المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

خلافة الراضي بالله
18-10-2017
الجزيئات اللاعضوية
2023-10-28
بيرجه ، الفونس
20-10-2015
Parentheticals
2023-03-29
غلة اللفت الزيتي
22-6-2022
معنى كلمة قدس‌
10-12-2015


تفسير الآيات (61-63) من سورة النساء  
  
2620   06:00 مساءً   التاريخ: 10-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2017 13039
التاريخ: 27-2-2017 8978
التاريخ: 10-2-2017 1423
التاريخ: 5-2-2017 3867


قال تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } [النساء : 61] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير مجمع البيان عن تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } : أي المنافقين { تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } في القرآن من الأحكام {وَإِلَى الرَّسُولِ } في حكمه { رَأَيْتَ } يا محمد { الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } :

أي يعرضون عنك : أي عن المصير إليك إلى غيرك ، إعراضا .

ثم عطف تعالى على ما تقدم بقوله { فَكَيْفَ } صنيع هؤلاء { إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ } : أي نالتهم من الله عقوبة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } : بما كسبت أيديهم من النفاق ، وإظهار السخط لحكم النبي { ثُمَّ جَاءُوكَ } يا محمد { يَحْلِفُونَ } : يقسمون { بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا } : أي ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلا التخفيف عنك ، فإنا نحتشمك برفع الصوت في مجلسك ، ونقتصر على من يتوسط لنا برضاء الخصمين ، دون الحكم المورث للضغائن . فقوله : { إِلَّا إِحْسَانًا } : أي إحسانا إلى الخصوم { وَتَوْفِيقًا } بينهم بالتماس التوسعة دون الحمل على مر الحكم . وأراد (بالتوفيق) : الجمع والتأليف . وقيل : { تَوْفِيقًا } : أي طلبا لما يوافق الحق . وقيل : إن المعني بالآية عبد الله بن أبي . والمصيبة : ما أصابه من الذل برجعتهم من غزوة بني المصطلق ، وهي غزوة المريسيع ، حين نزلت سورة المنافقين ، فاضطر إلى الخشوع والاعتذار . وسنذكر ذلك إن شاء الله في سورة المنافقين ، أو مصيبة الموت لما تضرع إلى رسول الله في الإقالة والاستغفار واستوهبه ثوبه ، ليتقي به النار ، يقولون : ما أردنا بالكلام بين الفريقين المتنازعين (2) بني المصطلق ، ذكره الحسين بن علي المغربي .

وفي الآية دلالة على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد من الذنوب ، ثم اختلف في ذلك ، فقال أبو علي الجبائي : لا يكون ذلك إلا عقوبة إلا في التائب .

وقال أبو هاشم : يكون ذلك لطفا . وقال القاضي عبد الجبار : قد يكون ذلك لطفا ، وقد يكون جزاء ، وهو موقوف على الدليل .

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الشرك ، والنفاق ، والخيانة ، { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } : أي لا تعاقبهم ، { وَعِظْهُمْ } بلسانك ، { وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } : أي قل لهم : إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قتلتم . فهذا هو القول البليغ ، لأنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ ، عن الحسن . وقيل معناه : فأعرض عن قبول الاعتذار منهم ، وعظهم مع ذلك ، وخوفهم بمكاره تنزل بهم في أنفسهم ، إن عادوا لمثل ما فعلوه ، عن أبي علي الجبائي . وفي قوله : { وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا } دلالة على فضل البلاغة ، وحث على اعتمادها بأوضح بيان ، لكونها أحد أقسام الحكمة ، لما فيها من بلوغ المعنى الذي يحتاج إلى التفسير باللفظ الوجيز ، مع حسن الترتيب .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 117-118 .

2. [في غزوة] .

 

                تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } . ألم تر الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بصيغة الاستفهام ، والمراد به التعجب من حال المنافقين الذين أبطنوا الكفر ، وأظهروا الإسلام والإيمان بالكتب السماوية ، ومحل التعجب انهم كذّبوا أنفسهم بأنفسهم ، حيث رفضوا التحاكم عند أهل الحق ، وانصرفوا عنهم إلى أهل الباطل ، مع ان الإسلام يأمرهم بالابتعاد عن الضالين والمبطلين ، ولكن الواقع تغلب على التزييف والتمويه ، وأبطل ما كان يدعون .

قال صاحب مجمع البيان : تخاصم يهودي ومنافق من المسلمين ، فقال اليهودي :

أحاكمك إلى محمد ، لأنه علم ان محمدا ( صلى الله عليه وآله ) لا يقبل الرشوة ، ولا يجوز في الحكم . فقال المنافق : بل بيني وبينك كعب الأشراف - يهودي - لأنه علم ان كعبا يأخذ الرشوة ، ويجور في الحكم .

