أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1867
التاريخ: 14-11-2014
1827
التاريخ: 14-11-2014
1721
التاريخ: 14-11-2014
1820
|
عـبـد اللّه بن عباس ، فهو حبر الامة وترجمان القرآن ، واعلم الناس بالتفسير ـ تنزيله وتأويله ـتلميذ الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ، الموفق وتربيته الخاصة ، وقد بلغ من العلم مبلغا قال في حـقـه الامـام امـيـرالـمـؤمـنـين : (كأنما ينظر الى الغيب من ستر رقيق ) ولا غرو فانه دعا الـرسـول (صلى الله عليه واله)بشأنه : (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ، او قوله : ( اللهم علمه الكتاب والحكمة ) ، او : (اللهم بارك فيه وانشر منه ) (1) . قال (صلى الله عليه واله) : (و لكل شيء فارس ، وفارس القرآن ابن عباس ) (2) .
ولـد فـي الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين ، فحنكه النبي (صلى الله عليه واله)و بارك له فتربى في حجره ، وبعد وفاته (صلى الله عليه واله)كان قد لازم بيت النبوة ورباه الامام امير المؤمنين (عليه السلام) فاحسن تربيته ، ومن ثم كان من الـمتفانين في ولاء الامام (عليه السلام ) و قد صح قوله : (ما اخذت من تفسير القرآن فمن على بن ابي طالب ) هذا في اصول التفسير واسسه .
وكـان يـراجـع سائر الاصحاب ممن يحتمل عنده شيء من احاديث الرسول وسننه ، مجدا في طلب الـعـلم مهما كلف الامر فكان يأتي ابواب الانصار ممن عنده علم من الرسول ، فاذا وجد احدهم نائما كـان ينتظره حتى يستيقظ ، وربما تسفي على وجهه الريح ، ولا يكلف من يوقظه حتى يستيقظ هو على دابه ، فيساله عما يريد وينصرف ، وبذلك كان يستعيض عما فاته من العلم ايام حياة النبي (صلى الله عليه واله) لصغره ، باستطراق ابواب العلماء من صحابته الكبار.
قـيل لطاووس : لزمت هذا الغلام ـ يعني ابن عباس لكونه اصغر الصحابة يومذاك ـ وتركت الاكابر من اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ؟ قال : اني رأيت سبعين رجلا من اصحاب رسول اللّه ، اذا تدارؤوا في امر ، صاروا الى قول ابن عباس .
وعـن عـبـيـد اللّه بن على بن ابي رافع ، قال : كان ابن عباس يأتي جدي ابا رافع ، فيساله عما صنع النبي (صلى الله عليه واله) يوم كذا ، ومعه من يكتب له ما يقول .
قـال مـسروق بن الاجدع : كنت اذا رأيت ابن عباس قلت : اجمل الناس ، فاذا نطق قلت : افصح الناس ، فاذا تحدث قلت : اعلم الناس .
وقال ابو بكرة : قدم علينا ابن عباس البصرة ، وما في العرب مثله حشما ، وعلما ، وثيابا ، وجمالا ، وكمالا.
وقـد لـقب حبر الامة ، والبحر ، لكثرة علمه وترجمان القرآن ، ورباني هذه الامة ، لاضطلاعه بمعاني القرآن ووجوه السنة والاحكام .
ولـه مـواقـف مشهودة مع امير المؤمنين (عليه السلام) في جميع حروبه : صفين ، والجمل ، والنهروان مات بالطائف سنة (68) وقد ناهز السبعين ، وصلى عليه محمد ابن الحنفية (3) .
روى ابو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي باسناده الى عبد اللّه بن عبد ياليل ـ رجل من اهـل الـطـائف ـقال : اتينا ابن عباس (ره ) نعوده في مرضه الذي مات فيه ، فاغمي عليه فاخرج الى صحن الدار ، فأفاق ، وقال كلمته الاخيرة : ان رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) انـبـانـي انـي سأهجر هجرتين : فهجرة مع رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ، وهجرة مع عـلـي (عليه السلام) وامـرنـي ان ابرا من خمسة : من الناكثين : وهم اصحاب الجمل ، ومن القاسطين : وهم اصـحـاب الشام ، ومن الخوارج : وهم اهل النهروان ، ومن القدرية ، ومن المرجئة ثم قال : (اللهم انـي احـيـا عـلـى مـا حيي عليه على بن ابي طالب ، واموت على ما مات عليه على بن ابي طالب ، ثم مات (ره )) (4) .
