المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

تفاعلات الذرات المترابطة: Interaction of Bonded Atoms
2023-10-01
نكبة أبي جعفر ابن عطية
2024-01-13
التطور السريع‏ للإسلام
6-12-2015
فتح مكّة
1-12-2014
آية الانفاق‏ وفضل علي (عليه السلام) فيها
7-12-2015
السعي واحكامه
2024-06-30


تزكية النفس  
  
2886   01:32 مساءاً   التاريخ: 4-1-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص167-172
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

إن تزكية النفس هي من أولويات مراحل الرقي إلى الكمالات المعنوية والفضائل الانسانية في تعاليم الاسلام الحقيقي، وقد ذكرها القرآن الكريم كمقدمة لتعليم الانسان وحصوله على المعارف العلمية بقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[البقرة: 129] ويقول تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2] .

فتزكية النفس هو المقياس التي يُقاس بها حقيقة الانسان، وهي على غاية من الاهمية والضرورة في حياة الانسان ومستقبله، وكلما تطرق اليها الخطأ كانت النتائج خاطئة وغير مرضية.

صحيح ان العلم تبتني عليه اسس الحياة وهو من مميزات الانسان الا انه لا يستطيع بمفرده ان يرقى بإنسانية الانسان ويتكامل به من جميع الجهات والجوانب، وانما هو من امس الحاجة إلى تهذيب النفس وتحليها بالفضائل وتزكيتها من الرذائل.

يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام):

(لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى نار ولا ثوابا ولا عقاباً لكان ينبغي لنا ان نطالب بمكارم الاخلاق فإنها مما تدل على سبيل النجاح)(1).

وقال (عليه السلام) :

(غالب الشهوة قبل قوة ضراوتها، فإنها ان قويت ملكتك واستفادتك ولم تقدر على مقاومتها)(2).

وقال (عليه السلام):

(عبد الشهوة اذل من عبد الرق)(3).

و(مَن غلب شهوته صان قدره)(4).

ويقول (ويل ديورانت) نقلا عن كتاب رسالة الاخلاق:

(ان دوافعنا ودواعينا كالرياح التي تنفع لدى السفن، ولكن علينا ان لا نترك شراع السفينة لحالها، والا جرتنا معها كالأسرى والارقاء ان كل واحد منا قد رأى في عمره اناساً اسارى في قيود الحرص او الشهوة او الغضب ان الحرية التامة لكل واحد من هذه الصفات هي اساس الفساد في اخلاق الانسان اظنكم سمعتم قصة ابناء كورش ـ الملك الفرنسي - الذين كانت المرضعة والمربية لكل واحد منهم قد تركتهم بكل حرية ليفعلوا ما يشاؤون وكان بالتالي ان خرج كلهم فاسدين عاجزين.

اذن، فتحكيم المعرفة على الميول والرغبات هو وجوهر العقل واساس ضبط النفس، والتحكم في النفس لهو اهم شيء لبناء الاخلاق ) انتهى

نعم ان ضبط النفس وتهذيبها، واخضاعها لمنطق الدين والعقل لهو شيء عظيم لبناء الاخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة، والارادة القوية، والواقع ان الارادة هي محور الاعمال ومركز المسؤولية في الناظم التربوي الاسلامي؛ لان بواسطتها يتمكن الانسان من السيطرة على افعاله ومشاعره وبالتالي يستطيع ان يتوجه إلى الانشطة الفكرية والنفسية السامية، وبذلك يصنع لنفسة شخصية ايجابية كريمة. وبواسطة هذه الشخصية يستطيع ان يخطو كل يوم خطوات نحو العزة والكرامة والسعادة.

ولا شك ان اهم علائم القدرة الارادية في الانسان هو جهاد النفس الامارة بالسوء والانتصار على ميولها ومشتهياتها الفاسدة، وان اهم شيء يفتخر به الانسان هو ان يبدأ برامج تربية النفس على التحكم في الميول والرغبات النفسية لكي يصل إلى غاية الشخصية الايجابية الواقعية.

وقد اثر عن الامام الصادق (عليه السلام) : (اقصر نفسك عما يضرها من قبل ان تفارقك واسع في فكاكها كما تسعى في طلب معيشتك فان نفسك رهينة بعملك)(5).

أجل ، يجب تهذيب النفس وتزكيتها وابعادها عما يضرها بإرادة قوية قبل فوات الاوان وحصول الضرر، لكي تنموا نموا معتدلا لا يصل به الانسان إلى كمال الرشد في شعوره.

يقول الدكتور (كاريل) ما نصه :

(إن النمو المهمل للنفس سيبقى نموا ناقصا فلا يصل الانسان إلى كمال الرشد في شعوره الا بتدخل ارادته كل منا يعلم ان نمو الاعضاء والعضلات لا يكون الا عن طريق النشاط والعمل ولا يمكن ان يصبح الشخص بطلا رياضيا دون تدريب منتظم.

