أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2014
3267
التاريخ: 16-12-2014
3648
التاريخ:
4658
التاريخ: 16-12-2014
3590
|
بعد أن عقد رسول الله (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) في رحاب مسجده على مرأى ومسمع من المسلمين وفي جو يسوده الفرح والابتهاج والسرور قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) هيّئ منزلا حتى تحوّل فاطمة إليه، فأخذوا منزل أحد الصحابة بصورة مؤقتة، وحوّلت فاطمة إلى علي (عليه السلام) في منزل ذلك الصحابي الجليل، في زفاف جميل مبارك وقد صنع علي طعاما من لحم وتمر وسمن واطعم المسلمون جميعا تقريبا، وساد الناس فرح عظيم لم يشهد له نظير.
عن ابن بابويه : أمر النبيّ (صلى الله عليه واله) بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة سلام الله عليها وان يفرحن، ويرجزن ويكبرن ويحمدن ولا يقولن ما لا يرضى الله.
قال جابر : فأركبها على ناقته ـ وفي رواية على بغلته الشهباء ـ وأخذ سلمان زمامها والنبيّ وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ونساء النبيّ (صلى الله عليه واله) قدامها يرجزن، فانشأت أم سلمة تقول :
سرن بعون الله جاراتي
واشكرنه في كل حالات
واذكرن ما أنعم رب العلى
من كشف مكروه وآفات
فقد هدانا بعد كفر وقد
انعشنا رب السماوات
وسرن مع خير نساء الورى
تفدى بعمات وخالات
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه واله) لما دخلوا الدار أنفذ إلى علي (عليه السلام) ثم دعا فاطمة سلام الله عليها فأخذ يدها وقد علاها الاستحياء وتصبب منها العرق خجلا، بل وقد تعثرت من شدة خجلها فقال لها رسول الله : أقالك الله العثرة .
ووضعها في يده وقال : بارك الله في ابنة رسول الله يا علي نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة نعم الزوج علي.
ثم أخذ بيده اناء فيه ماء وصب منه على رأس فاطمة وبدنها ودعا لهما قائلا : اللهم اجمع شملهما، والّف بين قلوبهما، واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة، واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك، ويأمرون بما يرضيك.
اللهم انّهما أحبّ خلقك إليّ، فاحبهما واجعل عليهما منك حافظا، وانّي اعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم .
وبذلك أبدى رسول الله (صلى الله عليه واله) من نفسه في تلك الليلة صفاء واخلاصا لم يعرف له نظير حتى في مجتمعاتنا الحاضرة رغم ما حققته من تكامل ورشد.
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه واله) عدد لفاطمة فضائل علي كما ذكر لعلي فضائل فاطمة وانها لو لم يخلق علي لما كان لها كفؤ . ثم ذكر لهما وظائفهما وواجباتهما العائلية فأوكل إلى فاطمة ما هو في داخل البيت من شئون وأوكل إلى علي ما هو من شئون الخارج.
ولا بدّ أن نذكر هنا قصة هامة أداء لحق فاطمة، وبيانا لمقامها.
يقول أنس بن مالك : إن النبيّ (صلى الله عليه واله) كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج الى الفجر فيقول :
الصلاة يا أهل البيت، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا .
هذا وقد كانت هذه الزيجة أفضل زيجة في الاسلام وأكثرها بركة وخيرا، فقد عاش هذان القرينان الطاهران جنبا الى جنب في وئام ووداد، في حياة زوجية طاهرة يسودها الاحترام المتقابل، والاخلاص الكامل من بدايتها إلى نهايتها.
وقد أنجبا أفضل الاولاد والبنات أبرزهم : الامام الحسن والامام الحسين (عليهما السلام) سبطا رسول الله (صلى الله عليه واله) الاثيران لديه، والمقربان إليه، وزينب بنت علي التي رافقت أخاها في وقعة كربلاء الدامية وكان لها مواقف عظيمة ومشرفة في الرعاية للحق والعدل، ونصرة الاسلام، وغيرهم من الاولاد ذكورا واناثا.
