المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

نظام تشتت disperse system
29-8-2018
هل الإستصحاب من المسائل الاُصوليّة أو غيرها؟
23-8-2016
مثل المنفق كمثل حبة في سبع سنابل
27-11-2014
عقوبــــة العــــــزل
15-4-2017
Head- versus dependent-marking
24-1-2022
Gravitational lensing by a point mass
6-2-2017


علاقة المنظمة بموظفيها  
  
4737   09:10 صباحاً   التاريخ: 8-3-2017
المؤلف : هديل صالح الجنابي
الكتاب أو المصدر : مسؤولية المنظمة الدولية
الجزء والصفحة :
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / المنظمات الدولية /

قبل الدخول في تفاصيل علاقة الموظف بالمنظمة لابد من التعريف بالموظف الدولي، إذ عرفتهُ محكمة العدل الدولي، من خلال رأيها الاستشاري المتعلق بقضية إصلاح الأضرار في عام 1949 بأنه (كل موظف بأجر أو بدون أجر يعمل بصفة دائمة أم لا يعين بواسطة أحد أجهزة المنظمة لممارسة أو المساعدة في ممارسة أحد وظائف المنظمة، وهو باختصار كل شخص تتصرف المنظمة بواسطته)(1). إذ يطلق وصف الموظف الدولي على طائفة الأشخاص المستخدمين دولياً والذين يشغلون وظائف تتسم بطابع الاستمرار والديمومة، ويخضعون إلى نظام قانوني خاص لتنظيم علاقتهم بالمنظمة من حيث بيان الحقوق والواجبات، ويمكن بناءً على ما تقدم تعريف الموظف الدولي بأنهُ (كل من تكلفه المنظمة الدولية بالتفرغ على الاستمرار للقيام بعمل من أعمالها، تحت إشراف أجهزتها المتخصصة طبقاً للقواعد الواردة في ميثاقها ولوائحها)(2). ويجب عدم الخلط بين ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة من ناحية والموظفين فيها من ناحية أخرى، وتكمن عناصر التفرقة في أمور ثلاثة هي:

أولاً – التبعية: من حيث التعيين والمسؤولية، في حين يعين ممثلوا الدول من قبل حكوماتهم ويكونون مسؤولين أمامها عن أعمالهم فأن الموظفين الدوليين يعينون من قبل المنظمة الدولية ويكونون مسؤولين أمامها.

ثانياً – آثار التصرفات: ففي حين تنصرف آثار تصرفات ممثلي الدول لدى المنظمة إلى حكوماتهم، فأن تصرفات الموظفون الدوليون تعود على المنظمة، وإن كان من المتصور في بعض الحالات انسحاب أثر تصرف ممثلي الدول على المنظمة، وذلك في حالة اشتراكهم في التصويت على قرارات المنظمة.

ثالثاً – الحصانات: لا يجوز لممثلي الدول الاحتجاج بحصاناتهم بوجه دولهم التي يتبعونها بجنسيتهم، والذين هم من رعاياها، في حين أن الموظفين الدوليين يتمتعون بحصاناتهم في مواجهة جميع الدول بصفةٍ مطلقة، وبغض النظر عن جنسيتهم(3).

 

وللتأكيد على تجنب الخلط بين الموظف الدولي وممثلي الدول، لابد من التطرق إلى طبيعة العلاقة التي تربط بين الموظف والمنظمة الدولية، إذ أن هذه المسألة لم تكن من المسائل المثيرة للجدل في الوقت الذي كان يعهد فيه إلى دولة المقر بمهمة التنظيم الإداري للمنظمة – إذ أن الموظف في هذهِ الحالة يعد تابعاً لدولة المقر وخاضعاً لأنظمتها وقوانينها- ولكن بعد أن استقل الجهاز الإداري اختلفت الآراء حول طبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالمنظمة، فهناك اتجاه يرى أن علاقة الموظف بالمنظمة هي علاقة تعاقدية، أساسها عقد عملٍ خاص تطبق عليه القواعد القانونية التي تطبق على العقود، وأهمها المساواة القانونية بين الأطراف، ولكن بالنظر لما يثيره هذا الاتجاه من صعوبات عملية نجد الاتجاه السائد الآن هو أن علاقة المنظمة بالموظف هي علاقة تعاقدية من نوعٍ خاص، فهي ليست علاقة تعاقدية خاضعة للقانون الخاص، بل تخضع لقواعد تنظيمية وضعتها المنظمة الدولية بشكلٍ منفرد، ومصدر هذهِ القواعد التنظيمية هو نظام الموظفين الدوليين الذي يضعهُ عادةً الجهاز الأعلى في المنظمة مكملاً بلائحة الجهاز الإداري الداخلي، وهذه القواعد قابلة للتغيير والتعديل بحسب ما يتفق ومصلحة المنظمة وظروفها على أن يراعى عدم المساس بالحقوق المكتسبة للموظفين الدوليين(4).

