أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-7-2017
1390
التاريخ: 29-11-2018
1158
التاريخ: 23-5-2018
1156
التاريخ: 13-3-2018
1506
|
ا لقد عاصر الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في فترة حياته الشريفة أربعة من طواغيت زمانه وجبابرة عصره من بني العباس السفاحين. عاش ردحا من الزمن معاصرا للمنصور الدوانيقي الذي ما تورع في إبادة أمة بكاملها في سبيل تثبيت عرش بني العباس، ولما هلك تربع على العرش العباسي ابنه محمد المهدي، وسار على منهج سلفه في القتل وسفك دماء المسلمين، بل زاد على ما فعله أبوه، وبعد هلاكه خلفه الطاغية الشاب النزق الفاسق الفاجر السفاح موسى الهادي العباسي، ولم يطل به المقام حتى هلك، فخلفه أخوه الطاغية الجبار هارون الرشيد الذي زاد في الظلم والجور وسفك دماء المؤمنين على نهج أسلافه الطغاة الظلمة، حتى قضى الإمام (عليه السلام) مسموما شهيدا في سجن المجرم السفاح السندي بن شاهك عليه وعلى أسياده لعنة الله ولعنة اللاعنين. وخلال هذه الفترة المتمادية من السنين تحمل الإمام (عليه السلام) صنوف الإرهاب السياسي والفكري والعذاب النفسي والجسدي، ما لا تتحمله الجبال الرواسي. وقد واجه الإمام (عليه السلام) كل تلكم الماسي التي تنهد لهولها الجبال بعزم ثابت وإرادة لا تلين، وبتصميم راسخ لا تزعزعه العواصف ولا تزيله القواصف، موطنا نفسه على مواجهة وتحمل كل الصعاب التي مارسها حكام الجور ضده وضد العلويين من آله، كما شمل ذلك العنت والعذاب أصحابه البررة والموالين المنتسبين لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد صمم (عليه السلام) على مواجهة كل ما يستجد من جور الحكام العباسيين وتابعيهم من محن ومآس في سبيل ترسيخ دعائم شريعة السماء وما جاء به جده المصطفى صلوات الله عليه، حتى ظهور المنقذ الأعظم للبشرية، وحتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. اتخذ الإمام الكاظم (عليه السلام) السلبية موقفا له في التعامل مع السلطة الحاكمة وأجهزتها، فقد كان يبدي التحفظات في ممارسة أي عمل للنظام الحاكم، وكان يندد بمواقف بعض المتملقين للحكم والعاملين في أجهزته. وتتضح دعوته (عليه السلام) في تحريم التعاون مع الحكم في أي مجال من المجالات، خلال حواره مع صفوان الجمال، فقد روى الكشي عن حمدويه قال: حدثني محمد ابن إسماعيل الرازي، قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، قال: حدثني صفوان ابن مهران الجمال، قال: دخلت على أبي الحسن الأول (عليه السلام) فقال لي: يا صفوان، إن كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك، أي شيء؟ قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعني هارون -. قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق - يعني طريق مكة - ولا أتولاه، ولكن أبعث معه غلماني. فقال لي: يا صفوان، أيقع إكراؤك عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك. فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك. قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان واردا النار. قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، وقال: يا صفوان، بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت: نعم. فقال: لم؟ قلت: أنا شيخ كبير، وإن الغلمان لا يفون بالأعمال. فقال: هيهات هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار موسى ابن جعفر. قلت: ما لي ولموسى بن جعفر. فقال: دع هذا عنك، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (1).
