أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-3-2017
12977
التاريخ: 11-5-2017
7569
التاريخ: 2-3-2017
7913
التاريخ: 14-2-2017
3699
|
قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [البقرة: 58، 59]
أجمع المفسرون على أن المراد بالقرية هاهنا بيت المقدس و يؤيده قوله في موضع آخر ادخلوا الأرض المقدسة و قال ابن زيد أنها أريحا قرية قرب بيت المقدس و كان فيها بقايا من قوم عاد و هم العمالقة و رأسهم عوج بن عنق يقول اذكروا {إذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم} أي أين شئتم {رغدا} أي موسعا عليكم مستمتعين بما شئتم من طعام القرية بعد المن و السلوى و قد قيل أن هذه إباحة لهم منه لغنائمها و تملك أموالها إتماما للنعمة عليهم {وادخلوا الباب} يعني الباب الذي أمروا بدخوله و قيل هو باب حطة من بيت المقدس و هو الباب الثامن عن مجاهد و قيل باب القبة التي كان يصلي إليها موسى و بنو إسرائيل و قال قوم هو باب القرية التي أمروا بدخولها قال أبو علي الجبائي و الآية على قول من يزعم أنه باب القبة أدل منها على قول من يزعم أنه باب القرية لأنهم لم يدخلوا القرية في حياة موسى و آخر الآية يدل على أنهم كانوا يدخلون هذا الباب على غير ما أمروا به في أيام موسى لأنه قال {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} و العطف بالفاء التي هي للتعقيب من غير تراخ يدل على أن هذا التبديل منهم كان في إثر الأمر فدل ذلك على أنه كان في حياة موسى و قوله {سجدا} قيل معناه ركعا و هو شدة الانحناء عن ابن عباس و قال غيره أن معناه ادخلوا خاضعين متواضعين يدل عليه قول الأعشى :
يراوح من صلوات المليك *** طورا سجودا و طورا جؤارا
وقيل معناه ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فاسجدوا لله سبحانه شكرا عن وهب و قوله {حطة } قال الحسن و قتادة و أكثر أهل العلم معناه حط عنا ذنوبنا و هو أمر بالاستغفار و قال ابن عباس أمروا أن يقولوا هذا الأمر حق و قال عكرمة أمروا أن يقولوا لا إله إلا الله لأنها تحط الذنوب و كل واحد من هذه الأقوال مما يحط الذنوب فيصح أن يترجم عنه بحطة و روي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال نحن باب حطتكم و قوله {نغفر لكم خطاياكم} أي نصفح و نعف عن ذنوبكم {و سنزيد المحسنين} أي وسنزيدهم على ما يستحقونه من الثواب تفضلا كقوله تعالى {ليوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله} و قيل أن المراد به أن يزيدهم الإحسان على ما سلف من الإحسان بإنزال المن و السلوى و تظليل الغمام و غير ذلك .
ثم بين سبحانه أنهم قد عصوا فيما أمروا به فقال {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} أي فخالف الذين عصوا و الذين فعلوا ما لم يكن لهم أن يفعلوه و غيروا ما أمروا به فقالوا غير ذلك و اختلف في ذلك الغير فقيل أنهم قالوا بالسريانية هاطا سماقاتا و قال بعضهم حطا سماقاتا و معناه حنطة حمراء فيها شعيرة و كان قصدهم في ذلك الاستهزاء و مخالفة الأمر و قيل أنهم قالوا حنطة تجاهلا و استهزاء و كانوا قد أمروا أن يدخلوا الباب سجدا و طؤطىء لهم الباب ليدخلوه كذلك فدخلوه زاحفين على استاههم فخالفوا في الدخول أيضا و قوله {فأنزلنا على الذين ظلموا} أي فعلوا ما لم يكن لهم فعله من تديلهم ما أمر الله به بالقول و الفعل {رجزا} أي عذابا {من السماء} عن ابن عباس و قتادة و الحسن {بما كانوا يفسقون} أي بكونهم فاسقين أو بفسقهم كقوله {ذلك بما عصوا} أي بعصيانهم و قال ابن زيد أهلكوا بالطاعون فمات منهم في ساعة واحدة أربعة و عشرون ألفا من كبرائهم و شيوخهم و بقي الأبناء فانتقل عنهم العلم و العبادة كأنه يشير إلى أنهم عوقبوا بإخراج الأفاضل من بينهم .
_____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص229-231.
{وإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً} . قال صاحب مجمع البيان : « أجمع المفسرون على ان المراد بالقرية هنا بيت المقدس ، ويؤيده قوله تعالى في موضع آخر : ادخلوا الأرض المقدسة » .
{وادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً} أي ادخلوا ناكسي الرؤوس خاضعين خاشعين للَّه ، وفي البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي : « الباب هو أحد أبواب بيت المقدس ، ويدعى باب حطة . ( توفي هذا العالم الأندلسي سنة 754 ه ) .
{وقُولُوا حِطَّةٌ} . بعد أن أمرهم اللَّه سبحانه أن يدخلوا بخضوع وخشوع أيضا أمرهم أن يقرنوا الخشوع بقول التضرع والتذلل مثل نستغفر اللَّه ، ونسأله التوبة ، ليحصل التوافق والتلاؤم بين القول والفعل ، تماما كما تقول في ركوعك : « سبحان ربي العظيم » . وفي سجودك : « سبحان ربي الأعلى » .
وليس من الضروري أن يتلفظوا بلفظ ( حطة ) بالذات وعلى سبيل التعبد ، كما قال كثير من المفسرين ، ولا أن يكون المراد من حطة العمل الذي يحط الذنوب كما في تفسير المنار نقلا عن محمد عبده ، حيث قال : ان اللَّه لم يكلَّفهم بالتلفظ ، إذ لا شيء أيسر على الإنسان منه .
ويلاحظ بأن اللَّه قد كلف عباده بالكلام والتلفظ في الصلاة ، وأعمال الحج ، وفي الأمر بالمعروف ، ورد التحية ، وأداء الشهادة ، بل وبإخراج الحروف من مخارجها في بعض الموارد .
{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} . أي انهم أمروا أن يقولوا ما يستحقون به العفو والصفح والثواب ، ولكنهم خالفوا وقالوا ما يستوجبون عليه المؤاخذة والعقاب .
وقد استلفت انتباهي ان بعض المفسرين الكبار ، ومنهم الفيلسوفان : الرازي والملا صدرا ، قد تعرضوا هنا إلى مسألة الوقوف على لفظ الأدعية والأذكار المأثورة ، وانه هل يجب الجمود عليها حرفيا ، أو يجوز ابدال لفظ بلفظ مع المحافظة على المعنى ، ولم يتعرضوا ، وهم يفسرون قوله : {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} إلى من اتخذ الدين سلعة للكسب والربح ، مع العلم بأن هؤلاء أمناء على دين اللَّه ، وانهم قد خانوا الأمانة ، وحرّفوا الآيات والروايات ، تماما كما فعل الإسرائيليون .
{فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ} . تقدم ان المراد بالرجز العذاب . .
وقد سكت اللَّه سبحانه عن نوع العذاب وحقيقته ، ولم يبين لنا : هل هو الطاعون ، كما قال البعض ، أو الثلج كما ذهب آخرون . . وأيضا سكت عن عدد الذين هلكوا بهذا العذاب : هل هم سبعون ألفا ، أو أكثر ، أو أقل ؟ وعن أمد العذاب ومدته : هل هي ساعة أو يوم ؟ لذلك نسكت نحن عما سكت اللَّه عنه ، ولا نتكلف بيانه كما تكلفه غيرنا اعتمادا عن قول ضعيف ، أو رواية متروكة .
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص109-110.
عناد بني إسرائيل
هنا نصل إلى مقطع جديد من حياة بني إسرائيل، يرتبط بورودهم الأرض المقدسة. تقول الآية الاُولى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ} والقرية كل مكان يعيش فيه جمع من النّاس، ويشمل ذلك المدن الكبيرة والصغيرة، خلافاً لمعناها الرائج المعاصر. والمقصود بالقرية هنا بيت المقدس.
ثم تقول الآية: {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي حطّ عنا خطايانا، {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمحْسِنِينَ}.
كلمة «حطّة» في اللغة، تأتي بمعنى التناثر والمراد منها في هذه الآية الشريفة، الهنا نطلب منك أن تحطّ ذنوبنا واوزارنا.
أمرهم الله سبحانه أن يردّدوا من أعماق قلوبهم عبارة الاستغفار المذكورة، ويدخلوا الباب، ويبدو أنه من أبواب بيت المقدس(2)، وقد يكون هذا سبب تسمية أحد أبواب بيت المقدس «باب الحطة».
والآية تنتهي بعبارة {وَسَنَزِيدُ الْمحْسِنِينَ}.أي أن المحسنين سينالون المزيد من الأجر إضافة إلى غفران الخطايا.
والقرآن يحدثنا عن عناد مجموعة من بني إسرائيل حتى في ترتيل عبارة الاستغفار، فهؤلاء لم يرددوا العبارة بل بدلوها بعبارة اُخرى فيها معنى السخرية والاستهزاء، والقرآن يقول عن هؤلاء المعاندين: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} وكانت نتيجة هذا العناد ما يحدثنا عنه كتاب الله حيث يقول: {فَأنَزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.
و«الرجز» أصله الإِضطراب ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ ومنه قيل رجز البعير إذا اضطرب مشيه لضعفه.
ويقول «الطبرسي» في «مجمع البيان»: إنّ الرجز يعني العذاب عند أهل الحجاز، ويروي عن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله بشأن مرض الطاعون: «إِنَّهُ رِجْزٌ عُذّبَ بِهِ بَعضُ الاْمَمِ قَبْلَكُمْ»(3).
ومن هنا يتضح سبب تفسير «الرجز» في بعض الروايات أنه نوع من الطاعون فشا بسرعة بين بني إسرائيل وأهلك جمعاً منهم.
قد يقال إن الطاعون لا ينزل من السماء، لكن هذا التعبير قد يشير إلى حقيقة انتشار هذا المرض عن طريق الهواء الملوّث بميكروب الطاعون الذي هبّ بأمر الله آنذاك في بيئة بني إسرائيل.
يلفت النظر أن من عوارض الطاعون اضطراباً في المشي والكلام، وهذا
يتناسب مع أصل معنى «الرجز» تماماً.
ومن الملفت للنظر أيضاً أن القرآن يؤكد أن هذا العذاب نزل {عَلَى الَّذِينَ ظَلموا} فقط، ولم يشمل جميع بني إسرائيل.
ثم تذكر الآية تأكيداً آخر على سبب نزول العذاب على هذه المجموعة من بني إسرائيل بعبارة: {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.
والآية الكريمة بعد ذلك تبين بشكل غير مباشر سنة من سنن الله تعالى، هي أن الذنب حينما يتعمق في المجتمع ويصبح عادة اجتماعية، عند ذاك يقترب احتمال نزول العذاب الإِلهي.
____________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص197-199.
2 ـ على رواية أبي حيان الأندلسي، نقلا عن تفسير «الكاشف».
3 ـ راجع حول معنى «الجز» الجزء الخامس من هذا التّفسير.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|