ويتضمن ميثاق كل منظمة نصوصاً خاصة تنظم المركز القانوني للعامل في المنظمة، مما يؤدي إلى تعدد الأنظمة القانونية للموظفين الدوليين بتعدد المنظمات الدولية، ومع ذلك فمن المستطاع استخلاص مبادئ مشتركة تنظم المركز القانوني للموظف الدولي لعل أهمها النظام الخاص بتعيينهم، والحقوق المقررة لهم، والحصانات والمزايا التي يتمتعون بها(5). ولعل من أهم المبادئ الأساسية التي تنظم علاقة الموظف الدولي بالمنظمة أن يمتنع الموظف عن كل ما يسيء إلى مركزه، وأن يعمل مستقلاً عن أي تأثير خارجي، وأن يتحرى الحياد في تصرفاته وهو يعمل لتحقيق أهداف المنظمة(6). وبعد أن تعرضنا لطبيعة العلاقة التي تربط الموظف بالمنظمة الدولية لابدّ من أن نبين الأسباب التي أدت إلى تزايد أهمية قيام مسؤولية المنظمة عن أعمال موظفيها من الناحية العملية. فلقد كان ذلك نتيجةً لاتساع دائرة نشاط المنظمات الدولية، إذ أنها أصبحت تمارس وظائف واختصاصات قد يترتب عليها إلحاق الضرر بالآخرين، وبما أن المنظمة تتصرف من خلال موظفيها، فهي بالتالي من يتحمل المسؤولية عن تصرفاتهم، وتبرز مسؤولية المنظمة عن أعمال موظفيها عدة جوانب أهمها جانب المشروعية إذ تعد مسؤولية المنظمة الدولية في هذه الحالة الجزء المكمل لمبدأ ضمان شرعية الأعمال التي يمارسها الموظفون الدوليون لحساب المنظمة الدولية ولصالحها، ذلك أن مبدأ التعويض عن الأضرار الناجمة عن التصرف غير المشروع يترجم فكرة المشروعية إلى عملية مادية، كما أن تمتع المنظمة الدولية بحصانة تحول دون خضوعها للقضاء الوطني لا يعني عدم تحمل المنظمة للمسؤولية عن تصرفات موظفيها، وقد أكد الفقه هذا المبدأ ولاسيما بعد أن اعترف للمنظمة الدولية بالشخصية الدولية، كما أن الأمم المتحدة قد قبلت من الناحية العملية تحمل المسؤولية عن تصرفات موظفيها، وقد أيد القضاء المبدأ ذاته(7). بعد ذلك ما طبيعة هذه المسؤولية؟ لقد بينا أن مسؤولية المنظمة الدولية تقوم بين المنظمة الدولية وشخص آخر من أشخاص القانون الدولي، بسبب قيام أحد موظفيها بانتهاك التزام دولي، سواءً كان مصدر هذا الالتزام اتفاقياً – أي مثبتاً في معاهدة – أم عرفياً أم حكماً قررته المبادئ العامة للقانون، (وينبني على ذلك أن ثمة رابطة قانونية جديدة تنشأ في حالة الاخلال بالتزام دولي بين المنظمة – نتيجةً لإخلال موظفيها بهذا الالتزام – والشخص الذي حدث الإخلال في مواجهتهِ، ويترتب على نشوء هذه الرابطة أن يلتزم الشخص المسؤول بإزالة ما ترتب على اختلالهِ من نتائج وآثار، كما يحق للشخص المتضرر مطالبة الشخص الأول بالتعويض)(8). وتجد مسؤولية المنظمات عن أعمال موظفيها أساسها في قاعدة مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة، وتعد إقامة المسؤولية على هذا الأساس من الأمور المهمة في الحياة العملية، ضمن إطار العلاقات التي ينظمها القانون الدولي، الذي أصبحت مشاركة المنظمات الدولية فيهُ مشاركة فاعلة، إذ بالاستناد إلى هذه القاعدة يتمكن المتضرر من الحصول على حقهِ في التعويض بسهولة من الشخص الأكثر ملائةً ولاسيما إذا كان التابع معسراً، فأن المتبوع عادةً يكون قادراً على تعويض المتضرر، ومن الواضح أن قاعدة مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة تجد لها تطبيقاً في القانون الدولي، وهو النشاط الذي يظهر في صورة أعمال غير مشروعة يأتيها الموظفون فتلحق ضرراً بالغير، وينجم عن ذلك تحمل المنظمة الدولية المسؤولية الدولية، وهذه المسؤولية ليست مسؤولية ناجمة عن خطأ شخصي وقع من المنظمة ذاتها، بل هي مسؤولية عن خطأ الغير، وبذلك تكون المنظمة متضامنة مع تابعها، ومسؤولة قبل الغير عن أفعال تابعها غير المشروعة(9). ولكن ما هي الشروط اللازمة لتحقق هذه المسؤولية؟ تتحقق هذه المسؤولية بتوافر شرطين:

 

الأول – التبعية: ونعني بها أن تكون للمنظمة الدولية على تابعها سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه والإشراف عليه، وبناءً عليه لا تقوم مسؤولية المنظمة عن أعمال موظفيها على مجرد اختيارها وموافقتها على عمل الموظف لديها فقط، بل تقوم على مدى هيمنة المنظمة وسيطرتها على أعمال الموظف فهي التي تسيره كيفما تشاء، وتمارس عليه الرقابة والإشراف، وتصدر لهُ التعليمات والأوامر، وبذلك تكون المنظمة مسؤولة عن أعماله غير المشروعة طيلة مدة خدمتهِ أما في حال إعارتهِ إلى منظمة أخرى فأنها تظل مسؤولة عن أعماله طالما بقيت لها سلطة الرقابة والإشراف، ولكن في حال فقدانها لمسألة التبعية فأن المنظمة المستعيرة تكون هي المسؤولة عن أعماله، لاسيما إن كانت الإعارة طويلة الأمد، كما يمكن أن تثور مسؤولية أكثر من منظمة أي مسؤولية تضامنية عن عمل الموظف وذلك في حالة استخدام الموظف من قبل عدة منظمات في عمل مشترك لها، ولاشك في أن ذلك يحدث في حالة توزيع الرقابة والتوجيه بين هذه المنظمات.