وثمة موقف آخر أعرب فيه الإمام عن نقمته وسخطه الشديدين على حكومة هارون ودعوته إلى حرمة التعاون معهم بأي لون كان، وقد منع (عليه السلام) الركون إليهم مستشهدا بقوله تعالى: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113] (2) وقد حرم على المسلمين الميل إليهم وأكد على ضرورة مقاطعتهم حتى لو كان ذلك مستندا إلى التخلي عن بعض المصالح الشخصية، كما وحذر أصحابه من الدخول في أجهزة الدولة أو قبول أي وظيفة من وظائفها أو الانضمام إلى أجهزتها، ويتضح ذلك في موقفه من زياد بن أبي سلمة، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام)، فقال لي: يا زياد، إنك لتعمل عمل السلطان؟ قال: قلت: أجل. قال لي: ولم؟ قلت: أنا رجل لي مروة وعلي عيال، وليس وراء ظهري شيء. فقال لي: يا زياد، لأن أسقط من حالق (3) فأتقطع قطعة قطعة، أحب إلي من أن أتولى لأحد منهم عملا، أو أطأ بساط رجل منهم، إلا لماذا؟ قلت: لا أدري، جعلت فداك. قال: إلا لتفريج كربة عن مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه. يا زياد، إن أهون ما يصنع الله بمن تولى لهم عملا أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق. يا زياد، فإن وليت شيئا من أعمالهم، فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، والله من وراء ذلك. يا زياد، أيما رجل منكم تولى لأحد منهم عملا ثم ساوى بينكم وبينهم فقولوا له: أنت منتحل كذاب. يا زياد، إذا ذكرت مقدرتك على الناس، فاذكر مقدرة الله عليك غدا، ونفاد ما أتيت إليهم عنهم، وبقاء ما أتيت إليهم عليك (4). وقد استثنى الإمام (عليه السلام) ولمصالح خاصة أحد أصحابه الكبار أن يتولى منصب الوزارة أيام هارون ومن قبلها منصب الأزمة أيام المهدي، ألا وهو علي ابن يقطين، وقد تقدم إلى الإمام (عليه السلام) مرات عديدة يطلب منه الإذن في ترك منصبه والاستقالة منه فنهاه (عليه السلام) عن ذلك. ففي كتاب قضاء حقوق المؤمنين لأبي علي بن طاهر، قال: استأذن علي ابن يقطين مولاي الكاظم (عليه السلام) في ترك عمل السلطان فلم يأذن له، وقال: لا تفعل، فإن لنا بك أنسا، ولإخوانك بك عزا، وعسى أن يجبر بك كسرا، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه. يا علي، كفارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، اضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثة، اضمن لي أن لا تلقى أحدا من أوليائنا إلا قضيت حاجته وأكرمته، وأضمن لك أن لا يظلك سقف سجن أبدا، ولا ينالك حد سيف أبدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا. يا علي، من سر مؤمنا فبالله بدأ، وبالنبي (صلى الله عليه وآله) ثنى، وبنا ثلث (5). وفي الكافي والتهذيب بالإسناد عن إبراهيم بن أبي محمود، عن علي ابن يقطين، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: إن كنت لابد فاعلا فاتق أموال الشيعة. قال: فأخبرني علي أنه كان يجبيها من الشيعة علانية ويردها عليهم في السر (6). وفي قرب الإسناد، بالإسناد عن علي بن يقطين: أنه كتب إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام): إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان - وكان وزيرا لهارون - فإن أذنت لي جعلني الله فداك هربت منه. فرجع الجواب: لا آذن لك بالخروج من عملهم، واتق الله، أو كما قال (7). وموقف علي بن يقطين في طلب الإذن يتأتى من تفهمه لموقف الإمام (عليه السلام) من السلطة ودعوته إلى مقاطعتها، أما موقف الإمام (عليه السلام) فينطلق من مصالح خاصة ذكرها في حديثه الأول...
الموقف السلبي تجاه السلطة:
اتخذه الإمام (عليه السلام) ومن قبله أبوه الصادق (عليه السلام) لأنه لا يمتلك مؤهلات وعناصر القوة على مواجهة الحكم بالرفض الصريح لتكوينه ودعوة الأمة للقيام بعمل ثوري من أجل تصحيح الانحرافات وإقامة دولة العدل، لذا اتخذ الإمام (عليه السلام) موقفا مرحليا في مواجهة الجهاز الحاكم، إذ إن رفض العمل للحكم والسلبية في التعاون معه يعد منطلقا مبدئيا في تهيئة المواجهة الصريحة الثائرة بعد أن يكون الحكم قد فقد عنصر القوة بفعل السلبية العملية التي مارستها الأمة إزاء العمل له والتعاون معه. وحرب المقاطعة وسلبية الإمام (عليه السلام) الصارمة التي التزمها وألزم بها أصحابه وندد على المخالفين لمضمونها تهدف إلى إضعاف الروابط العملية بين السلطان والرعية، وبذلك يفقد السلطان مؤهلات إقامة دولته وتركيز بناء حكمه ويهيئ الأرضية لإنهاء تماسك أجهزة الحكم وشل حركتها من الداخل، وهو أمضى سلاح يواجهه الحاكم الظالم، فحين تمتنع الطاقات عن عطائها للحكم وتكف الجماعة يدها عن العمل له وحماية مكاسبه، تتقلص قدرته ويتداعى بناء أجهزته الظالمة. فمقاطعة الحكم التي اعتمدها الإمام (عليه السلام) في حربه الباردة ضد الحكم والسلبية، كانت ثورة عملية ضد النظام ذات أبعاد سياسية عميقة، وكان نجاحها يتوقف على نسبة الدعم الذي تقوم به الأمة في سلبيتها العملية ضد الحكم القائم وفق المخطط المرسوم لها من قبل الإمام (عليه السلام)، غير أن افتقاد الأمة لمقومات السلبية والركون إلى الحكام الظلمة لأجل مصالحها الذاتية فوت الفرصة وأبطل فاعلية الخطة مما تسبب في تقليص آثارها. ولم يكن الإمام بما يملك من حس مرهف وبعد في النظر ومعرفة بالواقع العام لمختلف فئات الأمة بعيدا عن رؤيا النتائج الواقعية لهذا التحرك، ولكنه (عليه السلام) أراد أن يقدم للأمة الأطروحة العملية في مواجهة الظلم ومقاومة نفوذه بما يتفق وظروف تلك المرحلة وبما ينسجم مع مسؤولياته الرسالية في النصح للأمة وتسديدها عند اشتباه الحق والتباس معالم الهدى والصلاح، وعلى الأمة بعد هذا أن تختار لنفسها المصير الذي تشاء، فأما الاستجابة والعمل وبذلك تنتصر لرسالتها وحقها في الحياة الكريمة، وإما الرضا والخنوع للواقع المعاش، وبذلك تكون قد فرضت على نفسها أن تعيش بعيدا عن رسالتها تحت ظل القمع والظلم والإرهاب. موقف السلطة من الإمام لقد عانى الإمام الكاظم (عليه السلام) من تجاوزات الحكم وتصرفاته الحاقدة، ولم يكن ثمة ما يبرر كل تلك التجاوزات والتصرفات سوى قلق رؤوس السلطة وأزلامهم من وجود الإمام نفسه بما يتمتع به من سمو شخصيته العلمية والروحية الفذة، التي تمتاز بالنزاهة والأصالة وعمق الإيمان في مختلف الأوساط العامة. ويحاول الرشيد بما يمتلك من مخطط تصفوي أن يفتعل الأعذار والمبررات للوقيعة بالإمام والتخلص منه حتى لا يواجه الأمة بالجريمة دون أن يكون لها ما يستدعيها، وكان الإمام (عليه السلام) يتصدى لمحاولات التصفية بالصبر وكظم الغيظ. لقد استدعي الإمام (عليه السلام) ولأكثر من مرة إلى بغداد في زمان المهدي ومن بعده في زمان الرشيد وذلك لتقليص نفوذه في الأمة وعزله بعيدا عن وجدانها وتفكيرها. فحينما يشعر الآخرون بالرقابة تفرض على الإمام بقوة، والملاحقة تستمر بعنف لا يسعهم انسجاما مع حب السلامة والعافية إلا أن يقلصوا من ارتباطهم به ويحدوا من ممارساتهم العادية معه (عليه السلام).
ولم يكن الرشيد ليجهل موقف الإمام (عليه السلام) واعتزاله العمل السياسي في سبيل الوصول للحكم، بل لقد صرح الرشيد مرة ببراءة الإمام عن كل ما يرمى به من قبل الوشاة حيث قال: (الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به) (8)، ولكنها عقدة النجاح الهائل الذي لقيه الإمام (عليه السلام) والتأثر بسيرته الصالحة في مختلف أوساط الأمة، والمحبة له التي عمرت قلوب الناس، وصلابته في موقف الحق، وتفوقه بالعلم ومكارم الأخلاق، كل ذلك جعل منه في نظر الرأي العام المسلم البديل المتعين لعناصر الخلافة الظالمة، أضف إلى أن سلبية الإمام (عليه السلام) في التعاون مع الحكم وعدم التعاطف مع مواقفه المشبوهة، كل ذلك جعل الإمام (عليه السلام) في تصورات الرشيد وسابقيه منافسا خطيرا وخصما عنيدا دون أن تبدو منه (عليه السلام) أي بادرة خلاف عملية تصطدم مع هيكل الحكم. وفيما يلي نستعرض مواقف الحكام الذين عاصرهم، وما جرى له معهم. مع المنصور: لقد دامت فترة تولي الإمام الكاظم (عليه السلام) الإمامة في عهد المنصور نحو عشر سنوات، شاهد قبلها موقف المنصور مع أبيه الصادق (عليه السلام) الذي اتخذ من النظام الحاكم موقفا سلبيا، ورغم ذلك فقد تعرض مرارا لتحديات المنصور وتهديده له بالقتل تارة وبالحبس أخرى، وكان يحصي عليه أنفاسه ويراقبه من خلال عيونه وجواسيسه، حتى اضطر الصادق (عليه السلام) إلى التستر بالنص على الإمام بعده إلا إلى خلص أصحابه، وأوصاهم بالحذر والكتمان من جواسيس المنصور وزبانيته، بل وأوصى الإمام (عليه السلام) من بعده إلى خمسة أشخاص - وقيل إلى ثلاثة أشخاص - حذرا على الإمام الذي بعده وعلى شيعته. وشاهد الإمام الكاظم (عليه السلام) أيضا بني عمه من الحسنيين وما حل بهم من الرزايا والنكبات ظلما وعدوانا وقتلا وتشريدا، هكذا استقبل الإمام الكاظم (عليه السلام) إمامته في عهد المنصور العباسي، فانطوت نفسه الزكية على الحزن العميق والأسى المرير، وتجرع مرارة تلك الأحداث القاسية محتسبا كاظما للغيظ. لقد كان الإمام (عليه السلام) يقدر حراجة الموقف الذي مر به وهو في مقتبل إمامته، فكان (عليه السلام) حريصا على التزام جانب الحذر والكتمان إلا من خاصته وخلص أصحابه، ولم يشترك في الميادين السياسية ولم ينضم إلى الثوار من العلويين لعلمه بفشل حركتهم وعدم نجاحها، وكان (عليه السلام) يتقي شر العباسيين ولا يسمح لشيعته ومريديه من الاتصال به بشكل اعتيادي، حتى إن الرواة من خلص أصحابه كانوا يكنون عنه بالعبد الصالح، والعالم، والسيد، والرجل، وأبي إبراهيم، وغيرها حذرا وتوقيا من فتك السلطة. ورغم أن الإمام (عليه السلام) قد اتخذ كافة الاحتياطات الكفيلة بأن تقيه وأصحابه من شر الحكام الظلمة من القتل والحبس والتشريد في زمان المنصور، إلا أن عيون المنصور كانت تراقبه بدقة وتحصي عليه وعلى أصحابه أنفاسهم، ففي حديث هشام ابن سالم الذي تحير في الاهتداء إلى الإمام بعد الصادق (عليه السلام)، فلما دل عليه قال: قلت: جعلت فداك، إن أخاك عبد الله يزعم أنه الإمام من بعد أبيه؟ فقال: عبد الله يريد أن لا يعبد الله. قال: قلت: جعلت فداك؟ فمن لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك. قلت: جعلت فداك، فأنت هو؟ قال: لا أقول ذلك. قال: فقلت في نفسي: إني لم أعرف طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك، أعليك إمام؟ قال: لا.
قال: فدخلني شيء لا يعلمه إلا الله تعالى إعظاما له وهيبة، ثم قلت له: جعلت فداك، أسألك عما كنت أسأل أباك؟ قال: سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح (9)، الحديث. وهكذا فإن انقطاع الإمام واعتصامه في بيته ومزاولته أعماله الخاصة واعتزاله الناس إلا خواص أصحابه جعل المنصور لا يراه خطرا على عرشه، فكف عنه الأذى والمكروه، سيما وإن بعض الشيعة كانوا قد التفوا حول أخيه عبد الله الأفطح، وبعضهم قد رجع إلى القول بإمامة أخيه إسماعيل المتوفى في حياة أبيه (عليه السلام)، وقد بدت نتائج احتياطات الإمام (عليه السلام) واضحة خلال حكم المنصور، الذي سام العلويين أشد أنواع النكال والتعذيب والجور والسجن والقتل، ورغم ذلك فإنه لم يتعرض للإمام إلى الاستدعاء إلى بغداد مثلا كما كان يستدعي أباه (عليه السلام) ويتهدده بالقتل، ولا تعرض (عليه السلام) للحبس من قبله كما تعرض له في أيام المهدي والرشيد بعد أن اشتهر أمره وذاع صيته وتوسعت قاعدته والتف حوله جماهير الشيعة ورجع إليه من شذ منهم إلى غيره. ولولا تلك التدابير التي اتخذها الإمام وأبوه (عليه السلام) لكان مصيره القتل على يد المنصور الجائر، ويتضح ذلك من خلال رسالة المنصور إلى واليه على المدينة محمد ابن سليمان حين أخبره بوفاة الصادق (عليه السلام) والتي يقول فيها: إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه، وعاد الجواب: قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله وموسى وحميدة. فقال المنصور: ما إلى قتل هؤلاء سبيل (10).
ولعل هذه الوصية هي التي ساهمت أيضا إلى حد ما في بقاء الإمام الكاظم (عليه السلام) بعيدا عن مخالب المنصور العباسي ولو إلى حين.
___________
(1) رجال الكشي: 373.
(2) هود: 113.
(3) أي جبل عال.
(4) الكافي 5: 109 / 1، التهذيب 6: 333 / 45، البحار 48: 172 / 13.
(5) كتاب قضاء حقوق المؤمنين (تراثنا، العدد 3، الصفحة 187، الحديث 25)، بحار الأنوار 48: 136 / 10.
(6) الكافي 5: 110 / 3. التهذيب 6: 335 / 48. البحار 48: 158 / 31.
(7) قرب الإسناد: 126. البحار 48: 158 / 32.
(8) الكافي 1: 366 / 99. البحار 48: 165 / 7. العوالم: 366 / 1.
(9) كشف الغمة 1: 13.
(10) المناقب 4: 320.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|