المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الغلط في شخص المجني عليه  
  
11186   09:22 صباحاً   التاريخ: 17-4-2017
المؤلف : مجيد خضر احمد عبد الله
الكتاب أو المصدر : نظرية الغلط في قانون العقوبات
الجزء والصفحة : ص157-164
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات العام /

يذهب بعض الفقهاء الى تسمية هذه الحالة (بالخطأ في التصويب) أو ( الخطأ في توجيه الفعل) أو (الحيدة عن الهدف)، قائلين أن هذه الحالة لا تفترض غلطاً، لأن الجاني لم يخلط بين موضوعين، فلم يُصب احد الموضوعين معتقداً أنه الآخر وإنما وجّه فعله الى الموضوع الذي يريد تحقيق النتيجة فيه فأخطأه واصاب غيره لعدم الدقة في اصابة الهدف وعدم إحكام تحديد اتجاه الفعل. والخطأ في توجيه الفعل يشترك مع الغلط في شخصية المجني عليه في تحقيق النتيجة نفسها في موضوع آخر غير الذي أراده الجاني، بيد أن الغلط في الشخصية يفترض غلط الجاني وخلطه بين موضوعين حين يصيب احدهما معتقداً أنه الآخر (1)  .على حين يذهب جانب آخر من الفقه – نؤيده- الى تسمية هذه الحالة (بالانحراف في الشخص) أو ( الغلط في التنفيذ)، فتتحقق صورة الانحراف في الشخص في حالـــــــة ارتكاب فعل عمدي يقصد به الجاني اصابة شخص معين، فيصيب – لغلط في التنفيذ – شخصاً آخر، أو يصيب الشخص المقصود ويصيب معه شخصاً آخر. ويضع الأستاذ ليون ((Leone)) الشروط اللازم توافرها لقيام هذه الصورة وهي أربعة شروط: الأول، تنفيذ جريمة عمدية. والثاني، توجيه الفعل ناحية شخص معين. والثالث، اصابة شخص آخر غير الشخص المقصود أصلاً أو اصابته مع الشخص المقصود. والرابع، وقوع غلط في طريقة التنفيذ. وقد تنأول القانون الايطالي هذا الاتجاه  في نص المادة (82) عقوبات، بأنه ((اذا وقع عدوان على شخص آخر غير الشخص المقصود وذلك بسبب غلط في استعمال وسائل التنفيذ، أو لأي سبب آخر، فإن الجاني يسأل عن هذه النتيجة نفس المسؤولية فيما لو وقعت الجريمة على الشخص المقصود، وذلك فيما عدا مايخص الظروف المشددة أو المخففة تطبيقاً للمادة (60). أما اذا أصيب فضلاً عن الشخص المقصود، شخص آخر، فإن الجاني توقع عليه العقوبة المقررة للجريمة الأشد، بعد رفعها بمقدار النصف)). والفقه الايطالي يبرر ذلك بأن الاختلاف في شخص المصاب لا يغير من جوهر ((العدوان)) شيئاً. فالمصلحة التي تهدر في حالة اصابة ((أحمد)) هي المصلحة نفسها التي تهدر لو أصيب ((محمد)) (2) .  إن الغلط لا يؤثر في قيام القصد والمسؤولية عنه الا اذا أصاب عناصر جوهرية في محل الجريمة؛ فالمشرّع يتطلب في محل جريمة القتل مثلاً أن يكون (إنساناً) وأن يكون (حيّاً)، ومازاد عن ذلك من ذات أو صفات تعد عناصر ثانوية غير جوهرية لا يترتب على إنتفاء العلم بها إنتفاء القصد الجرمي، لأن القانون إنما يحمي الإنسان مجرداً من ذاته وصفاته ولا يشترط فيه الا أن يكون حيّاً. فاذا إنصب الغلط على(شخص) المجني عليه بسبب غلط في التنفيذ فإن القتل يظل عمدياً ولا ينقص من القصد أو يثلم منه شيئاً. وذلك ببساطة بالغة يعود الى كون القصد أمر يرتبط بالجاني لا بالمجنى عليه؛ فمن يطلق النار على زوجته قاصداً قتلها فتقع الاطلاقة بامرأة أخرى كانت تسير معها، فإنه يسأل عن الشروع في قتل زوجته ويسأل أيضا عن قتل المصابة لانه تعمد القتل فهو مسؤول عنه بصرف النظر عن شخص المجنى عليها (3) . بيد أن حكم الغلط في الشخص أو في التنفيذ لم يكن أثره على القصد الجرمي موضع اتفاق في الفقة، إنما تنازعه رأيان كما يأتي :ـ

