أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-05-2015
2441
التاريخ: 2023-12-07
642
التاريخ: 2024-04-03
646
التاريخ: 2-03-2015
2351
|
لـم تـسبق من علماء الاسلام نظرة منع من ترجمة القرآن ، بعد ان كانت ضرورة دعائية ، لمسها دعاة الاسـلام مـن اول يـومـه وانما حدث القول بعدم الجواز في عصر متأخر (في القرن الماضي ، في تـركـيا العثمانية ، وفي مقاطعاتها العربية ، مثل سوريا ومصر) ولعلها فكرة استعمارية تبشيرية ، محاولة لشد حصار قلعة الاسلام ، دون نشره وبث تعاليم الاسلام ، في المناطق غير العربية .
قال الدكتور علي شواخ : فلو تدبرنا وتعمقنا لوجدنا ان القول بالمنع عاصر فتوى النصارى الغربيين واسـتـعـمـارهـم لـبـلاد الاسلام ، فقد حاولوا تنصير المسلمين بكل وسيلة ، ولم يكتفوا بأرسال المبشرين في شتى الملابس ، بل منعوا ايضا تدريس اللغة العربية حتى في المستعمرات العربية مثل شـمـال افريقية والظاهر انهم ارادوا اتمام حصار قلعة الاسلام بمنع تراجم القرآن بلغات اجنبية ، فـالـمـسـلمون غير العرب لا يعرفون العربية ، ولن يجدوا تراجم القرآن بلغات يعرفونها ، فتبقى الـسـاحة فارغة للديانات الاخرى قال احد المبشرين (وبتعبير اصح : احد المنصرين ) لبعض علماء الاسـلام الساذجين : (القرآن معجزة حقا ، لا تتحمل بلاغته الترجمة لـشـدة الـسـرور ـ وقـال : (الـفضل ما شهدت به الاعداء وتستحيل ترجمته ) ، وتبعه آخرون ، وفي الخطوة الثانية قالوا : (القرآن لا تجوز ترجمته ) .
ولـكـن الانـسـان يـدبـر ، واللّه يـقدر فالنصارى الذين دسوا هذه الفكرة ، ظنوا ان العرب سوف لا يـقـومون بترجمة القرآن ، ولقد صدق ظنهم بشان العرب اما سائر المسلمين من غير العرب ، فان الـتـاريـخ يـشـهـد بانهم اهتموا بهذا الامر ، فقاموا بالترجمة الى لغاتهم على يد علما كانوا عارفين بـالـعـربـيـة ، فـتـرجـمـوه الـى لـغـاتـهم لتدريس ابنائهم وعامة اهل بلادهم الذين لم يدرسوا العربية (1) .
قـال الدكتور شواخ : وهكذا يتضح لنا ، ان الحركة ضد ترجمة القرآن الى سائر اللغات ، انحصرت في بلاد العرب ، وبالدولة العثمانية خاصة (2) .
وعـلى هذا الغرار ساق الاستاذ الشاطر ـ راس المعارضين ـ ادلة في المنع عن الترجمة ، وذكر اخـطارا سوف تتجه نحو حامية الاسلام الحصينة (القرآن الكريم ) ان اصبح عرضة للترجمة الى لغات اجنبية ، نذكر اهمها :
1ـ يـقـول : ان الـترجمة تضيع بالقرآن ، كما ضاعت التوراة والانجيل من جرا ترجمتهما الى غير لـغتهما الاصل ، فقد ضاع الاصل بضياع لغته وضياع الناطقين بها فيخشى ان يحل بالقرآن ـ لا سمح اللّه ـ لو ترجم الى غير لغته ، ما حل بأخويه من ذي قبل (3) .
قلت : هذا قياس مع الفارق ، اذ السبب في ضياع التوراة وكذا الانجيل ، انما يعود الى اخفاء الاصل عن الـعامة وابدا تراجمهما المحرفة للناس ، لغرض التمويه عليهم كان الاحبار والقساوسة يدأبون في تحريف تعاليم العهدين تحريفا في معاني الكلم دون نص اللفظ ، اذ لم يكن ذلك بمقدورهم ، فعمدوا الى تفسيرهما على غير وجهه ، وابدا ذلك الى الملا باسم التعاليم الالهية الاصيلة .
