أقرأ أيضاً
التاريخ:
3479
التاريخ: 13-12-2014
3208
التاريخ: 7-4-2022
2218
التاريخ: 22-11-2015
4429
|
لقد كان أهم عامل للفوضى الّتي كانت تعاني منها الاوضاع في العهد الساساني هو الاختلاف في المعتقدات الدينية الّتي كانت سائدة آنذاك.
فحيث أن اردشير بن بابك مؤسس السلسلة الساسانية كان ابن مؤبد ( وهو رجل دين زردشتي ) وقيّماً على بيت نار وقد تمكن من السلطان بفضل الموابدة فانه اجتهد في الترويج لدين آبائه في ايران.
وفي عهد الساسانيين كان الدين الرسمي والشائع في أوساط الشعب الإيراني هو الدين الزرادشتي ولما كانت السلالة الساسانية قد توصلت إلى الحكم بواسطة الموابدة ـ كما أسلفنا ـ لذلك كان الموابدة والقيمون على بيوت النار ( ونعني بهم رجال الدين الزرادشتي ) يحظون بمكانة كبرى لدى البلاط الساساني إلى درجة أنهم أصبحوا يشكّلون في أواخر العهد الساساني أقوى طبقة وأشد الاجنحة نفوذاً في المجتمع الإيراني آنذاك.
ولقد كان الحكام الساسانيّون دائماً ممَّن رشحهم للحكم الموابدة ورجال الدين الزردشتي المجوسي ولذلك كان الحكام يأتمرون بأوامرهم ولو أن أحداً منهم خالف الموابدة عارضوه أشدَّ المعارضة وسحبوا عنه تأييدهم ودَعْمهمْ ولهذا اجتهد الملوك الساسانيون في كسب رضا الموابدة والعناية بهم اكثر من غيرهم من الطبقات وقد تسبَّبت عناية اُولئك الملوك بالموابدة وحمايتهم لهم في تزايد عددهم يوماً بعد يوم.
وقد كان الساسانيون يستغلون رجال الدين المجوس أكبر استغلال لتثبيت قواعد حكمهم وتقوية مواقعهم في السلطان ولذلك أقاموا في مختلف مناطق القطر الإيراني العريض بيوت النار (وهي معابد المجوس) جاعلين في كل واحد من هذه المعابد ثلة كبيرة من الموابدة كسدنة . فقد كتب المؤرخون يقولون : ان خسرو برويز شيد بيتاً للنار عظيماً ووكل به ( 12 الف ) هيربد (وهو منصب خاص ورتبة خاصة في نظام القيادة الدينية المجوسية) لينشدوا فيه الاناشيد الدينية ويؤدوا الطقوس والشعائر المجوسيّة!! .
وعلى هذا الاساس كان الدين المجوسي دين البلاط وكان رجاله في خدمة الملوك , هذا وقد اجتهد الموابدة ـ بكل ما في وسعهم ـ في إبقاء الطبقات الكادحة والمحرومة من ابناء الشعب الإيراني في حالة من الركود والجمود وحالة عدم الاحساس بالآلام والرضا بالأمر الواقع.
ولقد تسببت الصلاحياتُ الواسعة والحريات المطلقة المخولة إلى الموابدة في ابتعاد الناس عن الدين المجوسي والنفور منه فجماهير الشعب كانت تبحث لنفسها عن غير ما يتدين به الأشراف من عقيدة ودين.
يقول مؤلف كتاب تاريخ اجتماعي ايران وقد سعى الشعب الإيراني ـ في المآل ـ إلى ان يتخلص من ضغوط الاشراف والموابدة واضطهادهم ولهذا ظهر بيت الزردشتيين في قبال الدين الرسمي المزدية الزردشتية الّذي كان دين البلاط كما عرفنا وكان يدعى : بهدين ( اي الدين الافضل ) مذهبان آخران .
اجل وبسبب ضغوط الاشراف وتشددات الموابدة في العهد الساساني ظهرت في ايران مذاهب مختلفة الواحد تلو الآخر وقد حاول مزدك ومِنْ قبله ماني ان يوجدا بأنفسهِما تحولا في الاوضاع الدينية وفي العقائد والمؤسسات ألاّ أنهما منيا بالفشل في هذا السبيل .
فحوالي سنة ( 497 ميلادية ) قام مزدك وألغى المالكية الانحصارية ( الخاصة ) ونسخ عادة تعدد الزوجات ونظام الحريم وكان ذلك في مقدمة برامجه الاصلاحية وقد لقيت أفكاره هذه تأييداً قوياً من قِبل الطبقات المحرومة المسحوقة الّتي فجرت بقيادة مزدك ثورة كبرى وانقلاباً هائلا في المجتمع الإيراني.
ولقد كانت هذه الثورات والانتفاضات الشعبية لأجل أن يتوصل الناس إلى حقوقهم المشروعة الممنوحة لهم من قبل اللّه خالقهم وبارئهم.
ولقد قوبل مذهب مزدك باعتراض شديد من قِبَل الموابدة وامراء الجيش وجرّ إلى فتنة كبيرة وإلى تردي الاوضاع في ايران آنذاك.
كما ان المذهب الزردشتي قد فقد ـ في أواخر العهد الساساني ـ حقيقته بصورة كاملة ووصل الأمر بعبادة النار وتقديسها إلى درجة أنهم كانوا يحرِّمون الدقّ على حديدة محماة اكتسبت لون النار ولهيبها بمجاورتها لها.
وبكلمة واحدة ؛ لقد كانت اكثر المعتقدات الزردشتية المجوسية تتألف من الخرافات والأساطير وقد أعطت حقائق هذا الدين ـ في هذا العهد ـ مكانها لحفنة من الشعائر الجوفاء والطقوس الفارغة الّتي أضاف إليها الموابدة سلسلة من التشريفات الطويلة العريضة تثبيتاً لمواقعهم ودعماً لمكانتهم في المجتمع الإيراني يومئذ.
لقد بلغت سيطرة الخرافات والاساطير البعيدة عن العقل والمنطق على هذه العقيدة ورسوخها في هذا الدين حداً أقلق حتّى رجال الدين الزردشتي انفسهم أيضاً وقد كان بين الموابدة أنفسهم من أدرك منذ البداية تفاهة الطقوس والشعائر الزردشتية الجوفاء فتخلى عنها هذا من جانب ؛ ومن جانب آخر كان قد انفتح على الشعب الإيراني منذ أيام الملك أنوشيروان فما بعد طريق التفكير والتأمل والتحقيق وممّا قد قوّى هذا الامر ما حصل من اتصالات بين العقائد الزردشتية والمعتقدات المسيحية وغيرها من العقائد والاديان وما تحقق من تلاقح بينها نتيجة تسلل الثقافة اليونانية والهندية وغيرها إلى الوسط الإيراني وتسبب كل ذلك في يقظة الشعب الإيراني ولذلك اصبح يعاني من هذه الخرافات والاساطير الّتي كانت الديانة الزردشتية تعج بها اكثر من أي وقت مضى.
وعلى أية حال فان الفساد الّذي ظهر في أوساط رجال الدين الزردشت وتطرق الخرافات والاساطير الواهية الكثيرة إلى المعتقدات الزردشتية تسَبّبَ في حصول مزيد من التشتت والاختلاف والتشرذم في آراء الشعب الإيراني وعقيدته.
ومع ظهور هذا الاختلاف وعلى أثر إنتشار المذاهب المتنوعة ظهر روح الشك والتردد لدى الطبقة المفكرة والمثقفة وسرت منهم إلى بقية الاصناف والفئات ممّا أدى ذلك إلى أن يفقد جماهير الشعب ثقتها وايمانها القطعي واعتقادها الكامل السابق بتلك المعتقدات.
وهكذا استشرى الهرج والمرج وعمَّت الفوضى واللادينية كل مناطق إيران والمجتمع الإيراني كما رسم برزويه الطبيب الشهير في العهد الساساني حيث صوّر نموذجاً كاملا عن الاختلاف الاعتقادي والتشرذم الفكري وبالتالي اضطراب الأوضاع الإيرانية في العهد الساساني في مقدمة كليلة ودمنة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|