ورغم علمنا بأن أكثر المفسرين لا يتثبتون في أسباب التنزيل ، وأنهم يتخذون من الحادثة سببا لنزولها ، رغم علمنا هذا فلا نرى مثالا يفسر المعنى المراد من الآية أوضح من هذه الحادثة التي ذكرها صاحب مجمع البيان . . رفض المنافق التحاكم إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنه يكفر به وبدينه ، أما اليهودي فإنه يؤمن باليهودية ، ومع ذلك أبى التحاكم عند يهودي مثله ، وطلب التحاكم إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وهو كافر به وبدينه ، والسر هو المنفعة . . ولا تختص هذه الظاهرة باليهود ، فكل من نال خيرا من دين ، أو مبدأ فلا ينبغي الوثوق به ولا بدينه إلا بعد الابتلاء ، فان كثيرا من الناس يقبضون الألوف ، ويعيشون سعداء ، لا لشيء إلا لثقة الناس بإيمانهم وصلاحهم . وربما كانوا ممن ينطبق عليهم قوله تعالى :

{ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهً عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا والآخِرَةَ} [الحج : 11] .

وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : الثناء بعد البلاء . وقال ولده الإمام الحسين ( عليه السلام ) : الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت عليه معايشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون . وكان الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) يقول في السراء : « الحمد للَّه المنعم المفضل ، ويقول في الضراء : الحمد للَّه على كل حال » .

يشير إلى انه مؤمن باللَّه راض بما قدّر ، حتى في هذه الحال ، تماما كالولد البار ، يبقى على إخلاصه لوالده ، حتى في حال تأديبه له .

قال الإمام علي ( عليه السلام ) : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على ان يبغضني ما أبغضني . وكان حفيده الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) يقول فيما يقول إذا أصابته شدة : يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك ؟ وأي الوقتين أولى بالحمد لك ؟ أوقت الصحة التي هنأتني فيها ؟ أو وقت العلة التي محصتني بها ؟ . . اللهم اجعل مخرجي من علتي إلى عفوك ، وسلامتي من هذه الشدة إلى فرجك .

{ ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً } . هذا دليل صريح على ان الشر من الشيطان ، لا من الرحمن . . وكل فكرة تدفع بك إلى الشر تسمى شيطانا ، قال تعالى : { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ والنَّاسِ } . وفي الحديث :

« إذا قال لك الشيطان : ما أكثر صلاتك ! . . فقل له : غفلتي أكثر . وإذا قال لك : ما أكثر حسناتك ! . . فقل : سيئاتي أكثر . وإذا قال : ما أكثر من ظلمك ! . . فقل : من ظلمته أكثر » . وبديهة ان النفس هي التي تصور لصاحبها انه عابد ومحسن ومظلوم ، ولا ينخدع بأباطيلها هذه إلا جاهل مغرور .

{ وإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً } . لأنهم لا يؤمنون باللَّه ولا برسوله ، ولا بشيء إلا بالعاجل من أين أتى .

{ فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } . وأعظم المصائب كلها على المنافقين أن ينكشف أمرهم ، ويفتضح سرهم أمام الملأ ، حيث يعرفون عند الناس بالخيانة والغدر والكذب والمكر والخداع والجبن والهوان .

{ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وتَوْفِيقاً } . يأتون الرسول خاضعين خانعين يتعللون بالمعاذير ، واللَّه يعلم ، ورسوله يعلم ، والناس يعلمون ان المنافقين لكاذبون ، وانهم يتخذون إيمانهم جنة ووقاية من الخزي والعقوبة .

{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } . أي تجاهل أمرهم ، فلا تقبل منهم عذرا ، لأنهم يستغلون قبولك هذا في أغراضهم ، ولا تعاقبهم ، لأنهم اعتذروا ولو ظاهرا { وعِظْهُمْ وقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً } . كأن يأمرهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بتقوى اللَّه بأسلوب يشعرون معه بأنهم مخطئون ، وان عليهم أن يحاولوا تطهير أنفسهم بالإنابة . . هذا هو مبدأ الإسلام في كل مجرم لا يعاجله بالعقوبة ، ولا يؤيسه من العفو ، بل يستنفد معه جميع الطرق إلى إصلاحه : { اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} [طه : 44] . وقال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الفقيه ، كل الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة اللَّه ، ولم يؤيسهم من روح اللَّه ، ولم يؤمنهم من مكر اللَّه ، ومصدر هذه الحكمة قوله تعالى : {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر : 53] .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 364-367 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا } إلى آخر الآية ، تعالوا بحسب الأصل أمر من التعالي وهو الارتفاع ، وصد عنه يصد صدودا أي أعرض ، وقوله : { إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ } ، بمنزلة أن يقال : إلى حكم الله ومن يحكم به ، وفي قوله : { يَصُدُّونَ عَنْكَ } ، إنما خص الرسول بالإعراض مع أن الذي دعوا إليه هو الكتاب والرسول معا لا الرسول وحده لأن الأسف إنما هو من فعل الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل الله فهم ليسوا بكافرين حتى يتجاهروا بالإعراض عن كتاب الله بل منافقون بالحقيقة يتظاهرون بالإيمان بما أنزل الله لكنهم يعرضون عن رسوله .