ثانياً- أن يكون الفعل المرتكب في حال تأدية الوظيفة أو بسببها: فمن غير المتصور أن تقوم مسؤولية المنظمة الدولية عن كل عمل غير مشروع يرتكبه الموظف الدولي بل لابد من أن تكون هناك صلة بين عمل الموظف والمنظمة- أي ليس الواقع في زمان العمل ومكان ممارسته بل يقع من الموظف وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته – وتجدر الإشارة إلى أن الخطأ الذي يوصف بأنه بسبب الوظيفة وفقاً لما هو مستقر في القانون الداخلي هو (ذلك الخطأ الذي لم يكن ليستطيع الموظف تلافيه أو لم يكن يفكر بارتكابه لولا وظيفته)(10). ويحد من هذه المسؤولية قيدان هما:

الأول – عندما يكون المتضرر نفسه قد شارك الموظف بارتكاب الفعل غير المشروع وهو عالم يتجاوز الموظف لحدود وظيفتهِ.

الثاني – عندما يكون سبب الضرر أجنبياً عن الوظيفة الدولية، وهنا تنتفي المسؤولية وفقاً للقواعد العامة أو أن يكون الموظف قد ارتكب الفعل وهو في إجازة رسمية من عمله(11). وتجدر بنا الإشارة إلى الصور المختلفة لمسؤولية المنظمة الدولية عن أعمال موظفيها، و سنقسمها إلى صورتين، وذلك بالاستناد إلى تعدد أو انفراد المسؤولين عن العمل غير المشروع الذي يقوم به الموظف الدولي، وهذا ما سنعالجه في الفرعين الآتيين:

الفرع الأول:

المنظمة الدولية وحدها مسؤولة عن عمل الموظف الدولي

وتشمل مسؤولية المنظمة الدولية المنفردة عن أعمال موظفيها عدة أشكال، ذلك أنها تختلف وتتعدد باختلاف الزوايا التي ينظر من خلالها إلى تلك المسؤولية، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار مصدر الالتزام الذي أخل به الموظف الدولي معياراً للتفرقة لترتب بالاستناد إلى هذا المعيار شكلان من أشكال المسؤولية:

الأول – مسؤولية عقدية. والثاني- مسؤولية تقصيرية.

 

أما فيما يخص المسؤولية العقدية للمنظمة الدولية عن أعمال موظفيها فتثور عندما يأتي هؤلاء الموظفون عملاً أو امتناع عن عمل يشكل إخلالاً بعقد سبق وأن ارتبطوا به من ذلك العقود التي يبرمها الأمين العام أو كبار الموظفين مع أفراد تابعين لدول سواءٌ كانت دولة المقر أو غيرها، فلاشك في أن أي إخلال بهذه العقود يرتب المسؤولية على عاتق المنظمة –مسؤولية تعاقدية- ولكن يجب أن نميز بين إخلال المنظمة بالالتزامات التعاقدية، وبين إخلالها بعقود الاستخدام التي تبرمها مع موظفيها وفقاً للوائحها الداخلية، وميثاقها، فالإخلال بهذه العقود يترتب عليه تحمل المنظمة للمسؤولية في مواجهة موظفيها، وليس عن أعمال موظفيها، وكذلك يوجد أمر آخر يساعد على التمييز بين شكلي المسؤولية وهو أن اختلاف أشكال المسؤولية يترتب عليه اختلاف الجهة التي تفصل في دعوى المسؤولية، ففي حال ثبوت مسؤولية المنظمة العقدية عن أعمال موظفيها تنظر الدعوى من القضاء الداخلي أو محاكم التحكيم أو المحاكم الدولية، أما في حالة ثبوت مسؤولية المنظمة العقدية في مواجهة موظفيها فأن الجهة التي تنظر الدعوى هي المحاكم الإدارية في المنظمة، ومن أشهر حالات الإخلال بعقود الاستخدام بين المنظمة وموظفيها تلك التي حصلت بين موظفي الأمم المتحدة والمنظمة الدولية في عام 1954، إذ صدر فيها رأي استشاري عن محكمة العدل الدولية في (13) تموز 1954، وهو متعلق بآثار الأحكام بالتعويض الصادرة عن المحكمة الإدارية للأمم المتحدة(12). ولابد من الإشارة إلى أنه ليس هناك ما يمنع من أن تكون بعض نصوص مشروع مسؤولية الدول نواةً لمشروع مسؤولية المنظمة الدولية، إذ أن ما ورد فيه من قواعد وأحكام يمكن الاسترشاد بها في هذا الجانب-مسؤولية المنظمة عن الأعمال التعاقدية لموظفيها- فقد جاء في المادة (7) من مشروع لجنة القانون الدولي المقدم من قبل (جارسيا امادور) والتي جاءت بمبادئ عامة بشأن المسؤولية القانونية للدول (1- أن الدولة تسأل عن عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية المشروطة في عقد الأجنبي أو الواردة في امتياز ممنوح له وإذا كان عدم الوفاء هذا عمل أو امتناع يعد مخالفاً للالتزامات الدولية.

2- أن العمل أو الامتناع يعد مخالفاً للالتزامات الدولية إذا انهى العقد أو الامتياز أو حدثت مخالفة للنصوص على الوجه التالي:

  • إذا لم تكن تبررهُ أسباب تتصل بالمنفعة العامة أو الضرورات الاقتصادية للدولة.
  • إذا تضمنت إنكاراً لعدالة)(13).