الرأي الأولـ- يذهب هذا الراي الى القول: إنه لا تأثير لغلط الجاني على مسؤوليته عن الجريمة العمدية التامة التي تحققت بالفعل نتيجة غلطه في التصويب والتنفيذ. فيسأل عن جريمة قتل عمدية لو أنه اطلق النار مثلا على غريمه فلم يصبه بل أصاب من كان يجلس معه فقتله، ويسأل عن جريمة حريق عمدية اذا قذف مادة حارقة على دار عدوه فوقعت في دار أخرى مجاورة فاحترقت. فالجاني أراد النتيجة التي حددها القانون تحديداً مجرداً - وهي وفاة إنسان أو اشتعال النار- وهذا هو المهم في نظر القانون وليس مهما في نظره الموضوع الذي تتحقق فيه النتيجة بعد ذلك، لأن القصد الجرمي ليس من عناصره اتجاه الارادة الى تحقيق تلك النتيجة في موضوع معين.

وعلى الرغم من رجاحة هذا الرأي في الفقة والقضاء المصري والفرنسي الا أن ما يعاب عليه أنه يصرف النظر عن الموضوع الذي أراد الجاني تحقيق النتيجة فيه ويقصر اهتمامه على الموضوع الذي تحققت فيه النتيجة فعلا، متناسياً أن الجاني قد وجه ارادته الى الاعتداء على الموضوع الأول واتخذ أفعالاً تنفيذية في سبيل إنجازه. وتتضح أهمية هذا الإنتقاد اذا افترضنا أن الجاني لم يصب الموضوع الثاني وإنما خاب فعله، أفَلا أقل من أن يسأل عن شروع في الاعتداء على الموضوع الأول؟ فمن يطلق النار على عدوه فلا يصيب أحداً فإنه يسأل عن شروع في قتل بلا شك، فلماذا تنتفي هذه المسؤولية اذا ازدادت جسامة آثار الفعل وتحقق الاعتداء على موضوع آخر، اذ يصير الأمر وكأن القانون يعدّ وقوع جريمة لاحقة سبباً لانقضاء مسؤولية الجاني عن جريمة سابقة متكاملة الأركان. وبالجملة، يتجاهل هذا الرأي التكييف القانوني الصحيح لآثار الفعل الذي اقترفه الجاني، فهو لا يلتفت الى تعدد هذه الآثار وكل أثر فيها يكوّن نتيجة اجرامية معاقباً عليها، الا أن تعدد هذه الجرائم يمثل تعدداً معنوياً يقتضي معاقبة الجاني عن الجريمة الاشد دون سواها.

الرأي الثاني – يدعو أنصار هذا الرأي ومنهم (فول ليست) و (دونديو دوفابر) و (لوغوز) الى تحميل الجاني مسؤولية الشروع في جريمة عمدية بالنسبة للموضوع الأول ألذي أراد اصابته ولكنه لم يصبه، وعن جريمة تامة غير عمدية بالنسبة للموضوع الثاني الذي لم يرد اصابته ولكنه أصابه.

