المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

التكفين
2024-06-18
أحياء محبة لتهوية قليلة Microaerophiles
7-2-2019
تفسير الاية (7-11) من سورة الحديد
22-9-2017
سذاجة الصحابة في ضبط وحماية المعرفة الإسلامية
23-04-2015
الطب في القران
25-9-2017
جني ثمار الكستناء
25-8-2020


وَفاة أَبي طالب وخديجة الكبرى  
  
3074   10:58 صباحاً   التاريخ: 4-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص512-515.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

في الوَقت الّذي كنّا نسطّر فيه مواضيع هذا الفصل كان سجن القطيف يضمُّ بين جدرانه شاباً حر الضمير شجاعاً مقداماً له يكن له من ذنب إلاّ أنه الّف كتاباً باسم أبو طالب مؤمن قريش يتناول إسلام أبي طالب وإيمانه وإخلاصه مثبتاً كل ذلك من مصادر أهل السنّة .

فطلبت منه السلطات القضائيّة في الحجاز ـ وفي عصر يتسمُ بحرّية التفكير والبيانِ والاعتقاد ـ بأن يتراجع عن كلامه وحيث إنه لم يكن ليريد أن ينكر حقيقة اعتقد بها عن قناعة ويقين حكمت عليه تلك السلطات بالإعدام.

وقد نجا هذا الفتى الشجاع والكاتب الحرّ من الاعدام اثر جهود اسلامية واسعة وخُفِضت عقوبته إلى الحبس المؤبّد الّذي خفّض اثر جهود اسلامية مرّة اُخرى إلى عقوبة الجَلد ثمانين جلدة!!.

وهو الآن يلبث في أحد السجون بانتظار المصير المجهول إذ على المسلمين إما أن يهتمّوا بالأمر ويطلبوا من السلطات القضائية السعودية صرف النظر عن عقوبته بل والافراج عنه نهائياً.

وإما أن يفقد هذا الشاب المجاهد الشجاع البريء حياته تحت سياط تلك السلطات الجائرة الحاكمة زوراً وقهراً على أرض الحجاز .

لقد سقطت مؤامرة الحصار الاقتصادي ضدّ النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) بفعل إقدام ثلة من ذوي المروءة وأيضاً بفضل صمود النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وثباتهم العظيم. وخرج النبيّ وأنصاره من شِعب أبي طالب بعد ثلاث سنوات من النفي والعذاب وعادوا إلى منازلهم ظافرين مرفوعي الرؤوس.

وعاد التعامُل الاقتصادي مع المسلمين إلى ما كان عليه قبل الحصار وكانت أوضاع المسلمين تسير نحو الانتعاش والانفراج شيئاً فشيئاً وإذا برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يُفاجَأ بحادث مؤلم مرٍّ ذلك هو وفاة شخصية كبرى أحدث فقدانها أثراً سيّئاً في نفوس المسلمين وبخاصة المستضعفين منهم.

ولقد كان هذا الأثر عظيماً جداً بحيث لا يمكن قياسه بشيء بالنظر إلى تلك الظروف الحساسة وذلك لأن نمو أية عقيدة وفكرة إنما يكون في ظل عاملين أساسيّين :

أحدهما : حرية التعبير والآخر : القوة الدفاعية الّتي تحمي أصحاب تلك العقيدة والفكرة ضدّ حملات الخصوم الّتي لا ترحم.

ولقد كان المسلمون ـ آنذاك ـ يتمتعون بحرية البيان والتعبير ولكنهم افتقدوا بسبب الحادث المفاجئ المذكور .

العاملَ الجوهري والمصيري الثاني يعني : حامي الإسلام والمدافع الوحيد عنه الّذي وافته المنية في تلك الايام الحساسة وحُرم المسلمون بوفاته من حمايته ودفاعه ووقايته.

أجل لقد فَقَد رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) حاميه العظيم الّذي تولى مهمة كفالته والدفاع عنه والمحافظة على حياته بصدق واخلاص وجدّ ورغبة وكان يقيه بنفسه وذويه ويؤثره على نفسه وأولاده وينفق عليه من ماله حتّى كَبُرَ وصار له مال وطول منذ أن كان (صـلى الله علـيه وآله) في السنة الثامنة من عمره وحتّى يوم وفاة ذلك الحامي العظيم ورسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) في الخمسين من عمره.

لقد فَقَد رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) شخصيةً خاطبها عبدُالمطلب عند وفاته بالشعر قائلا :

اُوصِيكَ يا عَبدَ مناف بعدي

                   بموحد بَعدَ أبيهِ فَردِ

 فأجابه أبو طالب قائلا : يا أبَه لا توصِيَّنِ بمحمّد فانه إبني وابن أخي .

ولعلّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) قد تذكر في اللحظة الّتي ظهر فيها على جبين ابي طالب عرقُ الموت جميع الحوادث الحلوة والمرة وقال في نفسه :

1 ـ إن هذا الشخص المسجّى على فراش الموت هو عمّه الرؤوف الّذي ظلَّ يحرسه بالليل والنهار طيلة سنوات الحصار في الشعب فاذا جاء الليل قام عند رأسه بالسيف يحرسه.

ورسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) مضطجع ثم يقيمه من فراشه إذا مضى شطرٌ من الليل ويضجعه في موضع آخر ويضجع مكانه ولده علي بن أبي طالب حتّى لا تغتاله قريش بعد أن رَصَدوا مكانه وكمنوا له وكان يفعل أبو طالب ذلك طوال الليل كله فيفديني بولده علي ويقيني به حتّى إذا قال له عليٌ ليلة : يا أبتاه إني مقتول ذات ليلة .

فأجابه أبو طالب بنبرة المتحمّس الصبور :

إصبِرَن يا بُنَيَّ فَالصبِرُ أحجى

                   كُلُّ حَىٍّ مَصِيرُه لِشُعُوبِ

قَد بَلَوناك وَالبَلاءُ شَديدٌ

                   لِفِداءِ النَجِيبِ وَابنِ النَجيبِ

 

فأجابه عليّ بكلام اكثر حلاوةً وعمقاً قائلاً :

أَتَامُرُني بالصَّبرِ في نَصر أحمَدٍ؟

                   وَ وَاللّهِ ما قُلتُ الّذي قُلتُ جازعاً

وَلكِنَّني أَحبَبتُ أن تَرَ نُصرَتي

                   وَتعلَمَ أَنّي لَم أَزَل لَكَ طائِعاً

2 ـ إن هذا الجثمان الّذي فارقته الروح هو جثمان عمّي العطوف الّذي شُرّدَ هو وذووه وعرَّض نفسَه وأهلَه للبَلاء والمحنَة بسبب الحصار لأجلي وأمر بأن يحرسونني ليلَ نهار تاركاً زعامته وسيادته وكلّ شؤُونه للحفاظ عليَّ والإبقاء على رسالتي وأرسل إلى قريش رسالةً قويةً أعلنَ فيها عن وُقُوفه إلى جانبي وانه لن يسلمني ويخذلني مادام حيّاً إذ قال :

فَلا تَحسبُونا خاذِلين مُحمَّداً

                   لذي غُربة مِنّا وَلا مُتَقرّب

سَتَمنعُه مِنّا يَدٌ هاشِميّةٌ

                   وَمَركَبُها في الناسِ أخشن مركب

بعد أن تحقق موت ابي طالب ارتفع الصراخ والنحيب من منازله وبيوته واجتمع حول بيته العدوُّ والصديقُ والقريبُ والبعيد واشترك الجميعُ في مراسيم دفنه بقلوب آلمتها الفجيعة به وقرّحها الحزنُ عليه.

وهل ترى تنتهي آثار وردود فعل وفاة شخصية عظيمة الشأن مثل ابي طالب الّذي كان زعيم قريش وسيد عشيرته بمثل هذه السرعة والبساطة؟

كلا بل سيكون لفقدانه اكبر الأثر على مسيرة الدعوة كما ستعرف ذلك مستقبلا.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.