قـال تـعـالـى ـ بـشان التوراة ـ : {الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [الأنعام : 91] ، اي تبدون منه مواضع وتخفون اكثره .
و قد اسبقنا ـ في مسالة تحريف الكتاب ـ ان التحريف في العهدين انما يعني التحريف في معناهما ، اي التفسير على غير وجهه ، الامر الذي حصل في تراجم العهدين دون نصهما.
قـال تـعـالـى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ } [المائدة : 68] وقال : {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران : 93].
فـالـكـارثـة كل الكارثة انما هي في اخفا نص العهدين الاصليين عن اعين الناس ، وهذا هو السبب الوحيد لضياعهما ، دون مجرد ترجمتهما.
امـا القرآن فهو الكتاب الذي يتعاهده المسلمون جيلا بعد جيل ، بل العالم كله من مسلم معتقد وآخر مـحـقق مضطلع ، يحرسون على نص القرآن العزيز ، وقد قال تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9] ، اي في صدور الرجال وعلى ايدي الناس ، الاولياء والاعداء جميعا ، معجزة قرآنية خالدة .
2ـ يـقـع ـ بطبيعة الحال ـ اختلاف بين التراجم ، لاختلاف السلائق بل العقائد التي يذهب اليها كل مـذهب من المذاهب ، وكذا اختلاف المواهب والاستعدادات في فهم معاني القرآن وترجمتها وفق الافـهـام والآراء الـمـتضاربة ، ولهذا الاختلاف في تراجم القرآن آثار سيئة ، اذ يستتبعها اختلاف الاسـتفادة واستنباط الاحكام والاداب الشرعية ، وكل قوم من الاقوام انما يرتاي حسب ما فهم من الترجمة التي اتيحت له ، وربما لا يدري مدى اختلافها مع سائر التراجم (4) .
لكن هذا خروج عن مفروض الكلام ، فان للترجمة ضوابط يجب مراعاتها ، ولا سيما ترجمة القرآن الكريم ، يجب ان تكون تحت اشراف لجنة رسمية ، ومن هياة علما وادبا اختصاصيين برعاية حكومة اسـلامـيـة قاهرة ، لا تدع مجالا لتناوش ايدي الاجانب فيجعلوا القرآن عضين ، كما هو الشأن في رسم خط المصحف الشريف ، وطباعته على اصول مقررة ، تحفظه عن الاختلاف والاضطراب .
نعم يجب ان يعلم كل الامم الاسلامية ، ان الترجمة لا تضمن واقع القرآن ، وان المصدر للاستنباط واسـتـخـراج الاحـكـام والـسنن للمجتهدين هو نص القرآن الاصل ، ليس ما سواه هذا امر يجب الاعلان به ، فلا يذهب وهم الواهمين الى حيث لا ينبغي .
نـعـم ، على كل محقق اسلامي ان يتعلم القرآن بلغته العربية الفصحى ، وليست الترجمة بذاتها لتفي بمقصوده او تشبع نهمه .
3ـ ان للقرآن في كثير من آياته حقائق غامضة ، قد تخفى على كثير من العلماء ، وقد يعلمها غيرهم ممن جاء بعدهم ، ولذلك امثلة كثيرة فلو ترجمنا القرآن وفق معلومنا اليوم ، ثم جاء الغد ليرتفع مستوى العلوم وينكشف من حقائق القرآن ما كان خافيا علينا ، فهل نخطئ انفسنا بالعلانية ونغير الترجمة ونعلن للملا ، ان الذي ترجمناه امس اصبح خطا ، وان الصحيح غيره .
فماذا يقول لنا الناس ؟ وما الذي يضمن بقا ثقتهم اليوم كثقتهم بالأمس ؟ ثم ضرب لذلك امثلة :
1ـ مـنـهـا : قـولـه تـعـالى : {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [الرعد : 3] فسر القدامى (الـزوجين )بالصنفين ثم جاء العلم الحديث ليكشف النقاب عن المعنى الصحيح ، وهو ان كل ثمرة فيها ذكر وانثى (5) .
قـال : فلو حصلت الترجمة وفق التفسير الاول لاضاعت على قارئيها تلك الحقيقة التي اظهرها العلم الحديث 2ـ ومـنـهـا : قوله تعالى : { وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر : 9] فقد فسر (تثير) بمعنى (تسوق ) ، وبذلك قد ضاع المعنى البديع الذي اصبح معجزة للقرآن وهـو ان لـفظ (تثير) من الاثارة وهو التهييج ، نظير تهييج الغبار والدخان ، وهذا مبدا (عملية الـتـبـخـير) وتكوين الامطار فان التبخير يحصل من الحرارة المركزية والحرارة الجوية والـريح ، اي لا بد من هذه العوامل الثلاثة لتكوين (عملية التبخير) ، ثم بعد ذلك تحمل الرياح هذا البخار الى حيث شاء اللّه ، وهذا المعنى لم يظهر الا حديثا.
3ـ ومـنها : قوله تعالى : {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} [الفجر : 10] فسروا (الاوتاد) بكثرة الجنود ، او انـهـا كـانت مسامير اربعة كان يعذب الناس بها وقد تبين الان ان المراد هي هذه الاهرام وهي تشبه الجبال ، وقد عبر القرآن عن الجبال بالأوتاد في قوله تعالى : {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ : 6 ، 7].
4ـ ومنها : قوله تعالى : { وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات : 30] فسر (الدحو) بعض المفسرين بالبسط فلو ترجم الى هذا المعنى ضاع المعنى الذي يؤخذ من (الدحو) ، وهو التكوير غير التام ، كـتـكـويـر الـبـيـضـة مع الدوران ولا يزال اهل الصعيد ـ واصل اكثرهم عرب ـ يعبرون عن (البيض ) بالدحو او الدحي او الدح .(6)
5ـ وكـذلـك اذا ترجم قوله تعالى : (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) بـمـا يقوله بعض المفسرين (7) ، ذهب المعنى المستفاد من الاية ، وهو كروية الارض ، لان تـكـوير الضوء او تقوسه يستلزم تكوير المضاء وتقوسه ، لان النور والظلمة انما يتشكلان بأشكال الـجـسم الواقعين عليه فلو ترجمت الاية بذلك المعنى (التغشية ) ثم دلتنا الادلة على صحة المعنى الثاني ، لكنا قد خسرنا معجزة من معجزات القرآن .
قـال الاسـتاذ الشاطر : اني لا خشى ان ينطبق علينا الحديث الشريف : (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لاتبعتموهم .
قيل : يا رسول اللّه (صلى الله عليه واله)اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ (8).
____________________________
1- وسـيـوافـيـك ـ فـي نهاية المقال ـ جدول عن مائة وثماني عشرة لغة حية ترجم القرآن اليها ، على يد ابنائها الغيارى على الاسلام ، ولا تزال تتزايد مع اتساع رقعة الزمان .
2- معجم مصنفات القرآن الكريم للدكتور علي شواخ اسحاق ، ج2 ، ص 13.
3- القول السديد ، ص 15ـ16.
4- محمد مصطفى الشاطر في (القول السديد في حكم ترجمة القرآن المجيد) ، ص 17ـ18 .
5- وللآيات التي يذكرها معاني اخر اوفى سوف نتعرض لها ، ولقد اشتبه على الاستاذ الشاطر مواضع كثيرة من هذه الايات ، فتنبه .
6- الزمر/ 5.
7- فسروا (التكوير) بمعنى التغشية .
8- اخرجه مسلم ، ج8 ، ص 57 راجع القول السديد ، ص 21ـ26.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|