وهذا النص يصلح لأن يكون أساساً ومعياراً لمخالفة المنظمة لالتزاماتها التعاقدية عن طريق تصرفات موظفيها في العقود التي تبرم مع الغير، وذلك بعد موافقة المنظمة كما تشير المادة (16) من نفس المشروع إلى مبدأ عام إذ تنص على أن (الأجنبي يفقد حقهُ في المطالبة إذا كان قد تنازل عن حقهِ في طلب الحماية الدبلوماسية للدولة التي يتبعها، وفي حدود هذا التنازل)(14)، وهذه القاعدة الأساسية يمكن أن تطبق على المسؤولية التعاقدية للمنظمة عن أعمال موظفيها، حيث يفقد الأجنبي المتعاقد مع الموظف الدولي التابع للمنظمة حقه في طلب الحماية الدبلوماسية، وبذلك لا تقوم المسؤولية الدولية للمنظمة في هذه الحالة إلا إذا تدخلت دولته لحماية حقوقه التي أخل بها موظفو المنظمة المسؤولة، وبهذا يصبح النزاع دولياً، وتطبق عليه أحكام هذا القانون وقواعده، ومنها القاعدة التي تنص على أن مخالفة التعهدات توجب على المخالف إصلاح عمله بالطريقة المناسبة ويعتبر الإصلاح أو التعويض أثراً ضرورياً يترتب على مخالفة التعهدات و الاتفاقات حتى وإن لم يكن منصوصاً عليه(15).

أما المسؤولية التقصيرية لمنظمة الدولية عن أعمال موظفيها، فتنشأ عن قيام الموظف الدولي بعمل يشكل انتهاكاً لالتزام دولي، كما لو خالف عرفاً دولياً أو مبدأً من المبادئ العامة للقانون، أي أنها تظهر نتيجةً لارتكاب عمل غير مشروع من وجهة نظر القانون الدولي، ويظهر هذا الأمر في الحياة العملية كأن يقوم سائق إحدى المنظمات الدولية بقيادة سيارة المنظمة بسرعة فائقة فيصيب أحد الأفراد بضرر، هنا تثور مسؤولية المنظمة نتيجةً لانتهاك السائق لالتزام قانوني مفادة عدم الإضرار بالغير، ويمكن أن تتخلص المنظمة من المسؤولية وتبعاتها إذا ما ثبت انقضاء العلاقة بين الموظف والمنظمة أو إذا ما ثبت أن الموظف الذي أتى هذا العمل هو غير مختص طبقاً لعقد استخدامه ووفقاً للوائح العامة، ولكن مع ذلك تسأل المنظمة في حال ثبوت إهمالها أو موقفها السلبي أو لكونها أحجمت عن اتخاذ الإجراء اللازم لمنع الموظف من القيام بهذا العمل(16).        ولكن لابد هنا من طرح سؤال غاية في الأهمية لارتباطه الوثيق بالحياة العملية، وهو لو ترتب على العمل أو التصرف الواحد الذي أتاه الموظف قيام المسؤولية العقدية، والمسؤولية التقصيرية في وقت واحد فبأيهما سنأخذ؟ ولنطرح مثالاً على ذلك لتوضيح الصورة، (كما لو أبرمت المنظمة عقد بيع مع أحد الأفراد باعت بموجبه بعض الأدوات والأجهزة والمهمات الخاصة بها، وعهدت إلى أحد الموظفين القيام بإيصالها إلى المشتري في المكان المتفق عليه في العقد، إلا أنه يحدث أن يقوم هذا الموظف بسرقة هذه الأشياء وعدم توصيلها إلى مشتريها أو تسليمها إليه في المكان المتفق عليه)(17)، في هذا الفرض تقوم المسؤولية التعاقدية عن تصرف الموظف تجاه المنظمة نتيجةً لقيام الموظف باختلاس الأشياء وعدم توصيلها إلى المشتري -المنظمة هنا أخلت بالتزام عقدي- كما تترتب على المنظمة المسؤولة التقصيرية، وذلك لأنها أخلت بالتزام قانوني مفاده تحريم اختلاس الأشياء حتى وإن لم يكن هناك عقد، وجرياً على ما هو حاصل في القانون الداخلي- إذ أن القانون الدولي يستمد أحكامه من القانون الداخلي- فلا يجوز الجمع بين المسؤوليتين لمن يريد الرجوع على المنظمة، ولكن هل تجوز الخيره؟ هنا يجيب السنهوري بأنهُ لا خيره للدائن إذ أنه يرى (أن الالتزام العقدي الذي صار المدين مسؤولاً عن تنفيذه لم يكن قبل العقد التزاماً في ذمته، فلو فرض أنه قبل إبرام العقد لم يقم به لم يكن مسؤولاً عن ذلك فلا مسؤولية عقدية لأن العقد لم يبرم بعد، ولا مسؤولية تقصريه إذ لا خطأ في عدم قيامه بأمر لم يلتزم به، فإذا أبرم العقد فأن الالتزام في الحدود التي رسمها في هذا العقد، وليس لدائن أن يلجأ إلى المسؤولية التقصرية إذ هي تفترض أن المدين قد أخل بالتزام فرضه القانون والالتزام في حالتنا هذه لا مصدر له غير العقد)(18). والمبدأ ذاته يطبق على المنظمة الدولية، إذ لا تقوم مسؤوليتها العقدية الأبناءً على عقد، ولا تقوم مسؤوليتها التقصيرية إلا بناءً على انتهاك لالتزام دولي، أما إذا ما انعقد العقد فلا تقوم إلا المسؤولية العقدية، وليس للغير إلا أن يثير مسؤولية عقدية. أما الشكل الآخر من أشكال مسؤولية المنظمة المنفردة عن أعمال موظفيها والذي يسند إلى الشخص الذي صدر عنه العمل غير المشروع، فتقوم مسؤولية المنظمة بشكليها، الأول المسؤولية المباشرة، والشكل الثاني المسؤولية غير المباشرة، أما الشكل الأول من المسؤولية فيحدث نتيجةً لعمل غير مشروع ترتكبهُ المنظمة عن طريق موظفيها وأجهزتها المختلفة، ويكون هذا العمل قد صدر بتكليف من المنظمة أو بأمر منها، كما لو كلفت المنظمة الدولية أحد سائقيها بمهمة معينة، وأثناء توجهه لأداء هذه المهمة يصيب أحد الأفراد، ويحدث له أضراراً هنا في هذه الحالة تقوم مسؤولية المنظمة المباشرة عن أعمال موظفيها(19). أما المسؤولية غير المباشرة للمنظمة عن أعمال موظفيها –أي الشكل الثاني- فأنها تثور عندما تصدر الأعمال غير المشروعة من قبل موظفيها دون إذن أو تكليف من المنظمة أو خارج حدود اختصاصاتهم أو تكون مخالفة لتعليمات التي تصدرها المنظمة لهم، كما تترتب هذه المسؤولية إذا ما ثبت أن المنظمة لم تتخذ الاحتياطات اللازمة التي تقتضيها الظروف لمنع وقوع الانتهاك أو أنها لم تقم بمعاقبة الموظف لارتكابه هذا الفعل، ولكنها تنتفي إذا ثبت العكس، وهذا أمر ينطبق على المسؤولية الدولية بشكل عام، إذ أن مسؤولية الدولة غير المباشرة تنشأ إذا قصرت في القيام بواجبها بمعاقبة الأفراد التابعين لها الذين يرتكبون أعمالاً ضارة أو بإلزامهم بتعويض الأضرار الناجمة عن أعمالهــم(20). وإن كان هناك اتجاه يرى بأن الدولة عندما تقصر في اتخاذ الحيطة والحذر اللازمين فأنها تعتبر مخالفة لأحد التزاماتها الدولية، ومسؤوليتها هنا مسؤولية مباشرة(21). ولنأتي بمثال يوضح مسؤولية المنظمة الغير مباشرة عن أعمال موظفيها، كما لو قتل أو أصيب أحد مندوبي الدول الأعضاء داخل أحد مباني المقر، وذلك لتقصير أو إهمال الحارس المخصص لحماية هذا المندوب، كأن يكون الحارس قد ترك محل عمله، وانصرف لأداء عمل آخر، وذلك من دون اذن، ولنفترض أن هذه المنظمة هي منظمة الأمم المتحدة، علماً بأن المادة (7) من اتفاقية المقر تنص على تطبيق القانون المحلي وقانون الولايات المتحدة الأمريكية هو الذي يطبق على المقر، وتختص المحاكم المحلية ولاتحادية بنظر التصرفات والوقائع التي تحصل في المقر، ولكن لنفترض أن الحكم الصادر عن محاكم الولايات المتحدة لم يكن مقنعاً بالنسبة لدولة المتضرر فهل ترجع دولة المتضرر على الولايات المتحدة بدعوى إنكار العدالة – ذلك أن محاكمها نظرت الدعوى- أم ترجع على المنظمة- لأن الحادث وقع في منطقتها- وهذا الطرح يمكن الرد عليه بأن لأمم المتحدة ليس لها محاكم ومن ثمّ لا يمكن أن ينسب لها إنكار العدالة؟ وهذا الإشكال لا يسهل حله، ذلك لأن أغلب دساتير المنظمات تغفل الإشارة إلى مثل هذا الموضوع، وبالتالي لا تضع لهُ حلاً، إلا أن من الحلول المتصورة هو أن ترفع دعوى في دولة المقر وبعد استنفاذ طرق التقاضي الداخلية، تحرك دعوى المسؤولية بصورة عامة – هذا إذا لم تكن الأحكام الوطنية مقنعة-، أما إذا وجد اتفاق دولي يعين الجهة القضائية التي يمكن إثارة النزاع أمامها، ففي هذه الحالة يتم اللجوء إلى هذه الجهة، وإن كان الحل الأمثل أن يسمح للمنظمات الدولية الحكومية باللجوء إلى محكمة العدل الدولية، إذ أن ذلك يؤدي إلى وحدة الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع، بدلاً من ترك الأمر لإرادة أطراف النزاع(22). أما الشكل الأخير من أشكال المسؤولية المنفردة للمنظمة الدولية عن أعمال موظفيها فهي المسؤولية العمدية وغير العمدية، وذلك بالنظر إلى الركن المعنوي للعمل غير المشروع، إذ قد يكون العمل غير المشروع الذي أتاه الموظف، ولذي ترتب عليه ضرر مرتكب عن قصد، فهنا تثور المسؤولية العمدية للمنظمة عن عمل موظفها، وقد يحصل العكس كأن يكون العمل غير المشروع قد أتاه الموظف عن غير قصد كما لو أهمل سائق المركبة التابعة للمنظمة إدامة مركبته مما يؤدي إلى التسبب في ضررٍ ما للآخرين، وتكمن أهمية التمييز بين هذين الشكلين من أشكال المسؤولية في مقدار التعويض، إذ أنه يكون في حالة المسؤولية العمدية أكبر منه في حالة المسؤولية غير العمديــة(23).

الفرع الثاني:

المسؤولية المشتركة بين المنظمة الدولية وإحدى الدول

ويمكننا تصور قيام هذا الشكل من أشكال المسؤولية عندما يكون الفعل غير المشروع منسوباً إلى كلٍّ من المنظمة والدولة –سواء كانت هذه الدولة عضواً في المنظمة أم لم تكن كذلك- إذ في هذه الحالة نكون أمام مسؤولية مشتركة، ويمكن أن يتجسد ذلك في حالة اشتراك كلٍّ من المنظمة والدولة في الإشراف على عمل الموظف، ويبرز المثال العملي على هذا الشكل من أشكال المسؤولية في حال إرسال الأمم المتحدة قوات حفظ السلام إلى أيّ دولة من الدول وهي من أجهزة الأمم المتحدة الثانوية، التي أشارت إليها الفقرة الثانية من المادة (7) من الميثاق، كما قررت المادة (22) من الميثاق بأنه يجوز للجمعية العامة أن تنشئ أجهزة ثانوية عندما ترى ضرورة لذلك، لأجل القيام بوظائفها، ولذلك فقد قامت الجمعية العامة بإنشاء قوات الطوارئ الدولية، وذلك لقيامها بالوظائف الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين، ذلك طبقاً للمواد (10، 11، 12، 14، 35) من الميثاق(24). وبما أن القوات هي جهاز مساعد أوجدته المنظمة، فلابد من أن يتمتع بالامتيازات والحصانات الممنوحة لمنظمة الأمم المتحدة(25)، ولكن هل ستكون هذه الحصانات حائلاً دون قيام المسؤولية، أم أن هناك عدة صور من المسؤولية ستترتب فيما لو قامت هذه القوات بانتهاك التزام دولــي ؟ قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من التعرض بشكل مقتضب إلى تشكيل هذه القوات، وكيفية إدارتها، إذ أن هذه القوات تتكون من فرق عسكرية تابعة لعدة دول تعمل خارج حدود السلطة القضائية للدول الأعضاء، وتعمل تحت أمرة المنظمة الدولية، وهذه التركيبة قد تبرز معضلة تحديد المسؤولية الدولية لكل طرف مشترك في عمليات حفظ السلام هذه، أي أن:

- المسؤولية يمكن أن تقع على عاتق الأمم المتحدة بصفتها كياناً قانونياً قائماً بذاته.

- ويمكن أن يتحمل المسؤولية كل الدول الأعضاء في المنظمة.

- كما أن الدول التي توفر هذه القوات يمكن أن تكون هي من يتحمل المسؤولية.

- أو الدولة التي تعمل فيها هذه القوات يمكن أن تكون هي المسؤولة.

ولكي نحدد من يتحمل المسؤولية هنا يجب أن نعود إلى المبادئ العامة، وكما أسلفنا فأن المنظمة الدولية تتمتع بالشخصية القانونية الدولية، وبالتالي فهي تكون مسؤولة عن كل أعمالها سواءً كانت هذه المسؤولية سلبية أو إيجابية، ولكن في هذه الحالة المشار إليها –أي حالة وجود أطراف متعددة مشتركة في عمليات كهذه- إلى أي مدى تكون المنظمة هي المسؤولة.

