أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
27469
التاريخ: 24-09-2014
17728
التاريخ: 8-11-2014
15531
التاريخ: 8-11-2014
15224
|
قد يظن من النظرة الأولى ان سورة يوسف أشبه بقصة بطلتها امرأة تحكمت فيها أنوثة حيوانية عشقت فتى وسيما لم تر رجلا مثله بين الرجال لحسنه وجماله ، وان هذا الفتى عزف عنها متحصنا بتقوى اللَّه والخوف من حسابه وعقابه ، تماما كقصة سلَّامة المغنية مع عبد الرحمن القس ( 1 ) .
وفي الناس من قال : كان الأولى ان لا تذكر هذه السورة في كتاب اللَّه العزيز ، وقال بعض المؤمنين : ان للَّه حكمة غامضة في هذه السورة لا نعرفها ، وأحسن هؤلاء في تحفظهم كما أساء الميمونية من الخوارج ، حيث أنكروا سورة يوسف لأنها قصة غرام في زعمهم ، وخرجوا بذلك عن جميع المذاهب الاسلامية .
والحقيقة التي انتهينا إليها ، ونحن نفسر هذه السورة الكريمة ان من قرأها بامعان وتدبر ، وأدرك أسرارها وأهدافها يؤمن ايمانا قاطعا بأنها تقدم أوضح الأمثلة من الحس والتجربة على ان القيم الروحية كثيرا ما يكون الالتزام بها وسيلة للنجاح في هذه الحياة على رغم الأوضاع الفاسدة ، وان من قرأها قراءة سريعة يقول ما قاله الميمونية : انها قصة غرام ، أو ما قاله بعض المؤمنين : « للَّه حكمة فيها لا نعرفها » . أجل ، لا يعرفها الا من تدبر كلمات اللَّه وآياته . . ونعرض فيما يلي طرفا من الحقائق التي اشتملت عليها هذه السورة والتي تفرض نفسها وصدقها على كل من يتوخى الحقيقة ويبحث عنها :
1 - ان الصراع بين الحق والباطل قائم ودائم في هذه الحياة لا صلح بينهما ولا هوادة . . والنتيجة الطبيعية لذلك ان من يسلك طريق الباطل يقاومه المحقون ، ولكن بالعدل والصدق ، لا بالكذب والغش والخديعة ، لأنهم يرفضون أي سلاح لا يقره الحق والعدل . . ومن يسلك طريق الحق يحاربه المبطلون ، ولكن بالافتراء والدس وأنواع الكيد والمكر ، لأن من يصر على الباطل لا يملك الا التزييف والتزوير ، ومن هنا كان الحق غالي الثمن ، كثير التكاليف على من يتبعه ويستمسك به .
وقد ضرب اللَّه مثلا على هذه الحقيقة بيوسف ، راودته امرأة العزيز عن نفسه ، فأبى واستعصم بتقوى اللَّه ، فهددته بالسجن ان لم يفعل ، فأصر ولم يفعل ، وقال : ربّ السجن أحب إليّ ، فسجن ودفع الثمن غاليا من نفسه ، لأن الدين أثمن وأغلى . . ولكن الذين يصارعون الحق يلقون السلاح في النهاية ، ويستسلمون للمحقين رغم أنوفهم ، تماما كما حدث لأخوة يوسف وامرأة العزيز .
2 - ان قوله تعالى : « لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ » يعطينا ضابطا عاما ، ومقياسا صحيحا للتمييز بين المؤمن وغير المؤمن . . فمن استجاب لهذا البرهان ساعة الابتلاء والامتحان ، كما استجاب له يوسف الصديق ، فهو من الذين استقر الايمان واليقين في قلوبهم حقا وصدقا ، ومن اندفع وراء رغبته وشهوته ، وتجاهل برهان ربه وأمره بطاعته فما هو من الدين والايمان في شيء .
3 - ان الأخيار يقاسون ، ولا شك ، الكثير من الرزايا والخطوب إذا ألقى بهم الدهر في بيئة ظالمة في نظامها ، فاسدة في أوضاعها . . ولكن إذا تعقدت المشاكل ، واستعصى الحل على الجميع اضطروا والتجأوا إلى الاكفاء متضرعين ، كما التجأ ملك مصر إلى يوسف ، وهو في سجنه ليقي البلاد من شر السنين العجاف . .
ان الأوضاع الفاسدة ترفع من شأن الأشرار الفاسدين ، وتحط من شأن الطيبين ، ولكن الشدائد تظهر كلا على حقيقته ، وتضعه في موضعه .
4 - ان ترويض النفس على الاحتمال في سبيل الحق يأتي بأحسن النتائج وأفضلها : فلقد صبر يوسف الصديق على البئر والسجن ، والبيع كالعبيد ، والتهمة بالخيانة ، فكانت النتيجة ان أصبح السيد المطاع ، يقول له الملك : انك اليوم لدينا مكين أمين ، ويقف إخوته بين يديه منكسرين مسترحمين : تصدق علينا ان اللَّه يحب المتصدقين ، وفي النهاية يخرون له ساجدين . .
هذا عرض سريع لبعض العظات والعبر في هذه السورة الكريمة ، ومن أحب التفصيل فليقرأها كاملة مع التفسير .
_____________________
1- اقرأها في « العقد الفريد » ج 7.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|