أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2017
2749
التاريخ: 28-2-2017
3980
التاريخ: 17-10-2017
5623
التاريخ: 15-10-2017
10204
|
قال تعالى : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة : 60 - 63] .
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة : 60] .
أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطبهم فقال : {قل} يا محمد لهؤلاء المستهزئين من الكفار واليهود : {هل أنبئكم} أي : هل أخبركم {بشر من ذلك مثوبة عند الله} أي : بشر مما نقمتم من إيماننا ثوابا أي : جزاء . المعنى : إن كان ذلك عندكم شرا فأنا أخبركم بشر منه عاقبة عند الله . وقيل : معناه هل أخبركم بشر من الذين طعنتم عليهم من المسلمين ، وإنما قال {بشر من ذلك} ، وإن لم يكن في المؤمن شر على الإنصاف في المخاطبة والمظاهرة في الحجاج ، كقوله : {وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} {من لعنه الله} أي : أبعده من رحمته {وغضب عليه} بفسقه وكفره ، وغضبه عليه أراد به العقوبة والاستخفاف به .
وقيل : غضبه أن ضرب عليهم الذلة والمسكنة والجزية ، أينما كانوا من الأرض {وجعل منهم القردة والخنازير} أي : مسخهم قردة وخنازير . قال المفسرون : يعني بالقردة أصحاب السبت ، وبالخنازير : كفار مائدة عيسى . وروى الوالبي ، عن ابن عباس : " إن الممسوخين من أصحاب السبت ، لان شبانهم مسخوا قردة ، وشيوخهم مسخوا خنازير " .
{وعبد الطاغوت} قال الزجاج : هو نسق على لعنه الله (2) ، ومن عبد الطاغوت . وقال الفراء : " تأويله وجعل منهم القردة ومن عبد الطاغوت " فعلى هذا يكون الموصول محذوفا ، وذلك لا يجوز عند البصريين . فالصحيح الأول .
والطاغوت هنا الشيطان ، عن ابن عباس ، والحسن ، لأنهم أطاعوه طاعة المعبود .
وقيل : هو العجل الذي عبده اليهود ، عن الجبائي ، لان الكلام كله في صفتهم ، ولا تعلق في هذه الآية للمجبرة ، لان أكثر ما تضمنته الإخبار بأنه خلق من يعبد الطاغوت على قراءة حمزة ، أو غيره ممن قرأ عبادا ، أو عبادا ، أو عبدا ، وغير ذلك ، ولا شبهة في أنه تعالى خلق الكافر ، وأنه لا خالق للكافر سواه ، غير أن ذلك لا يوجب أن يكون خلق كفره ، وجعله كافرا ، وليس لهم أن يقولوا إنا نستفيد من قوله : " وجعل منهم من عبد الطاغوت " أو عبد الطاغوت ، أنه خلق ما به كان عابدا ، كما نستفيد من قوله {وجعل منهم القردة والخنازير} أنه جعل ما به كانوا كذلك ، وذلك أنا إنما استفدنا ما ذكروه ، لان الدليل قد دل على أن ما به يكون القرد قردا ، والخنزير خنزيرا ، لا يكون إلا من فعل الله ، وليس كذلك ما به يكون الكافر كافرا ، فإنه قد دل الدليل على أنه يتعالى عن فعله وخلقه فافترق الأمران .
{أولئك شر مكانا} أي : هؤلاء الذين وصفهم الله بأنه لعنهم ، وغضب عليهم ، وأنهم عبدوا الطاغوت ، شر مكانا ، لان مكانهم سقر ، ولا شر في مكان المؤمنين . ومثله أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا ، وقيل : معناه أنهم شر مكانا في عاجل الدنيا ، وآجل الآخرة ، ممن نقمتم من المؤمنين . أما في الدنيا فبالقتل والسبي ، وضرب الذلة والمسكنة عليهم ، وإلزام الجزية . وأما في الآخرة فبعذاب الأبد {وأضل عن سواء السبيل} أي : أجوز عن الطريق المستقيم ، وأبعد من النجاة . قال المفسرون : فلما نزلت هذه الآية عير المسلمون أهل الكتاب وقالوا : يا إخوان القردة والخنازير ، فنكسوا رؤوسهم وافتضحوا .
{ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ * وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [المائدة : 61-63] .
