أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2017
2891
التاريخ: 13-12-2014
3397
التاريخ: 10-12-2014
3608
التاريخ: 12-5-2016
3262
|
كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يعرف بما يجرى من نشاطات خارج منزله للسيطرة على مقاليد الحكم، ولهذا قرر بغرض الحيلولة دون انحراف مسألة الخلافة من محوره الأصلي والحيلولة دون ظهور الاختلاف والافتراق ـ أن يدعم مكانة عليّ ويعزر امارته وخلافته وخلافة أهل بيته، وذلك بأن يثبت الأمر في وثيقة حيّة وخالدة تضمن بقاء الخلافة في خطها الصحيح.
من هنا يوم جاء بعض الصحابة لعيادته اطرق برأسه إلى الارض ساعة ثم قال بعد شيء من التفكير وقد التفت إليهم : ايتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده.
فبادر عمر وقال : ان رسول الله قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله.
فناقش الحاضرون رأى الخليفة، فخالفه قوم وقالوا : هاتوا بالدواة والصحيفة ليكتب النبي ما يريد، وناصر آخرون عمر وحالوا دون الاتيان بما طلبه النبي، ووقع تنازع بينهم وكثر اللغط فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله) بشدة لتنازعهم ولما وجّه إليه من كلمة مهينة، وقال : قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع
قال ابن عباس بعد نقل هذه الواقعة المؤلمة المؤسفة : الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله .
إن هذه الواقعة التاريخية قد نقلها فريق كبير من محدثي الشيعة والسنة ومؤرخيهم وتعتبر روايتها ـ حسب قواعد فنّ الدراية والحديث ـ من الروايات المعتبرة الصحيحة غاية ما في الأمران اغلب محدّثي أهل السنة نقلوا كلام عمر بالمعنى لا باللفظ، ولم يورد نص الكلمات الجارحة النابية التي نطق بها في ذلك المجلس المقدس.
ولا يخفى أن الإحجام عن نقل نص عبارته ليس لأجل أن العبارات التي تفوه بها تعدّ إهانة لمقام النبوة، بل ان هذا التصرف لأجل الحفاظ على مقام الخليفة ومكانته حتى لا يسيء الآخرون النظرة إليه اذا عرفوا بما قاله في حق رسول الله (صلى الله عليه واله).
من هنا عند ما بلغ أبو بكر الجوهري مؤلف كتاب السقيفة في كتابه إلى هذا الموضع من القضية قال عند نقل كلام عمر هكذا : وقال عمر كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله.
ولكن بعضا آخر عند ما يريد نقل ما قاله الخليفة لا يصرّح باسمه حفظا لمقامه فيقول : فقالوا : هجر رسول الله.
إن من المسلّم ان مثل هذه العبارة الجارحة النابية لو صدرت عن أي شخصية مهما كان مقامها لعدّت ذنبا لا يغتفر لأن النبي (صلى الله عليه واله) بنص القرآن مصون من أي نوع من انواع الخطأ والاشتباه والهذيان فهو لا ينطق إلاّ بالوحي.
إن اختلاف الصحابة لدى رسول الله الطاهر المعصوم (صلى الله عليه واله) وفي محضره كان عملا سيئا، ومشينا إلى درجة أن احدى أزواجه (صلى الله عليه واله) اعترضت على هذه المخالفة وقالت من وراء حجاب : ألا تسمعون النبي (صلى الله عليه واله) يعهد إليكم؟ ائتوا رسول الله (صلى الله عليه واله) بحاجته.
فقال عمر : اسكتن فانكن صويحبات يوسف. اذا مرض عصرتنّ اعينكنّ. واذا صحّ أخذتنّ بعنقه.
ان بعض المتعصبين وان التمسوا لمخالفة الخليفة لطلب النبي اعذارا في الظاهر إلاّ انّهم خطّئوا كلامه الذي قال فيه حسبنا كتاب الله ، واعتبروه كلاما غير صحيح، وصرّحوا جميعا بأن الركن الاساسي للاسلام هو السنة النبوية، ولا يمكن أن يغني كتاب الله الامة الاسلامية عن احاديث رسول الاسلام (صلى الله عليه واله) واقواله.
ولكن الاعجب من كل ذلك أن الدكتور هيكل مؤلف كتاب حياة محمّد ضمن دفاعه عن الخليفة كتب يقول : ما فتئ ابن عباس بعدها يرى أنهم أضاعوا شيئا كثيرا بأن لم يسارعوا إلى كتابة ما أراد النبيّ إملاءه.
أمّا عمر فظلّ ورأيه أن قال الله في كتابه الكريم : ما فرّطنا في الكتاب من شيء .
فلو أنه لاحظ ما قبل هذه الجملة القرآنية وما بعدها لما فسرها بمثل هذا التفسير، ولما أيّد الخليفة في مقابل نصّ النبي المعصوم المطاع، لأن المقصود من الكتاب في الآية هو الكتاب التكويني، وصفحات الوجود، فان لكل نوع من الانواع في عالم الوجود صفحة من كتاب الصنع، وتشكل كل الصفحات غير المعدودة كتاب الخليقة والوجود وإليك نص الآية :
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38] ، وحيث أن ما قبل الجملة التي استدل بها يرتبط بخلقة الدواب والطيور، ويرتبط ما بعدها بموضوع الحشر في يوم القيامة يمكن القول بصورة قاطعة بان المراد من الكتاب في الجملة المستدل بها والذي لم يفرّط فيه من شيء هو الكتاب التكويني، وصفحة الخلق.
ثم اننا لو قبلنا بأن المقصود من الكتاب هو القرآن الكريم فان من المسلّم أن فهم هذا الكتاب ـ وبحكم تصريحه ـ يحتاج إلى بيان النبي وهدايته كما يقول : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
تأمل في هذه الآية فأنها لا تقول لتقرأ بل تقول بصراحة : لتبيّن.
وعلى هذا الاساس اذا كان كتاب الله كافيا لم نحتج إلى توضيح النبي وبيانه احتياجا شديدا.
ولو كان حقا أن الامة الاسلامية لا تحتاج إلى النبي فلما ذا كان حبر الامة وعالمها الكبير ابن عباس يقول : يوم الخميس وما ادراك ما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خده كأنها نظام اللؤلؤ وقال : قال رسول الله ايتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة اكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا... فقالوا....
فمع هذا الحزن الذي كان يبديه ابن عباس، مضافا إلى الاصرار الذي أظهره رسول الله كيف يمكن القول بان القرآن يغني الامة الاسلامية من هذه الوصية ( أو الكتاب ) الذي كان النبي يريد كتابته.
والآن إذا كان النبي لم يوفق لكتابة الكتاب واملائه فهل يمكن ان نحدس ـ في ضوء القرائن القطعية ـ ما ذا كان ينوي النبيّ كتابته في هذه الرسالة؟
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|