لقد تقدم أن قوات حفظ السلام هي جهاز فرعي من أجهزة الأمم المتحدة، وذلك بموجب ميثاقها، ومن هنا فأن أفراد هذه القوات تشكل طاقماً دولياً يعمل تحت سلطة الأمم المتحدة، وهم خاضعون لتوجيهاتها وأوامرها، وقد أكد الأمين العام مراراً أن قوت الأمم المتحدة هي بالضرورة تحت أمرتها الكاملة، وأن قائد القوات الذي تعينه المنظمة، والذي يعمل تحت أمرتها يملك سلطة الأمرة المباشرة والكاملة على القوات وأن مهام هذه القوات هي مهام دولية بحتة، وعلى أعضائها القيام بتنفيذها بما يتفق ومصلحة الأمم المتحدة، وأن المنظمة لم ولن تتهرب من مسؤولياتها عندما تلتزم قانوناً، وقد دفعت الأمم المتحدة التعويضات عن أعمال قامت بها قوات الطوارئ الدولية في بعض الحالات(26).      وهكذا نصل إلى استنتاج مفاده أن الأمم المتحدة سوف تكون مسؤولة في القضايا التي تنشأ عن الواجبات الرسمية التي يؤديها أعضاء القوة، وأحياناً في القضايا الناجمة عن الأعمال غير المشروعة للأعضاء خارج وظائفها الرسمية، وقد أكد الأستاذ (اكو) في التقرير الثالث عن مسؤولية الدول في عام 1971 (أن الدول تكون مسؤولة عن التصرفات الغير مشروعة التي يقوم بها موظفوها ما دام هذا التصرف قد ارتكب أثناء ممارسة وظيفة للدولة وفقاً لأوامرها وسلطاتها)(27). بناءً على ما تقدم تكون المنظمة مسؤولة عن النشاط غير المشروع الذي تقوم به فرق الطوارئ طالما أن هذه الأعمال تقترف تحت سيطرة الأمم المتحدة الحقيقية والشاملة، إذاً فمقدار السيطرة الفعلية أو السلطة التي تمارس من قبل المنظمة هو الأساس في تقرير المسؤولية، ولكن هل يعني هذا أن المنظمة دائماً هي المسؤول الوحيد عن نشاط هذه القوات؟ والإجابة عن ذلك تكون بالنفي لأن الفعاليات التي تقوم بها هذه القوات تختلف من عملية إلى أخرى طبقاً لدرجة السيطرة الفعلية التي كانت تمارسها الأمم المتحدة، فعلى سبيل المثال، كانت قوات الأمم المتحدة في كوريا تعمل كلياً تحت توجيه الولايات المتحدة الأمريكية، وليس المنظمة أو الدول المشاركة، ولذلك قامت الولايات المتحدة بدفع تعويضات عن المطالبات التي تقدم بها كلٍّ من الاتحاد السوفيتي السابق، وجمهورية الصين الشعبية عن الأعمال العسكرية غير المشروعة(28). لذلك من الصعب أن نتفق مع القاضيين (Korelsky)، و(Ross)، اللذان يريان أن قوات الطوارئ المتعددة، والموضوعة تحت تصرف الأمم المتحدة يجب أن تستمـر كونها قـوات مسلحـة وطنية للدول المشاركة، ولا يمكن اعتبارهـا قوات للأمم المتحدة، كما يصعب الاتفاق مع (M. P. Devisscher) الذي يعد كلا من الأم المتحدة والدول المشاركة مسؤولين عن الأعمال غير المشروعة لقوات الطوارئ الدولية(29). وما يمكن قوله هنا أن شخصية منظمة الأمم المتحدة قد احتوت كلياً شخصية الدول المشاركة، ولكن يمكن أن نعد الدولة المشاركة مسؤولة مع الأمم المتحدة فقط في حالة إذا ما تقاسمت هذه الدولة مع الأمم المتحدة السلطة والسيطرة على القوات الدولية، ويمكن قياس مدى تلك المسؤولية بمعرفة مقدار المشاركة، كما يمكن للدولة غير العضو، والتي لم تعترف بالأمم المتحدة أن تحرر المنظمة من مسؤوليتها، وتوجه قضية التعويض إلى الدولة المشاركة، وذلك بأن تستند إلى المبدأ العام الذي يقضي بأن "الدائن غير ملزم بقبول مدين جديد محل المدين القديم"، إلا أن الأمم المتحدة عندما تتحمل المسؤولية عن العمل غير المشروع لقوات الطوارئ الدولية لا تكون مديناً جديداً، لأن هذه الفرق وضعت تحت سلطتها، وبذلك فأن أعمالها المشروعة، وغير المشروعة مرجعها الأمم المتحدة، وعليه فهي المدين القديم والجديد(30). ولكن ما الحالة بالنسبة للدولة المضيفة هل هي شريك في المسؤولية؟ من المؤكد لا يمكن اعتبار الدولة المضيفة مسؤولة عن العمل غير المشروع الذي تقترفه قوات الأمم المتحدة العاملة على أراضيها طالما هي لا تملك أي سلطة على هذه القوات، فضلاً عن أن أعضائها لديهم حصانة ضد القضاء المحلي للدولة المضيفة، وعلى الرغم من ذلك قد تتحمل الدولة المضيفة المسؤولية الدولية إلى جانب المنظمة عن الأعمال غير المشروعة إذا ارتكبت عملاً يشركها في العمل غير المشروع، كأن تكون قد حرضت على ارتكابه أو سهلت ذلك، ففي هذه الحالة يكون للدولة المضيفة نصيبها من المسؤولية(31).        وهذا يعني أنه في غير هذه الأحوال تكون المنظمة مسؤولة، وهذا ما يمكن ملاحظتهُ من خلال الضوابط التي أصدرها الأمين العام للأمم المتحدة والتي من خلالها تقبلت المنظمة المسؤولية عن أعمال القوات المنضوية تحت سيطرتها الفعلية، وهذا ما ورد في ضوابط قوات الأمم المتحدة في الكونغو (Onuc)، وفي قبرص (Unicyp)، وكذلك في الاتفاقية الموقعة بين الأمم المتحدة وبلجيكا في (20) شباط 1965، وذلك بخصوص سلوك عمليات حفظ السلام من قبل اللجنة الخاصة في الأمم المتحدة، كما صادق معهد القانون الدولي في عامي (1971 و1975) على مبدأ المسؤولية المطلقة للأمم المتحدة عن الضرر الذي تلحقهُ قواتها بسبب انتهاك التزام دولي ساري في النزاع المسلح، وهو المبدأ الذي قوبل باستياء الاتحاد السوفيتي السابق(32)، وتسأل المنظمة عن الأضرار غير المبررة بحاجة عسكرية مثل التدمير دون أن تدعو الضرورة، والسلب، والنهب، والقتل، والاعدام دون محاكمـة، والسجـن، والاستبعـاد، وقد جـاء في رسالـة موجهة من الأمين العام (u-Thant) إلى الوزير البلجيكي (Spaak) بتاريخ (20) شباط 1965، (أن الأمم المتحدة لن تنجو من المسؤولية إذ تم التأكد من أن وكلاءها قد تسببوا في الحقيقة بضرر لا مبرر لهُ لأطراف لا ذنب لهــا)(33). والآن بعد أن تعرضنا لمسؤولية الأمم المتحدة عن قوت الطوارئ الدولية بوصفها مثلاً عملياً وحياً على المسؤولية المشتركة فلابد لنا من الإشارة إلى الإجراءات الكفيلة بحسم مثل هكذا نزاع ينشأ بين المنظمة والدولة المتضررة، والطريقة الشائعة أن يتم تنظيم هذه المسألة من خلال الاتفاقية التي تعقد مع الدولة التي توفر القوات، واللوائح التي يصدرها الأمين العام لكل قوة من قوات الأمم المتحدة، ولابد من الإشارة إلى أن تنظيم هذه اللوائح، والحلول لا يكون واحداً في كل الأحوال بل يتميز ويختلف من حالة إلى أخرى، وذلك بالاستناد إلى عدة اعتبارات منها الجهة الممولة لهذه القوات، ودرجة السيطرة، والسلطة الممنوحة للأمم المتحدة بالنسبة للقوة، وفي جميع الأحوال تؤخذ بعين الاعتبار مصلحة المنظمة بالدرجة الأساس وتقدم على الأرباح الشخصية للأعضاء، وقد منحت المادة (29) من اتفاقية مزايا وحصانات الأمم المتحدة هذا الحق أي وضع شروط ووسائل التسوية المناسبة. (34) وبالاستناد إلى ما تقدم فقد أبرمت الأمم المتحدة اتفاقات عديدة مع عد من الدول تضمنت أسساً وقواعد لتسوية دعاوي المسؤولية ضد الأمم المتحدة عن التصرفات غير المشروعة التي ترتكبها قواتها.