ثم أخبر الله تعالى عن هؤلاء المنافقين بقوله {وإذا جاؤوكم} أيها المؤمنون {قالوا أمنا} أي : صدقنا {وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به} قيل فيه قولان أحدهما : إنهم دخلوا به على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وخرجوا به من عنده ، أي :
دخلوا وخرجوا كافرين ، والكفر معهم في كلتا حالتيهم ، عن الحسن ، وقتادة .
والثاني : إن معناه وقد دخلوا به في أحوالهم ، وخرجوا به إلى أحوال أخر ، كقولك : هو يتقلب في الكفر ، ويتصرف فيه . وقوله : وهم قد خرجوا به أكد الكلام بالضمير تعيينا إياهم بالكفر ، وتمييزا لهم من غيرهم بهذه الصفة {والله أعلم بما كانوا يكتمون} معناه : بما كانوا يكتمون من نفاقهم ، إذا أظهروا بألسنتهم ما أضمروا خلافه في قلوبهم .
ثم بين الله سبحانه أنهم يضمون إلى نفاقهم خصالا أخر ذميمة فقال {وترى} يا محمد {كثيرا منهم} قيل : المراد بالكثير : رؤساؤهم وعلماؤهم {يسارعون} يبادرون {في الإثم والعدوان} قيل : الإثم الكفر ، عن السدي . والعدوان : مجاوزة حدود الله وتعديها . وقيل : الإثم كل معصية وهو الأولى . والعدوان : الظلم ، أي :
يسارعون في ظلم الناس ، وفي الجرم الذي يعود عليهم بالوبال والخسران {وأكلهم السحت} أي : الرشوة في الحكم ، عن الحسن ، وسماها سحتا لأنه يؤدي إلى الاستئصال . ويقال : لأنها تذهب بالبركة من المال . قال أهل المعاني : أكثر ما تستعمل المسارعة في الخير كقوله تعالى {يسارعون} (3) وفائدة لفظة المسارعة وإن كان لفظ العجلة أدل على الذم أنهم يعملونه كأنهم محقون فيه ، ولذلك قال ابن عباس في تفسيره : " وإنهم يجترئون على الخطأ " {لبئس ما كانوا يعملون} أي : لبئس العمل عملهم {لولا ينهاهم} أي : هلا ينهاهم ، والكناية في هم تعود إلى الكثير {الربانيون} أي : العلماء بالدين الذين من قبل الرب على وجه تغير الاسم ، كما قالوا روحاني بالنسبة إلى الروح ، وبحراني بالنسبة إلى البحر . وقال الحسن :
الربانيون علماء أهل الإنجيل {والأحبار} علماء أهل التوراة ، وقال غيره : كلهم من اليهود لأنه يتصل بذكرهم (عن قولهم الإثم) أي : عن تحريفهم الكتاب . وقيل :
عن كل ما قالوه بخلاف الحق {وأكلهم السحت} أي : الحرام والرشوة {لبئس ما كانوا يصنعون} أي : لبئس الصنع صنعهم ، حيث اجتمعوا على معصية الله ، وأنذر سبحانه علماءهم بترك التكبر عليهم ، فيما ضيعوا منزلتهم ، فذم هؤلاء بمثل اللفظة التي ذم بها أولئك وفي هذه الآية دلالة على أن تارك النهي عن المنكر ، بمنزلة مرتكبه ، وفيه وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .
_______________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 370- 373 .
2 . [والتقدير من لعنه الله] .
3 . [في الخيرات] .
{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ } . ذلك إشارة إلى حال المنتقمين ، والمثوبة تستعمل في الجزاء بالخير ، والعقوبة في الجزاء بالشر ، وقد وضعت المثوبة هنا موضع العقوبة من باب تحيتهم السباب ، والمعنى قل يا محمد لأعداء الدين والحق الذين يستهزؤون من الإسلام والأذان ، قل لهم : إن كان الإيمان باللَّه وكتبه شرا يوجب النقمة فأنا أخبركم بشرّ من هذا ، إن كان هذا شرا . . وهو { مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ والْخَنازِيرَ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ } وهذه الأوصاف كلها من أوصاف اليهود ، حيث سجل اللَّه عليهم لعنته وغضبه في أكثر من آية ، ووصفهم بعبادة الجبت والطاغوت ، وقال لهم :
كونوا قردة خاسئين ، ومن هذه الآيات :
1 - الآية 46 من النساء : { كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ } .
2 - الآية 90 من البقرة : { فَباؤُوا بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ } .
3 - الآية 65 البقرة : { فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ } . وما قال اللَّه لشيء كن إلا كان .
4 ، الآية 51 - النساء : { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ والطَّاغُوتِ } . وقيل المراد بالطاغوت الشيطان . وقيل : العجل . والصحيح أن كل من أطاع عبدا في معصية اللَّه فهو عبد له .
وقال الرازي : « احتج أصحابنا - أي الأشاعرة - بهذه الآية على ان الكفر بقضاء من اللَّه ، لأن التقدير وجعل اللَّه منهم من عبد الطاغوت » . والصحيح ان عبد معطوف على لعنه اللَّه ، لا على جعل منهم القردة ، وان التقدير هل أنبئكم بشرّ الناس ، أو بشرّ من ذلك من لعنه ومن عبد الطاغوت ، كما قلنا في فقرة ( اللغة ) ، وعليه فلا يصح الاستدلال بهذه الآية على أن الكفر من اللَّه ، لا من العبد .
{ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ } . أولئك إشارة إلى اليهود ظاهرا وتشمل كل من حاد عن الحق واقعا ، ولا يجديه قول لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه . . إذ لا إيمان بلا تقوى .
{ وإِذا جاؤُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ } . كان منافقو اليهود يدخلون على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ويقولون له : نحن بك من المؤمنين ، وهم كاذبون في أقوالهم ، وقد عبر سبحانه عن نفاقهم هذا بأنهم دخلوا على النبي بالكفر ، وخرجوا من عنده بالكفر . . ويشعر هذا التعبير بأنهم لو كانوا طلاب حق لخرجوا مؤمنين من عند الرسول بعد أن سمعوا ورأوا البينات والدلائل .
{ واللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ } من الكفر والنفاق ويجازيهم عليه بما يستحقون .
{ وتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الإِثْمِ والْعُدْوانِ وأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } . المسارعة مفاعلة وتومئ إلى التسابق والتنافس في الإثم والعدوان وأكل السحت ، أي الحرام ، وهذه سمة لا تفارق اليهود ، ومن أجلها مقتهم الناس قديما وحديثا ، إلا من يتخذ منهم أداة للشر ، تماما كالسم القاتل . .
حتى في الولايات المتحدة وكر الصهاينة يوجد جماعة كثر يناهضون اليهود .
{ لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ والأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ } . هذا التوبيخ الذي دلت عليه لو لا وبئس موجه في الظاهر لرؤساء الأديان من أهل الكتاب . . وفي الواقع موجه لكل من عرف الحق ، وسكت عنه . ان العالم باللَّه حقا المخلص له وحده يحتج على المظالم بشتى الوسائل ، وإذا تيقن أن موته في هذه السبيل ينبه الغافلين ، ويردع الظالمين أقدم عليه ، وعبر عن احتجاجه بالاستشهاد ، وتاريخ الشهداء جميعا هو تاريخ الاحتجاج على جرائم الظلم والعدوان .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 87-89 .
قوله تعالى : { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ } (إلى آخر الآية) ذكروا أن هذا أمر منه تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أن يخاطب أولئك المستهزءين اللاعبين بالدين على طريق التسليم أخذا بالنصفة في التكليم ليلزمهم أنهم إن نقموا من المؤمنين إيمانهم بالله وما أنزله على رسله فعليهم أن ينقموا أنفسهم لأنهم شر مكانا وأضل عن سواء السبيل لابتلائهم باللعن الإلهي والمسخ بالقردة والخنازير وعبادة الطاغوت فإذا لم ينقموا أنفسهم على ما فيهم من أسباب النقمة فليس لهم أن ينقموا من لم يبتل إلا بما هو دونه في الشر ، وهم المؤمنون في إيمانهم على تقدير تسليم أن يكون إيمانهم بالله وكتبه شرا ، ولن يكون شرا .
فالمراد بالمثوبة مطلق الجزاء ، ولعلها استعيرت للعاقبة والصفة اللازمة كما يستفاد من تقييد قوله : { بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً } بقوله : {عِنْدَ اللهِ} فإن الذي عند الله هو أمر ثابت غير متغير وقد حكم به الله وأمر به ، قال تعالى : {وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ} : [النحل : 96] ، وقال تعالى : {لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} : [الرعد : 41] ، فهذه المثوبة مثوبة لازمة لكونها عند الله سبحانه.
