أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2016
807
التاريخ: 23-11-2016
839
التاريخ: 23-11-2016
691
التاريخ: 22-11-2016
759
|
كان النظام قد اختل، وعادت المنازعات والدسائس تعمل عملها، فى تقويض الأمن والسكينة، فأنفق الحر بن عبد الرحمن الثقفي حينا آخر في قمع الفتنة، حتى عزله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، في منتصف سنة مائة لقسوته وصرامته، واضطراب النظام في عهده، فكانت ولايته سنتان وثمانية أشهر، سادت فيها القلاقل والفتن.
واختار عمر بن عبد العزيز لولاية الأندلس السمح بن مالك الخولانى.
وقرر أن تكون الأندلس ولاية مستقلة عن إفريقية تابعة للخلافة مباشرة، لما رآه من أهميتها واتساع شؤونها، وكانت إلى ذلك الحين تابعة لعامل إفريقية وإليه تعيين ولاتها.
ويقال إن عمر بن عبد العزيز فكر في إخلاء الأندلس وإجلاء المسلمين قاطبة عنها، لانقطاعهم بها، وعزلتهم فيما وراء البحر عن باقى أقطار الخلافة، فقيل له إن المسلمين قد تكاثروا بها واستقروا، فعدل عن مشروعه.
" قالوا وليت الله تعالى أبقاه حتى يفعل، فإن مصيرهم مع الكفار إلى بوار إلا أن يستنقذهم الله برحمته " (1).
وقدم السمح إلى الأندلس في رمضان سنة مائة (إبريل سنة 719) مزوداً بنصح الخليفة في أن يتبع الرفق والعدل، وأن يقيم كلمة الحق والدين.
وكان السمح حاكما وافر الخبرة والحكمة والعقل, فقبض على زمام الأمور بحزم وهمة، وبادر بقمع المنازعات والفتن، وإصلاح الإدارة والجيش. وخمس جميع أراضي الأندلس التي فتحت عنوة، أعنى مسحها وقرر عليها الخراج بنسبة الخمس.
ويقول لنا العلامة ألتاميرا، فيما يتعلق بتوزيع أراضي الأندلس ما يأتي:
" وقد ترك الفاتحون للإسبان الذين أسلموا أو خضعوا، سواء أكانوا جندا أم نبلاء - حقوقهم في ملكية أملاكهم كلها أو بعضها، مع فرض ضريبة عقارية عليهم مشابهة للخراج هى (الجزية)، على الأراضي المنزرعة والأشجار المثمرة، واتبعت هذه القاعدة نحو بعد الديار، كما حدث في الامتياز الذى منح لمدينة " قُلُمرية "، وأبيح لهؤلاء الملاك فوق ذلك حرية التصرف في أملاكهم، وهو حق كان وفقا للقوانين الرومانية القديمة مقيدا أيام القوط.
وأما مازاد عن الخمس في الأراضي التي استولى عليها الفاتحون، فقد وزع بين الرؤساء والجند، وبين القبائل التي يتألف منها الجيش.
" وقد روعي في توزيع الأراضي أن تخصص الولايات الشمالية، وهى جليقية وليون والأسترياس للبربر، وأن تخصص الولايات الجنوبية، أعنى الأندلس للقبائل العربية.
وكان يفرض على العمال الملازمين siervos من القوط، الذين يشتغلون بزرع الأرض، أن يدفعوا للسيد أو القبيلة المالكة ثلثي أو ثلاثة أخماس المحصول.
وكان من أثر ذلك أن تحسنت أحوال المزارعين، كما أنه أدى في نفس الوقت إلى تقسيم الملكية وتمزيق الملكيات الكبيرة.
كذلك تحسنت حال العبيد، لأن المسلمين كانوا يعاملونهم بأفضل مما كان الإسبان الرومان والقوط، ولأنه كان يكفى أن يدخل العبد في الإسلام ليغدو حرا " (2).
وأنشأ السمح قنطرة قرطبة الشهيرة، على نهر الوادي الكبير، تحقيقا لرغبة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وأبدى في جميع أعماله حزما ورفقا وعدلا، فالتف الزعماء حوله، وخبت الفتنة وهدأت الخواطر، واستقر النظام والأمن.
وكان السمح فوق كفايته الإدارية جندياً جريئاً وقائداً عظيماً.