_________________

1- د. صلاح الدين عامر– قانون التنظيم الدولي (النظرية العامة) – الطبعة الثالثة – دار النهضة العربية – مصر – 1983 – ص407.

2- نفس المصدر السابق – ص407.

3- د. محمد سامي عبد الحميد- قانون المنظمات الدولية (النظرية العامة – الامم المتحدة) – الكتاب الاول – الطبعة الثالثة – مؤسسة الشباب الجامعي – مصر – 1972– ص94.

4- د. إبراهيم محمد العناني– القانون الدولي العام – الطبعة الأولى – دار الفكر العربي – أسم بلد الطبع غير موجود – 1976 – ص84.

5- د. محمد طلعت الغنيمي- التنظيم الدولي (النظرية العامة) – المعارف بالاسكندرية – 1977– ص345.

6- د. إبراهيم محمد العناني – مصدر سابق – ص83.

7- M. J. L. Hardy – Op. Cit, P. 517.

8- د. جمال طه ندا- مسؤولية المنظمات الدولية في مجال الوظيفة الدولية – الهيئة المصرية للكتاب – مصر – 1986– ص57.

9- نفس المصدر السابق– ص80-81.

10- د. جمال طه ندا– مصدر سابق – ص87.

11-Par. Leon Goffin – La responsibilite non contuelle des communautes droit des communtes Europeennes, Brussels, 1989, PP. 146-147.

12- موجز الاحكام والفتاوى والاوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية من 1948 - 1991 – منشورات الامم المتحدة – نيويورك – 1993 – ص39.

13- د. جمال طه ندا– مصدر سابق – ص102-103.

14- نفس المصدر السابق – ص103.

15- د. أحمد عبد الحميد عكوش وعمر أبو بكر باخش– الوسيط في القانون الدولي العام – أسم المطبعة وبلد الطبع غير موجود – 1990 – ص552.

16- د. محمد طلعت الغنيمي– الغنيمي الوسيط في قانون الامم (القانون الدولي وقانون الأمم وقت السلام) – المعارف بالاسكندرية – 1993 – ص464-466.

17- د. جمال طه ندا– مصدر سابق – ص110-111.

18- د. عبد الرزاق السنهوري– الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (مصادر الالتزام) – دار النشر للجامعات المصرية – مصر – سنة الطبع غير موجودة – ص908.

19- د. جمال طه ندا– مصر سابق – ص112.

20- د. محمد حافظ غانم- المسؤولية الدولية (دراسة لاحكام القانون الدولي ولتطبيقاتها التي تهم الدول العربية) – معهد الدراسات العربية – جامعة الدول العربية – مصر –1962– ص28.

21- د. سمير فاضل– تطوير قواعد المسؤولية الدولية لتتلائم مع الطبيعة الخاصة للضرر النووي – المجلة المصرية للقانون الدولي العام – العدد (36) لعام 1980 – ص170.

22- C. Eagleton, Op. Cit, P. 394.

23 د. أحمد عبد الحميد عكوش ود. عمر بابكر باخش – مصدر سابق – ص554-556.

24- د. عبد العزيز محمد سرحان- قوة الطوارئ الدولية - بحث منشور في المجلة المصرية للقانون الدولي - مجلد 24 لسنة 1968 – ص61.

25- د. سليم حداد– قوات الأمم المؤقتة العاملة في لبنان – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت – 1981 – ص143.

26- Judge Borhan AmraAllah, Op. Cit, P. 61.

27- Ibid, P. 67.

28- E. M. Miller – Legal aspects of the United Nations action in the Congo, American Journal of International Law, Vol. 55, January 1961, P. 14.

29- Judge Borhan AmrAllah, Op. Cit, P. 67.

30- Memorandum du secretaire general al Assemble General Reparation pour dommages corporals subis a uservice des Nations Unies, Perue Egxptienne De Droit International, Vol. 5, 1949, P. 203.

31- Judge Borhan AmrAllah, Op. Cit, P. 69.

32- Encyclopedia public international Law Op., Cit., P. 163.

33- Judge Borhan AmrAllah, Op. Cit, P. 72.

34- د. فؤاد الراوي– المعجم المفهرس للمعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات والمواثيق والعهود والأحلاف التي ارتبط بها العراق مع الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات الأجنبية – الجزء الخامس – العراق 1949 – ص132.

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .