أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2021
2228
التاريخ:
2133
التاريخ: 20-12-2020
2053
التاريخ: 22-12-2020
1736
|
لقد شهد القرن الرابع عشر قبل الميلاد أزهى العهود التاريخية التي مرت بها شعوب اقطار الشرق القديم من ناحية العلاقات الدبلوماسية مع بعضها وتقوية اواصر الصلات التجارية والثقافية والعسكرية فيما بينهما(1)، ولعل من اهم الاحداث التي حصلت في هذا القرن هي تخلص الدولة الاشورية من النفوذ الميتاني اذ تمكن اشور-اوبالط الأول (1365-1330 ق.م) من تحقيق ذلك، وتمتع بعلاقات مستقرة مع الحثيين والمصريين وكان له تأثير كبير على الكشيين، في بلاد بابل(2) واصبحت الدولة الاشورية في عهد ملكها الجديد ذات قوة يحسب لها حساب بين ممالك الشرق القديم وهذا ما نستشفه من رسالة بعث بها اشور-بالط الى الفرعون المصري اخناتون بمخاطبته بكلمة (اخي) وهذا يعني مساواته في المنزلة مع الفرعون المصري (3)، في حين اعترف الملك الميتاني ارتاتاما الثاني بالدولة الاشورية كدولة مستقلة، بل انه كان على استعداد للتحالف مع الاشوريين على الرغم من عدائهما السابق، وذلك من اجل التصدي للحثيين الذين باتوا يشكلون قوة كبيرة في المنطقة(4).
وعموماً فقد اتسمت الصلات بين كل تلك الممالك التي كانت تحكم في المنطقة بطابع الود في هذه المرحلة الزمنية كما يتضح ذلك من المراسلات الودية التي تبادلها الحكام والملوك فيما بينهم(5).
الصلات الكشية مع بلاد الشام في العصر البابلي الوسيط:
يدعي الكشيون من خلال رسائلهم الى فرعون مصر (اخناتون) بانهم اصحاب السيادة والزعامة في بلاد الرافدين واعتبروا الاشوريين اتباعاً لهم(6)، ومن المعروف ان مصر كانت تطمح في القرن الرابع عشر قبل الميلاد الى بسط نفوذها على سورية وفلسطين ودخلت في تنافس على ذلك مع الحثيين، ذلك التنافس الذي اثر تاثيراً هاماً في تطور الاحداث السياسية في المنطقة، وفي تحديد ولاءات الممالك السورية لطرفي هذا التنافس(7).
يعد العصر البابلي الوسيط، وهي المدة التي حكم فيها الكشيين في بابل من المراحل الفقيرة في مصادرها التأريخية وتكاد مصادرنا الرئيسية عن هذا العصر تقتصر على رسائل تل العمارنه وبضعة نصوص ملكية جاءتنا من بلاد الرافدين(8).
لقد اخبرنا بعض الملوك الكشيين عن تحركات قاموا بها في مناطق غرب الفرات حيث نقرأ في اخبار الملك كاد شمان -خربي الأول (1410-1386 ق.م) عن تصديه لجماعة من قبائل السوتو الأرامية لأنهم كانوا يشكلون مصدر قلق له وتمكن من ايقاف زحفهم(9).
وبالنظر لتنامي القوة المصرية في هذه المرحلة الزمنية فقد اتصل بعض امراء الممالك الكنعانية في فلسطين بالملك الكاشي بورنابورياش الثاني (1375-1347 ق.م) من اجل الاتفاق معه للوقف ضد مصر ولكن ذلك الطلب جوبه بالرفض من قبل الملك الكاشي(10).
ونقرأ في رسالة اخرى من عهد هذا الملك موجهة الى فرعون مصر اخناتون عن تعرض احد القوافل التجارية الى السرقة والقتل في فلسطين عند مدينة خنّاتوني (Kginnatuni) ببلاد كنعان على يد عصابه يتزعمها شخص يدعى شوتاتنا (Shutatna) من آهالي عكا(11) حيث قام هذا الشخص بقطع اقدام احد التجار واحتفظ بها(12)، ويطلب الملك الكاشي من الفرعون المصري انزال العقوبة بتلك العصابة خاصة وان ارض كنعان كانت تحت السيادة المصرية(13).
وفي احد الرسائل الموجهة من (رب-عدي) حاكم جبيل الى اخناتون يذكر له فيها ان الكشيين اخذوا يتدخلون في الشؤون الداخلية لأماراته وكذلك يذكر (عبدو-خيبا) حاكم مدينة القدس والمعين من قبل الفرعون المصري بأن الكشيين باتوا يهددون حياته(14). ويبدو ان الكشيين قد ردوا على سوء معاملة تلك الدويلات الشامية وتعرضهم لتجارتهم بان قاموا بأثارة بعض الاضطرابات والفتن الداخلية وليس بالمواجهة العسكرية، اذ ليس لدينا دليل على ذلك، حيث انهم تجنبوا مثل تلك المواجهات(15). وهناك رسالة اكتشفت في ارشيف العاصمة الحثية حاتوشاش تشير الى ان الملك الكشي كدشمان انليل الثاني (1279-1265 ق. م) قد عاتب الملك الحثي حاتوشيلش الثالث بسبب اغتيال تجار تابعين له في أراضي أمورو واوغاريت ووجه الملك الكشي لومه الى الحاكم المعين من قبل الحثيين في شمال سورية والمدعو (بينتيشينا) حيث كان ذلك الجزء من سورية تحت السيطرة الحثية(16). وقد اجابه الملك الحثي بانه سيحل هذا الامر وفق القانون الحثي لكون (بينتيشينا) كان تابعاً له لهذا فهو يخضع لسلطة القضاء الحثية(17). وتردنا رسالة اخرى من عهد هذين الملكين ايضاً حيث يعث بها حاتوشيلش الى كدشمان انليل الثاني يذكر له فيها ان قبائل الاخلامو الآرامية تمكنوا من التسلل على شكل عصابات في منطقة ما بين النهرين مهددين الطرق التجارية التي تربط بلاد بابل واسيا الصغرى(18).
ومما تقدم يمكن القول ان الملوك الكشيين ركزوا اهتمامهم على التجارة مع البلدان المجاورة مثل سوريا وفلسطين ومصر واسيا الصغرى وقد عمل هذا الاتصال التجاري الواسع على انتشار بعض المآثر العراقية القديمة مثل الاساطير والقصص السومرية والأكدية الى تلك المناطق(19) اذ وجدت تأثيرات ملحمة جلجامش في مجدو (تل المتسلم) بفلسطين والتي تعود الى هذه المرحلة الزمنية(20).
________
(1) الزيباري، اكرم سليم، "العلاقات بين اقطار الشرق الادنى في القرن الرابع عشر قبل الميلاد"، مجلة كلية الاداب، (جامعة بغداد، العدد 28، 1980)، ص 126.
من الجدير بالاشارة هنا الى ان المراسلات الخاصة بهذه المرحلة الزمنية والتي كشفت لنا عن العلاقات الدبلوماسية التي كانت سائدة بين ممالك الشرق القديم قد جاءنا اغلبها من تل العمارنة نسبة الى الاسم الحديث لموقع عاصمة الفرعون المصري اخناتون حيث تم اكتشافها عام 1887 م وكانت مكتوبة باللغة الأكدية لأنها كانت لغة المراسلات الدبلوماسية. انظر:
Knudtzon, A. J. Die El-Amarna Tafeln, (Leipzig, 1964).
(2) فييرا، موريس، الاشوريون، ترجمة عبد الكاظم راضي، بحث غير منشور مقدم الى كلية اللغات-جامعة بغداد لنيل شهادة الدبلوم العالي، 1997، ص 49.
(3) فرحان، وليد محمد صالح، اداب الرافدين، 11، 1979، ص 227.
(4) Gadd, C. J., “Assyria and Babylon 1370-1300 B. C.” CAH, vol. 11, (London, 1965), P. 8-9.
(5) باقر، طه، سومر، م 4، 1948، ص 92.
(6) Knudtzon, A. J. Die El-Amarna, I, P. 89, No. 9.
(7) كلينغل، هورست، تاريخ سورية السياسي، ص 135.
(8) باقر، طه، مقدمة..، ج1، ص 450.
(9) الأحمد، سامي سعيد، "فترة العصر الكاشي"، سومر، م 39، 1983، ص 137.
(10) المصدر نفسه.
(11) الأحمد، سامي سعيد، تأريخ فلسطين القديم ص 135.
(12) الأحمد، سامي سعيد، سومر، م 39، 1983، ص 138.
(13) الأحمد، سامي سعيد، تأريخ فلسطين القديم ص 135.
(14) الأحمد، سامي سعيد، سومر، م 39، 1983، ص 139.
(15) باقر، طه، مقدمة…، ج1، ص 453.
(16) بعد الحروب الطويلة التي قامت بين المصريين والحثيين والتي دامت زهاء القرن (1380-1278 ق.م) وانتهت بمعركة قاديش الشهيرة عام 1278 ق.م، ولكن تلك المعركة لم تحسم ذلك النزاع الطويل، بل اوقفته بأبرام معاهدة بين الطرفين كان من نتيجتها ان اصبحت سورية وشمالي الساحل الفينيقي تحت السيطرة الحثية فيما كانت فلسطين وفينيقية الجنوبية تحت السيادة المصرية. انظر:
باقر، طه، مقدمة…، ج2، ص 73.
(17) كلينغل، هورست، تأريخ سورية السياسي، ص 186.
(18) سومر، دوبونت، سومر، 19، 1963، ص 98.
(19) الأحمد، سامي سعيد، سومر، 39، 1983، ص 150.
(20) باقر، طه، ملحمة كلكامش، ط5، ص 60.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|