وهذا الذي رواه الكشي عن رجل من اهل الطائف (عبد اللّه بن عبد ياليل ) ، رواه ابو القاسم على بن مـحـمد الخزاز الرازي ـ من وجوه العلماء في القرن الرابع ـ في كتابه (كفاية الاثر) ـ بصورة اوسـع ـ ، بـاسناده الى عطا ، قال : دخلنا على عبد اللّه ابن عباس وهو عليل بالطائف ، في العلة التي تـوفـي فيها ـ ونحن زها ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف ـ وقد ضعف ، فسلمنا عليه وجلسنا ، فقال لـي : يـا عـطـا ، مـن الـقوم ؟ قلت : يا سيدي ، هم شيوخ هذا البلد الـطـائفي ، وعمارة بن ابي الاجلح ، وثابت بن مالك فما زلت اعد له واحدا بعد واحد ثم تقدموا اليه ، فقالوا : يا ابن عم رسول اللّه ، انك رأيت رسول اللّه وسمعت منه ما سمعت ، فاخبرنا عن اختلاف هذه الامة ، فقوم قدموا عليا على غيره ، وقوم جعلوه بعد الثلاثة ؟. قـال عـطا : فتنفس ابن عباس الصعداء ، فقال : سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)يقول : (على مع الحق والحق مـعه ، وهو الامام والخليفة من بعدي ، فمن تمسك به فاز ونجا ، ومن تخلف عنه ضل وغوى ) ، واخـيـرا قال : وتمسكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيكم ، فاني سمعته يقول : (من تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ).
قال عطا : ثم بعد ما تفرق القوم ، قال لي : يا عطا ، خذ بيدي واحملني الى صحن الدار ، فأخذنا بيده ، انا وسـعيد ، وحملناه الى صحن الدار ، ثم رفع يديه الى السماء ، وقال : (اللهم ، اني اتقرب اليك بمحمد وآل محمد ، اللهم اني اتقرب اليك بولاية الشيخ ، على بن ابي طالب (عليه السلام)فما زال يكررها حتى وقع الى الارض فصبرنا عليه ساعة ثم اقمناه فاذا هو ميت ، رحمة اللّه عليه (5) .
وله في فضائل اهل البيت ولا سيما الامام امير المؤمنين (عليه السلام)اقوال وآثار باقية ، الى جنب مواقفه الحاسمة . ويكفيك انه من رواة حديث الغدير الناص على ولاية على بالأمر ، ومفسرا له بالخلافة والوصاية بعد الرسول (صلى الله عليه واله) ، مصرا على ذلك .
اخـرج الـحـافـظ الـسـجـسـتـانـي بـاسـنـاده الـى ابـن عباس ، قال : (وجبت واللّه في اعناق القوم ) (6) .
واما مواقفه بشان الدفاع عن حريم اهل البيت فكثير (7) .
واخـيـرا فانه هو القائل : (ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و بين ان يكتب لهم ذلك الكتاب حتى بل دمعه الحصى ، الى غير ذلك مما لا يحصى (8) . الامـر الـذي يـنـبـؤك عن مدى صلته بهذا البيت الرفيع ، ومبلغ ولائه وعرفانه بشان آل الرسول صلوات اللّه عليهم اجمعين (9) .
ومـن ثم كان الائمة من ذرية الرسول (عليه السلام) يحبونه حبا جما ويعظمون من قدره ويشيدون بذكره روى الـمفيد في كتاب الاختصاص باسناده الى الامام ابي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) ، قال : كان ابي (الامام ابـو جـعـفر الباقر (عليه السلام) يحبه (اي ابن عباس ) حبا شديدا .
وكان ابي ، وهو غلام ، تلبسه امه ثيابه ، فينطلق في غلمان بني عبد المطلب ، فاتاه (اي ابن عباس ) بعد ما اصيب بصره ، فقال : من انت ؟ قال : انا مـحـمد بن على بن الحسين بن علي فقال : حسبك ، من لم يعرفك فلا عرفك (10) ، اي يكفي اني اعرفك من انت .
كـانت ولادة الامام ابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ، سنة (60) على قول راجح (11) ، قبل واقـعـة الطف (61) بسنة وقد كف بصر ابن عباس بعد واقعة الطف ، لكثرة بكائه على مصائب اهل الـبـيت (عليه السلام)(12) وفي رواية : انه كف بصره قبل وفاته بسنة (13) ، وكانت وفاته عام (68) وعليه ـ ان صحت الرواية ـ فقد كانت سن الامام ابي جعفر حينذاك بين السادسة والسابعة .
قال العلامة ـ في الخلاصة ـ : عبد اللّه بن العباس من اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ، كان محبا لعلي (عليه السلام) و تـلـمـيـذه ـ حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين اشهر من ان يخفى وقد ذكر الكشي احاديث تتضمن قدحا فيه ، وهو اجل من ذلك .
وقد حمل السيد ابن طاووس ـ في التحرير الطاووسي ـ ما ورد في جرحه بعد تضعيف الاسناد ـ عـلـى الـحسد ، قد صدر من الحاسدين الحاقدين عليه ، قال : ومثل حبر الامة ـ رضوان اللّه عليه ـ موضع ان يحسده الناس وينافسوه ، ويقولوا فيه ويباهتوه .