فلما انتهى من مهمة التنظيم والإصلاح، تأهب لاستئناف الغزو، وتوطيد سلطان الخلافة في الولايات الجبلية، والقواعد الشمالية، التي لم يستطع أن يتمم إخضاعها الحر الثقفي.
فزحف على لانجدوك (سبتمانيا) في أواخر سنة 719 م في جيش ضخم، وفى جماعة كبيرة من وجوه الزعماء والقادة، واخترق جبال البرنيه من الشرق من ناحية روسيون، واستعاد أربونة وقرقشونة ومعظم قواعد سبتمانيا وحصونها، وعاث في تلك الأنحاء، وشتت كل قوة تصدت لمقاومته. ووقعت هذه الغزوة الشاملة في سنة 720 م (101 هـ).
ويقول إيزيدور الباجى إن العرب اجتاحوا يومئذ غاليس القوطية كلها وجميع قواعد سبتمانيا (3).
ثم اتجه السمح بعد ذلك نحو الشرق ليغزو مملكة الفرنج الجنوبية أو أكوتين، وزحف توا على قاعدتها تولوشة (تولوز) (4)، وبدأ بذلك النضال بين العرب والفرنج في بسائط غاليس قوياً رائعاً.
وهكذا كانت مملكة الفرنج حينما عبر المسلمون إلى غاليا أو غاليس (فرنسا) لثالث مرة بقيادة السمح بن مالك، وغزوا ولاية سبتمانيا القوطية، واستولوا على قواعدها، وزحفوا على مدينة تولوشة (تولوز) عاصمة أكوتين.
وكان أودو دوق أكوتين أحد أعضاء الأسرة الميروفنجية، أقوى أمراء الفرنج في غاليا وأشدهم بأساً.
وكان أثناء الاضطراب الذى ساد مملكة الفرنج، قد استقل بأكوتين وبسط حكمه على جميع غاليس الجنوبية، من اللوار إلى البرنيه، والتف حوله القوط والبشكنس (النافاريون)، وأخذ يطمح إلى انتزاع ملك الفرنج أو ملك أسرته، ويعد العدة لقتال كارل مارتل المتغلب عليه.
ولكنه اضطر أن يشتغل عن مشروعه برد خطر العرب الداهم.
استولى السّمح على سبتمانيا وأقام بها حكومة إسلامية، ووزع الأراضي بين العرب والسكان، وفرض الجزية على النصارى، وترك لهم حرية الاحتكام إلى شرائعهم، ثم زحف نحو الغرب ليغزو أكوتين ، فقاومه البشكنس والغسقونيون سكان هذه الأنحاء أشد مقاومة, ولكنه مزق جموعهم وقصد إلى تولوشة.
وكان الدوق أودو قد جمع في تلك الأثناء جيشاً ضخماً وسار لرد العرب، وعلم السمح بذلك فارتد عن مهاجمة تولوشة ليلقى جيش الدوق رغم تفوقه على جيشه في العدد.
والتقى الفريقان بظاهر تولوشة، ونشبت بينهما معركة هائلة سالت فيها الدماء غزيرة، وكثر القتل في الجيشين، وأبدى المسلمون رغم قلتهم شجاعة خارقة، وتراوح النصر حيناً بين الفريقين.
ولكن السمح سقط قتيلا من فوق جواده، فاختل نظام الفرسان المسلمين، ووقع الإضطراب في الجيش كله، وارتد المسلمون إلى سبتمانيا بعد أن فقدوا زهرة جندهم، وسقط منهم عدة من الزعماء الأكابر، وذلك في التاسع من ذي الحجة سنة اثنتين ومائة (9 يونيه سنة 721 م).
_______
(1) أورد هذه الرواية صاحب البيان المغرب (ج 2 ص 25)، ونقلها المقرى عن ابن حيان
مؤرخ الأندلس (ج 2 ص 56)، وأشار إليها ابن الأثير أيضاً (ج 5 ص 182).
(2) R. Altamira Historia de Espana.V.I.P217 – 218
(3) P781.I. V. Dom Vissette: ibid.
(4) ويسميها ابن عذارى طرسونة (البيان المغرب ج 2 ص 25) وهو تحريف ظاهر لأن طرسونة كانت من أعمال تطيلة في شمال شرق الأندلس (راجع معجم ياقوت)........ .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|