وعلى الرغم من عدم تجاهل هذا الرأي حالة الشروع في الجريمة العمدية الا أن ما يعيبه أنه يجعل فعل الجاني وهو فعل واحد منشأ لنوعين من المسؤولية أحداهما عمدية والأخرى غير عمدية معاً، وهذا ازدواج لا تقره قواعد القانون، لأن الفعل الواحد لا يمكن أن يكون عمدياً ولا عمدياً في آن واحد. فالنتيجة محددة تحديداً مجرداً وقد اتجهت اليها الارادة اتجاهاً صحيحاً صالحاً وأن يقوم عليه القصد الجرمي بما يسمح بابقاء مسؤولية الجاني في اطار ونطاق العمد عن الجريمة الثانية.

الرأي الثالث – وهو الرأي الراجح يقضي بتحميل الجاني مسؤولية عمدية عن الجريمتين، وهما الشروع في الجريمة العمدية بالنسبة للموضوع الأول، والجريمة العمدية التامة بالنسبة للموضوع الثاني، إنما تجري المعاقبة بعقوبة الجريمة الأشد من بين الجريمتين نظراً لتعددهما المعنوي. وهذا الوضع قريب من وضع آخر، ونعني به حالة ما اذا أصاب الجاني بفعله الموضوعين معاً، كمن يطلق النار على عدوّه فيقتله ثم تصيب الأطلاقة نفسها شخصاً آخر فتقتله، فالجاني هنا يسأل عن جريمتين عمديتين، وينظر أيضاً في حالة التعدد المعنوي للجرائم في هاتين الجريمتين عند الحكم (4) . والصفوة، إن الغلط في شخص المجني عليه أو في التصويب والتنفيذ أو في توجيه الفعل هي حالة كثيراً ما تنتاب الجاني، فهو يريد بلوغ نتيجة جرمية معينة في موضوع معين، الا أنه لا يحسن توجيه فعله واحكام رميته احكاماً سديداً نحو هذا الموضوع في وقت يعتقد فيه عكس ذلك، فتقع النتيجة نفسها ولكن في موضوع آخر. وليس لهذا الغلط أهمية قانونية مادام القصد الجرمي قد تحقق ببلوغ النتيجة التي توقعها الجاني وأرادها، ولا أهمية بعد ذلك لوقوعها على شخص بعينه دون آخر، فهذا أمر لا يعلٍّق عليه المشرّع أهميته، لأن المشرّع يحدد النتيجة الاجرامية تحديداً مجرداً لا صلة لها بموضوع معين دون آخر (5) .والى ذلك ذهبت محكمة التمييز في العراق في قرارات كثيرة لها، فقد قررت أن ((الخطأ في التصويب الذي أدى الى اصابة شخص آخر وحالت الاسعافات دون وفاة المجني عليه يجعل الجريمة المرتكبة شروعاً في القتل)) (6) ،وقررت بأنه ((اذا تعمد المتهم اطلاق النار فإن الخطأ في شخص المجني عليه لا يبدل التكييف القانوني لجريمة القتل العمد)) (7) ،وقررت أنه ((اذا أطلق المتهم من مسدسه على والده اطلاقة فلم تصبه وأصابت شقيقته التي حالت الاسعافات الطبية دون وفاتها فيكون الفعل قد كوّن جريمـــــــــــــــــــــــــــــــــتي القتل والشروع بالقتل ويلزم تطبيق العقوبة الأشد طبقاً للمادة (141) من قانون العقوبات (8) . وحقيقة، أن البحث في موضوع الغلط في الشخص لا يجب أن يتعلق بموضوع ((العمد))، فالعمد قائم لا شبهة فيه، وإنما يجب أن يتعلق بموضوع ((السببية المادية)). والسببية بدورها لا شك قائمة، لأن النتيجة قد إنحرفت في مجرى تأباه التجربة الطبيعية المألوفة للأمور، وهذا هو منطق الأشياء. ومن ثم تتأكد مسؤولية الجاني عن تلك النتيجة المنحرفة مسؤولية عمدية بلا مراء (9) .