حسدوا الفتى اذ لم ينالوا فضله ـــــ الناس اعدا له وخصوم .
كضرائر الحسنا قلن لوجهها ـــــ حسدا وبغيا : انه لدميم .
وقد بحث الائمة النقاد عن روايات القدح ، ولا سيما ما قيل بشأنه من الهروب ببيت مال البصرة ، وما ورد من التعنيف لفعله ذلك ، فاستخرجوا في نهاية المطاف من ذلك دلائل الوضع والاختلاق بشان هـذا الـعـبد الصالح الموالي لآل بيت الرسول نعم كان الرجل ممقوتا عند رجال السلطة الحاكمة ، لا سـيـما وكان يجابههم بما يخشون صراحته وصرامته ، ومن ثم كان طاغية العرب معاوية الهاوية ، يـلـعـنه ضمن النفر الخمسة الذين كان يلعنهم في قنوته (14) ، وكان ذلك من شدة قنوطه من رحـمة اللّه التي وسعت كل شيء ، انه من قوم غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الاخرة كما يئس الكفار من اصحاب القبور (15) .
ولـلـمـولـى محمد تقي التستري ـ ادام اللّه فضله والبسه ثوب العافية ـ تحقيق لطيف بشان براة الـرجـل مـن الصاق هكذا تهم مفضوحة ، وانه لم يزل في خدمة المولى امير المؤمنين (عليه السلام)لم يبرح الـبـصـرة حـتى قتل الامام (عليه السلام)و كان من المحرضين لبيعة الامام الحسن المجتبى (عليه السلام)و بعد ان تم الصلح اضطر الى المغادرة الى بيت للّه الحرام حتى توفاه اللّه ، عليه رضوان اللّه (16) .
ولـسـيدنا الاستاذ العلامة الفاني ـ رحمة اللّه عليه ـ رسالة وجيزة في براة الرجل ، استوفى فيها الكلام بشأنه ، جزاه اللّه خيرا عن الحق واهله (17) .
______________________________________
1- الاصابة ، ج2 ، ص 330 ـ 334 واسد الغابة ، ج3 ، ص 192 ـ 195.
2- بحار الانوار ، ج22 ، (ط بيروت ) ، ص 343.
3- الاصابة ، ج2 ، ص 330 ـ 334 ، رقم 4781 اسد الغابة ، ج3 ، ص 192 ـ 195.
4- اختيار معرفة الرجال ، ج1 ، ص 277 ، رقم 106.
5- كفاية الاثر ، ص 290 ـ 291 ، والبحار ، ج36 ، ص 287 ـ 288 ، رقم 109.
6- راجع : الغدير للعلامة الاميني ، ج1 ، ص 49 ـ 52 رقم 76.
7- من ذلك ما نظمه الشاعر العبقري ابو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي ، في انشودة رثا بها الامام ابا عبد اللّه الحسين سيد الشهداء(عليه السلام) ، استنشده اياها الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، قال فيها :
وقد روى عكرمة في خبر ـــــ ما شك فيه احد ولا امترا.
مر ابن عباس على قوم وقد ـــــ سبوا عليا فاستراع وبكاء.
وقال مغتاظا لهم : ايكم ـــــ سب اله الخلق جل وعلا ؟
قالوا : معاذ اللّه قال : ايكم ـــــ سب رسول اللّه ظلما واجترا ؟
قالوا : معاذ اللّه قال : ايكم ـــــ سب عليا خير من وطئ الحصا ؟
قالوا : نعم ، قد كان ذا فقال : قد ـــــ سمعت واللّه النبي المجتبى.
يقول : من سب عليا سبني ـــــ وسبتي سب الاله ، واكتفى !
(الغدير ، ج2 ، ص 294 ـ 300).
8- شرح النهج لابن ابي الحديد ، ج2 ، ص 54 ـ 55.
9- راجع : بحار الانوار ، ج36 ، ص 243 و285 وج41 ، ص 16 ـ 18.
10- بحار الانوار ، ج42 ، ص 181 ، رقم39 .
11- رجحه ابن حجر في تهذيب التهذيب ، ج9 ، ص 351.
12- بحار الانوار ، ج89 ، ص 105 ، عن كتاب سعد السعود للسيد ابن طاووس ، ص 285.
13- سفينة البحار ، ج2 ، ص 151.
14- وهـم : عـلـي والـحـسـن والحسين وابن عباس والاشتر شرح النهج لابن ابي الحديد ، ج15 ، ص 98 وراجع : بحار الانوار ، ج42 (ط بيروت ) ص 176.
15- من الاية رقم 13 من سورة الممتحنة .
16- راجع : قاموس الرجال (ط الاولى ) ج6 ، ص 2 ـ 65.
17- طبعت في قم المقدسة ، سنة 1398 هـ ق .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|