أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
1905
التاريخ: 15-11-2016
2175
التاريخ: 26-11-2019
1168
التاريخ: 24-7-2020
3966
|
[اسلام ابي بكر]
ما عساني أن أقول وابو جعفر الاسكافي المعتزلي البعيد عن عالم التشيّع يقول: أمّا ما احتجَّ به الجاحظ بإمامة ابي بكر بكونه أوَّل الناس، فلو كان هذا إحتجاجاً صحيحاً لاحتجَّ به ابو بكر يوم السقيفة، وما رأيناه صنع ذلك، لانَّه أخذ بيد عمر ويد ابي عبيدة بن الجرّاح وقال للناس: قد رضيت لكم أحد هذين الرَّجلين فبايعوا منهما مَن شئتم.
ولو كان هذا احتجاجاً صحيحاً لما قال عمر: كانت بيعة ابي بكر فلتةً وقى الله شرَّها.
ولو كان احتجاجاً صحيحاً لادَّعى واحدٌ من النّاس لابي بكر الامامة في عصره أو بعد عصره بكونه سبق إلى الاسلام، وما عرفنا أحداً ادّعى له ذلك.
على أنّ جمهور المحدِّثين لم يذكروا أنَّ ابا بكر أسلم إلاّ بعد عدَّة من الرجال منهم: علي بن ابي طالب[عليه السلام]، وجعفر أخوه، وزيد بن الحارثة، وابو ذرّ الغفاري، وعمرو بن عنبسة السلمي، وخالد بن سعيد بن العاص، وخباب بن الارت.
وإذا تأمَّلنا الرِّوايات الصحيحة والاسانيد القويَّة الوثيقة وجدناها كلّها ناطقةً بأنَّ عليّاً (عليه السلام) أوَّل من أسلم(1) .
فأمّا الرِّواية عن ابن عبّاس: أنّ ابا بكر أوَّلهم إسلاماً، فقد روي عن ابن عبّاس خلاف ذلك بأكثر ممّا رووا وأشهر، فمن ذلك ما روى يحيى بن حمّاد (ثمَّ ذكر أحاديث صحيحة ممّا مرَّ عن ابن عبّاس) فقال: فهذا قول ابن عباس في سبق علي (عليه السلام) إلى الاسلام، وهو أثبت من حديث الشعبي وأشهر، على أنَّه قد روي عن الشعبي خلاف ذلك من حديث ابي بكر الهذلي(2).
ثمَّ ذكر حديثه وأحاديث اُخرى ممّا ذكر نقلاً عن الكتب الصحاح والاسانيد الموثوق بها(3) ، هذا.(ومن أظلم ممَّن افترى على الله كذباً أو كذَّب بالحقِّ لمّا جاءه).
لفت نظر:
لعل الباحث يرى خلافاً بين كلمات أمير المؤمنين المذكورة ص221-224 في سني عبادته وصلاته مع رسول الله بين ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع سنين(4) فنقول:
أمّا ثلاث سنين: فلعلَّ المراد منه ما بين أوَّل البعثة إلى إظهار الدَّعوة من المدَّة، وهي ثلاث سنين(5) فقد أقام (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكَّة ثلاث سنين من أوَّل نبوَّته مستخفياً ثمَّ أعلن في الرابعة.
وأمّا خمس سنين: فلعلَّ المراد منها سنتا(6) فترة الوحي من يوم نزول: (إقرأ بسم ربِّك الذي خلق) إلى نزول: (يا أيّها المدَّثِّر) وثلاث سنين من أوَّل بعثته بعد الفترة إلى نزول قوله: (فاصدع بما تُؤمر وأعرض عَن المشركين) وقوله: (وأنذرْ عَشيرتك الاقربين) سني الدعوة الخفيَّة التي لم يكن فيها معه (صلى الله عليه وآله وسلم)إلاّ خديجة وعليّ، وأحسب انَّ هذا مراد من قال: انَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان مُستخفياً أمره خمس سنين.
كما في الامتاع: 44.
وأمّا سبع سنين: فإنَّها مضافاً الى كثرة طرقها وصحَّة أسانيدها، معتضدةٌ بالنبويَّة المذكورة ص220 وبحديث ابي رافع المذكور ص227. وهي سني الدَّعوة النبويَّة من أوّل بعثته (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى فرض الصَّلاة المكتوبة.
وذلك أنَّ الصَّلاة فُرضت بلا خلاف ليلة الاسراء، وكان الاسراء كما قال محمَّد بن شهاب الزهري قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد أقام (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة عشر سنين، فكان أمير المؤمنين خلال هذه المدَّة السنين السبع يعبد الله ويُصلّي معه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانا يخرجان ردحاً من الزَّمن إلى الشعب وإلى حراء للعبادة، ومكثا على هذا ما شاء الله أن يمكثا (7) حتّى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] ، وقوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ، وذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف.
فتظاهر (عليه السلام) بإجابة الدَّعوة في منتدى الهاشميِّين المعقود لها ولم يلبِّها غيره، ومن يوم ذلك اتَّخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخاً ووصيّاً وخليفةً ووزيراً(8) ثمَّ لم يُلبّ الدعوة إلى مدّة إلاّ احادهم بالنسبة إلى عامَّة قريش والناس المرتطمين في تمرُّدهم في حيِّز العدم.
على أنَّ ايمان من آمن وقتئذ لم يكن معرفةً تامَّةً بحدود العبادات حتّى تدرَّجوا في المعرفة والتهذيب، وإنَّما كان خضوعاً للإسلام، وتلفّظاً بالشَّهادتين، ورفضاً لعبادة الاوثان، لكن أمير المؤمنين خلال هذه المدَّة كان مقتصّاً أثر الرَّسول من أوَّل يومه فيشاهده كيف يتعبَّد، ويتعلّم منه حدود الفرائض ويقيمها على ما هي عليه، فمن الحقِّ الصحيح إذن توحيده في باب العبادة الكاملة، والقول بأنَّه عبد الله وصلّى قبل الناس بسبع سنين.
ويحتمل أن يراد السنين السبع الواردة في حديث ابن عبَّاس قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام بمكّة خمس عشرة سنة سبع سنين يرى الضوء والنور ويسمع الصوت، وثماني سنين يوحى إليه(9) وأمير المؤمنين كان معه من أوَّل يومه يرى ما يراه (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسمع ما يسمع إلاّ أنَّه ليس بنبّي(10) .
فإن تعجب فعجب قول الذهبي في تلخيص المستدرك 3/112. إنَّ النبيَّ من أوَّل ما اوحي إليه آمن به خديجة، وابو بكر، وبلال وزيد مع عليّ قبله بساعات أو بعده بساعات، وعبدوا الله مع نبيِّه. فأين السبع سنين؟!.
(قال الاميني): هذه السنين السبع، ولكن أين تلك الساعات المزعومة عند الذهبي؟
ومَن ذا الذي يقولها؟
ومتى خُلق قائلها؟
وأين هو؟
وأيُّ مصدر ينصُّ عليها؟
وأيُّ راو رواها؟
بل نتنازل معه ونرضى بقصيِّص يقصّها، غير ما في علبة مفكّرة الذهبي، أو عيبة أوهامه، ومتى كان ابو بكر من تلك الطبقة؟ وقد مرَّ في صحيحة الطبري ص240 : أنَّه أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً. فكأنَّ الرَّجل قرويٌّ من البعداء عن تاريخ الاسلام، أو أنِّه عارفُ به غير أنَّه يروقه الافك والزور.
وأمّا تسع سنين: فيمكن أن يُراد منها سنتا الفترة والسنين السبع من البعثة إلى فرض الصَّلوات المكتوبة.
والمبنيُّ في هذه كلّها على التقريب لا على الدقَّة والتحقيق كما هو المطّرد في المحاورات، فالكلُّ صحيحٌ لا خلاف بينها ولا تعارض هناك.
_____________
(1) النقض على العثمانية لابي جعفر الاسكافي المعتزلي كما في شرح النهج لابن ابي الحديد 13/224.
(2) المصدر السابق.
(3) مرت بقية الكلام 2/287، وللإسكافي في المقام كلمات اضافية نحيل الحيطة بها في رسالته في الرد على الجاحظ. «المؤلف (رحمه الله)»
انظر المصدر السابق: 231.
(4) تقدمت مصادر الحديث تحت الرقم 11-19، وراجع أيضاً الرياض النضرة 3/111، مستدرك الحاكم 3/112، وشرح نهج البلاغة 13/234، الاستيعاب 3/30، السيرة الحلبية 1/268، خصائص النسائي: 25.
(5) تاريخ الطبري 2/216،218، سيرة ابن هشام 1/274، طبقات ابن سعد: 200، الامتاع 15، 21. «المؤلف (رحمه الله)»
(6) عدها المقريزي احد الاقوال في ايام فترة الوحي في الامتاع: 14. «المؤلف (رحمه الله)»
(7) تاريخ الطبري 2/213، سيرة ابن هشام 1/265، راجع ص 235 من هذا الجزء. «المؤلف (رحمه الله)» سيرة ابن سيد الناس 1/93، الكامل لابن الاثير 4/22، شرح ابن ابي الحديد 3/260، السيرة الحلبية 1/287. «المؤلف (رحمه الله)»
(8) راجع الجزء الثاني من كتابنا 278-284 «المؤلف (رحمه الله)»
تقدمت مصادر الحديث ص49.
(9) طبقات ابن سعد: 209 طـ مصر. «المؤلف (رحمه الله)»
(10) تقدّم ذلك في خطبة الامام علي، رواها الشريف الرضي في نهج البلاغة: 301، تقدمت: ص53 هامش (1).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|