أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2017
441
التاريخ: 22-8-2017
203
|
انحطاط الدلالة
وكثيراً ما يصيب الدلالة بعض الانهيار أو الضعف، فنراها تفقد شيئا من أثرها في الأذهان، أو تفقد مكانتها بين الألفاظ التي تنال من المجعمع الاحترام والتقدير. فهناك ألفاظ تبدأ حياتها بأن تعبر في قوة عن أمر شنيع أو فظيع، حتي إذا طرقت الآذان فزع المرء لسماعها، وأحس أنها أقوي ما يعبر عن تلك الحال، ثم تمر الايام و تشيع تلك الألفاظ، ويكثر تساولها بين الناس، وعم عادة مشغوفون في كلامهم بالإسراف والمغالاة، فيستعملونها في مجال أضعف من مجالها الأول رغبة منهم في أن يحيطوا معانيهم بحالة من القوة لامبرر لها في الحقيقة. وهنا ت..هار القوة التي في الدلالة الاولي، ويصبح اللفظ بعد شيوعه ماوفا لا تخيف دلالته ولا تفزع النفوس. ففي اللغة الإنجليزية مثلا ثلاث كلمات في الوصف بالشناعة أو الفظاعة هي : Drdadful, Terribie, Horrible كانت اذا استعملت خلال القرن الثامن عشر اقزعت السامع، وجعلته يشعر بما يشبه هول القيامة. ولم يكن الكتاب يتناولونها إلا حين يثور يركان ثورة عنيفة، او حسين تزلزل الأرض زلزالا يخرب المدن، ويذهب ضحيته آلاف من البشر !! ثم النهارت دلالة هذا الاوصاف و سمعناها علي ألسنة الإنجليز يصفون بها الحدث القانه كسقوط فنجان من الشاي علي السجادة، أو اصطدام دراجة بالحائط، ونحو هذا !؟
ويشبه هذا ما نسمعه في بعض لهجات الخطاب حين تستعمل كلمة «القتل والقتال» في الشجار حتي مع ضعف شأنه ونتائجه. وكذلك كلمة «الكرسي» استعملت في القرآن الكريم بمعني «العرش» في قوله تعالي ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ ؛ غير أن هذه الكلمة أصبحت الآن تطلق علي «كرسي» السفرة وكرسي المطبخ.
ص120
وكانت الكلمة الإنجليزية Astonish فيما مضي تعني أصيب بصاعقة ، فأصبحت الان وقد اقتصرت دلالتها علي الدهشة والاستغراب. وانوصف «لئيم» في اللغة العربية كانت دلالته في الأساليب القديمة أفوي مما هي عليه في ألسنة الناس الآن. ويقال في كل هذا إن دلالة اللفظ قد أصابها الضعف بعد القوة.
وهناك ألفاظ أخري تصيبه االخسة بعد الرفعة ونفقد الاحترام الذي كان لهم في المجتمع. وأكثر ما يكون هذا في الألقاب الدنيوية كلفظ «أفندي» حين تقارن حالها في أواخر القرن التاسع عشر بحالها في منتصف القرن المشرين. وقد كان «الحاجب» في الدولة الأندلسية بمثابة رئيس الوزراة ، ورأينا آن... ما أصاب كلمة «الوزير» العربية حين أصبحت في الإسبانية لا تعني اكثر من شرطي، وفي الإبطالية «مساعد عشماوي» !! كما رأينا أن «طول اليد» قد وردت في الحديث الشريف بمعني السخاء والجود حين قالت للنبي نساؤه «أينا أسرع لحاقا بك يا رسول الله؟» فقال (ص): «أطولكن يدا» !! والكلمة كما هو معروف لنا جميعا تستعمل الان علي الألسنة وفي لهجات الخطاب بمعني السرقة.
وأخيرا يكفي أن نذكر ما اصاب الكلمات التي تعبر عن «المرحاض» في الأجيال المختلفة من خسة في الدلالات أدت إلي الاستبدال بها ألفاظاً أخري في أزمنة متعاقبة.
ص121
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|