المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الأطفال المعقدون  
  
2590   01:06 مساءً   التاريخ: 12-2-2017
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة : ج2، ص78ـ80
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2017 2003
التاريخ: 18-4-2016 1958
التاريخ: 30-4-2017 1990
التاريخ: 14-11-2017 2821

إن بحثنا التربوي هذا يدور حول الأطفال العاديين لا المعقدين أو الأطفال المصابين بالجنون والبلادة الموروثة. وبعبارة أوضح فإن بعض الأطفال يتولدون مجانين أو حمقى ويكون لهذه النقيصة الوراثية جذور عميقة في كيانهم، وهؤلاء يستحيل أن يصبحوا عقلاء أو أذكياء في يوم ما، وليس في مقدور المربي القدير أن يحولهم إلى أفراد أكفاء.

كما أن هناك أطفالاً ليسوا بالمجانين ولكن سلوكهم ليس عادياً، انهم مشاغبون وفوضويون، هؤلاء يطلق عليهم اسم الأطفال المعقدين في البحوث التربوية.

إن عنوان الأطفال المعقدين يشتمل على معان كثيرة في الحقيقة. فهو يطلق بالدرجة الأولى على الأطفال المشاغبين أي الصبيان الذين تنظر اليهم التربية المعاصرة نظرة التحقير والاستغراب. هؤلاء الأطفال يتسببون في كثير من المفاسد والتخريبات بواسطة القوى التي يستخدمونها للوصول الى مقاصدهم .

هناك عوامل عديدة تفسر بموجبها هذه الحركات الشاذة للأطفال، فيجب أن تعرف معرفة دقيقة حتى يتسنى العمل على إزالتها. في بعض الأحيان يكون الدافع إلى الأعمال الشاذة والحركات الضارة للطفل المعقد وجود العاهات أو النقائص العضوية أو التشويهات في بدنه، في هذه الحالة يكون الطفل مريضاً فهو بحاجة الى علاج.

(كما ان الطفل المريض لا يُرسل الى المدرسة، كذلك يجب أن لا نخضع الطفل الذي ليس سليما من الناحية الفسيولوجية الى تربية جديدة. كل طفل معقد يجب أن يخضع قبل تربيته، أو إعادة تربيته، إلى فحص دقيق. وفائدة هذا العمل أن جهود المربي لا تصرف عندئذ في سبيل تربية طفل يحتاج إلى رعاية صحية أو روحية فقط ).

(فمثلا تعتبر التربية بوحدها عقيمة في فحص حالات الحقد التي ترتبط بداء الصرع. والسرقات الحاصلة في دور المراهقة والتي تحصل على أثر الاختلالات لحادثة في الغدة النخاعية، وأعمال الشغب الناشئة من تخلف النمو العصبي، وحالات الأعصاب المتصلة بآثار الالتهابات الدماغية، والكسل الذي يولد من قلة إفرازات الغدد الثايرويدية، والاخلالات الحاصلة من ثلة من الأمراض الروحية الموروثة).

هؤلاء الأطفال يجب أن يخضعوا لأساليب تربوية خاصة من قبل المتخصصين في التربية النفسية والعلاج الروحي والعصبي، وان المناهج التربوية الاعتيادية لا تعود عليهم بالنفع أو الاثر أصلا.

إن بحثنا يختص بتربية الأطفال الاعتياديين والطبيعيين، الأطفال المتولدين من آباء وأمهات أصحّاء في ظروف طبيعية. ذلك أن استعمال الأساليب التربوية في حق هؤلاء يتضمن فوائد عظيمة وآثاراً مهمة. فإذا تنبه الآباء والأمهات في هذه الحالة إلى المسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقهم واهتموا بإيجاد جو مناسب للتربية الصالحة في الأسرة وأتموا الصدق في الحديث والاستقامة في السلوك مع أطفالهم، وطبقوا المناهج التربوية في كل خطوة ومرحلة، فإنهم يستطيعون تربية أطفال مهذبين وأكفاء من كل جهة، ويكونون بذلك قد نفذوا الأوامر الإلهية وأدوا ما عليهم تجاه أطفالهم تجاه المجتمع الذي يعيشون بين ظهرانيه.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.