وقد بقي كلا الزوجين ( علي وفاطمة ) حتى آخر اللحظات عارفين بمكانة الآخر، فكلاهما من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وكلاهما من القربى الذين أمر بمودتهم ولهذا لم يتزوّج علي (عليه السلام) على الزهراء امرأة اخرى الا بعد وفاتها، كما فعل رسول الله (صلى الله عليه واله) بالنسبة إلى خديجة، وفاء لحقها، واحتراما لمقامها.
لكن بعض الايادي دسّت ـ مع الأسف ـ في التاريخ أباطيل للتقليل من شأن هذين الزوجين الطاهرين، والحط من مكانتهما، فنسبت إليهما التنازع، والتشاجر، أو نسبت إلى فاطمة شكاية عليّ (عليه السلام) الى رسول الله (صلى الله عليه واله) وأوردت في هذه المجال روايات مختلقة، لا أساس لها من الصحة، تفندها أخلاق علي وفاطمة وتقواهما وزهدهما، وتكذّبها ما جاء في شأنهما وجلالة قدرهما من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية.
وقد استند أعداء الاسلام التقليديين إلى امثال هذه الروايات لمسخ صورة الاسلام الحنيف وتشويه سمعة رجاله العظماء ونسائه الخالدات الطيبات.
فهذا هو المستشرق النصراني الحاقد الاستاذ اميل درمنغم في كتابه المليء بالاباطيل : حياة محمّد ترجمة الاستاذ محمّد عادل زعيتر بعد ان يلصق برسول السلام تهما عجيبة ويصفه بالبدويّ الحمس، يقع في علي وفاطمة (عليهما السلام)!!
فتارة يقول : إن فاطمة كانت عابسة دون رقية جمالا، ودون زينب ذكاء، وإنها لم تكن ترغب في عليّ لانها كانت تعدّ عليا دميما محدودا مع عظيم شجاعته!! وان عليا كان غير بهيّ الوجه.. وو.. مع أنه كان تقيا شجاعا صادقا وفيا مخلصا صالحا مع توان وتردد!!
وكان إذا عاد إلى منزله من العمل بشيء من القوت قال لزوجته فاطمة عابسا : كلي واطعمي الاولاد!! وأن عليا كان يحرد بعد كل منافرة ويذهب لينام في المسجد وكان حموه يربّته على كتفه ويعظه ويوفّق بينه وبين فاطمة إلى حين، وممّا حدث أن رأى النبيّ ابنته في بيته ذات مرة وهي تبكي من لكم عليّ لها!!
ثم يقول : إن محمّدا ـ مع امتداحه قدم علي في الاسلام ارضاء لابنته ـ كان قليل الالتفات إليه وكان صهر النبيّ الامويان : عثمان الكريم وأبو العاصي أكثر مداراة للنبيّ من عليّ، وكان علي يألم من عدم عمل النبيّ على سعادة ابنته ومن عدّ النبيّ له غير قوّام بجليل الأعمال فالنبيّ وان كان يفوّض إليه ضرب الرقاب كان يتجنب تسليم قيادة إليه!!
إلى غير ذلك من الترهات والسخافات التي الصقها تارة إلى رسول الله الاكرم محمّد (صلى الله عليه واله)، واخرى إلى حبيبه وابن عمه ووصيه الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
إن أفضل اجابة على هذه الافتعالات هو ما كتبه العلامة الاميني حيث يقول :
كلّ ما في الكتاب من تلكم الأقوال المختلقة، والنسب المفتعلة إن هي إلاّ كلم الطائش، تخالف التاريخ الصحيح، وتضادّ ما أصفقت عليه الامّة الإسلاميّة، وما أخبر به نبيّها الأقدس.
هل تناسب تقولاته في فاطمة مع قول أبيها (صلى الله عليه واله) : فاطمة حوراء إنسيّة كلّما اشتقت إلى الجنّة قبّلتها؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : ابنتي فاطمة حوراء آدميّة؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : فاطمة هي الزهرة؟!
أو قول أمّ أنس بن مالك؟! : كانت فاطمة كالقمر ليلة البدر أو الشمس كفر غماما، إذا خرج من السحاب بيضاء مشربة حمرة، لها شعر أسود، من أشدّ الناس برسول الله (صلى الله عليه واله) شبها، والله كما قال الشاعر :
بيضاء تسحب من قيام شعرها
وتغيب فيه وهو جثل أسحم
فكأنّها فيه نهار مشرق
وكأنّه ليل عليها مظلم
ولقبها الزهراء المتسالم عليه يكشف عن جليّة الحال.
وهل يساعد تلك التحكمات في ذكاء فاطمة وخلقها قول أمّ المؤمنين خديجة رضي الله عنها : كانت فاطمة تحدّث في بطن امّها، ولمّا ولدت فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة اصبعها؟!.
أو يلائمها قول عائشة : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا وحديثا برسول الله في قيامه وقعوده من فاطمة، وكانت إذا دخلت على رسول الله قام إليها فقبّلها ورحّب بها، وأخذ بيدها وأجلسها في مجلسه؟!
وفي لفظ البيهقي في السنن ج (عليه السلام) ص 101 : ما رأيت أحدا أشبه كلاما وحديثا من فاطمة برسول الله (صلى الله عليه واله) الحديث.
وهل توافق مخاريقه في الامام عليّ صلوات الله عليه، وعدم بهاء وجهه، وعدّ فاطمة له دميما وكونه عابسا مع ما جاء في جماله البهيّ : انّه كان حسن الوجه كأنّه قمر ليلة البدر، وكأنّ عنقه إبريق فضّة ضحوك السنّ فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم؟!.
وأين هي من قول أبي الأسود الدؤلي من أبيات له؟! :
إذا استقبلت وجه أبي تراب
رأيت البدر حار الناظرينا
نعم :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله
فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسدا وبغضا : إنّه لدميم
أو يخبرك ضميرك الحرّ في علي ما سلقه الرجل به من ( التواني والتردّد )؟! وعليّ ذلك المتقحم في الأحوال، والضارب في الأوساط والأعراض في المغازي والحروب ؛ وهو الذي كشف الكرب عن وجه رسول الله في كلّ نازلة وكارسة منذ صدع بالدين الحنيف، إلى أن بات على فراشه وفداه بنفسه، إلى أن سكن مقرّه الأخير.
أليس عليّ هو ذلك المجاهد الوحيد الذي نزل فيه قوله تعالى : {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ} [التوبة: 19].
وقوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] .
فمتى خلى عليّ عن مقارعة الرجال والذبّ عن قدس صاحب الرسالة حتى يصحّ أن يعزى إليه توان أو تردّد في أمر من الامور؟! غير ان القول الباطل لا حدّ له ولا أمد.
وهل يتصوّر في أمير المؤمنين تلك العشرة السيّئة مع حليلته الطاهرة؟! والنبيّ يقول له : أشبهت خلقي وخلقي وأنت من شجرتي التي أنا منها.
وكيف يراه النبيّ (صلى الله عليه واله) أفضل امّته أعظمهم حلما، وأحسنهم خلقا، ويقول : عليّ خير أمّتي أعلمهم علما وأفضلهم حلما؟!.
ويقول لفاطمة : إنّي زوّجتك أقدم أمّتي سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما؟!.
ويقول لها : زوّجتك أقدمهم سلما، وأحسنهم خلقا؟!.
يقول هذه كلّها وعشرته تلك كانت بمرأى منه ومسمع، أفك الدجّالون، كان عليّ (عليه السلام) كما أخبر به النبيّ الصادق الأمين.
وهل يقبل شعورك ما قذف به الرجل [ فضّ الله فاه ] عليّا بلكم فاطمة بضعة المصطفى؟! وعليّ هو ذاك المقتص أثر الرسول وملأ مسامعه قوله (صلى الله عليه واله) لفاطمة : إنّ الله يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك.
وقوله (صلى الله عليه واله) وهو آخذ بيدها : من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي بضعة منّي، هي قلبي وروحي التي بين جنبيّ، فمن آذاها فقد آذاني.
وقوله (صلى الله عليه واله) : فاطمة بضعة منّي، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها.
وقوله (صلى الله عليه واله) : فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني.
وقوله (صلى الله عليه واله) : فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها.
وهل يقصر امتداح النبيّ عليّا بقدم إسلامه؟! حتّى يتفلسف في سرّه ويكون ذلك إرضاء لابنته، على أنّ امتداحه بذلك لو كان لتلك المزعمة لكان يقتصر (صلى الله عليه واله) على قوله لفاطمة في ذلك وكان يتأتّى الغرض به، فلما ذا كان يأخذ (صلى الله عليه واله) بيد عليّ في الملأ الصحابي تارة ويقول : إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة؟ ولما ذا كان يخاطب أصحابه اخرى بقوله : أوّلكم واردا عليّ الحوض أوّلكم اسلاما عليّ بن أبي طالب؟!
وكيف خفي هذا السرّ المختلق على الصحابة الحضور والتابعين لهم باحسان فطفقوا يمدحونه (عليه السلام) بهذه الاثارة كما يروى عن سلمان الفارسي، أنس بن مالك، زيد بن أرقم، عبد الله بن عبّاس، عبد الله بن حجل، هاشم بن عتبة، مالك الاشتر، عبد الله بن هاشم، محمد بن أبي بكر، عمرو بن الحمق، أبو عمرة عديّ بن حاتم، أبو رافع، بريدة، جندب بن زهير، أمّ الخير بنت الحريش.
وهل القول بقلّة التفات النبيّ إلى عليّ يساعده القرآن الناطق بأنّه نفس النبيّ الطاهر؟! او جعل مودّته أجر رسالته؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) في حديث الطير المشويّ الصحيح المرويّ في الصحاح والمسانيد : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) لعائشة : إنّ عليّا أحبّ الرجال إليّ، وأكرمهم عليّ، فاعرفي له حقّه وأكرمي مثواه؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : أحبّ الناس إليّ من الرجال عليّ؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ خير من أتركه بعدي؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : خير رجالكم عليّ بن أبي طالب، وخير نساءكم فاطمة بنت محمّد؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر
أو قوله (صلى الله عليه واله) : من لم يقل عليّ خير الناس فقد كفر؟!
أو قوله (صلى الله عليه واله) : في حديث الراية المتّفق عليه : لاعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله؟
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ منّي بمنزلة الرأس ( رأسي ) من بدني أو جسدي؟
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ منّي بمنزلتي من ربّي؟.
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ أحبّهم إليّ وأحبّهم إلى الله.
أو قوله (صلى الله عليه واله) لعليّ : أنا منك وأنت مني. أو : أنت منّي وأنا منك؟
أو قوله (صلى الله عليه واله) : عليّ منّى وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي؟
أو قوله (صلى الله عليه واله) في حديث البعث بسورة البراءة المجمع على
صحته : لا يذهب بها إلاّ رجل منّي وأنا منه
أو قوله (صلى الله عليه واله) : لحمك لحمي ودمك دمي والحقّ معك؟
أو قوله (صلى الله عليه واله) : ما من نبيّ إلاّ وله نظير في امّته وعليّ نظيري؟
أو ما صحّحه الحاكم وأخرجه الطبراني عن أمّ سلمة قالت : كان رسول الله إذا أغضب لم يجترئ أحد أن يكلّمه غير عليّ؟
أو قول عائشة : والله ما رأيت أحدا أحبّ إلى رسول الله من عليّ ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إليه من امرأته؟
أو قول بريدة وأبيّ : أحبّ الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) من النساء فاطمة ومن الرجال عليّ؟!
أو حديث جميع بن عمير قال : دخلت مع عمّتي على عائشة فسألت أيّ الناس أحبّ إلى رسول الله؟! قالت : فاطمة.
فقيل : من الرجال؟ قالت : زوجها، إن كان ما علمت صوّاما قوّاما؟
وكيف كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقدّم الغير على عليّ في الالتفات إليه؟! وهو أوّل رجل اختاره الله بعده من أهل الأرض لمّا اطّلع عليهم كما أخبر به (صلى الله عليه واله) لفاطمة بقوله : إنّ الله اطّلع على أهل الأرض فاختار منه أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع الثانية فاختار بعلك فأوحى إليّ فأنكحته واتّخذته وصيّا.
وبقوله (صلى الله عليه واله) : إن الله اختار من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك والآخر زوجك.
وإنّي لا يسعني المجال لتحليل كلمة الرجل : وكان صهرا النبيّ الامويّان. إلخ : وحسبك في مداراة عثمان الكريم حديث أنس عن رسول الله لمّا شهد دفن رقيّة ابنته العزيزة وقعد على قبرها ودمعت عيناه فقال : أيّكم لم يقارف الليلة أهله؟! فقال أبو طلحة : أنا. فأمره أن ينزل في قبرها.
قال ابن بطّال : أراد النبيّ (صلى الله عليه واله) أن يحرم عثمان النزول في قبرها وقد كان أحقّ الناس بذلك لأنّه كان بعلها وفقد منها علقا لا عوض منه لأنّه حين قال (عليه السلام) : أيّكم لم يقارف الليلة أهله؟! سكت عثمان ولم يقل : أنا ؛ لأنّه قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه، ولم يشغله الهمّ بالمصيبة وانقطاع صهره من النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم عن المقارفة فحرم بذلك ما كان حقّا له وكان أولى به من أبي طلحة وغيره ، وهذا بيّن في معنى الحديث ولعلّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قد كان علم ذلك بالوحي فلم يقل له شيئا لأنّه فعل فعلا حلالا غير أنّ المصيبة لم تبلغ منه مبلغا يشغله حتّى حرم ما حرم من ذلك بتعريض غير صريح.
وما عساني أن أقول في أبي العاص الذي كان على شركه إلى عام الحديبيّة، واسر مع المشركين مرّتين، وفرّق الإسلام بينه وبين زوجته زينب بنت النبيّ (صلى الله عليه واله) ستّ سنين، وهاجرت مسلمة وتركته لشركه، ولم ترد قطّ بعد إسلامه كلمة تعرب عن صلته مع النبيّ ومداراته له فضلا عن مقايسته بعليّ أبي ذرّيّته وسيّد عترته.
وقد اتّهم الرجل نبيّ الإسلام بعد العمل على سعادة ابنته الطاهرة المطهّرة بنصّ الكتاب العزيز، ويقذف عليّا بالتألّم من ذلك، وكان (صلى الله عليه واله) إذا أصبح أتى باب عليّ وفاطمة وهو يقول : يرحمكم الله إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا. وكان لم يزل يقول : فاطمة أحبّ الناس إليّ.
ويقول : أحبّ الناس إليّ من النساء فاطمة.
ويقول : أحبّ أهلي إليّ فاطمة.
وكان عمر يقول لفاطمة : والله ما رأيت أحدا أحبّ إلى رسول الله منك.
وما أقبح الرجل في تقوّله على النبيّ (صلى الله عليه واله) بعدّه لعليّ غير قوّام بجليل الأعمال. وقد وازره وناصره وعاضده بتمام معنى الكلمة بكلّ حول وطول من بدء دعوته إلى آخر نفس لفظه، فصار بذلك له نفسا وأخا ووزيرا ووصيّا وخليفة ووارثا ووليّا بعده، وكان قائده الوحيد في حروبه ومغازيه، وهو ذلك الملقّب بقائد الغرّ المحجّلين وحيا من الله العزيز في ليلة أسرى بنبيّه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
وممّا يعجّب بل ويؤسف أن نجد العقاد كاتب النيل الكبير يذهب هذا المذهب، وينحو هذا المنحى ذاته من سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمّ الامامين الهمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، فيسطر في كتابه فاطمة الزهراء والفاطميّون شيئا من هذه العبارات والمقالات التافهة التي لا يليق بكاتب مثله عرف بالتحقيق والفهم، ان يدرجها في مؤلفه.
ولا يجاب على ما كتبه العقاد ومن حذى حذوه إلا بما مرّ في كلام العلاّمة والمحقق الخبير الاميني ;. ففيه كفاية لمن تحرّى الحقيقة عن أهل البيت .
هذا وينبغي ان نذكّر القارئ الكريم بنفس ما كتبه العقاد في كتابه ومما يعتبر شهادة دامغة تفند ما بدر منه من قول غير لائق في شأن علي والزهراء، فهو يقول : في كل دين صورة للأنوثة الكاملة المقدسة يتخشع بتقديسها المؤمنون كأنّما هي آية الله فيما خلق من ذكر وانثى.
فاذا تقدست في المسيحية مريم العذراء ففي الاسلام لا جرم تتقدس صورة فاطمة البتول.
ثم يقول : من الواضح البين ان الزهراء اخذت مكانها الرفيع بين اعلام النساء في التاريخ؛ لأنها بنت نبي وزوجة امام وأم شهداء.
فاذا كانت هذه هي صورة الزهراء البتول، فكيف يصدّق العقل ما حاكته أيدي الدسّ في تاريخ هاتين القمتين الطاهرتين من قمم الاسلام الشامخة؟!
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|