وفي الكلام شبه قلب ، فإن مقتضى استواء الكلام أن يقال : إن اللعن والمسخ وعبادة الطاغوت شر من الإيمان بالله وكتبه وأشد ضلالا ، دون أن يقال : إن من لعنه الله وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت شر مكانا وأضل إلا بوضع الموصوف مكان الوصف ، وهو شائع في القرآن الكريم كقوله تعالى : {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} (الآية) .
وبالجملة فمحصل المعنى أن إيماننا بالله وما أنزله على رسله إن كان شرا عندكم فأنا أخبركم بشر من ذلك يجب عليكم أن تنقموه وهو النعت الذي فيكم .
وربما قيل : إن الإشارة بقوله : {ذلِكَ} إلى جمع المؤمنين المدلول عليه بقوله :{هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا } وعلى هذا فالكلام على استوائه من غير قلب ، والمعنى هل أنبئكم بمن هو شر من المؤمنين لتنقموهم؟ وهم أنتم أنفسكم ، وقد ابتليتم باللعن والمسخ وعبادة الطاغوت.
وربما قيل : إن قوله : {مِنْ ذلِكَ} إشارة إلى المصدر المدلول عليه بقوله {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا } أي هل أنبئكم بشر من نقمتكم هذه مثوبة وجزاء؟ هو ما ابتليتم به من اللعن والمسخ وغير ذلك .
قوله تعالى : {وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} (إلى آخر الآية) يشير تعالى إلى نفاق قلوبهم وإضمارهم ما لا يرتضيه الله سبحانه في لقائهم المؤمنين فقال : وإذا جاءوكم قالوا آمنا أي أظهروا الإيمان والحال أنهم قد دخلوا عليكم مع الكفر وقد خرجوا من عندكم بالكفر أي هم على حالة واحدة عند الدخول والخروج وهو الكفر لم يتغير عنه وإنما يظهرون الإيمان إظهارا ، والحال أن الله يعلم ما كانوا يكتمونه سابقا من الغدر والمكر.
فقوله : {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} في معنى قولنا : لم يتغير حالهم في الكفر ، والضمير في قوله : {هُمْ قَدْ خَرَجُوا} جيء به للتأكيد ، وإفادة تمييزهم في الأمر وتثبيت الكفر فيهم.
وربما قيل : إن المعنى أنهم متحولون في أحوال الكفر المختلفة .
قوله تعالى : { وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } (إلى آخر الآية) ، الظاهر أن المراد بالإثم هو الخوض في آيات الدين النازلة على المؤمنين والقول في معارف الدين بما يوجب الكفر والفسوق على ما يشهد به ما في الآية التالية من قوله : { عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ }.
وعلى هذا فالأمور الثلاثة أعني الإثم والعدوان وأكل السحت تستوعب نماذج من فسوقهم في القول والفعل ، فهم يقترفون الذنب في القول وهو الإثم القولي ، والذنب في الفعل وهو إما فيما بينهم وبين المؤمنين وهو التعدي عليهم ، وإما عند أنفسهم كأكلهم السحت ، وهو الربا والرشوة ونحو ذلك ثم ذم ذلك منهم بقوله : { لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } ثم أتبعه بتوبيخ الربانيين والأحبار في سكوتهم عنهم وعدم نهيهم عن ارتكاب هذه الموبقات من الآثام والمعاصي وهم عالمون بأنها معاص وذنوب فقال : {لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ}.
وربما أمكن أن يستفاد من قوله : { عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } عند تطبيقه على ما في الآية السابقة : { يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } حيث ترك العدوان في الآية الثانية أن الإثم والعدوان شيء واحد ، وهو تعدي حدود الله سبحانه قولا تجاه المعصية الفعلية التي أنموذجها أكلهم السحت.
فيكون المراد بقوله : { يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } إراءة سيئة قولية منهم وهي الإثم والعدوان ، وسيئة أخرى فعلية منهم وهي أكلهم السحت.
