أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-20
838
التاريخ: 8-2-2021
2047
التاريخ: 14-1-2017
1754
التاريخ: 6-11-2016
2278
|
التجارة الخارجية:
على الرغم من ازدهار التجارة الداخلية في ارجاء الجزيرة العربية الا ان التجارة الخارجية كان لها نصيب كبير من عناية العرب وذلك لتصدير الفائض عن حاجتهم وجلب السلع التي يحتاجونها في معايشهم. وقد ساعد على ذلك وقوع بعض المدن العربية على سواحل البحار والمحيطات مما أتاح لهم سبل الاتصال بقارات العالم شرقا وغربا.
كانت ايلة (العقبة) من اهم مراكز الاتصال التجاري بالعالم الخارجي، وكان ميناؤها هو لويكه كومة على ساحل البحر الأحمر(1)(القلزم) وفي الجنوب الغربي من جزيرة العرب اضطلع ميناء مخا(2) بالتجارة الواردة من مصر والدولة البيزنطة. وكانت تقيم فيه جاليات مختلفة الجنسيات.
كذلك اشتهر ميناء عدن بالتبادل التجاري مع منتجات افريقيا والهند ومصر، وكان يقيم به جاليات رومانية وقبطية، وكان به كنيسة(3) لأداء الشعائر الدينية وكان يلي ميناء عدن الى الشرق ميناء اشتهر بالتخصص في تجارة اللبان المجلوب من الهند وهو ميناء كانة.
وكان ميناء ظفار من اعمال الشحر على مقربة من صحار قد اشتهر أيضا بتجارة اللبان، وتبادلها مع بلاد الهند والخليج وسواحل افريقيا. وكان لأهل جرها أيضا تجارات مع الهند وسواحل ايران الجنوبية وبلاد العراق، اما الابلة فكانت تصدر حاصلات العراق وبلاد الشام الى الهند وتستورد منها اخشاب الابنوس ومنتجات الهند المشهورة(4).
اما الشعبية فكانت من المراسي المعروفة في الحجاز تقصدها السفن لتتزود بما تحتاج اليه من زاد وماء وتفرغ حمولتها من المنتجات الافريقية. وكانت الشعبية خورا عظيما ومرسي قديما مقابل وادي المحرم(5).
كانت عمان وسواحل الخليج من اهم المراسي التي كانت تقصدها السفن التجارية القادمة من الهند، وقد عرف اهل عمان بمهارتهم في ركوب البحر، واشتهروا بتجارتهم مع السلع الهندية، وكان ميناء اكيلا الواقع على مقربة من راس الخيمة من المراكز التجارية الهامة للعمانيين جميعا(6).
كذلك كانت شبوة عاصمة مملكة حضرموت من المراكز التجارية التي عرفت بالتعامل مع بلدان العالم الخارجي، وكانت مركزا للطيب بأنواعه وبخاصة المسك والكافور والدهن. بينما اشتهرت جرش بالاتجار في الصمغ والادم والمغامر والعلوك.
ارتبطت التجارة الخارجية في تصريف بضائعها بقوافل التجارة الداخلية وطرقها ومستوطناتها التي اقيمت على هذه الطرق بين الجنوب والشمال في أماكن عديدة فمنها معين ومصران وديدان والحجر.
كانت السلع الجنوبية تحمل على القوافل قاصدة بصري وغزة في بلاد الشام عن طريق نجران والحمى ويثرب وقد جني اهل العربية الجنوبية مكاسب طائلة من وراء التجارة المجلوبة من الخارج وتسويقها داخليا.
كانت السفن الجنوبية تتجه الى افريقيا حاملة منتجاتها المحلية والسلع العربية، وتعود محملة بالبضائع الافريقية الثمينة واهمها الاخشاب والعاج والعبيد. وقد ترتب على اتساع حجم التجارة العربية الافريقية(7) ان اقام حكام سبا مستوطنة لهم على سواحل افريقيا المقابلة للجزيرة العربية هي مملكة اكسوم وفضلا عن ذلك كان العرب يشاهدون في رهابتا بالقرب من زنجبار.
