المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Kaplan-Yorke Dimension
21-9-2021
العوامل البشرية المؤثرة على الإنتاج الحيواني - التطور الثقافي
31-5-2021
ضرر الأغذية المركزة
25-1-2016
السباق إلى القمر والكواكب
2023-06-04
The vowels of RP PRICE
2024-03-12
مواد النشرة- المراسلة (correspondence)
28-9-2020


[وقفة مع التفسير لحاثة عام الفيل]  
  
3600   09:08 صباحاً   التاريخ: 5-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص168-170.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

ونحن هنا نذكر من باب النموذج والمثال : التفسير الّذي ذكره العلامة المصري المعروف محمَّد عبده لقصة اصحاب الفيل وماجري لهم :

فهو يقول عند تفسيره لسورة الفيل :

 فيجوز لك ان تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الّذي يحمل جراثيم بعض الامراض وان تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس الّذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات فاذا اتصل بجسد دخل في مسامّه فأثار فيه تلك القروح الّتي تنتهي بافساد الجسم وتساقط لحمه وأن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يعُدّ من أعظم جنود اللّه في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر وأن هذا الحيوان الصغير ـ الّذي يسمونه الآن بالميكروب ـ لا يخرج عنها .

وقال أحد الكتاب مؤيداً هذا الاتجاه بقوله : إن الطير المستعمل في الكتاب العزيز يراد منه مطلق ما يطير ويشمل الذباب والبعوض ايضاً .

ولابدَّ ـ قبل دراسة هذه الأقوال ـ أن نستعرض مرة اُخرى الآيات النازلة في اصحاب الفيل .

يقول اللّه تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 1 - 5] .

إن ظاهر هذه الآيات يفيد أن جيش ابرهة اُصيب بالغضب والسخط الالهي وان هلاكه وفناءه كان بهذه الأحجار الّتي حملتها تلك الطيور والقتْ بها على رؤوس الجند وأبدانهم.

إن الإمعان في مفاد هذه الآيات يعطي أن مَوتهم كان بسبب هذه الاسلحة غير الطبيعية ( الصغيرة الحقيرة في ظاهرها القوية الهدامة بفعلها وأثرها ).

وعلى هذا فإنَّ أي تفسير يخالف ظاهر هذه الآيات لا يمكن الذهاب إليه وحمل الآيات عليه ما لم يقم على صحته دليل قطعي.

نقاطٌ تقتضي التأمل في التفسير المذكور :

1 ـ إِنَّ التفسير المذكور لا يستطيع كذلك أَن يجعل كل تفاصيل هذه الحادثة أمراً طبيعياً بل هناك جوانب في تلك الواقعة التاريخية العجيبة لابد من تفسيرها بالعوامل والاسباب الغيبية لأنه مع فرض أن هلاك الجند وتلاشي أجسادهم تمَ بواسطة ميكروب : الحصبة و الجدري ولكن من الّذي ارشد تلك الطيور إلى تلك الاحجار الصغيرة الملوثة بميكروب الحصبة والجدري فتوجهت بصورة مجتمعة إلى تلك الاحجار الخاصة بدل التوجه إلى الحَبّ والطعام ثم كيف بعد حمل تلك الأَحجار بمناقيرها وأرجلها حلَّقتْ فوق معسكر أبرهة ورجمت جنده كما لو أنّها جيشٌ منظّم موجّه؟؟

هل يمكن اعتبار كل ذلك أمراً عادياً وحدثاً طبيعياً؟

ترى لو أننا فسَّرنا طرفاً من هذه الحادثة العظيمة والعجيبة بالعوامل الغيبية وبإرادة اللّه النافذة فهل تبقى مع ذلك أية حاجة إلى أن نفسّر جانباً من هذه الحادثة بتفسير طبيعي مألوف ونركض وراء التوجيهات الباردة لنجعلها امراً مقبولا.

2 ـ إنَّ الكائنات الدقيقة أوما يسمى الآن ب‍ الميكروب لا شك انها عدوة لمطلق الإنسان وليس بصديقة لهذا أو ذاك ومع ذلك كيف توجهت إلى جنود ابرهة وقتلتهم دون غيرهم وكيف نسيت المكيّين بالمرة؟!

انَّ التاريخ المدوَّنْ يثبت لنا أن جميع الضحايا في هذه الواقعة العظيمة كانوا من جند ابرهة ولم يلحق فيها : أيّ أذى ـ إطلاقاً ـ بقريش وغيرهم من سُكان الجزيرة العربية في حين أن الحصبة والجُدَريِّ من الأمراض المعدية الّتي تنقلها العوامل الطبيعية كالرياح وغيرها من منطقة إلى اُخرى ورُبَما تُهلِك اهل قطر بأجمعهم.

فهَل مع هذا يمكن أن نعدّ هذه الحادثة حدثاً طبيعياً عادياً؟!

3 ـ ان اختلاف هذا الفريق في تحديد نوعية الميكروب يضفي على هذا الادعاء مزيداً من الإبهام ويجعله اقرب الى البطلان.

فتارة يقولون : انَّه ميكروب الوباء وتارةً اُخرى يقولون : انَّه داء الحصبة والجدري في حين اننا لم نجد مستنداً صحيحاً لهذا الخلاف ومبرراً وجيهاً لهذا الاختلاف اللّهمَ إلاّ ما احتمله عكرمة من بين المفسرين وعكرمة هو نفسه موضع نقاش بين العلماء والاّ لما ذهب ابن الاثير .

من بين المؤرخين وارباب السير إلى ذكر هذا الرأي في صورة الاحتمال الضعيف والقيل ثم عاد فردّ هذا القول فوراً .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.