والمسارعة مبالغة في معنى السرعة وهي ضد البطء ، والفرق بين السرعة والعجلة على ما يستفاد من موارد استعمال الكلمتين أن السرعة أمس بعمل الأعضاء والعجلة بعمل القلب ، نظير الفرق بين الخضوع والخشوع ، والخوف والخشية ، قال الراغب في المفردات : السرعة ضد البطء ، ويستعمل في الأجسام والأفعال ، يقال : سرع (بضم الراء) فهو سريع وأسرع فهو مسرع ، وأسرعوا صارت إبلهم سراعا نحو أبلدوا ، وسارعوا وتسارعوا ، انتهى .
وربما قيل : إن المسارعة والعجلة بمعنى واحد غير أن المسارعة أكثر ما يستعمل في الخير ، وأن استعمال المسارعة في المقام ـ وإن كان مقام الذم وكانت العجلة أدل على الذم منها ـ إنما هو للإشارة إلى أنهم يستعملونها كأنهم محقون فيها ، انتهى ولا يخلو عن بعد .
_________________________
1. تفسير الميزان ، ج6 ، ص 25-27 .
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [المائدة : 60] .
الآية تقارن المعتقدات المحرفة وأعمال أهل الكتاب والعقوبات التي تشملهم بوضع المؤمنين الأبرار من المسلمين لكي يتبيّن أي الفريقين يستحق النقد والتقريع ، وهذا بذاته جواب منطقي للفت انتباه المعاندين والمتطرفين في عصبيتهم .
وفي هذه المقارنة تطلب الآية من النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل هؤلاء : هل أنّ الإيمان بالله الواحد وبكتبه التي أنزلها على أنبيائه أجدر بالنقد والاعتراض ، أم الأعمال الخاطئة التي تصدر من أناس شملهم عقاب الله ؟
فتخاطب الآية النّبي بأن يسأل هؤلاء : إن كانوا يريدون التعرف على أناس لهم عند الله أشد العقاب جزاء ما اقترفوه من أعمال ، حيث تقول : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ ...} (2) .
ولا شك أنّ الإيمان بالله وكتبه ليس بالأمر غير المحمود ، وأن المقارنة الجارية في هذه الآية بين الإيمان وبين أعمال وأفكار أهل الكتاب ، هي من باب الكناية ، كما ينتقد إنسان فاسد إنسانا تقيا فيسأل الإنسان التقي ردا على هذا الفاسد : أيّهما أسوأ الأتقياء أم الفاسدون .
بعد هذا تبادر الآية إلى شرح الموضوع ، فتبيّن أنّ أولئك الذين شملتهم لعنة الله فمسخهم قرودا وخنازير ، والذين يعبدون الطاغوت والأصنام ، إنّما يعيشون في هذه الدنيا وفي الآخرة وضعا أسوأ من هذا الوضع ، لأنّهم ابتعدوا كثيرا عن طريق الحقّ وعن جادة الصواب ، تقول الآية الكريمة : {مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ} (3) .
وسنتطرق إلى معنى المسخ الذي يتغير بموجبه شكل الإنسان ، وهل أنّ هذا التغير في الشكل يشمل صورته الجسمية ، أم المراد التغير الفكري والأخلاقي ؟
وذلك عند تفسير الآية (١٦٣) من سورة الأعراف ، وبصورة مفصلة بإذن الله .
{ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ * وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة : 61 - 63] .
الآية الأولى من هذه آيات الثلاث ـ واستكمالا للبحث الذي تناولته الآيات السابقة حول المنافقين ـ تكشف عن ظاهرة الازدواجية النفاقية عند هؤلاء ، وتنبّه المسلمين إلى أنّ المنافقين حين يأتونهم يتظاهرون بالإيمان وقلبهم يغمره الكفر ، ويخرجون من عندهم المسلمين ولا يزال الكفر يملأ قلوبهم ، حيث لا يترك منطق المسلمين واستدلالهم وكلامهم في نفوس هؤلاء المنافقين أي أثر يذكر ، تقول الآية الكريمة : {وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ...} ولذلك يجب على المسلمين أن لا ينخدعوا بهؤلاء الذين يتظاهرون بالحقّ والإيمان ، ويبدون القبول لأقوال المسلمين رياء وكذبا.
وتؤكّد الآية أنّ المنافقين مهما تستروا على نفاقهم ، فإنّ الله يعلم ما يكتمون.