اذ إن القصد الجرمي ينتفي بالغلط الجوهري، وهو الذي يتعلق بواقعهة، يتطلب القانون العلم بها، ولا يعد غلط الجاني في شخص المجنى عليه من قبيل ذلك الغلط الجوهري، فالمطلوب في جريمة القتل في الأمثلة المتقدمة ازهاق روح إنسان على قيد الحياة أيا كان لقيام الجريمة، ولا عبرة بشخصية ذلك الإنسان من تكون، فالناس من جهة الحق في الحياة سواء. وكذلك الأمر في جريمة السرقة فهي تقع باختلاس مال منقول مملوك للغير عمدا، ولا عبرة بعد ذلك بمن يكون هذا الغير زيدا أم عمرا (10) .فالسببية المادية لاشك قائمة بلا خلاف، والسببية المعنوية هي أيضا قائمة بين إرادة الجاني للسلوك والنتيجة وعلمه بإزهاق روح إنسان ما على قيد الحياة. وليس الإرادة مرتبطة بموضوع النتيجة لإنسان محدد دون غيره، فهذه السببية قد فرضها المشرع وافترضها، ولا مجال للخوض في غير تقديرات المشرع وافتراضة لها. وهكذا قضت محكمة التمييز في العراق أنه ((إذا رمى المدان طابوقة من بعيد على شخص فأصابت غيره وقتلته فيعتبر الفعل ضرباً أفضىالى الموت لا قتلا عمدا)) (11) ،وفيه أقرت المحكمة السببية المادية بين رمي الطابوق ((السلوك)) والنتيجة وهي ((الوفاة))، وكذلك أأقرت السببية المعنوية بين ارادة الجاني للسلوك وارادته ((الايذاء)) وخطئه في ايقاع ((الوفاة)).   قد يبدو الشروع في الجريمة نوعاً من أنواع الغلط في شخص المجني عليه أو الغلط في التصويب أو التنفيذ. والمقصود هنا هو ((الشروع التام أو الجريمة الخائبة)) دون الشروع الناقص،  اذ إن الفاعل في حالة الشروع التام يأتي كامل الأفعال التنفيذية المكونة للركن المادي للجريمة ولكن مع ذلك لا تتحقق الجريمة، كمن يطلــــق علـــــــــــــــــــى آخر اطلاقة من مسدسه بغية قتله ولكنها لا تصبه، أو تصبه في غير مقتل لعدم احكام الرماية أو التصويب فيقع غلط في التنفيذ. بمعنى أن خيبة الأثر في هذه الحالة تعزى الى ((غلط في التنفيذ)) ينجم عن سوء التقدير وقلة الدراية وعدم احكام التصويب والرماية مثلما هو الأمر في حالة الغلط في الشخص. أما النوع الآخر من أنواع الشروع وهو ((الشروع الناقص أو الجريمة الموقوفة))، فلا نتصور فيه الغلط في التنفيذ، وذلك لأن الفاعل يتوقف عن الاستمرار بأفعاله التنفيذية المكونة للمشروع الاجرامي أو يُجبر على ايقافها لا لغلط في التنفيذ وإنما لأسباب أخرى قد تكون طارئة أو ملجئة أو قاهرة، كحضور الشرطة والقبض عليه، أو الامساك بيد الفاعل من شخص آخر (12) . أما العدول عن الجريمة، فمعناه عدول الفاعل عن الاستمرار باتمام نتيجة فعله بارادته الحرة لسبب نفسي محض. أي أن الفاعل لا يستمر في اتمام نتيجة فعله ويرجع عنه مع أنه كان قادراً على اتمام النتيجة كاملة. وهنا لا يعد المتهم شارعاً في الجريمة اذا عدل عنها من تلقاء نفسه من دون أن يحول بينه وبينها حائل. كمن يتمكن من غريمه حتى اذا وضع السكين على رقبته ليحتزّها تعوّذ من الشيطان وتملكه الرحمن فتركه، أو كمن يبدأ باحتزاز رقبة غريمه فينتابه الروع فيسرع بنقله الى المستشفى لعلاج الجرح اليسير ألذي أحدثه فيشفى (13) .