أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
1182
التاريخ: 4-5-2020
1591
التاريخ: 22-11-2016
924
التاريخ: 22-2-2018
1235
|
قد اختلف أهل الإسلام في أن الإمامة من أصول العقائد أو من فروعها ، قال الإمامية الاثنا عشرية بالأول ، والمشهور بين أهل السنة والزيدية هو الثاني .
وقال صاحب إحقاق الحق : إن القاضي البيضاوي قد صرح في مبحث الأخبار من كتاب المنهاج وجمع من شارحي كلامه بأن مسألة الإمامة من أعظم مسائل أصول الدين الذي مخالفته توجب الكفر والبدعة ، وقال الأسروشني من الحنفية في كتابه المشهور بينهم بالفصول الأسروشني بتكفير من لا يقول بإمامة أبي بكر (1) انتهى .
والدليل على المذهب الأول أمور :
أحدها : ما رواه العامة والخاصة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (2) .
وجه الدلالة : أنه يدل على كون الإمامة مقصودة بالمعرفة ، وكون الجهل بها موجبا للهلاك الدائم ، لكون الميتة الجاهلية كذلك وهذا هو المراد من الأصول .
ويؤيد ما ذكرته ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، من صحيح أبي داود عن معاوية ، قال : قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة (3) .
زاد في رواية : وإنه سيخرج في أمتي أقوام يتجارى بهم الأهواء ، كما يتجارى الكلب (4) بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله (5) .
ومن صحيح الترمذي وأبي داود ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . وفي رواية أبي داود قال : وتفرقت النصارى على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين وذكر الحديث (6) .
ومن صحيح الترمذي ، عن ابن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية ليكونن في أمتي من يصنع ذلك ، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة ، قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي (7) انتهى .
والمراد ما عليه أصحابه (صلى الله عليه وآله) في حياته ، لأن كثيرا من أصحابه ارتدوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... ، والذين أنكروا كون الإمامة من الأصول لما لم يكونوا قادرين على إنكار الرواية ، لغاية الشهرة بين فرق الإسلام ، والتكرر في الكتب المعتبرة ، أولوها بلا معارض من الكتاب والسنة ، فزعم بعضهم أن المراد من الإمام هو القرآن ، وبعضهم زعم أنه هو الرسول (صلى الله عليه وآله) ، والإضافة شاهدة على بطلان الزعمين.
والعجب من الفاضل التفتازاني أنه حكم على وفق مشايخه بوجوب نصب الإمام على الخلق سمعا ، لقوله (صلى الله عليه وآله) " من مات ولم يعرف " الخ ، مع أن مقتضى الرواية دوام الإمامة ، لأن وجوب معرفة كل مكلف إمام زمانه موقوف على تحققه في جميع الأزمان ، وهو لا يقول به ، وكيف يأمر الله تعالى بمعرفة الإمام في كل زمان مع عدم تحققه إلا في قليل من الزمان وخلو عامة الأزمنة منه ؟ وأيضا كيف يوجب نصب الإمام على الأنام ؟ مع عدم تمكنهم على نصبه في عامة الأزمنة والأيام ، لانجراره إلى الاختلاف والفساد ، كما يقولون بأن ترك نصب الإمام في زمن سلاطين الجور كان لعدم الاقتدار عليه .
وأيضا كيف تجتمع هذه الرواية المعتبرة مع ما نسبوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تصير ملكا عضوضا (8) .
مع أن الإمامة انقطعت مع الخلافة على ما يزعمه بعضهم ، أو قبلها على ما يزعمه هو على وفق بعضهم ، لأنه يزعم أن عمر بن عبد العزيز من المروانية والسلاطين العباسية خلفاء ، وعلى التقديرين لا يكون الإمامة عندهم بعد الثلاثين .
ولو فرض إطلاق الإمام على السلاطين الذين كانوا بعد الثلاثين بمعنى آخر – ولم يناقش في هذا الاطلاق - لا يتعلق غرض ديني بمعرفة الإمام بهذا المعنى ، حتى يصير الموت عند عدم معرفته ميتة جاهلية ، هل يجوز العاقل أن يعذب الله تعالى بأنواع العذاب من أطاعه في جميع ما أمر به من الواجبات بل المندوبات أيضا واجتنب عن جميع المنهيات بل المكروهات أيضا ؟ مع غاية الخلوص ونهاية الخضوع ، بسبب أنه قصر في معرفة المتوكل العباسي ، أو من هو مثله في الخصال الذميمة والجهالات .
ويجوز أن يجاب بعد سؤال أحد أنه ألم يكن المتوكل باغضا لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟ مع شيوع نقله في الألسنة والتواريخ ، أم لم يكن ما نقل في الصحاح من أن بغض أمير المؤمنين (عليه السلام) علامة النفاق حقا ، أم كان كلاهما حقين ومع ذلك كان الجهل به موجبا للميتة الجاهلية ، بأن كليهما وإن كانا حقين ، لكن الجهل به موجب للميتة الجاهلية والعذاب الأبدي ، لأن النفاق وإن كان موجبا لدخول النار لكن معرفة بعض المنافقين منقذة عنه .
ومع سخافة أمثال تلك الكلمات هل يعمم الإمام بحيث يندرج فيه يزيد وسلاطين الكفر ، مثل جنكيز وأولاده الذين انتقل سلطنة معظم بلاد المسلمين إليهم ، وغيرهما من سلاطين الكفر والطغيان ، أو تخصيصه بغيرهم ؟ والثاني يشتمل بعد السخافة المذكورة على تخصيص العام بلا دليل ، لأنه إذا كانت معرفة المنافق منقذة عن النار ، يمكن أن يكون معرفة الكافر أيضا منقذة عنها ، فلا وجه للتخصيص ، والأول على مزيد ركاكة على السخافة .
وبما ذكرته ظهر أن كلام الأسروشني لا يصح أصلا ، لأن من قال بإمامة أبي بكر قال بانتهاء (9) الإمامة إلى الثلاثين ، وإن قول البيضاوي بكون الإمامة من الأصول حق ، وإن كان اعتقاده بانقطاعها بعد الثلاثين باطلا .
وثانيها : الرواية المستفيضة ، وهي : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك (10) .
وجه الدلالة : توقف تحقق النجاة والاجتناب عن الهلاك على معرفة السفينة المذكورة .
وثالثها : ما يظهر بعد إثبات إمامة الاثني عشر وعصمتهم ، لأن كلامهم ( عليهم السلام ) يدل بطرق متواترة على هذا المدعى .
وغرضي من تأسيس هذا الأصل أن لا تعد معرفة أمر الإمامة سهلا ، ولا تجعلها من المسائل الاجتهادية ، ولا تقلد فيها العلماء ، ولا تتبع فيها الأهواء ، وتهتم فيها غاية الاهتمام ، وتفرضك في يوم المحشر عند حضور الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين مسؤولا عن هذا الأصل ، وتهيأ جوابا وافيا وبرهانا شافيا يمكن ذكره في مثل هذا المجمع ، حتى تصير به من الفائزين ولا تكون بالتهاون وبتبعيته ما لا يليق تبعيته من الخائبين خيبة لا يمكن التدارك ولا ينفع الحسرة والندامة .
فخل نفسك عن جميع العادات ، وافرض أنك لم تكن مأنوسا بمذهب من المذاهب ولا معتقدا بعالم من العلماء ، فانظر الأدلة بعد هذا حتى تصل إلى الحق مجاهدتك ، ولا يكون مثلك مثل الذين حكى الله تعالى مقالتهم الرديئة بقوله عز وجل { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] فإذا خليت نفسك فانظر إلى ما أقول واطمئن بظهور الحق عليك {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] وهذه فائدة مهمة ينتفع ملازم هذه الطريقة بها انتفاعا عظيما في مسائل الأصول والفروع ، كما أن المتخلف عنها يتضرر به فيهما تضررا واضحا .
________________
(1) إحقاق الحق 2 : 307 .
(2) كنز العمال 1 : 103 .
(3) جامع الأصول 10 : 407 برقم : 7468 .
(4) يتجارى الكلب تفاعل من الجري ، وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة ، والتداعي فيها ،
تشبيها بجري الفرس . والكلب داء معروف يعرض للكلب إذا عض حيوانا عرض له
أعراض رديئة فاسدة قاتلة ، فإذا تجارى بالإنسان وتمادى به هلك . الجامع 10 : 504 .
(5) جامع الأصول 10 : 407 - 408 .
(6) جامع الأصول 10 : 408 برقم : 7469 .
(7) جامع الأصول 10 : 408 برقم : 7470 .
(8) جامع الأصول 4 : 439 برقم : 2022 .
(9) فلا يمكن توهم دلالة الخبر المذكور عليه ، وظاهر أنه لا يدل عليه دليل آخر " منه " .
(10) راجع حول مصادر الحديث إلى إحقاق الحق 9 : 270 - 293 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|