كما كان للعرب الجنوبيين جالية مقيمة بمصر، مما يدل على صلات تجارية وثيقة بين مصر وبلاد العرب.
كان طريق الخليج الفارسي. الذي يبدا من شرق مكة من اهم طرق التجارة الخارجية الداخلية كما كان هناك طريق الشمال الى خيبر، فوادي الرمة ثم الحيرة وطريق الجنوب الذي اتجه الى اليمن ومنها الى المحيط الهندي وافريقيا الشرقية، الى جانب طريق بلاد الشام المتجه الى مدن البحر المتوسط (الروم) والطريق الذي يصل بين البصرة والابلة، وطريق العراق/ الشام، وطريق البصرة/ مكة(8). فضلا عن الطريق الواصل بين اليمن وعيذاب عبر البحر الأحمر (القلزم)(9). ثم تنقل السلع بالطرق البرية.
كانت قريش تقوم بمهمة الوسيط في نقل التجارة الخارجية من مراكزها الجنوبية شمالا بقوافلها الضخمة، وتنقل تجارة بلاد الشام وحوض البحر المتوسط الى الحجاز ونجد واليمن، وهي ما عرفت برحلتي الشتاء والصيف والتي حققت من ورائها ثروات عظيمة جعلتها من اغنى العرب عند ظهور الإسلام. وقد اشتهر من قريش بنو عبد مناف وهم أصحاب الايلاف(10) وقد اختصوا بالتجارة الخارجية، فكان عبد شمس يختص بتجارة الحبشة، والمطلب بتجارة اليمن، ونوفل بتجارة فارس، وهاشم الذي عقد تحالفات تجارية مع الروم وحلفائهم من الغساسنة(11). وقد جعلت منهم هذه التجارة أصحاب نفوذ وغنى واموال طائلة.
كما استفادت بعض القبائل العربية التي تقع مساكنها على طرق تحرك القوافل من مرور هذه القوافل، فكانت قوافل الفرس المارة بالجزيرة العربية الى بلاد الشام والقادمة من مصر الى الصين سببا في ثراء هذه القبائل، وكان زعماء القبائل يعملون من اجل خدمتها وراحتها وحراستها حتى تصل امنة الى أهدافها(12)، فكانت لطائم الفرس ترسل الى الحيرة في حراسة رجال من الفرس ثم يستلم بنو تميم هذه المهمة في داخل ارجاء الجزيرة وتظل في تقدمها حتى تخرج عن دائرة حمايتها الى قبيلة أخرى وهكذا نظير اجر معلوم.
هكذا كانت تجارة العرب عبر الصحراء فضلا عن المنتجات المحلية تحمل منتجات شرق وجنوب اسيا المعروضة في اليمن وتجارة وسط وشمال اسيا. التي كان يجلبها التجار العرب من العراق وشواطئ الخليج العربي، مثل عطر دارين ولؤلؤ البحرين وتمر هجر. ولا شك ان الاحتكاك التجاري للعالم الخارجي كان له اثره في النواحي المختلفة للحضارة العربية الى جانب قيمته الاقتصادية(13).
على الرغم من شهرة العرب بنقل التجارة الداخلية في بلادهم على الطرق والدروب المختلفة باستخدام القوافل البرية، الا ان نشاطهم لم يقتصر على ذلك بل اتصلوا بدول العالم المعروف وقتذاك وعقدوا معهم اتفاقيات للتبادل التجاري وبخاصة مع الهند والصين ومصر والحبشة ومدن البحر المتوسط (الروم). وقد تطور النشاط التجاري البحري للعرب حتى صار الفرس والروم يعتمدون عليهم في جلب السلع الشرقية وتسويق منتجاتهم هناك. وقد حمل لواء هذه التجارة العرب الذين كانوا يقطنون المدن الساحلية على شواطئ البحار والمحيطات والخلجان(14)، فضلا عن الجاليات العربية التي استوطنت بعض موانئ هذه الدول. وقد أدت السيطرة العربية على هذه المناطق الى ان عقد الروم تحالفا مع الحبشة لمهاجمة اليمن وانتزاع التجارة البحرية من العرب، كما تطلع الفرس من ناحية أخرى الى هذا الغرض.
كانت السفن الشراعية تحمل بضائع العرب الجنوبية الى الساحل الافريقي(15)، وهي البرد والثياب والمصنوعات المعدنية كالسيوف والخناجر وأدوات الحرب المختلفة فضلا عن الصحائف المعدنية المصقولة وأدوات الزينة وانسجة الصوف والكتان والجلود المدبوغة والاحجار الكريمة(16). وكان العرب يجلبون الخشب اللازم لصناعة سفنهم من الخارج فيصنعونها بأيديهم، كما كانت سفنهم تعود محملة بالعاج والتوابل والرقيق. وكان لاتساع التجارة مع افريقيا ان اقام العرب جاليات لهم في مدن الساحل الافريقي(17) وكان العرب المقيمون فيها يعلنون ولاءهم لمملكة حمير اليمنية.
كما كان العرب يحملون منتجات الحجاز ونجد الى بلاد الشام حيث يتم تصديرها الى مدن البحر المتوسط (الروم) بينما كانوا يعودون بالقمح والزبيب والزيت والحرير ونصال دمشق وتروسها المكتفة(18). وكانوا ينقلون التوابل من جنوبي شرق اسيا الى سوق ايلة حيث يقبل عليها الرومان ويحملون منه كميات كبيرة.
كذلك اشتغل العرب بنقل الطيب الذي كان من اهم سلع التبادل التجاري مع مدن البحر المتوسط، وكان الروم يتهافتون على شراء الطيوب العربية المنتجة محليا، بواسطة سكان سواحل البحر الأحمر (القلزم)، والبحر العربي حيث كانوا يستخرجون العنبر(19)، والطيوب المجلوبة من المدن الاسيوية. كما كانت تصدر الى مصر وأسواق بلاد الشام مادة البخور التي بلغ من عظم قيمتها انها كانت تقيم بميزان الذهب، وذلك ان البخور كان له أهمية كبيرة لاستخدامه في المعابد وحرقه للالهة(20). كما ارتبطت بالطيب أيضا تجارة اللبان التي كانت تشكل قسما رئيسيا من تجارة الأجزاء الجنوبية من جزيرة العرب مع الهند(21) وافريقيا(22).
لما كانت عدن تقع على مقربة من مدخل البحر الأحمر (القلزم) جنوبا، فكانت تعد من اهم المرافئ العربية على المحيط الهندي فاتخذت مرسى للسفن الاتية من انحاء اسيا وسواحل افريقيا الشرقية، كما كانت ترسوا عليها السفن المحملة بمنتجات الدول الاسيوية، وهي الى جانب ذلك نقطة ارتكاز التجارة بين الهند والصين ومصر، لذلك اهتم العرب المقيمون فيها بالتبادل التجاري على نطاق دولي واسع، فكان الرقيق الافريقي يستبدل به فيها منتجات الصين الحريرية وخزفها المطلي، ومنسوجات كشمير والاباريز والخشب(23)، كذلك كانت عدن التي اطلق عليها المقدسي اسم دهليز الصين(24)، حلقة التبادل التجاري بين الهند ومصر.
كما اهتم العرب بالعلاقات التجارية مع مصر فأقام بعض العرب فيها واشتغلوا بجلب البخور والمر والعطور والصبر من المدن العربية والاسيوية عن طريق البحر الأحمر (القلزم)، وكانت القبائل العربية ترسل الوفود الى مصر لتقديم الهدايا الى المقوقس(25)، كما اشتهر كل من عمرو بن العاص وعبد الله بن جدعان بالتجارة العربية المصرية(26).
كانت هناك علاقات للتبادل التجاري بين النبط(27) سكان البطراء التي تقع بين الشوبك ومعان في الأردن، وبين التجار في كل من مصر والشام وقلب الجزيرة العربية، فكان يتم تبادل الزيت والدرمك (الرقيق الأبيض) المجلوب من الشام الى الحجاز والعراق، مقابل الادم والتمر، كما كان الاتجار بالطيب والمر من اهم السلع التي يبادلونها. ومن ناحية أخرى عقد النبط اتفاقا مع رؤساء المعابد المصرية على توريد القار اللازم لعمليات التحنيط(28).
كما تعد العلاقات التجارية بين العرب والهند من اهم علاقات التبادل التجاري بين الشرق والغرب، فكان العرب يجلبون القرفة واللبان ويصدرونها الى البلاد الأوروبية والشام ومصر، وكان العرب والهنود يتبادلون جلب السلع الهندية الى الموانئ العربية. ثم تحمل السفن الهندية المنتجات الافريقية من العاج اللازم للنرد والشطرنج، وقوائم السيوف اللازمة لهذه الصناعة التي اشتهرت بها الهند(29).
قامت علاقات تجارية بين العرب والفرس عن طريق الحيرة وكان ملوك الحيرة من اللخميين يرسلون تجارتهم الى أسواق مكة في حماية القبائل العربية، وفي مقابل ذلك يرسل اليهم سادة قريش الادم والصمغ والطيب والمنسوجات الحريرية والتبر، فضلا عن التمر والزيتون والبطيخ من منتجات الطائف. والقمح والحبوب من منتجات هجر وتهامة. ومن ناحية أخرى كان العرب سيمحون للقوافل الفارسية ان تجوب أراضيهم خلال رحلاتها التجارية الى الشام ومصر في مقابل أجور مادية او عينية(30) متفق عليها وذلك في مقابل حراسة القوافل وضمان وصولها الى أهدافها، فكان رئيس القبيلة يأخذ من لطائم الفرس مما تحمله من تجارات، او يقدمون هم المقابل في صورة هدايا وكان قصى يأخذ العشر ممن دخل مكة من غير قريش(31).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص96.
(2) مخا: يقع على ساحل اليمن بين زبيد وعدن. ياقوت: معجم البلدان، جـ5، ص67.
(3) جورج فضلو: العرب والملاحة، ص94.
(4) maqboul: indo - arab, p, 86.
(5) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ1، ص42 – 43.
(6) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ8، ص75.
(7) davidson: the lost cities, p. 174 .
(8) الخربطلي: تاريخ العراق، ص377 – 378.
(9) طه أبو العلا: جغرافية شبه جزيرة العرب، جـ1، ص16.
(10) أصحاب الايلاف: اطلقت عليهم هذه التسمية لانهم كانوا قد الفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف.
القسطلاني: ارشاد الساري، جـ6، ص89.
(11) الالوسي: بلوغ الارب: جـ3، ص385.
(12) نادفي: التاريخ الجغرافي للقران، ص112.
(13) لوبون: حضارة العرب، ص57.
(14) المسعودي: مروج الذهب، جـ2، ص147.
(15) المقريزي: البيان والاعراب، ص42، davidson: the lost cities, p. 174.
(16) جواد علي: تاريخ العرب بل الإسلام، جـ8، ص136.
(17) davidson: op. cit, p. 174.
(18) درمنهم: حياة محمد، ص39.
(19) ابن المجاور: صفة بلاد اليمن، جـ2، ص184، القزويني: عجائب المخلوقات، ص281.
(20) جواد علي: المصدر السابق، جـ8، ص95.
(21) الدمشقي: الإشارة الى محاسن التجارة، ص22.
(22) davidson: the African past, p. 115 .
(23) لوبون: حضارة العرب، ص554.
(24) المقدسي: احسن التقاسيم، ص34.
(25) سعيد الافغاني: أسواق العرب، ص25.
(26) المسعودي: مروج الذهب، جـ1، ص362.
(27) النبط: اصلهم عربي من عمان، والنبط: لفظ يطلق على العرب الذين يجاورون أقاليم غير عربية ويتداخلون مع أهلها فكان هناك انباط الروم وانباط الفرس.
(28) المقريزي: البيان والاعراب ص81.
(29) maqboul: commercial relations, pp. 148 – 150 .
(30) ناد في: التاريخ الجغرافي للقران ص112.
(31) المسعودي: مروج الذهب، جـ2، ص58.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|