كذلك من اجل كمال قوة الشعور علينا ان نتحمل المشاق في ذلك ان التلميذ ان لم يكن مريداً للتعلم فان اكثر الاساتذة كفاءة وقابلية غير قادر على ان يعلمه شيئاً. وان قراءة مجموعة دراسات اخلاقية لا تجعل قارئها متقياً، ولا يمكن التحميل على الروح بدون ارادة جادة). انتهى

ويقول العالم (برغسون) ما نصه:

(ان خلق الشخصية كاختيار الاخلاق انما يتحقق بإرادة صاحبها ومن اجل ذلك يجب على صاحبها ان يستنزف كل ما يحتوي الروح والجسم من قدرة وقوة وطاقة وان ينظم كيانه وحياته الداخلية بأحسن ما يرام، وان يصنع في نفسه روحا مقتدرة قوية).

نعم، يجب ان يصنع الانسان في نفسه روحا مقتدرة قوية وهل هي الا النفس الزكية! المهذبة المتكاملة النفس الفاضلة ذات المزايا الحسنة والسجايا الصالحة!!

وللعلم ان الشخصية تنمو وفقا لنظم القيم في الحياة، وكذلك تنمو فيها المزايا والصفات، فالإنسان اذا زكت نفسه وتحلى بالطهارة والفضيلة وحب الخير بكل ثبات وقاطعيه، فان افكاره ستكون كذلك ايضا، واما اذا مرضت النفس واصيبت بالغموض والابهام فان الباطل والخطأ سينفذ إلى الفكر والاحساس، والنتيجة ان الانسان في هذه الحالة سيصاب بالأخطاء والعثرات في افعاله واعماله وبالتالي الفشل والتعاسة في الحياة ومن هذا المنطلق والبناء قال امير المؤمنين (عليه السلام) (شر الفقر: فقر النفس)(6).

وعلى هذا الاساس بذر الاسلام الاصيل المحمدي العلوي في نفس الانسان وقلبه وضميره ووجدانه بذور الصلاح والنزاهة وحب الخير والفضيلة والتقوى وجعله على ارتباط وثيق بربه وموجد عقيدته التي يمكن على اساسها ان يحس بضرورة ثبات الطهارة والنزاهة والعدل والحق في باطن ذاته وعمق كيانه.

ولا شك ان من يكون الله جل وعلا في عمق روحه وعقله فان قلبه يكون صافيا طاهراً وكذلك نفسه، فإنهما لا يتلوثان بالرذائل والارجاس والاثم ولا يكون هناك تفكيك بين عقيدته وعمله وادراكه وسلوكه ، فالإنسان الذي يعقد مع الله عقدا ثم لا يفكر مدى حياته في نقضه، يكون قد صرف فكره ونفسه واحاسيسه وسلوكه في مسار صحيح قد اراده بعزم راسخ وقلب قوي، وكلما كان الانسان محرراً من ضغط الاهواء والشهوات فانه يصبح ذا نفس زكية، وقوة فاعلة في عالم الوجود ويستطيع ان يواصل السير على طريق الكمال والرقي.

نعم، ان الانسان الذي زكت نفسه، وامتلأ قلبه بحب الله تبارك وتعالى والايمان به يتمكن من

اداء تكاليفه المقدسة، وواجباته المنوطة به في احرج الساعات، واصعب الظروف ويقدم على الايثار والتضحية من اجل العناوين المقدسة والقيم السامية والمستضعفين.

وفي الختام نقول:

إن من أراد ان يحقق تقدما جديداً في كل يوم فعليه ان يعمل بجد ونشاط وفاعلية في سبيل تزكية نفسه وتطهيرها من كل الملوثات والمنكرات والآثام؛ لان في تزكيتها من كل ذلك، إحياء لإنسانيته ومروءته وعليه ان يرضي عواطفه النبيلة بالفضائل الاخلاقية ويسعى لإحياء مواهبه الفكرة وادراك الحقائق العلمية، وتحقيق حريته الحقيقة بعبوديته الخالصة لله سبحانه، وبإيجاد كل ذلك فانه حتما سيرقى، ويتكامل، ويسعد في الحياة لا في الدنيا فحسب وانما في الاخرة ايضاً.

إن تربية النفس وتزكيتها، وتكاملها، والثقة بها، يجب أن يصبح هدفنا الأهم في مجريات أمورنا، ومسيرة حياتنا، وان من تكليفنا ان نفتح نوافذ أنفسنا وقلوبنا وعقولنا لتقبل الخير والصدق والمودة والرحمة والإحسان، بل كل فضيلة وخلق كريم؛ لأن هذه الأمور المهمة التي تمنحنا الوضوح والجلاء، وترضي عنا ربنا الله تبارك وتعالى.

______________

1- آداب النفس : ج1، ص26.

2- غرر الحكم : 498.

3- غرر الحكم 510.

4- مستدرك الوسائل ج2، ص287.

5- مستدرك الوسائل: ج2، ص310.

6- غرر الحكم : 446.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.