أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017
7558
التاريخ: 24-2-2017
5012
التاريخ: 27-2-2017
3188
التاريخ: 14-2-2017
5276
|
قال تعالى : { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء : 84] .
عاد تعالى إلى الأمر بالقتال ، فقال : {فقاتل في سبيل الله} .
قيل : في الفاء قولان أحدهما : إنه جواب لقوله {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما} {فقاتل في سبيل الله} فيكون المعنى : إن أردت الأجر العظيم ، فقاتل في سبيل الله . والآخر : أن يكون متصلا بقوله : {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} {فقاتل في سبيل الله} عن الزجاج ، ووجهه أنه لاحظ لك في ترك القتال فتتركه ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة ، أمره الله أن يقاتل في سبيل الله وحده ، بنفسه . وقوله {لا تكلف إلا نفسك} معناه : لا تكلف إلا فعل نفسك ، فإنه لا ضرر عليك في فعل غيرك ، فلا تهتم بتخلف المنافقين عن الجهاد ، فإن ضرر ذلك عليهم .
{وحرض المؤمنين} على القتال : أي حثهم عليه {عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا} : أي يمنع شدة الكفار . قال الحسن : عسى من الله واجب ، ووجه ذلك أن أطماع الكريم إنجاز ، وإنما الأطماع تقوية أحد الأمرين على الآخر ، دون قيام الدليل على التكافؤ في الجواز ، وخروج {عسى} في هذا من معنى الشك ، كخروجها في قول القائل : " أطع ربك في كل ما أمرك به ونهاك عنه عسى أن تفلح بطاعتك " {والله أشد بأسا} : أي أشد نكاية في الأعداء منكم {وأشد تنكيلا} : أي عقوبة ، عن الحسن ، وقتادة . وقيل : التنكيل الشهرة بالأمور الفاضحة ، عن أبي علي الجبائي . وقيل : هو ما ينالهم على أيدي المسلمين من الإذلال ، والسبي ، والقتل ، وتخريب الديار . وقيل : هو الانتقام والإهلاك .
__________________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 144-145 .
{ فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ } . بعد أن ذكر سبحانه في الآية 77 الذين خافوا من القتال ، وقالوا : ربنا لم كتبت علينا القتال ، وذكر في الآية 81 الذين أظهروا الطاعة ، وأضمروا العصيان ، وقالوا طاعة ، وبيتوا غير الذي قالوا ، وذكر في الآية 83 الذين أذاعوا ما سمعوا من أخبار الحرب وأسرارها بعد هذا كله أمر اللَّه نبيه بالقتال والجهاد ، دفاعا عن الحق ، وان يحرض المسلمين ، ويحثهم على الجهاد معه ، ويحارب بمن يستجيب له ، ويعرض عمن أعرض منهم ، فإنه غير مسؤول ، ولا مكلف بأعمال غيره ، وإنما هو مكلف بأعمال نفسه فقط . وهذا معنى قوله : { لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ } وليس معناه قاتل وحدك ان لم يقاتل أحد معك ، كما قيل ، لأن اللَّه قد نهى النبي والمسلمين عن القتال في بدء الدعوة ، وأمرهم بالصبر على إيذاء المشركين لهم حين كانوا بمكة ، لأن القتال كان آنذاك أشبه بالعمليات الانتحارية منه بالجهاد في سبيل اللَّه . . ولم يأمرهم بالجهاد إلا بعد أن هاجروا إلى المدينة ، وأصبح بمقدورهم الوقوف في وجه الأعداء ، فكيف يأمر النبي بالقتال منفردا ؟
{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا } . عسى هنا واجبة التحقق ، لأنها من كلام اللَّه ، واللَّه لا يخلف الميعاد ، والمراد بالذين كفروا صناديد قريش الذين أخرجوا النبي ( ص ) من مكة ، وجيشوا الجيوش لحربه مرات . . وقد أنجز اللَّه وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب المشركة وحده .
_______________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 393 .
قوله تعالى : {فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} ، التكليف من الكلفة بمعنى المشقة لما فيه من تحميل المشقة على المكلف ، والتنكيل من النكال ، وهو على ما في المجمع : ما يمتنع به من الفساد خوفا من مثله من العذاب فهو عقاب المتخلف لئلا يعود إلى مثله وليعتبر به غيره من المكلفين.
والفاء في قوله {فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ} . للتفريع والأمر بالقتال متفرع على المتحصل من مضامين الآيات السابقة. وهو تثاقل القوم في الخروج إلى العدو وتبطئتهم في ذلك ، ويدل عليه ما يتلوه من الجمل أعني قوله {لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} (إلخ) فإن المعنى : فإذا كانوا يتثاقلون في أمر الجهاد ويكرهون القتال فقاتل أنت يا رسول الله بنفسك ، ولا يشق عليك تثاقلهم ومخالفتهم لأمر الله سبحانه فإن تكليف غيرك لا يتوجه إليك ، وإنما يتوجه إليك تكليف نفسك لا تكليفهم ، وإنما عليك في غيرك أن تحرضهم فقاتل {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} . وقوله {لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} أي لا تكلف أنت شيئا إلا عمل نفسك فالاستثناء بتقدير مضاف .
وقوله {عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ} (إلخ) قد تقدم أن « عسى » تدل على الرجاء أعم من أن يكون ذلك الرجاء قائما بنفس المتكلم أو المخاطب أو بمقام التخاطب فلا حاجة إلى ما ذكروه من أن « عسى » من الله حتم .
وفي الآية دلالة على زيادة تعيير من الله سبحانه للمتثاقلين من الناس حيث أدى تثاقلهم إلى أن أمر الله نبيه بالقيام بالقتال بنفسه ، وأن يعرض عن المتثاقلين ولا يلح عليهم بالإجابة ويخليهم وشأنهم ، ولا يضيق بذلك صدره فليس عليه إلا تكليف نفسه وتحريض المؤمنين أطاع من أطاع ، وعصى من عصى.
______________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 23.
كل إنسان مسئول عمّا كلّف به :
بعد ما تقدم من الآيات الكريمة حول الجهاد ، تأتي هذه الآية لتعطي أمرا جديدا وخطيرا إلى الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه مكلّف بمواجهة الأعداء وجهادهم حتى لو بقي وحيدا ولم يرافقه أحد من المسلمين إلى ميدان القتال . لأنّه صلى الله عليه وآله وسلم مسئول عن أداء واجبه هو، وليس عليه مسئولية بالنسبة للآخرين سوى التشويق والتحريض والدعوة إلى الجهاد : {فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} .
الآية تشتمل على حكم اجتماعي مهم يخصّ القادة ، ويدعوهم إلى التزام الرأي الحازم والعمل الجاد في طريقهم ومسيرتهم نحو الهدف المقدس الذي يعملون ويدعون من أجله، حتى لو لم يجدوا من يستجيب لدعوتهم ، لأنّ استمرار الدعوة غير مشروط باستجابة الآخرين لها ، وأي قائد لا يتوفر فيه هذا الحزم فهو بلا ريب عاجز عن النهوض بمهام القيادة ، فلا يستطيع أن يواصل الطريق نحو تحقيق الأهداف المرجوة خاصّة القادة الإلهيون الذين يعتمدون على الله ... مصدر كل قدرة وقوّة في عالم الوجود ، وهو سبحانه أقوى من كل ما يدبّره الأعداء من دسائس ومكائد بوجه الدّعوة ، لذلك تقول الآية : {عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً (2) وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} (3) .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 227-228 .
2. البأس والبأساء بمعنى الشدّة والقهر والغلبة .
3. التنكيل من نكل في الشيء ، أي ضعف وعجز ، والنكل : قيد الدابة وحديدة اللجام لكونهما مانعين ، والتنكيل :أداء عمل يردع مشاهده عن الذنب وهو العقاب الذي ينزل بالظالمين فيردعهم ويردع من يتعض بمصيرهم .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|