وهذا النوع من العدول يسمى ((العدول الاختياري)) بأن يختار الجاني بنفسه وبمحض ارادته وبكامل وعيه أن لا يتم الجريمة بعد أن بدأ بتنفيذها. فلا وجود للشروع في هذه الحالة لعدم تحقق شرط عدم تدخل ارادة الجاني في عدم اتمام الجريمة؛ فالعدول ينبغي أن يكون راجعاً لمحض ارادة الفاعل، ولا عبرة بالبواعث التي تدعو الى العدول. فهو يمنع من قيام الشروع سواء كان الباعث عليه نبيلاً كالشعور بالندم أو الاشفاق على المجني عليه أو الرغبة في التوبة، أم لم يكن كذلك كخشيته من عقاب القانون أو انتقام عائلة الجاني منه أو توقع الاخفاق والفشل. أما في حالة ((العدول الاضطراري))، فإن الشروع يعد قائماً ويستحق الجاني عليه العقاب وإن توهم الجاني – على سبيل الغلط – وجود عامل خارجي. فلا عبرة بالعدول اذا كان راجعاً الى توهم الجاني وهو وجود سبب دفعه لهذا العدول على الرغم من عدم توافر هذا السبب فعلاً. فلو قرر اللص العدول عن السرقة وقفل هارباً من داخل المنزل بعد دخوله لاعتقاده – على سبيل الغلط- وجود نفر من رجال الشرطة يترصدونه للقبض عليه في حين كانت الحقيقة أن هؤلاء الشرطة لم يكونوا موجودين في الواقع، ومــــــن ثم يجعله اضطراره الى هذا العدول شارعاً في السرقة (14).ويتعين أيضاً التمييز بين حالة العدول وبين حالة من يترك اتمام جريمته بظنّ خاطئ منه بأنه أتمّها أو في سبيله الى اتمامها – أي على سبيل الغلط – كما لو أن الفاعل ترك ضحيته بعد طعنها ظنّاً أنه فارق الحـياة أو سيفارقها (15).ولذلك قضت محكمة التمييز في العراق أنه ((يعتبر اطلاق المتهم طلقة واحدة على المجني عليه أصابته في رقبته وكان يمكن أن تؤدي الى وفاته شروعاً بالقتل، ولا يعتبر توقف المتهم عن الاطلاق بعد سقوط المجني عليه أرضاً دليلاً على انصراف نيّة المتهم الى الايذاء)) (16).  وأما الغلط في الجريمة المستحيلة، فالاستحالة اما أن تكون مطلقة أو نسبية في الوسيلة، واما أن تكون مطلقة أو نسبية في الموضوع. وفي مجال الاستحالة المطلقة في الوسيلة، فإن السلوك يكون غير صالح بطبيعته لاحداث النتيجة الجرمية، فاذا كان السلوك مجرداً من صلاحية احداث النتيجة الجرمية، فإنه لا يتصور توافر الشروع لإنعدام الخطأ. فأين الخطر في سلوك شخص يحأول قتل آخر بعصير البرتقال ظنّاً أنه سمٌ زعاف، أو من يحأول قتل آخر ببندقية فارغة من العتاد أو غير صالحة للاطلاق؟ وهذه الحالة تختلف تماماً عن حالة السلوك الصالح لاحداث النتيجة الاجرامية بطبيعته ولكنه قصّر في تحقيقها لعدم دراية الفاعل أو غلطه، اذا كانت الأسباب خارجة عن ارادة الفاعل. اذ يعدّ شارعاً في القتل من يحاول أن يقتل غريمه بعشر قطرات من السمّ معتقداً أنها كافية لقتله أو اعتقد أنه وضع خمس عشرة قطرة من السمّ، لأن عدم تحقيق النتيجة يعود لأسباب طرأت بعد أن بدأ الفاعل مباشرة سلوكه، وهذا السبب يعود الىعدم كفاية المادة السامة. أما في مجال الاستحالة النسبية في الوسيلة، فيرتكب الفاعل سلوكاً مادياً صالحاً لاحداث النتيجة الاجرامية، وإن الحق موضوع الحماية الجنائية كان موجوداً، وقد تعرّض لخطر الضرر لولا أن طرأت أسباب على سلوك الفاعل خارجة عن ارادته جعلت الخطر لا يفضي الى ضرر اجرامي على سبيل اليقين، كمن يلقي بقنبلة يدوية صالحة على غريمه قاصداً قتله،معتقداً على سبيل الغلط أنه نزع مسمار الأمان، فلا تنفجر القنبلة؛ فهنا يعد الفاعل شارعاً في جريمة القتل على الرغم من ذلك الغلط. أما الاستحالة المطلقة في الموضوع، فمثالها أن يطلق الفاعل النار على جثة هامدة معتقداً أن صاحبها على قيـــــــــــــــــــــــــد الحيـــــــــــــــــاة،  فلا يعد الفاعل شارعاً في جريمة القتل لإنتفاء خطورة الوفاة، لاسيما وان مجال التجريم فـي الشروع هو الخطر أو وجود حق يحميه القانون مهدد بالخطر. والخطر المعتبر هنا هو الخطر الحقيقي لا الوهمي المصحوب الغلط (17) .ولو عدنا الى نص المادة (30/عقوبات عراقي) لوجدناها تشير الى ذلك بوضوح بقولها: ((... ويعتبر شروعاً في ارتكاب الجريمة كل فعل صدر بقصد ارتكاب جناية أو جنحة مستحيلة التنفيذ اما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة أو بالوسيلة التي استعملت في ارتكابها مالم يكن اعتقاد الفاعل صلاحية عمله لإحداث النتيجة مبنياً على وهم أو جهل مطبق)). وظاهر أن المشرع أراد بلفظة ((الوهم)) الغلط في تصور صلاحية عمله لاحداث النتيجة خلافاً للحقيقة، ولم يكن يقصد بها الجهل بهذه الصلاحية لانه اضاف بصراحة الى حالة الوهم حالة اخرى وهي ((الجهل المطبق)) في عدم العلم بهذه الصلاحية. وهكذا، لا يعد شروعا اعتقاد الفاعل المبني على وهم أو غلط في صلاحية عمله لاحداث النتيجة.والاستحالة النسبية من حيث الموضوع تكون في حالة ما اذا كان موضوع الجريمة موجودا ولكن في غير المكان الذي ظن الجاني ـ غلطا ـ أنه فيه. كمن يطلق الرصاص على سرير شخص بقصد قتله معتقدا أنه فيه في وقت لم يكن الشخص موجودا فيه، أو يكسر خزنة لسرقة مافيها من أموال يعتقد أنها مازالت فيها فاذا هي خاوية. ودون الخوض في تفاصيل النزاع الحاصل في الفقة حول تقسيم الجريمة المستحيلة الى درجات والنظر في العقاب على كل درجة منها على حدة، نقول أن دراسة نص المادة (30/عقوبات عراقي) يوحي بأن المشرع قد تبنى في العقاب على الجريمة المستحيلة المذهب الذي يقرر العقاب عليها بصورة مطلقة بعقاب الشروع، عدا الجريمة الوهمية التي لا وجود لها الا في ذهن الجاني وتصوره ومخيلته خطأ. كحالة الأعمى الذي يتصور أنه يغتصب أمراة ظانّا ظنّاً مغلوظا أنها أجنبية عنه فاذا هي زوجته، وحالة من يحأول قتل آخر بأعمال السحر والشعوذة والقراءات الغيبية، وحالة من يسرق مالاً ظناً أنه مملوك لغيره ويظهر أنه مملوكا لغيره (18).

__________________

1- د. محمد الفاضل –الجرائم الواقعة على الاشخاص – مطبعة جامعة دمشق – 1962 – ص 296 ومابعدها. د. محمود نجيب حسني-النظرية العامة للقصد الجنائي-دار النهضة العربية-القاهرة-1978 – ص 96.

 2- د. محمد صبحي نجم و د. عبد الرحمن توفيق – الجرائم الواقعة على الاشخاص والأموال في قانون العقوبات الأردني – مطبعة التوفيق – عمان / الاردن – 1987 – ص35 ومابعدها. د. جلال ثروت-نظرية الجريمة المتعدية القصد في القانون المصري والمقارن-دار المعارف-مطبعة معهد دون بوسكو/الأسكندرية – ص 444 – 446.

3- أحمد ابو الروس – جرائم القتل والجرح والضرب واعطاء المواد الضارّة من الوجهة القانونية والفنية – المكتب الجامعي الحديث – الأزاريطة / الاسكندرية – ص21. ويُنظر د. محمد زكي أبو عامر-قانون العقوبات/القسم الخاص-دار المطبوعات الجامعية-الأسكندرية-1977.

 – ص472 – 474. وينظر د. عبد المهيمن بكر – القسم الخاص في قانون العقوبات – المطبعة العالمية / القاهرة – 1968 – ص46 ومابعدها. وينظر د. حميد السعدي – شرح قانون العقوبات الجديد – ج/1 في الأحكام العامة – دار الحرية للطباعة / بغداد – 1976 – ص 300.

4- د. محمد الفاضل-المبادىء العامة في قانون العقوبات-ط2-دمشق-1963. – ص296 ومابعدها.وينظر د. ماهر عبد شويش الدره-الأحكام العامة في قانون العقوبات-دار الحكمة للطباعة والنشر-الموصل/العراق-1990– ص 305. ود. عبد المهيمن بكر - القسم الخاص – ص 49 ومابعدها. ود. محمود نجيب حسني – النظرية العامة للقصد الجنائي – ص 96 – 100. و د. حميد السعدي – شرح قانون العقوبات الجديد – ص 300 

5- د. جلال ثروت – الجريمة المتعدية القصد – ص 445.

6- قرار رقم 1726/جنايات/973 في 6/9/ 1973ـ النشرة القضائية ـ العدد الثالث – السنة الرابعة – ص 389.

7- قرار رقم 3805/جنايات/973 في 6/8/1973 ـ النشرة القضائية ـ العدد الثالث – السنة الرابعة – ص 377.

8- قرار رقم 628/جنايات/974 في 27/7/1974 ـ النشرة القضائيةـ العدد الثالث – السنة الخامسة – ص 253.

9- د. جلال ثروت – الجريمة المتعدية القصد – ص 451.

10- د. فخري عبد الرزاق الحديثي-شرح قانون العقوبات/القسم الخاص-مطبعة الزمان-بغداد-1996.– ص 281 ومابعدها.

11-  قرار رقم 28/جنايات/76في22/2/1976–مجموعة الاحكام العدلية–العدد الأول–السنةالسابعة–1976–ص 301.

12- مستفاد من مصدر: د. ضاري خليل محمود–الشروع في الجريمة-طبع دار الشؤون الثقافية العامة–2001–ص 23

13-  المصدر السابق – ص68 ومابعدها.

14- د. علي حسين الخلف و د. سلطان عبد القادر الشاوي – المبادئ العامة في قانون العقوبات – مطابع الرسالة / الكويت – 1982 – ص 170 ومابعدها. ويُنظر:

Cross and Jones – Introduction To Criminal Law – London – 1976 – P.349

15- د. ضاري خليل محمود-الشروع في الجريمة-طبع دار الشؤون الثقافية العامة-بغداد-2001 – ص70 ومابعدها.

16- قرار رقم 567 / جزاء أولى – تمييزية / 1982 في 26/7/1982 – مجموعة الاحكام العدلية – العدد الرابع – السنة/13 – 1982 – ص 67.

17- د. كامل السعيد-شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات-ط1-الناشر الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع-عمان/الأردن-2002–ص270 ومابعدها. ويُنظر:د. علي حسين الخلف ود.سلطان الشاوي-المبادىء العامة في قانون العقوبات-مطابع الرسالة-الكويت-1982– ص174- 179.

18-  د. علي حسين الخلف ود. سلطان عبد القادر الشاوي – المصدر السابق – ص 179.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .