أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
24275
التاريخ: 22-3-2016
2446
التاريخ: 2024-09-27
264
التاريخ: 16-11-2014
1862
|
قال تعالى : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [العنكبوت : 46].
المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى . والجدال بالحسنى أن يكون بالحجة والدليل في أسلوب مبشّر غير منفر ، وواضح لا تعقيد فيه ولا تكلف مع إنصاف المناظر في الاستماع إلى ما يريد ، والاعتراف له بما هو محق فيه ، سواء أكان من أهل الكتاب ، أم من غيرهم ، وأوضح مثال على ذلك قوله تعالى للمشركين الذين قالوا {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى} [الزخرف : 23 ، 24]. فهذا الرفق والتلطف في قوله : ( أَولَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى) يدعم الحجة ويشفع لها عند من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . . وانما خص سبحانه أهل الكتاب بالذكر لأن المفروض فيهم أن يتقبلوا الحق أكثر من المشركين لإيمانهم باللَّه وملائكته ، وكتبه وأنبيائه « إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ » وهم الذين عاندوا الحق ، وأصروا على الضلال لا يرتدعون بحال ، فعليكم أن تدعوا هذا النوع من أهل الكتاب ، ولا تجادلوهم في الدين على الإطلاق .
ومن تتبع آي الذكر الحكيم التي جادلت المنكرين والمبطلين يرى ان المنهج الجدلي في القرآن يقوم على حرية العقل وإطلاقه في جميع الآفاق والميادين . . وتتجلى هذه الحرية حين يقدم القرآن الدليل القاطع على صحة دعوته ووجوب الايمان بها : {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت : 53].
وأيضا تظهر هذه الحرية حين يطالب القرآن المنكرين ان يبرروا موقفهم بالدليل :
{قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ }- 111 البقرة . {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - 4 الأحقاف . ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وأَحْسَنَ تَفْسِيرا} - 33 الفرقان .
هذا هو الجدل القرآني في حقيقته وواقعه : إقامة الحجة على الدعوى بما تستدعيه طبيعتها في نظر العقل ، وطلب الحجة ممن جحد وعاند ، ورده بحجة أبلغ وأقوى ان كان لديه إثارة من شبهه أو دليل ، وقد ظهر هذا المنهج القرآني في أساليب شتى :
« منها » : الاكتفاء ببيان حقيقة الشيء وتحليل معناه ، وقد استعمل القرآن هذا الأسلوب للرد على عبدة الأصنام ونفي الربوبية عنها ، حيث أوضح انها عاجزة عن أتفه الأشياء : { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً ولَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ - 73 الحج } . كيف يعبد الإنسان من قعد به الضعف والعجز حتى عن الذباب ! وأيضا استعمل القرآن هذا الأسلوب في الرد على من ألَّه السيد المسيح (عليه السلام) : { مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }- 75 المائدة . ومن يأكل الطعام فهو مفتقر إليه ، والإله يفتقر إليه كل شيء ، ولا يفتقر هو إلى شيء . انظر ج 3 ص 105 .
و « منها » : الاستدلال بوجود حادث على وجود علته بحيث يستلزم العلم بوجوده العلم بوجودها ، وقد استعمل القرآن هذا الأسلوب للدلالة على وجود اللَّه في العديد من الآيات ، منها - على سبيل المثال – {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وزَيَّنَّاها }[ ق-5 ] . ومحال أن يكون هذا البناء المحكم وتزيينه بالكواكب من باب الصدفة ، فتعين وجود القدير الحكيم . وأيضا استعمل القرآن هذا الأسلوب للدلالة على الوحدانية : {وْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء : 22] لأن تعدد الآلهة يستدعي فساد الكون ، وحيث لا فساد فلا تعدد .
وبتعبير أهل المنطق أن نفي اللازم وهو فساد الكون يدل على نفي الملزوم وهو تعدد الآلهة .
و « منها » الاستدلال بالأولية ، وقد استعمل سبحانه هذا الأسلوب للدلالة على إمكان المعاد لأن العلم بوقوعه تابع للعلم بامكانه : ( وهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) - 27 الروم. أي ان من قدر على إيجاد الشيء من لا شيء فبالأولى أن يقدر على جمع أجزائه بعد تفرقها .
وهذه الأمثلة برهان قاطع على ان الجدل القرآني يقوم على أساس العقل وحريته ، وان الهدف منه اظهار الحق للايمان والعمل به ، أو لإفحام من جحد وعاند بأسلوب يقنع من طلب الحق لوجه الحق .
{وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت : 46] . الخطاب للمسلمين ، والمعنى : كما يجب عليكم أيها المسلمون ان تجادلوا من ترجون هدايته من أهل الكتاب فعليكم أن تدعوا جدال المعاندين منهم بالحسنى أيضا أي لا تظهروا لهم العداء ، بل خالطوهم وقولوا لهم : ان معبودنا ومعبودكم
واحد ، ونحن مؤمنون به ، وبالتوراة التي أنزلت على موسى ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى ، تماما كما نؤمن بالقرآن الذي نزل على محمد . وبكلمة ، كونوا للإسلام زينا ، ولا تكونوا عليه شينا .
« وكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ » . الخطاب لرسول اللَّه (صلى الله عليه واله) ، والمراد بالكتاب القرآن ، والمعنى كما أنزلنا التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى من قبلك أنزلنا عليك القرآن « فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ » هذا إشارة إلى الذين أسلموا من اليهود والنصارى « ومِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ » إشارة إلى الذين أسلموا من مشركي العرب آنذاك .
« وما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ » . وتسأل : الجحود هو الكفر ، وعليه يكون المعنى لا يكفر إلا الكافرون ، تماما مثل لا يقعد إلا القاعدون ، والقرآن منزه عن هذا ؟
الجواب : المراد ان دلائل الصدق على القرآن قد بلغت من الوضوح مبلغا لا ينكره إلا من اتخذ الباطل دينا ، والكفر عقيدة لا يحيد عنها حتى ولو ظهر بطلانها ظهور الشمس في رائعة النهار ، كما هو شأن اليهود الذين قال بعضهم لبعض : ولا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ - 73 آل عمران .
« وما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ » .
اتفق المؤرخون على أن محمدا (صلى الله عليه واله)لم يختلف إلى معلم صغيرا ولا كبيرا ، ومع هذا جاء بالقرآن معجزة المعجزات في عقيدته وشريعته وجميع مبادئه وتعاليمه وفي إخباره عن الأنبياء السابقين وغير ذلك ، وهذا دليل كاف واف على أنه وحي من اللَّه ، لا من صنع البشر ، ولو كان النبي (صلى الله عليه واله)يحسن القراءة والكتابة ، أو اختلف إلى معلم لقال المفترون : القرآن من صنع محمد ، لا من وحي اللَّه . .
وقال من قال : أخذ محمد القرآن من راهب نصراني بالشام ، ولا نعرف مصدرا لهذا الزعم . . اللهم إلا قول القرآن : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهً ثالِثُ ثَلاثَةٍ )- 73 المائدة وقوله : ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهً إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )- 31 التوبة . انظر ج 2 ص 500 فقرة : القرآن والمبشرون بالتثليث .
( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ ) .
كلا ، ليس القرآن من صنع محمد (صلى الله عليه واله)بل هو وحي من اللَّه يؤمن به ويركن إليه الذين يطلبون العلم للإيمان بالحق وبه يعملون ، أما الذين يتخذون العلم متجرا وحانوتا فيكفرون به ، لأنه حرب على النفاق والاستغلال .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|