ومن هنا يظهر أن الفرق بين الله ورسوله بتسليم حكم الله والتوقف في حكم الرسول نفاق البتة.

______________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 343 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

نتائج حكم الطّاغوت :

في أعقاب النهي الشديد عن التحاكم إلى الطاغوت وحكام الجور الذي مرّ في الآية السابقة جاءت هذه الآيات الثلاث تدرس نتائج أمثال هذه الأحكام والأقضية ، وما يتمسك به المنافقون لتبرير تحاكمهم إلى الطّواغيت وحكام الجور والباطل.

ففي الآية الأولى يقول سبحانه : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} .

وفي الحقيقة يقول القرآن في هذه الآية : إنّ التحاكم إلى الطاغوت ليس خطأ عابرا يمكن أن يعالج ببعض التذكير ، بل إنّ الإصرار على هذا العمل يكشف عن ضعف إيمانهم وروح النفاق فيهم ، وإلّا لوجب أن ينتبهوا ويثوبوا إلى رشدهم على دعوة رسول الإسلام صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم لهم ويعترفوا بخطئهم : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} .

ثمّ في الآية الثّانية يبيّن هذه الحقيقة ، وهي أن هؤلاء المنافقين عند ما يتورطون في مصيبة كنتيجة لمواقفهم وأعمالهم ، ويواجهون طريقا مسدودة يعودون إليك عن اضطرار ويأس : {فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ ...}.

ويحلفون في هذه الحالة أنّ هدفهم من التحاكم إلى الآخرين لم يكن إلّا الإحسان والتوصل إلى الوفاق بين طرفي الدّعوي : {يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً} .

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى نقطتين :

الأولى : أن نرى ما هو المقصود من المصيبة التي تصيبهم ؟

لا يبعد أن تكون المصيبة هي ما ينشأ من مضاعفات ومآسي وويلات من حكم الطواغيت ، لأنّه لا شك في أن الحكم الصادر من الأشخاص غير الصالحين والظالمين وإن كان ينطوي على منفعة آنية لأحد جانبي الدعوى ، ولكن لا يمضي زمان إلّا ويوجب هذا الحكم ظهور الفساد وانتشار الظلم والجور ، وسيادة الهرج والمرج وتبعثر الكيان الاجتماعي ، ولهذا فإنّه سرعان ما تواجه هؤلاء المتحاكمين إلى الطواغيت تبعات ومفاسد عملهم هذا ، وسرعان ما يندمون على فعلهم هذا.

هذا ويحتمل بعض المفسّرين أنّ المراد من «المصيبة» هو الفضيحة التي تلحق بالمنافقين ، أو المصائب التي تصيبهم بأمر الله سبحانه (كالمآسي والمحن الغير المتوقعة).

النّقطة الثّانية : إنّ مقصود المنافقين من «الإحسان» هل هو الإحسان إلى طرفي الدعوى ، أو إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم ؟ يمكن أن يكون مرادهم كلا الأمرين ، فهم تذرعوا بحجج مضحكة لتحاكمهم إلى الطاغوت والرجوع إلى الأجانب ، من جملتها أنّهم كانوا يقولون : إنّ التحاكم إلى الرّسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه ، لأنّ الغالب أن يحصل شجار وصياح في محضر القضاة ومن جانب المتداعيين ، وذلك أمر لا يناسب شأن النّبي ولا يليق بمكانته ومحضره .

هذا مضافا إلى أنّ القضاء ينتهي دائما إلى الإضرار بأحد الطرفين ، ولذلك فهو يثير حفيظته وعداوته ضد القاضي والحاكم ، وكأنّهم بأمثال هذه الحجج الواهية والأعذار الموهونة، كانوا يحاولون تبرئة أنفسهم وتبرير مواقفهم الباطلة ، وادعاء أنّ تحاكمهم إلى غير النّبي كان بهدف التخفيف عن النّبي .

وربّما اعتذروا لذلك قائلين : إنّ هدفنا لم يكن ماديا في الأساس ، بل كان التوصل إلى وفاق بين المتداعيين .

ولكن كشف سبحانه في الآية الثّالثة النقاب عن وجههم ، وأبطل هذه التبريرات الكاذبة وقال : {أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ} .

ولكنّه سبحانه يأمر نبيّه مع ذلك أن ينصرف عن مجازاتهم وعقوبتهم فيقول : {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}.

ولقد كان رسول الله يداري المنافقين ما أمكنه لأجل تظاهرهم بالإسلام ، لأنّه كان مأمورا بالتعامل معهم على حسب ظواهرهم ، فلم يكن يجازيهم إلّا في بعض الموارد الاستثنائية ، لأنّهم كانوا بين صفوف المسلمين ـ في الظاهر ـ فكانت مجازاتهم يمكن أن تحمل على أنها نشأت من أغراض شخصية .

ثمّ إنّه سبحانه يأمر النّبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم أن يعظهم ، وأن ينفذ إلى قلوبهم بالقول البالغ ، والعظة المؤثرة ، يذكرهم بنتائج أعمالهم : {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 185-187 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .