أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-02-2015
1517
التاريخ: 13-02-2015
1479
التاريخ: 22-04-2015
1445
التاريخ: 22-04-2015
1793
|
أدل دليل على أنّ الإسلام رسالة عالمية ، أنّه يكافح النزعات الاقليمية والطائفية ولا يفرق بين اللون والجنس والعنصر ولا يفضّل أحداً إلاّ بالتقوى ، ويزيّف كل مقياس سواه ويقول : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ } ( الحجرات ـ 13 ).
كفى له فخراً أنّه أوّل من حارب العصبية والنعرات الطائفية ودعا إلى الاخوة الانسانية ، والزمالة البشرية ، والانضواء تحت لواء واحد وهو لواء التوحيد المطلق.
أجل حارب العصبية ، والنعرات الطائفية في ظل وحدات ثمان ، وهو أوّل من أسّسها وأشاد بنيانها ، أعني : وحدة الاُمّة ، وحدة الجنس البشري ، وحدة الدين ، وحدة التشريع ، وحدة الاخوة الروحية ، وحدة الجنسية الدولية ، وحدة القضاء ، بل وحدة اللغة الدينية (1).
وقد بلغت بها الاُمّة الإسلامية في العصور السالفة المزدهرة ، الذروة من المجد والعظمة ، فأصبحت ساسة البلاد وحكّام العباد.
أو ليس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قائل تلكم الكلم الدرية التالية ، القاضية على كل نعرة طائفية ، والانتماء إلى فئة خاصة والاتجاه إلى نجاح شعب خاص ، فكيف ترمى شريعته بالطائفية وانقاذ جماعة معينة دون غيرها ؟
1. قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : « أيّها الناس أنّ الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها ألا بآبائها أنّكم من آدم وآدم من طين ، ألا أنّ خير عباد الله ، عبد إتقاه » (2).
2. « ألا أنّ العربية ليست بأب والد ، ولكنّها لسان ناطق ، فمن قصر عمله لم يبلغ به حسبه » (3).
3. « انّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا ، مثل أسنان المشط ، لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لأحمر على أسود إلاّ بالتقوى » (4).
4. « إنّما الناس رجلان : مؤمن تقي ، كريم على الله; وفاجر شقي ، هيّن على الله » (5).
وللدكتور حسن إبراهيم حسن هنا كلمة قيّمة ، يقول : « ينكر بعض المؤرخين أنّ الإسلام قد قصد به مؤسسه في بادئ الأمر أن يكون ديناً عالمياً برغم هذه الآيات البيّنات ومن بينهم « وليم ميور » إذ يقول : « إنّ فكرة عموم الرسالة جاءت فيما بعد ، وأنّ هذه الفكرة على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تؤيدها ، لم يفكر فيها محمد نفسه ، وعلى فرض أنّه فكّر فيها ، كان تفكيره تفكيراً غامضاً ، فإنّ عالمه الّذي كان يفكّر فيه إنّما كان بلاد العرب كما أنّ هذا الدين الجديد لم يهيأ إلاّ لها ، وأنّ محمداً لم يوجّه دعوته منذ بعث إلى أن مات إلاّ للعرب دون غيرهم ، وهكذا نرى أنّ نواة عالمية الإسلام قد غرست ولكنها إذا كانت قد اختمرت ونمت بعد ذلك فاّنما يرجع هذا إلى الظروف والأحوال أكثر منه إلى الخطط والمناهج ».
وكذلك شك « كيتاني » في أن يكون النبي قد تخطّى بفكره حدود الجزيرة العربية ليدعو اُمم العالم في ذلك الوقت إلى هذا الدين.
ومن الغريب أن يشك « وليم ميور » في صحة دعوى عموم الرسالة ، وأن يبني شكه هذا على أنّ محمداً ما كان يعرف غير الجزيرة ، وأنّها كانت عالمه الذي لم يفكّر في سواه ، وأنّ هذا الدين لم يهيأ إلاّ لتلك البلاد ، وأنّ محمداً منذ بعث إلى أن مات لم يوجّه دعوته إلاّ للعرب دون غيرهم ، فهل خفيت على ذلك المؤرّخ صلة قريش بدول ذلك العهد ، وما أتاحته لها التجارة من دراية وخبرة بشؤون هذه الاُمم وأحوالهم ، وأنّ محمداً بوجه خاص قد سافر غير مرة للتجارة إلى بلاد الشام ، فقد سافر وهو صبي مع عمه « أبي طالب » في تجاراته حتى إذا بلغ خديجة ما بلغها عن خبرته وأمانته ، ألقت بمالها بين يديه ، فكان من مهارته وحذقه ما جعلها تعرض عليه الزواج منها ، ثم ظل يشتغل بالتجارة حتى بعث ، فبعد ذلك يمكن أن يقال عن محمد أنّه كان لا يعرف غير بلاد العرب وهو رجل عصامي لم يكسب مركزه الممتاز في مكّة قبيل البعثة إلاّ من ذكاء عقله وكفاية مواهبه.
هل يستبعد على محمد الذي خرج من مكة ناجياً بنفسه ونفس صاحبه أن يتخطفها الناس لائذاً بأهل المدينة الذين آووه ونصروه ، ثم صبر وصابر حتى عاد إلى مكة بعد ثماني سنين وهو السيد الآمر فيها وفي الجزيرة ، تحوم حول شخصه مائة ألف من القلوب أو تزيد ، ومن ورائهم كثيرون من أرجاء الجزيرة العربية يدينون له بالطاعة يقدم عليه رؤساؤها وأكابرها هل يبعد على هذا الرجل أن يرنو بناظره إلى ما وراء الجزيرة ليبسط عليه سلطانه ، إن كان من محبي السلطة والحكم أو ليفيض عليها من الذي غمر الجزيرة وملأها عدلاً وأمناً ودعة وحبّاً ؟
لو قيل أنّ الاسكندر المقدوني كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالم القديم كلّه وتجعله يلتف حول هذا الشاب الإغريقي لصدقنا ، ولو قيل أنّ « نابليون » كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالمين القديم والجديد ، ليجلس على عرشها الفتي لصدقنا.
أمّا إذا قيل أنّ محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكّر في أن يدعو خلق الله المتاخمين لجزيرة العرب والمتّصلين بقريش ـ اتصالاً تعيش عليه قريش وينبني على أساسه كلّ شيء في البنية القرشية ـ فذلك أمر يعز على البحث النزيه والعقل الحر ( بزعم « وليم ميور » ) أن يقبله إلاّ أن يكون تفكير ذلك النبي في هذا الأمر تفكيراً على نحو غامض.
وأمّا القول بأنّ ذلك الدين لم يهيأ إلاّ لبلاد العرب ، فإنّ ذلك لم يمنع محمداً من التفكير في تعميم دينه ، لأنّ هذا التفكير سواء أتحقق أم لم يتحقق ، إنّما يعتمد على اعتقاده أن دينه صالح لذلك ، وقد ثبت من القرآن أنّه كان يعتقد أنّ الإسلام قد هيّئ لكلّ حالة ، وأنّ القرآن قد تكفّل بتبيان كلّ شيء ، إذ يقول الله تعالى لرسوله في غير آية : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } ( سورة النحل ـ 89 ).
ويؤيد دعوى عموم الرسالة للجنس البشري قول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ بلالاً أوّل ثمار الحبشة ، وأنّ صهيباً أوّل ثمار الروم ، وكذلك ما قاله عن سلمان الذي كان أوّل من أسلم من الفرس ، فكان عبداً نصرانياً بالمدينة اعتنق هذا الدين الجديد في السنة الاُولى من الهجرة ، وهكذا صرّح الرسول في وضوح وجلاء ، أنّ الإسلام ليس مقصوراً على الجنس العربي قبل أن يدور بخلد العرب أي شيء يتعلّق بحياة الفتح والغزو بزمن طويل ، ويؤيد ذلك ما ورد في القرآن الكريم في تلك الآيات البينات » (6).
__________________
(1) كل ذلك دليل على عالمية تشريعه ، وسعة نطاق رسالته ، ويجد الباحث في الذكر الحكيم والأحاديث الإسلامية دلائل واضحة على كل واحدة من هذه الوحدات ، فلا نقوم بذكرها لئلاّ يطول بنا المقام وقد بحثنا عنها في الجزء الثاني.
(2 و 3 و 4 و 5) راجع للوقوف على مصادر هذه الكلمات : روضة الكافي ، ص 248 ، سيرة ابن هشام ج 2 ، ص 412 ، بحار الأنوار ، ج 21 ، ص 105 ، والشرح الحديدي ، ج 17 ، ص 281 ، وقد أوردنا شطراً آخر من هذه الأحاديث في الجزء الثاني.
(6) تاريخ الإسلام السياسي ـ الطبعة الخامسة ـ ج 1 ، ص 167 ـ 170 ، وذكر في المقام بعض الآيات التي تدل على عمومية رسالته.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|