أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-04
1067
التاريخ: 4-7-2017
926
التاريخ: 4-7-2017
1046
التاريخ: 4-7-2017
895
|
خلافة أبي جعفر المنصور
بويع في سنة مائة وست وثلاثين ذكر شيء من سيرته وما وقع في أيامه من الحوادث والوقائع: كان المنصور من عظماء الملوك وحزمائهم وعقلائهم وعلمائهم وذوي الآراء الصائبة منهم والتدبيرات السديدة، وقوراً شديد الوقار حسن الخلق في الخلوة، من أشد الناس احتمالاً لما يكون من عبث أو مزاح، فإذا لبس ثيابه وخرج إلى المجلس العام تغير لونه واحمرت عيناه وانقلبت جميع أوصافه. قال يوماً لبنيه: يا بني إذا رأيتموني قد لبست ثيابي وخرجت إلى المجلس فلا يدنون أحد مني مخافة أن أعره بشيء. قالوا: وكان المنصور يلبس الخشن وربما رقع قميصه، وقيل ذلك لجعفر بن محمد الصادق، عليهما السلام، فقال: الحمد لله الذي ابتلاه بفقر نفسه في ملكه. قالوا: ولم يكن يرى في دار المنصور لهو ولعب أو ما يشبه اللهو واللعب.
حدث بعض مواليه قال: كنت مرة واقفاً على رأسه فسمع صوتاً عالياً فقال لي: انظر ما هذا الصوت؟ قال: فنظرت فإذا هو بعض خدمه يلعب بالطنبور وحوله جماعة من جواريه يضحكن منه. قال: فأخبرته الخبر، فتنمر وقال: وأي شيء يكون الطنبور؟ قال: فوصفته له. فقال: وأنت ما يدريك بالطنبور؟ قلت: يا أمير المؤمنين رأيته بخراسان. فقام المنصور حتى جاء إلى الخادم، فلما بصر به الجواري تفرقن، فأمر فضرب رأس الخادم بالطنبور حتى تكسر الطنبور ثم أخرجه فباعه.
وكان المنصور من أشد الناس شغفاً بابنه المهدي، فكان إذا جنى أحداً جنايةً أو أخذ من أحد مالاً جعله في بيت المال مفرداً وكتب عليه اسم صاحبه. فلما أدركته الوفاة قال لابنه المهدي: يا بني إني قد أفردت كل شيء أخذته من الناس على وجه الجناية والمصادرة وكتبت عليه أسماء أصحابه، فإذا وليت أنت فأعده على أربابه ليدعو لك الناس ويحبوك.
قال يزيد بن عمر بن هبيرة: ما رأيت رجلاً في حربٍ أو سلم أمكر ولا أنكر ولا أشد تيقظاً من المنصور، لقد حاصرني تسعة شهور ومعي فرسان العرب فجهدنا كل الجهد حتى ننال من عسكره شيئاً فما قدرنا لشدة ضبطه لعسكره وكثرة تيقظه، ولقد حصرني وما في رأسي شعرة بيضاء ثم انقضى ذلك وما في رأسي شعرة سوداء.
واعلم أن المنصور هو الذي أصل الدولة وضبط المملكة ورتب القواعد وأقام الناموس واخترع أشياء. فمن جملة ما اخترع فرس النوبة، ولم يكن الملوك قبله يعرفون ذلك، ومن جملة ما اخترع عمل الخيش الكتان في الصيف ولم يكن الناس قبله يعرفون ذلك، وكان الأكاسرة يطينون كل يوم من أيام الصيف بيتاً يسكنونه، ثم في الغد يطين بيت آخر.
وكان المنصور مبخلاً يضرب بشحه الأمثال. وقيل: كان كريماً وإنه لما حج أفضل على أهل الحجاز فكانوا يسمون عامه عام الخصب. والصحيح أنه كان رجلاً حازماً يعطي في موضع العطاء ويمنع في موضع المنع، وكان المنع عليه أغلب.
وجرى في أيامه شيء طريف، وهو أن قوماً من أهل خراسان يقال لهم الراوندية كانوا يقولون بتناسخ الأرواح، ويزعمون أن روح آدم انتقلت إلى فلانٍ رجل من كبارهم، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو المنصور، وأن جبرائيل هو فلان عن رجل آخر. فلما ظهروا أتوا قصر المنصور فطافوا حوله وقالوا: هذا قصر ربنا، فأخذ المنصور رؤساءهم فحبس منهم مائتي رجل، فغضب الباقون واجتمعوا وفتحوا السجون وأخرجوا أصحابهم منها وقصدوا المنصور وحاربوه، فخرج المنصور إليهم ماشياً، ولم يكن في بابه في ذلك الوقت دابة، فصار بعد ذلك اليوم تربط له دابة في باب القصر لا تزال واقفة، وصارت تلك سنة للخلفاء بعده وللملوك. فلما خرج المنصور أتي بدابة فركبها وهو يريدهم حتى تكاثروا عليه وكادوا يقتلونه. وجاء معن بن زائدة وكان مستخفياً من المنصور، جاء متلثماً ووقف بين يدي المنصور والمنصور لا يعرفه، فقاتل بين يديه قتالاً شديداً وأبلى بلاءً حسناً. وكان المنصور راكباً على بغلة ولجامها بيد حاجبه الربيع، فأتى معن وقال : تنح فأنا أحق منك بهذا اللجام في هذا الوقت! فقال المنصور: صدق، ادفع اللجام إليه، فلم يزل يقاتل حتى انكشفت الحال وظفر بالراوندية. فقال له المنصور: من أنت؟ قال : طلبتك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة. فقال: قد آمنك الله على نفسك وأهلك ومالك، ومثلك يصطنع. وأحسن إليه وولاه اليمن. والمنصور هو الذي بنى مدينة بغداد.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|