أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-12-2018
5615
التاريخ: 30-11-2018
1067
التاريخ: 5-5-2017
1464
التاريخ: 25-9-2018
1128
|
عبد اللّه بن يحيى الحضرمي واصحابه:
عن محمد بن بحر الشيباني في كتابه «الفروق بين الاباطيل والحقوق» فيما أسنده الى القاسم بن مجيمة: «ما وفي معاوية للحسن بن علي بشيء عاهده عليه، واني قرأت كتاب الحسن الى معاوية يعدد عليه ذنوبه اليه والى شيعة علي عليه السلام فبدأ بذكر عبد اللّه بن يحيى الحضرمي ومن قتلهم معه(1)».
أقول: ولا نعرف الآن من أحوال الحضرمي وحادثة قتله وعدة اصحابه المستشهدين شيئاً، ولكنا نعرف أن هذا الرجل كان من رجال أمير المؤمنين وأنه الذي قال له يوم الجمل: «ابشر يا ابن يحيى أنت وأبوك».
وعلمنا فيما علل به بعضهم تقديم الحسن عليه السلام ذكر الحضرمي على غيره ممن قتلهم معاوية من الشيعة، أن الحضرمي هذا كان أبعدهم عن الدنيا وأقربهم الى حياة الرهبنة التي لا توهم أي خطر على سياسة الملك. قالوا: «وعلم معاوية ما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الحزن لوفاة علي أمير المؤمنين، وحبهم اياه، وافاضتهم في ذكره وفضله، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبراً. ومن أنزل راهباً من صومعته فقتله بلا جناية منه الى قاتله أعجب ممن يخرج قساً من دير فيقتله، لأن صاحب الدير أقرب الى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء والارض، فتقديم الحسن - فيما عدده على معاوية من الذنوب - العباد على العباد، والزهاد على الزهاد، ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد، لا يتعجب منه، بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصراً على مخبت ومقتصداً على مجتهد(2)».
وفاجعة (عبد اللّه بن يحيى) أشبه بفاجعة حجر بن عدي، وكلاهما قتلا صبراً، وكلاهما قتل معهما أصحاب، وكلاهما أخذا بغير ذنب الا الذنب الذي هو عنوان فضيلتهما.
رشيد الهجري(3):
تلميذ علي عليه السلام، وصاحبه المنقطع اليه، والعالم المعترف له بعلم البلايا والمنايا، يروي عنه ناس كثيرون، ولكنهم جميعاً سكتوا عن اسمه خوف السلطان الاموي، فلم ترو عنه علناً الا ابنته الوحيدة التي كانت قد حضرت مقتله، وهي التي جمعت أطرافه - يديه ورجليه - وقد قطعها ابن سمية !.
قالت تسأله حين قطعت أطرافه: «يا أبت هل تجد ألماً لما أصابك ؟ فقال: «لا يا بنيتي الا كالزحام بين الناس!».
أتي به الى زياد فقال له: «ما قال لك خليلك - يعني علياً عليه السلام - انا فاعلون بك ؟»، قال: «تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني»، فقال زياد: «أما واللّه لأكذبن حديثه، خلوا سبيله». فلما أراد أن يخرج، قال: «ردوه، لا نجد لك شيئاً أصلح مما قال صاحبك، انك لن تزال تبغي لنا سوءاً ان بقيت، اقطعوا يديه ورجليه»، فقطعوها وهو يتكلم !، فقال: «اصلبوه خنقاً في عنقه»، فقال رُشَيد: «قد بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه»، فقال زياد: «اقطعوا لسانه»، فلما أخرجوا لسانه قال: «نفّسوا عني حتى أتكلم كلمة واحدة»، فنفسوا عنه فقال: «هذا واللّه تصديق خبر أمير المؤمنين، أخبرني بقطع لساني».
وأخرج من القصر مقطعاً، فاجتمع الناس حوله، ومات من ليلته رضوان اللّه عليه.
قالت ابنته: «قلت لأبي: ما أشد اجتهادك !»، قال: «يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا».
وقال لها: «يا بنيتي أميتي الحديث بالكتمان، واجعلي القلب مسكن الامانة(4)».
جويرية بن مسهر العبدي:
قال ابن أبي الحديد: «ونظر اليه علي عليه السلام يوماً فناداه: يا جويرية الحق بي فاني اذا رأيتك هويتك، ثم حدثه بأمور سراً، وفي آخر ما حدثه قال: يا جويرية أَحبَّ حبيبنا ما أحبنا فاذا أبغضنا فابغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا فاذا أحبنا فأحبَّه. وكان من اختصاصه بعلي عليه السلام ما روى انه دخل يوماً عليه وهو عليه السلام مضطجع، وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيها النائم استيقظ فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك. قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال: وأحدثك يا جويرية بأمرك، أما والذي نفسي بيده لتعتلنَّ(5) الى العُتُلّ الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع كافر ! قال: فواللّه ما مضت الايام على ذلك حتى أخذ زياد جويرية فقطع يده ورجله، وصلبه الى جانب جذع ابن معكبر، وكان جذعاً طويلاً، فصلبه على جذع قصير الى جانبه».
أقول: وروى هذا الحديث أيضاً حبة العرني رحمه اللّه. وزاد قوله: «وكان زياد ابن أبيه ممن نصب العداوة لأمير المؤمنين عليه السلام وكان يتتبع أصحاب علي وهو بهم أبصر فيقتلهم تحت كل حجر ومدر».
أوفى بن حصن:
أحد فرائس الظلم الاموي. طلبه زياد فأبى مواجهته، واستعرض زياد الناس فمر به فقال: «من هذا ؟» فقيل له: «أوفى بن حصن»، فقال زياد: «أتتك بخائن رجلاه»، وقال له: «ما رأيك في عثمان ؟» قال: «ختن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على ابنتيه» قال: «فما تقول في معاوية ؟» قال: «جواد حليم».
وكان أوفى لبقاً في لغته وأسلوبه فلم يجد عليه زياد ملزماً.
وعاد عليه فقال له: «فما تقول فيّ ؟» قال: «بلغني أنك قلت بالبصرة: واللّه لآخذن البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر»، قال: «قد قلت ذاك(6)» قال: «خبطتها خبط عشواء !».
أقول: وكان من لباقة هذا الرجل الحصيف أنه تدرج في أجوبته لزياد - كما ترى - الى طريقة حكيمة من الوعظ حاول بها تنبيهه الى أخطائه. ولا تنس أنه كان يقف من عدوه ساعتئذ بين النطع والسيف، ومن ذمته بين الحق والباطل. وهذا هو ما يزيدنا اعجاباً بهؤلاء الابطال من تلامذة علي عليه السلام، ولكن شيئاً من وعظه لم يجده نفعاً سوى أن يقول زياد فيه: «ليس النفاخ بشر الزمرة» ثم أمر به فقتل(7)».
ولا ادري، ولا أظن زياداً نفسه يدري، بأي جريرة أخذ ابن حصن فأشاط بدمه و «كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله» - كما في الحديث - ؟.
والرجل في أجوبته كلها كما رأيت لم يفضح سراً، ولم يهتك أمراً. ولكن الذي ناقض الكتاب صريحاً فأخذ البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر خلافاً لقوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» لحري بأن لا يفهم لغة الحديث ولا لغة الكتاب.
واعتصم بغلوائه فاذا الناس من حوله في أشد محن الدنيا: جماعات تساق الى السجون، وزرافات تطارد أينما تكون، ومئات تعرض عليه كل يوم لتسمل عيونهم، أو لتقطع أطرافهم، أو ليؤمر بهم فتحطم ضلوعهم(8). وبين الكوفة والشام فرائس أخرى ترزح بالأصفاد. وما في الكوفة الا الارهاب المميت، وما في الشام لهؤلاء الا الموت المرهوب.
وخشعت الكوفة التي كانت تفور - في أمسها القريب - بالمؤامرات والمعارضات خشوع الجناح الكسير، بما وسعها من مظالم الحكام الامويين. وكان المتآمرون بالأمس هم المتآمرين بالجور اليوم، وكانوا هم الحاكمين بأمرهم فيما يسنون أو فيما ينفذون، فما بالها لا ترتجف فرقاً ؟ وما بال أهلها لا يلوذون بالفرار هرباً ؟..
وخفي على معاوية وعلى ابن أبيه ورجال مدرسته أن الامعان بالعنف من أكبر الاسباب التي تغذي المثل الاعلى الذي يحاربه الحاكم العنيف، وان العنف لن يستطيع ان يقتل الفكرة التي كتب لها الخلود، ولكنها ستظل نواة الشجرة التي ستبسق مع التاريخ.
وهذا حييت مئات الملايين - بعد ذلك - وهي تشارك الكوفة في فكرتها، وتحمل لمعاوية ورجاله وترها الذي لا تخلقه الايام.
التعذيب بغير القتل:
وكان للغارة الاموية ألوان أخرى غير القتل والتشريد وهدم البيوت ومصادرة الاموال وكم الافواه.
فقال ابن الاثير عند ذكره لفاجعة (أوفى بن حصن): «وكأن أول قتيل قتله زياد، بعد حادثة الثلاثين أو الثمانين الذين قطع أيديهم !!».
واستبطن معاوية دخائل البصرة والكوفة فلم يدع في هذين المصرين رئيس قوم، ولا صاحب سيف، ولا خطيباً مرهوباً، ولا شاعراً موهوباً من الشيعة، الا أزعجه عن مقره، فسجنه، أو غله، أو شرّده، أو أهدر دمه !.
واليك فيما يلي أمثلة قليلة من هذه النكبات التي قارفها أبو يزيد في الشخصيات البارزة من رؤساء الشيعة يومئذ.
___________
(1) البحار (ج 10 ص 101).
(2) البحار (ج 10 ص 102).
(3) رشيد [بالتصغير] وهجري (بفتح اوليه) نسبة الى بلاد الهجر - البحرين -.
(4) سفينة البحار (ج 1 ص 522).
(5) عتله: جذبه - والعتل - الجافي الغليظ - والزنيم: الدعي.
(6) روى خطبته أكثر المؤرخين، وروينا هذا الفصل منها في هوامش الفصل الحادي عشر.
(7) يراجع ابن الاثير (ج 3 ص 183)، والطبري (ج 6 ص 130 - 132).
(8) جيء الى زياد بعمير بن يزيد (من أصحاب حجر بن عدي) وقد أعطي الامان على دمه وماله، فأمر به زياد فأوقر بالحديد، ثم أخذته الرجال ترفعه حين اذا بلغ سورها - أعلى القامة - ألقوه فوقع على الارض ثم رفعوه ففعلوا به ذلك مراراً ! الطبري (ج 6 ص 147).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|