أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-8-2017
2880
التاريخ: 3-9-2017
8877
التاريخ: 7-8-2017
3764
التاريخ: 8-8-2017
2631
|
كان سيّدنا العباس (عليه السلام) دنيا من الفضائل والمآثر فما من صفة كريمة أو نزعة رفيعة إلاّ وهي من عناصره وذاتياته وحسبه فخراً أنّه نجل الإمام أمير المؤمنين الذي حوى جميع فضائل الدنيا وقد ورث أبو الفضل فضائل أبيه وخصائصه حتى صار عند المسلمين رمزاً لكل فضيلة وعنواناً لجميع القيم الرفيعة ... .
أمّا الشجاعة فهي من أسمى صفات الرجولة لأنها تنمّ عن قوة الشخصية وصلابتها وتماسكها أمام الأحداث وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود كما ورث هذه الصفة من أخواله الذين تميّزوا بهذه الظاهرة وعرفوا بها من بين سائر الأحياء العربية.
لقد كان أبو الفضل دنيا في البطولات فلم يخالج قلبه خوف ولارعب في الحروب التي خاضها مع أبيه كما يقول بعض المؤرخين وقد أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التأريخ فقد كان ذلك اليوم من أعظم الملاحم التي جرت في الإسلام وقد برز فيه أبو الفضل أمام تلك القوى التي ملأت البيداء فجبَّنَ الشجعان وأرعب قلوب عامة الجيش فزلزلت الأرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامة إن تخلّى عن مساندة أخيه فهزأ منهم العبّاس وزاده ذلك تصلّباً في الدفاع عن عقيدته ومبادئه.
ان شجاعة أبي الفضل (عليه السلام) وما أبداه من البسالة يوم الطفّ لم تكن من أجل مغنم مادي من هذه الحياة وانّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشهداء المدافع الأوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
وبهر شعراء الإسلام بشجاعة أبي الفضل وقوّة بأسه وما ألحقه بالجيش الأموي من الهزيمة الساحقة وفيما يلي بعض الشعراء الذين هاموا بشخصيته.
1 ـ السيّد جعفر الحلّي :
ووصف الشاعر العلوي السيّد جعفر الحلّي في رائعته ما مُني به الجيش الأموي من الرعب والفزع من أبي الفضل (عليه السلام) يقول :
وقع العذاب على جيوش أميّة ... من باسل هو في الوقائع معلم
ما راعهم إلاّ تقحم ضيغم ... غيران يعجم لفظه ويدمدم
عبست وجوه القوم خوف الموت ... والعبّاس فيهم ضاحك يتبسّم
قلب اليمين على الشمال وغاص في ... الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم
ما كرّ ذو بأس له متقدماً ... إلاّ وفرّ ورأسه المتقدّم
صبغ الخيول برمحه حتى غدا ... سيان أشقر لونها والأدهم
ما شدّ غضباناً على ملمومه ... إلاّ وحلّ بها البـلاء المبـرم
وله إلى الاقدام نزعة هارب ... فكأنّما هـو بالتقـدم يسلـم
بطل تورث من أبيه شجاعة ... فيها أنوف بني الضلالة ترغم
أرأيتم هذا الوصف الرائع لبسالة أبي الفضل وقوة بأسه وشجاعته النادرة.
أرأيتم كيف وصف الحلّي ما حلّ بالجيش الأموي من الجبن الشامل والهزيمة الساحقة حينما برز إليهم قمر بني هاشم وبطل الإسلام فأنزل بهم العذاب الأليم وترك صفوفهم تموج من الخوف والرعب وكان العباس متبسّماً مثلوج الفؤاد مما ينزل بهم من الخسائر الفادحة فقد ملأ ساحات المعركة بجثث قتلاهم وصبغ خيولهم بدمائهم وفيما أحسب أنّه لم توصف البسالة والشجاعة بمثل هذا الوصف الرائع الدقيق والذي لا مبالغة فيه حسبما تحدّث الرواة عمّا أنزله العباس (عليه السلام) بأهل الكوفة من الخسائر الجسيمة.
ويستمرّ السيد الحلّي في وصف شجاعة أبي الفضل فيقول :
بطل إذا ركب المطهم خلْته ... جبلاً أشمّ يخف فيه مطهم
قسماً بصارمه الصقيل وانني ... في غير صاعقة السماء لا أقسم
لولا القضا لمحا الوجود بسيفه ... والله يقضي ما يشاء ويحكم
لقد كان سيف أبي الفضل صاعقة مدمّرة قد حلّت بأهل الكوفة ولولا قضاء الله لأتى العبّاس على الجيش ومحاهم من ساحة الوجود.
2 ـ الإمام كاشف الغطاء :
وبهر الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء ; بشجاعة أبي الفضل فقال في قصيدته العصماء :
وتعبس من خوف وجوه أميّة ... اذا كرّ عبّاس الوغى يتبسّم
عليم بتأويل المنيّة سيفه ... تزول على من بالكريهة معلم
وان عاد ليل الحرب بالنقع ألْيلا ... فيوم عداه منه بالشر أيوم
لقد عبست وجوه الجيش الأموي رعباً وخوفاً من أبي الفضل الذي حصد رؤوس أبطالهم وحطّم معنوياتهم وأذاقهم وابلاً من العذاب الأليم.
3 ـ الفرطوسي :
وعرض شاعر أهل البيت : الشيخ عبد المنعم الفرطوسي نضّر الله مثواه في ملحمته الخالدة إلى شجاعة أبي الفضل وبسالته في ميدان الحرب قال :
علم للجهاد في كل زحف ... علم في الثبات عند اللقاء
قد نما فيه كل بأس وعزّ ... من عليّ بنجدة وإباء
هو ثبت الجنان في كل روع ... وهو روع الجنان من كل راء
وأضاف الفرطوسي مصوّراً ما أنزله أبو الفضل من الخسائر الفادحة في جيوش الأمويين قال :
فارتقى صهوة الجواد مطلاً ... علمـاً فـوق قلعة شمّـاء
وتجلّى والحرب ليل قثام ... قمراً فـي غياهب الظلماء
فاستطارت مـن الكمـاة قلوب ... أفرغت من ضلوعها كالهواء
وتهاوت جسومهم وهي صرعى ... واستطارت رؤوسهم كالهباء
وهو يرمي الكتائب السود رجما ... بالمنايا من اليد البيضاء
إن شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ الشعراء وصارت مضرب المثل على امتداد التأريخ ومما زاد في أهميتها انّها كانت لنصرة الحق والذبّ عن المثل والمبادئ التي جاء بها الإسلام وانها لم تكن بأي حال من أجل مغنم مادي من مغانم هذه الحياة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|