ثمّ تبيّن الآية الأخرى علائم من نوع آخر للمنافقين ، فتشير إلى أنّ كثيرا من هؤلاء في انتهاجهم طريق العصيان والظلم وأكل المال الحرام ، يتسابقون بعضهم مع بعضهم الآخر تقول الآية : {وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ...} (4) أي أن هؤلاء يسرعون الخطى في طريق المعاصي والظلم ، وكأنّهم يسعون إلى أهداف تصنع لهم الفخر والمجد ، ويتسابقون فيما بينهم في هذا الطريق دون خجل أو حياء.
وتجدر الإشارة ـ هنا ـ إلى أنّ كلمة «إثم» قد وردت بمعنى (الكفر) كما وردت لتعني جميع أنواع الذنوب أيضا ، وبما أنّها اقترنت في هذه الآية بكلمة (العدوان) قال بعض المفسّرين : أنّها تعني الذنوب التي تضرّ صاحبها فقط ، على عكس العدوان الذي يتعدى طوره صاحبه إلى الآخرين ، كما يحتمل أن يكون مجيء كلمة (العدوان) بعد كلمة (الإثم) في هذه الآية ، من باب ما يصطلح عليه بذكر العام قبل الخاص ، وأن مجيء كلمة «السحت» بعدهما هو من قبيل ذكر الأخص.
وعليه فالقرآن قد ذم المنافقين ، أوّلا لكل ذنب اقترفوه ، ثمّ خصص ذنبين كبيرين لما فيهما من خطر ـ وهما الظلم وأكل الأموال المحرمة ، سواء كانت ربا أم رشوة أم غير ذلك .
وخلاصة القول أن القرآن الكريم قد ذم هذه الجماعة من المنافقين من أهل الكتاب ، لوقاحتهم وصلفهم وتعنتهم في ارتكاب أنواع الآثام وبالأخص الظلم وأكل المال الحرام ، ولكي يؤكّد القرآن قبح هذه الأعمال ، قالت الآية : {لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ...} .
وتدل عبارة {كانُوا يَعْمَلُونَ} على أنّ هذه الذنوب لم تكن تصدر عن هؤلاء صدفة ، بل كانوا يمارسونها دائما مع سبق إصرار.
بعد ذلك تحمل الآية الثالثة على علمائهم الذين أيّدوا قومهم على ارتكاب المعاصي بسكوتهم ، فتقول : {لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ...} .
وقد أشرنا سابقا إلى أنّ كلمة (ربّانيون) هي صيغة جمع لكلمة (ربّاني) المشتقة من كلمة (رب) وتعني العالم أو المفكر الذي يدعو الناس إلى الله ، لكنّها قد أطلقت في كثير من الحالات على علماء المسيحيين ، أي رجال الدين المسيحي.
أمّا كلمة (أحبار) فهي صيغة جمع لكلمة (حبر) وهي تعني العلماء الذين يخلفون أثارا حسنة في المجتمع ، لكنّها أطلقت في موارد كثيرة على رجال الدين اليهود.
أمّا خلو هذه الآية من كلمة (العدوان) التي وردت في الآية قبلها ، فقد استدل بعضهم من ذلك على أن كلمة (الإثم) الواردة هنا تشمل جميع المعاني التي تدخل في إطار هذه الكلمة ومن ضمنها (العدوان).
لقد وردت في هذه الآية عبارة {قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ} التي تختلف عمّا ورد في الآية السابقة ، ولعل هذه إشارة إلى أن العلماء مكلفون بردع الناس عن النطق بما يشوبه الذنب من قول ، كما هم مكلّفون بمنع الناس عن ارتكاب العمل السيء ، ولربّما تكون كلمة (قول) الواردة هنا بمعنى (العقيدة) أي أن العلماء الذين يهدفون إلى إصلاح أي مجتمع فاسد ، عليهم أوّلا أن يصلحوا أو يغيروا المعتقدات الفاسدة التي تشيع في هذا المجتمع ، فما لم يحصل التغيير الفكري لا يمكن توقع حصول إصلاحات جذرية في الجوانب العملية ، وبهذه الصورة تبيّن الآية للعلماء أنّ الثورة الفكرية هي الأساس والمنطلق لكل إصلاح يراد تحقيقه في كل مجتمع فاسد.
وفي الختام ، يمارس القرآن الكريم نفس أسلوب الذم الذي اتّبعه مع أهل المعاصي الحقيقيين ، فيذم العلماء الساكتين الصامتين التاركين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويقبح صمتهم هذا ، كما تقول الآية : {لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ}.
وهكذا تبيّن أنّ مصير الذين يتخلون عن مسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العظيمة وخاصة إن كانوا من العلماء يكون كمصير أصحاب المعاصي ، وهؤلاء في الحقيقة شركاء في الذنب مع العاصين.
ونقل عن ابن عباس المفسّر المعروف قوله : بأنّ هذه الآية أعنف آية وبخت العلماء المتجاهلين لمسؤولياتهم الصامتين عن المعاصي.
وبديهي أنّ هذا الحكم لا ينحصر في علماء اليهود والنصارى ، بل يشمل كل العلماء مهما كانت دياناتهم إن هم سكتوا وصمتوا أمام تلوث مجتمعاتهم بالذنوب وتسابق الناس في الظلم والفساد ، ذلك لأنّ حكم الله واحد بالنسبة لجميع البشر.
وورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في إحدى خطبه ، أنّ سبب هلاك الأقوام السابقة هو ارتكابهم للمعاصي وسكوت علمائهم عليهم وامتناعهم عن النهي عن المنكر فكان ينزل عليهم ـ لهذا السبب ـ البلاء والعذاب من الله ، وأن على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر لكي لا يتورطوا بمصير أولئك الأقوام (5) .
كما ورد بنفس هذا المضمون كلام للإمام علي عليه السلام في (نهج البلاغة) في آخر خطبته القاصعة (الخطبة ١٩٢) قوله عليه السلام : «فإنّ الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلّا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلعن السفهاء لركوب المعاصي والحلماء لترك التناهي ...».
ويلفت الانتباه هنا أيضا أنّ الآية السابقة حين كانت تتحدث عن سواد الناس جاءت بعبارة (يعملون) بينما حين صار الحديث في هذه الآية عن العلماء جاءت بعبارة (يصنعون) والصنع هو كل عمل استخدمت فيه الدقة والمهارة ، بينما العمل يطلق على جميع الأفعال حتى لو كانت خالية من الدقة ، هكذا فإن هذه العبارة (يصنعون) تتضمن بحدّ ذاتها ذما أكبر ، وذلك لأنّ سواد الناس إن ارتكبوا ذنبا يكون ارتكابهم هذا ـ غالبا ـ بسبب جهلهم ، بينما العالم الذي لا يؤدي واجبه فهو يرتكب إثما عن دراية وعلم وتفكير ، ولهذا يكون عقابه أشد وأعنف من عقاب الجاهل.
___________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 563-568 .
2. إن كلمة (مثوبة) وكذلك كلمة (ثواب) تعنيان ـ في الأصل ـ الرجوع أو العودة إلى الحالة الأولى ، كما تطلقان ـ أيضا ـ لتعنيا المصير والجزاء (الأجر أو العقاب) لكنهما في الغالب تستخدمان في مجال الجزاء الحسن ، وأحيانا تستخدم كلمة (الثواب) بمعنى العقاب وفي الآية جاءت بمعنى المصير أو العقاب .
3. إنّ كلمة (سواء) تعني في اللغة (المساواة والاعتدال والتساوي) وان وجه تسمية الصراط المستقيم في الآية : {سَواءِ السَّبِيلِ} لأنّ جميع أجزاء هذا الطريق مستوية ولأن طرفيه متساويان وممهدان ، كما تطلق هذه التسمية على كل طريقة تتسم بالاعتدال وتخلو من الانحراف ، ويجب الانتباه هنا ـ أيضا ـ إلى أن عبارة {عَبَدَ الطَّاغُوتَ} عطف على جملة {مَنْ لَعَنَهُ اللهُ} وكلمة (عبد) فعل ماض وليست صيغة جمع لعبد مثلما احتمله البعض من المفسّرين وإطلاق تسمية {عَبَدَ الطَّاغُوتَ} على أهل الكتاب ، إمّا أن يكون إشارة إلى عبادة العجل من قبل اليهود ، أو إشارة إلى انقياد أهل الكتاب الأعمى لزعمائهم وكبارهم المنحرفين .
4. لقد بيّنا معنى (السحت) في تفسير الآية (٤٢) من هذه السورة ، وشرحنا معنى (يسارعون) في تفسير الآية (٤١) من هذه السورة أيضا ، في هذا الجزء.
أمّا كلمة (إثم) فقد شرحنا معانيها في تفسير الآية (٢١٩) من سورة البقرة ، في المجلد الأوّل .
5. نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٦٤٩.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|