفس المصدر : 124.
(4)- نفس المصدر : 65- 66.
(5)- أخرجه بلفظ «اعطيت» البخاري في صحيحه ،
وكذلك مسلم والترمذي بالإضافة إلى ابن حنبل في مسنده. كما أخرجه أيضا البخاري والنسائي
بلفظ «بعثت بجوامع الكلم» . راجع في توثيق المصادر : الفتوحات المكّية ، السفر
الأوّل : 499.
(6)- الفتوحات المكّية 4 : 61.
(7)- نفس المصدر 1 : 73.
(8)- نفس المصدر 3 : 108.
(9)- نفس المصدر 1 : 56.
(10)- فلسفة التأويل ، دراسة في تأويل
القرآن عند محيي الدين بن عربي : 275.
(11)- مواقع النجوم : 67- 68 ، نقلا عن :
فلسفة التأويل : 275- 276.
(12)- الفتوحات المكّية 4 : 411.
(13)- نفس المصدر 1 : 187.
(14)- نفس المصدر : 187- 188.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|