أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2017
3055
التاريخ: 11-12-2014
3692
التاريخ: 21-6-2017
3112
التاريخ: 28-5-2017
3792
|
ليعلم انّ سورة الفتح نزلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حين رجوعه من الحديبية و كانت تبشر بفتح خيبر كما قال تعالى{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] كان لخيبر سبعة حصون بهذه الاسامي: 1- ناعم 2- قموص (كصبور، و هو جبل قرب خيبر و عليه حصار أبو العتق) 3- كتيبة (بتقديم التاء كالسفينة) 4- شق (بكسر الشين و فتحها) 5- نظاة (بفتح النون) 6- وطيح (كأمير بفتح الواو و كسر الطاء) 7- سلالم (بضم السين و كسر اللام).
لمّا رجع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من الحديبية مكث عشرين يوما في المدينة ثم أمر بالتهيؤ للقتال فخرج في الف و أربعمائة رجل الى خيبر، فلمّا بلغ اليهود ذلك تحصّنوا في قلاعهم فأصبحوا يوما و أفئدتهم تخفق و فتحوا حصونهم و غدوا الى أعمالهم معهم المساحي و الكرازين و المكاتل فلمّا نظروا الى جيش رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) محاصرا القلاع، صاحوا: و اللّه هذا محمد و جيشه، فولّوا هاربين الى حصونهم.
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «اللّه أكبر، خربت خيبر! انّا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» فتفأل (صلّى اللّه عليه و آله) بخراب حصونهم لمّا رأهم على تلك الهيئة و بيدهم ادوات التخريب، اما اليهود فانهم استعدوا للقتال و جعلوا النساء و الذراري في قلعة كتيبة وجعلوا الغلة و الثمار في حصن ناعم و حصار صعب و اجتمع رجال الحرب في قلعة نظاة، فقال الحباب بن المنذر: هؤلاء اليهود يحبّون هذه النخيل أكثر من اولادهم و أهلهم و عشيرتهم، فاذا قطعناها زاد حزنهم و همّهم، فأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بقطعها فقطعت أربعمائة نخلة.
وعلى أي حال نشبت الحرب بين المسلمين و اليهود و افتتح المسلمون اكثر القلاع ثم حاصروا قلعة قموص و كانت أصلب من بقية القلاع وأصيب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بوجع شديد في رأسه الشريف فلم يتمكن من الحضور في المعارك، فكان كل يوم يعطي الراية لاحد الاصحاب فيأخذ الراية في الصباح لمقاتلة القوم و لكن يرجع من دون أي فتح، أبو بكر أخذ الراية في يوم فرجع منهزما و في اليوم الآخر أخذها عمر ثم رجع كذلك منهزما، كما قال ابن ابي الحديد- من علماء أهل السنة- في قصيدته لفتح خيبر:
و ان أنس لا أنس الذين تقدما و فرّهما و الفرّ قد علما حوب
و للراية العظمى و قد ذهبا بها ملابس ذلّ فوقها و جلابيب
يشلّهما من آل موسى شمردل طويل نجاد السيف أجيد يعبوب
عذرتكما انّ الحمام لمبغض و انّ بقاء النفس للنّفس محبوب
فلمّا رجع عمر في المساء قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) «لأعطين الراية غدا رجلا كرارا غير فرّار يحب اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، و لا يرجع حتى يفتح اللّه على يده» فاجتمع الاصحاب في الغد و تتطاولت أعناقهم علّهم يكونوا ذلك الرجل فقال (صلّى اللّه عليه و آله): أين عليّ بن أبي طالب؟ فقالوا: يا رسول اللّه هو يشتكي عينيه و لا يقدر على النهوض فقال: أرسلوا إليه، فذهب سلمة بن الأكوع الى علي (عليه السّلام )و أخذ بيده و جاء به الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فوضع النبي رأسه في حجره و بصق في عينه فبرأ في وقته من الرمد.
قال حسان بن ثابت:
و كان علي أرمد العين يبتغي دواء فلمّا لم يحس مداويا
شفاه رسول اللّه منه بتفلة فبورك مرقيا و بورك راقيا
وقال سأعطي الراية اليوم صارما كميّا محبّا للرسول مواليا
يحب الهي و الاله يحبه به يفتح اللّه الحصون الأوابيا
فأصفى بها دون البريّة كلّها عليّا و سمّاه الوزير المؤاخيا
فأعطى الراية عليا فأخذها و خرج مهرولا حتى وصل لى حصن قموص، فخرج مرحب متبخترا من الحصن كعادته و مرتجزا:
قد علمت خيبر انّي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
فأقبل عليه عليّ (عليه السّلام )قائلا:
أنا الذي سمّتني امّي حيدرة ضرغام آجام و ليث قسورة
فلمّا سمع مرحب رجز علي (عليه السّلام )تذكر قول ظئره الكاهنة بانّك قاتل كل من قاتلك و غالب كل من غالبك الّا من تسمّى عليك بحيدرة فانّك ان وقفت له هلكت فلمّا تذكر هذا هرب خوفا فتمثّل له ابليس في صورة حبر من أحبار اليهود و قال له: حيدرة في الدنيا كثير، الى أين تفرّ، فرجع و أراد أن يضرب عليا (عليه السّلام )فسبقه و ضربه ضربة بذي الفقار على رأسه فهلك في الحال.
وهرب اليهود الى حصن قموص و اغلقوا بابه فجاء علي (عليه السّلام )الى باب القلعة شاهرا سيفه و أخذ تلك الباب الحديدية و هزّها و أخرجها من مكانها فاهتزّ الحصن هزّة شديدة وسقطت صفية بنت حيي بن أخطب من على سريرها و أصاب وجهها جرح.
فأخذ (عليه السّلام )الباب و جعلها درعا و حارب القوم بها، فانهزم اليهود في جحورهم ثم جعل (عليه السّلام )الباب قنطرة على الخندق و وقف هو على شرف الخندق، فعبر جيش المسلمين عليها، ثم أخذها و رماها الى اربعين ذراعا.
فجاء اربعون رجلا ليحركوها من مكانها فلم يقدروا و انشد الشعراء سيّما شعراء العرب في هذا المقام اشعارا كثيرة، فنذكر ابياتا من شعر الشيخ الازري رحمه اللّه: قال و للّه دره:
و له يوم خيبر فتكات كبرت منظرا على من رأها
يوم قال النبي انّي لأعطي رايتي ليثها و حامي حماها
فاستطالت أعناق كل فريق ليروا أي ماجد يعطاها
فدعا أين وارث الحلم و الب أس مجير الايّام من باساها
أين ذو النجدة العلى لو دعته في الثريا مروعة لباها
فأتاه الوصي أرمد عين فسقاها من ريقة فشفاها
و مضى يطلب الصفوف فولّت عنه علما بأنّه امضاها
و برى مرحبا بكف اقتدار أقوياء الاقدار من ضعفاها
و دحى بابها بقوة باس لو حمته الافلاك منه دحاها
عائذ للمؤمّلين مجيب سامع ما تسرّ من نجويها
وفي رواية انّه قدم جعفر من الحبشة في اليوم الذي فتحت خيبر، فسرّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بقدومه و علّمه صلاة جعفر المعروفة و كان جعفر حاملا الهدايا و التحف الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فكان من جملتها قطيفة، فأعطاها النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السّلام )فأخذها و جعلها سلكا سلكا فباعها فكانت ألف مثقال، ففرقها على مساكين المدينة و لم يدع عنده شيئا منها.
ثم كانت في السنة السابعة عمرة القضاء، و ذلك انّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لما رجع من خيبر عزم على زيارة بيت اللّه الحرام، فأمر أصحابه في شهر ذي القعدة بالتهيؤ للسفر لقضاء عمرة الحديبية.
فخرج معه الذين شهدوا الحديبية و غيرهم و حملوا السلاح خفية، حذرا من غدر المشركين بهم وكانت معهم سبعون بدنة فركب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على ناقته القصوى و أصحابه معه فرسانا و راجلين حاملي السيوف في أغمادها فوصلوا الى الجحون و خرجوا منها الى مكّة ملبين.
وكان خطام البعير بيد عبد اللّه بن رواحة فدخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) البيت على تلك الهيئة و بيده محجن يستلم به الحجر الاسود و أمر أصحابه بالاضطباع في الطواف و اظهار التجلد و الشدّة كي لا يرى المشركون فيهم ضعفا و رخاوة فصارت الهرولة و الاسراع في الطواف سنّة، ثم مكث (صلّى اللّه عليه و آله) في مكّة ثلاثة ايّام و رجع الى المدينة.
و تزوج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بامّ حبيبة بنت أبي سفيان و كان زفافها في هذه السنة، و كانت قبل ذلك زوجة عبد اللّه بن جحش فأسلمت معه و هاجرا سويّة الى الحبشة فارتدّ زوجها هناك و مات على دين النصارى و لكنها بقيت على اسلامها حتى وصلت رسالة الى النجاشي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أن يزوجه ايّاها، فجمع النجاشي المسلمين و فيهم جعفر بن ابي طالب فعقدها النجاشي وكالة عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و كان وكيلها خالد بن سعيد بن العاص.
فقال النجاشي: «الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أنّ لا إله الّا اللّه، و أنّ محمّدا عبده و رسوله، و انّه الذي بشر به عيسى بن مريم، أما بعد فانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت الى ما دعا إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قد أصدقتها أربعمائة دينار».
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال: «الحمد للّه أحمده و أستعينه و استغفره و أشهد أن لا إله الّا اللّه و انّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون، أما بعد فقد أجبت الى ما دعا إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و زوّجته أمّ حبيبة بنت أبي سفيان فبارك اللّه لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)» فقبض خالد الدنانير ثم أمر النجاشي بالطعام، فأكل الجمع ثم تفرّقوا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|